عشية مظاهرات "أنا الجرعة!" التي دعا إليها الحوثة؛ وعلى الرغم من أن الظاهر أن أتباع المخلوع علي صالح أعلنوا تبرؤهم هذه المرة من المظاهرات؛ لكن "الزعيم غصباً عن الشعب" لم يرد أن يفو�'ت الفرصة لصب الزيت على النار وتحريض أتباعه بطريقة غير مباشرة لإثارة الفوضى من خلال تصوير حكاية النفق أنه نهاية التاريخ وجريمة الجرائم.. مع شيء من التهديدات المبطنة عن الفتنة التي ستدخل كل بيت! وعن القتل والسحل الذي كان سيحدث.. (نفس العبارات تقريبا التي استخدمها بداية أحداث الثورة الشعبية ضده عن: القتال من بيت لبيت ومن شارع إلى شارع.. وأن الناس سيدافعون عن أعراضهم وأموالهم لأنه حق شرعي لهم!). هذا الخاطر هو الذي قفز إلى ذهني وأنا أقرا نص كلمة "الزعيم غصبا عن الشعب" أمام من وصفهم بأنهم "قيادات منظمات المجتمع المدني" الذين التقى بهم صباح الأحد الماضي.. ولكيلا يشهق أحدهم من صفة الحاضرين فهم قيادات حزب الزعيم والعاملون لديه باليومية، وكان ينقص الصفة كلمة: "حقنا".. حتى يستقيم الكلام ويكون معبراً عن الحقيقة.. فالأشخاص الذين ظهرت صورهم في اللقاء منهم من يعمل بشريحتين: حوثية ومؤتمرية حسب أسعار الصرف، ومنهم أبو شريحتين أي له وظيفة مدنية وأخرى ما تتسماش.. ومنهم من لا علاقة له بمنظمات المجتمع المدني إلا كعلاقة الراعي بالجامعات والدكتورات الفخريات (جمع المؤنث السالم هنا متعمد اتساقاً مع قواعد اللغة المشهورة لدى المذكور!).
اللقاء كان ضمن مسلسل: النفق الجميل (على وزن الزمن الجميل)، وهو المسلسل الممل الذي أنتجه المخلوع بعد رمضان، واستباقاً لسلبيات جلسة الاستجواب مع لجنة تحديد المعرقلين.. ونحن عندما نعلق عليه هنا فلأن النتيجة التي يخرج من يستمع إليه هي أن: الجمعة والخطبة وعاق شعبه ما تزال هي المحدد الوحيد لعقلية الرجل.. رغم كل ما يتحدث به عن السلمية وإيمانه بالاصطفاف الوطني، ودعوته إلى السلم، وتحسره على الأمن والأمان أيام حكمه حتى كان المواطن تنهب أرضيته في العاصمة تحت شعار "ما لنا لا علي".. وقد بالغ في دعوته تمجيد الوحدة والمحافظة عليها حتى خشينا ألا يطلع الصباح حتى نقرأ عن مؤامرة جديدة عليها.. وقد قلنا مرة إن المخلوع إن كان يحب الوحدة حقاً فأفضل تعبير عن ذلك أن يسكت فلا يذكرها مرة على لسانه لكيلا يتسبب بكراهية الناس لها ويزيد من كراهية آخرين لها، ويرفع من أسهم الانفصاليين ويحبط المدافعين عنها، ويشوه مواقفهم في الشارع اليمني! أما لو كان عاشقاً حقاً للوحدة ويريد بقاءها؛ فالأولى أن يضحي من أجلها، ويتبنى الدعوة إلى الانفصال لكي ينقلب دعاته السابقون إلى صف الوحدة كرهاً فيه!
ولكيلا يُعاب على كلامنا هذا عدم واقعيته أو افتراضه سوء النية لدى المذكور؛ فسأقدم هنا دليلاً عن حقيقة إيمان المخلوع بالوحدة وحرصه عليها، ومطالبته بالدفاع عنها والتمسك بها بوصفها: شيء جميل.. فرغم دفاعه عن الوحدة فلم يتفرغ إلا لمهاجمة الذين شاركوا في الدفاع عنها، وأصروا على التمسك بها؛ يوم كان هو نفسه قد بدأت قدماه "تتلخلخ" أمام تهديدات علي سالم البيض، وكاد في لقاء عمان يوافق على مطالب الانفصاليين لولا أن د. الإرياني أحبطها، واعتز في مجلة مصرية بأنه هو الذي أفشل اتفاق المخلوع السابق مع المخلوع الأسبق!
ولعل المخلوع ما يزال يتذكر كيف كان مرعوباً يومها من سمعة جيش الحزب الاشتراكي التاريخية.. وبمعنى آخر فلو كان المخلوع من الذين يعرفون الفضل للرجال لأقر بالفضل لمن دافعوا عن الوحدة يوم كان هو مستعداً لبيعها أو لفك الارتباط! والرجال لا ينسون أبداً مواقف الرجال ولو حدث بينهم ما حدث من خلافات وخصومات في مسائل أخرى!
أراد الله تعالى أن يفضح حقيقة تشدق المخلوع بالوحدة وهيامه بها؛ إلى درجة أنه لم يجد إلا أن يستجر الحديث عن معارضة دستور الوحدة (الذي عد�'له هو بنفسه عدة مرات) بوصفها معارضة للوحدة.. والذي لن يستطيع أن يستوعبه الرجل أن الزمان قد أثبت صحة الموقف المعارض للدستور والطريقة التآمرية الهوشلية التي تمت بها الوحدة، وها هم الانفصاليون سلمياً وعسكرياً وأصحاب فيدرالية الشطرين يجمعون اليوم على أن ما حدث يومها كان هوشلية من قبل العليين وقيادات الشطرين سابقاً أدت إلى تأسيس دولة الوحدة على أسس غير سليمة كانت سبباً في كل المشاكل والنكبات التي نعيشها اليوم!
المخلوع لا يفهم أن الانفصال صار خياراً سياسياً مشروعاً، وبإمكان أي يمني أن يطالب به ويؤسس قناة وصحيفة وموقع إلكتروني ليدعو إليه، وأن يكون عضواً في مؤتمر الحوار وفي الحكومة إن لزم الأمر ولا يحدث له شيء .. وكم استضافت صحف المخلوع نفسه دعاة الانفصال ومنحتهم صفحات كاملة ليعبروا عن آرائهم الانفصالية، دون أن يتسبب ذلك في اتهام صالح له أو للصحيفة بأنه عدو للوحدة؛ إن لم يقدم إليه المساعدة المادية! ولعله ما يزال يتذكر أن أحد قادة حزبه (الشيخ العواضي) ظهر في الإعلام وهو يرفع مع دعاة الانفصال علم الدولة الشطرية القديمة في جنوب الوطن في قلب مؤتمر الحوار الوطني.. وعلى حسب علمنا فلم يحدث له شيء سلبي.. وما يزال المخلوع يموله هو ووسائل إعلامه من المال الحرام الذي حصل عليه من دول شقيقة!
وعلى ذكر المال الحرام؛ فكالعادة راح المخلوع يلخبط في الكلام ويتحدث عن "المستلمين من خارج الوطن!" ناسياً أنه وأتباعه شكوا وبكوا أن الرئيس هادي جم�'د عليهم 500 مليون حصلوا عليها تبرعات من دول شقيقة!
لمن كان له قلب:
في يوم واحد.. اتفق الحوثي والمخلوع على أن هناك عدواً واحداً فقط.. هو الإصلاح استحق شن حرب إعلامية عليه.. الحوثي في خطاب التحريض على الفوضى والمخلوع في بكائية: نفقي حبيبي.. نفقي الأكبر!.
ادخلوا عليهم صعدة وعمران!
هذه نصيحة للرئاسة إن أرادت بالفعل أن توجه ضربة سلمية للحوثي توقفه عند حده، وتلزمه التواضع.. فكما يقوم هو بتنظيم المظاهرات ويهدد بالاعتصامات وبفعاليات أكبر في صنعاء؛ فليس أمام الرئاسة إلا أن تدعو اليمنيين المعارضين والمتضررين من الحوثي في صعدة وعمران وهمدان وغيرها إلى تنظيم مظاهرات واعتصامات في.. صعدة وعمران نفسها، وبحماية الجيش والأمن .. وعلى أن تتحول المناطق المحتلة حوثياً إلى ضفة غربية أخرى.. وعلى أن يتم تصعيد الفعاليات تدريجياً والمطالبة بمثل المطالب الحوثية بعد عكسها.. فمثلاً المطالبة بإلغاء الخمس، وحل المليشيات، وتسليم السلاح الخفيف وليس فقط الثقيل، وتغيير المحافظين ومدراء الأمن والمكاتب المتعاونين مع الحوثي، واستعادة الأموال والممتلكات المصادرة على المواطنين، وتعويضهم من أمواله عن سنوات التشرد والخسائر المادية التي لحقت بهم منذ احتل صعدة.. إلخ المطالب التي ستجعل الحوثي يؤمن أن الله حق.. وأن الديمقراطية ومخرجات الحوار حق.. وأن المظاهرات والاعتصامات.. بدعة ضلالة!
جربوا هذا الكلام.. وادخلوا عليهم صعدة وعمران!
عن وزير الدفاع!
الدفاع المستميت من قبل الحوثيين عن وزير الدفاع بقدر ما يسيء إليه ويؤكد صحة الاتهامات الموجهة إليه؛ إلا أنه يفرض سؤالاً مهماً: هل رفضهم للحكومة القائمة يشمل أيضاً وزير الدفاع محمد ناصر أحمد أم أنه لا مانع عندهم من أن يستمر في منصبه في حالة تشكيل حكومة جديدة؟