فجعنا بالأمس بخبر وفاة الشيخ الداعية طه مربوش، رحمة الله عليه، بعد صراع طويل مع المرض الذي أنهك جسده. الشيخ "مربوش" جمع بين الدعوة والفقه والسياسة والتربية والجندية، كان قائدا مغوار شجاعا، مربيا مثاليا، لم يعرف المراوغة والمجاملة خلال مسيرته الدعوية، حيث عُرف بالمكاشفة والمصارحة لا يخاف لومة لائم.
"مربوش" من الرعيل الأول لحركة الإخوان المسلمين في مديرية ذي السفال بإب، وعمل أيضا في مناطق عدة بالمحافظة، واعتبر في مراحل التسعينيات قلعة حصينة من قلاع حزب الإصلاح داخل مديرية ذي السفال والمناطق المجاورة لها، وأيضا للمستضعفين من أبناء تلك المديرية ضد جبروت المشايخ وفساد المسؤولين.
بذل الشيخ طه الكثير من الجهد في خدمة دعوته وفكرته، ساهم بشكل كبير في توعية المجتمع بحقوقهم في وقت كان كثير من أبناء تلك المناطق يرضخون تحت وطأة المشايخ من ناحية ووطأة بعض النافذين من المسؤولين من جهة أخرى.
مثّل الداعية طه مربوش نموذجا اعتبر في ذلك الحين "طفرة" على أبناء المجتمع في ذي السفال ككل وعلى أعضاء حزب الإصلاح على وجه الخصوص، الذين يتميز أبناؤها بطابعهم "السلمي" إلى حد الاستسلام، لكنه كان ينهرهم عن ذلك الأسلوب. طه مربوش أجاد اللغة التي يفهمها المشايخ والنافذون، فالمشاكل التي كانت تواجه أبناء المنطقة في المديرية، كان تحل بالطرق التي يرتضيها هذا الهُمام بعدما يلبس عمامته ويتقلد سيفه، إن صح التعبير.
صارع "مربوش" المرض منذ سنوات، أصيب بالسكر، سافر للعلاج، تحسنت حالته أحيانا لكنها كانت تزداد سوءا كلما تقدم به العمر، وشاءت الأقدار إلاّ أن يرحل هذا العملاق إلى جوار ربه بعد أن أفنى معظم عمره في خدمة دعوته ووطنه وأبناء مجتمعه.
زرته قبل أيام في صنعاء، تفاجئت عندما رأيت جسمه النحيل بسبب ما يعانيه من المرض، لم يعد بذلك الجسم الضخم واللحية الكثيفة المصبوغة في الغالب ب"الحناء".
كأب حنون سألنا عن حالنا، ماذا نفعل؟ كان صوته يبدوا منهكا لكثرة ألمه، غادرنا غرفته، وهو يهمهم يدعوا لنا بالتوفيق.
كان الأطباء قد قرروا بتر قدمه بعد أن انتشرت فيها الجراح واستعصت على العلاج بسبب السكر الذي أنهك جسده القوي.
رحمك الله أيها الصادح بالمعروف، والثائر ضد الظلم، وناصر الضعفاء، وشاهر سيف الحق أمام الطغمة العاتية، والمربي الملهم، والمعلم الجاد، والأب الحنون، والداعية الثائر، والفارس المُهاب، والفقيه المعاصر، وأسكنك فسيح جناته في الفردوس الأعلى في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وجزاك الله خيرا عما قدمته وكتب لك ذلك في ميزان حسناتك، وإنا بفراقك يا "مربوش" لمحزونون