مجزرة مروعة.. 25 شهيدًا بقصف مطعم وسوق شعبي بمدينة غزة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    صنعاء تكشف قرب إعادة تشغيل مطار صنعاء    وزير النقل : نعمل على إعادة جاهزية مطار صنعاء وميناء الحديدة    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الاتحاد الأوروبي يجدد دعوته لرفع الحصار عن قطاع غزة    الأرصاد يتوقع استمرار هطول الأمطار الرعدية المتفاوتة ويحذّر من تدني الرؤية بسبب الضباب والرياح الشديدة    كهرباء تجارية في عدن سعر العداد ألف سعودي والكيلو بألف ريال يمني    صنعاء .. هيئة التأمينات والمعاشات تعلن صرف النصف الأول من معاش فبراير 2021 للمتقاعدين المدنيين    الصاروخ PL-15 كل ما تريد معرفته عن هدية التنين الصيني لباكستان    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    إصلاح المهرة يدعو لاتخاذ إجراءات فورية لمعالجة أزمة الكهرباء بالمحافظة    صنعاء .. الصحة تعلن حصيلة جديدة لضحايا استهداف الغارات على ثلاث محافظات    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    الجنوب.. معاناة إنسانية في ظل ازمة اقتصادية وهروب المسئولين    قيادي في "أنصار الله" يوضح حقيقة تصريحات ترامب حول وقف إطلاق النار في اليمن    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    هي الثانية خلال أسبوع ..فقدان مقاتلة أمريكية "F-18" في البحر الأحمر    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 7 مايو/آيار2025    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    الكشف عن الخسائر في مطار صنعاء الدولي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    الحوثيين فرضوا أنفسهم كلاعب رئيسي يفاوض قوى كبرى    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    بذكريات سيميوني.. رونالدو يضع بنزيما في دائرة الانتقام    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يستمع ل"صوت العقل"؟
نشر في المصدر يوم 27 - 05 - 2009

ماذا بعد أن يجتمع أصحاب الخبرة والتجربة من الوطنيين والوحدويين الشرفاء، تحت سقف واحد، بعد أن أجمعوا أمرهم على أن الوطن تتهدده مخاطر هائلة ومحدقة تزعزع كيانه وتكاد تعصف بأركانه وتقوِّض أساسات بنيانه، وتشق وحدته!

قرابة 1200 شخصية، مثلوا فئات المجتمع وشرائحه المختلفة. من شماله إلى جنوبه، ومن الشرق إلى الغرب. ضمت كل فعاليات المجتمع من أحزاب سياسية، ومنظمات مجتمع مدني، والشخصيات العامة، والمناضلين، والعلماء، والمشايخ، والأكاديميين، وقادة الرأي، ورجال الأعمال، والقيادات النسوية والشبابية، والأفراد بفئاتهم المختلفة، وكل الفعاليات الأخرى في العاصمة والمحافظات وخارج البلاد..

لبوا نداء الواجب بحضورهم ملتقى التشاور الوطني (الذي عقد في العاصمة صنعاء، تحت شعار "من أجل شراكة وطنية تحمي الوحدة وتبني الدولة اليمنية الحديثة" في الفترة من 21 – 22 مايو 2009 م).

ولأن مؤشر الساعة اقترب كثيراً من الصفر، دعا هؤلاء النظام والسلطة والرئيس، إلى ضرورة اغتنام الفرصة الأخيرة للإنقاذ..ذلك بعد أن قدموا بين أيديهم تشخيصاً دقيقاً للمشاكل وأثروها بالحلول المناسبة..

تحت لواء حب الوطن ووحدة أراضيه، وحماية أركانه الديمقراطية، وحلحلة مشاكله الاقتصادية، والاجتماعية، أتوا من كل مكان. حين رأو – كما يرى كل ذي بصيرة – أن السفينة خرقت وأن الخرق بدأ يتسع، توافدوا بخبرتهم وتجاربهم وغيرتهم على الوطن، حاملين شجرة السلام، في وجه الظلم والاستبداد، كما هي في وجه الفأس والكلاشنكوف، والعنف والخراب.

لكن السلطة – وهي الطرف الرئيسي في كل تلك المشاكل – بدا أنها مستمرة في غيها ولغوها، وماضية في تعقيد المشكلة والحل..!! من خلال تمسكها بلاءاتها الثلاثة (لا حوار على أساس الشراكة الوطنية بين القوي والضعيف، بين المنتصر والمهزوم - لا تفاوض على إصلاحات حقيقية تمس عمق النظام وهيكليته، المبنية على أساس من مصلحة الأفراد والعائلات الطفيلية النامية على الفساد - و لا صلح مع أعداء الوحدة الداعيين إلى شق وحدة الوطن). الأمر الذي أمكن استشفافه ليس من تجاهلها هذا التجمع التشاوري الكبير، وعدم الإشارة إليه ولو حتى بالذكر في وسائلها الإعلامية الممولة بأموال الشعب، وحسب، بل من مهاجمته وتصدي رئيس الجمهورية له شخصياً، حين التقى بما تسمى"قوافل الشباب" من الضالع ولحج، ليشن هجومه على الملتقى التشاوري، واعتبر في حديثه أن "من يدعو إلى الحراك وإلى التشاور والمشاورة كذب وبهتان"، في الوقت الذي كانت فيه فعاليات الملتقى منعقده، تحت شعار حماية الوحدة وبناء الدولة اليمنية الحديثة.

وبالمقابل، فإن تيار العنف – المنبثق من ردة الفعل ضد ظلم واستبداد السلطة وسياساتها الفاسدة والإقصائية -
لم يكن هو الآخر، راضياً عن وسطية الفكر ومنطقية الحلول، فذهبت بعض قياداته المتطرفة تشن هجومها على الملتقى وتعتبره محاولة لتهدئة الغضب المنبعث من الجنوب، وأسلوب تآمري في مخاطبة صوت العقل بهدف فرملة التطرف الفكري القائم على منطق التشطير كحل لأخطاء النظام، ودعوة لمواجهة عنف السلطة بالتخلي عن عنف الأفراد، من أجل استرداد الحق..!!

على أن تراكم الأحداث ووصولها إلى هذا المنحنى الخطير من الكارثية، والتدهور،الاقتصادي والأمني، الذي طال كافة شرائح
أن تراكم الأحداث ووصولها إلى هذا المنحنى الخطير من الكارثية، والتدهور،الاقتصادي والأمني، الذي طال كافة شرائح المجتمع، لم يعدم أبداً صوت العقل. بل على إثر ذلك، تشكل في ساحة التجاذب المتطرفة تلك، تياراً كبيراً من الوطنيين والشرفاء في مواجهة غلو السلطة وتطرف المتضررين منها
المجتمع، لم يعدم أبداً صوت العقل. بل على إثر ذلك، تشكل في ساحة التجاذب المتطرفة تلك، تياراً كبيراً من الوطنيين والشرفاء في مواجهة غلو السلطة وتطرف المتضررين منها. وهو تيار الاعتدال الوسطي، الذي غالباً ما يظهر في عتمة تلك الأحداث المعقدة، لينأى بالوطن من أن تلتهمه حرائق الصراعات وقساوة الانتقام التي تغذيه تراكمات أحداث العنف والقتل والاعتقالات..

المشترك مشروع الحاجة الوطنية:
كان اللقاء المشترك المعارض، نتاج مراحل عديدة من المخاضات التي مرت بها اليمن منذ الوحدة وحتى اليوم. ومر بتجارب عديدة بين كل مرحلة وأخرى من العملية الديمقراطية، كان من شأنها أن ألهمته صوابية الفكرة و"صوت العقل". تعرض لمواجهات وأحداث حاولت أن تعصف به، لكنه كان يخرج منها بإصرار وقوة أكبر على مواصلة منهجه الجديد في النضال السلمي. تخلى عن الأيديولوجيات الفكرية المحصورة في كل حزب من مكوناته، لينتقل إلى العمل الجمعي في مواجهة صلف وجبروت السلطة بالمنطق والعقل. وظل بين الحين والآخر يرفع سقف الخطاب الموجه ضد سياسات النظام في الوقت المناسب، حتى لتكاد تعتقد أن الأمور ستفلت عن عقالها لتصل إلى ما هو أسوأ من ذلك، فتراه ينسحب في الوقت المناسب، متوخياً مصلحة الوطن، على أي مصلحة أخرى..

قدم اللقاء المشترك برامجه الوطنية والسياسية لحل الإشكاليات، وخاض حوارات عديدة مع السلطة التي كانت تتجاهل تلك الحلول، ووقف مع المواطن وحقوقه، وقدم التنازلات تلو الأخرى بهدف المصلحة العامة. ومن كل ذلك أمكنه الانتقال من مرحلة إلى أخرى بسلاسة وصبر حتى طور مكوناته ليصل إلى مشروعه الكبير "ملتقى التشاور الوطني" الذي استهدف من خلاله كافة شرائح المجتمع الفاعلة كفرصة أخيرة لإنقاذ الوطن.. لقد مثل هذا الملتقى مشروع الحاجة الوطنية الملحة، كما مثل تكتل اللقاء المشترك من قبل، ذات المشروع منذ نشوئه على مهل منذ ما بعد العام 2000، ليدخل في العام 2003 مرحلة العمل
قدم اللقاء المشترك برامجه الوطنية والسياسية لحل الإشكاليات، وخاض حوارات عديدة مع السلطة التي كانت تتجاهل تلك الحلول، ووقف مع المواطن وحقوقه، وقدم التنازلات تلو الأخرى بهدف المصلحة العامة. ومن كل ذلك أمكنه الانتقال من مرحلة إلى أخرى بسلاسة وصبر حتى طور مكوناته ليصل إلى مشروعه الكبير "ملتقى التشاور الوطني" الذي استهدف من خلاله كافة شرائح المجتمع الفاعلة كفرصة أخيرة لإنقاذ الوطن..
الجماعي تحت قاعدة توافقية تجمع مصالح الأحزاب المنضوية في إطاره، ثم الانتقال في العام 2005 إلى مرحلة العمل البرامجي والتكويني والهيكلي الواحد، تحت إلحاح نجاح التجربة، ومن ثم خوض الانتخابات الرئاسية في 2006 ببرنامج واحد وأهداف مشتركة لتفضي التجربة إلى تعزيز المشروع القادم "ملتقى التشاور الوطني..

وهنا نرى أنه من المناسب أن نتطرق لهذه التجربة منذ بداية إعلان الوحدة وحتى مشروع ملتقى التشاور الوطني، وكيف أمكن اللقاء المشترك أن ينتقل من مرحلة إلى أخرى في مواجهة السلطة، ليصبح هو المشروع الوطني الرائد وصوت العقل، من بين مشاريع أخرى أفضت إليها مراحل الصراع والمواجهات بين مختلف التيارات المتخلقة بعد مرور قرابة عقدين من تحقق مشروع الوحدة اليمنية.

* مرحلة الوحدة وبروز التيارات الحزبية الأيديلوجية:
بعد اتحاد اليمنيين في 22 مايو1990، في دولة واحدة، أفرزت التعددية السياسية والفكرية (التي أعلنت كإحدى المرجعيات الرئيسية لأسس ومبادئ الوحدة) مجموعة من التيارات تمثلت بأحزاب وتكتلات وتنظيمات، سياسية وفكرية، كانت معظمها – وإن لم تعلن بشكل رسمي - متواجدة على الواقع بحكم جذورها التاريخية على مستوى الوطن العربي والإسلامي والعالمي.
وفيما عدا الحزب الاشتراكي اليمني في جنوب الوطن، والمؤتمر الشعبي العام في شماله(كحزبين شموليين كانا على رأس السلطة في الشطرين) لم تكن تلك الأحزاب أو التيارات الأخرى متواجدة في الساحة السياسية ظاهرياً بسبب تحريم التعددية الحزبية والسياسية في فترة ما قبل إعلان الوحدة. وبعد عدة أشهر من إعلان التعددية أعلنت لجنة شئون الأحزاب، تسجيلها( 46 )حزباً في الساحة، في طفرة هي الأولى من نوعها على مستوى الوطن العربي إن لم يكن على مستوى العالم..

وحين ظهرت تلك التيارات والتنظيمات الحزبية، نشطت الصراعات القائمة بين بعضها على أساس من الخلفية الفكرية التي قام عليها كل تيار أو حزب، وكان أكثر ما يمكن الإشارة إليه – في ذلك الحين – هو الصراع القائم على أساس أيديلوجي، والذي تمثل بين التيار اليميني القائم على أسس وأفكار ايديلوجية دينية، محافظة، وبين التيار اليساري القائم على أسس وأفكار علمانية لا دينية.

وبشكل أدق أمكن ملاحظة نشوء تكتلات أو ما يمكن تسميتها "اصطفافات" و"تحالفات"، بين الأحزاب الكبيرة، في الساحة، كذلك الاصطفاف الذي نشأ بين الحزب الاشتراكي والتيارات القومية الناصرية وأحزاب يسارية أخرى. والذي تم مواجهته – غالباً - باصطفاف مقابل، نشأ بين حزب المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح. وقد حدث ذلك الاصطفاف – في معظم الوقت - بشكل آلي، مصالحي، وخصوصاً عند الصراع على القضايا الكبرى (يشذ عن ذلك تفرد حزب الإصلاح وبعض الأحزاب المحافظة الصغيرة في قضية التعديلات الدستورية، ومقاطعة الإصلاح للاستفتاء على الدستور).

ومع أن تلك الصراعات والاصطفافات – حينها – كان من الصعب الوصول معها إلى نتائج ملموسة على صعيد العمل الاستراتيجي المستقبلي، بسبب قصر فترة العمل الحزبي والسياسي، وبسبب عملية التقاسم الثنائي على السلطة، بين شريكي الوحدة (المؤتمر والاشتراكي) لكنها كانت فترة هامة للبناء الحزبي والميداني. ولذلك فقد كانت تلك الاصطفافات تتم مع احتفاظ كل حزب بكيانه التنظيمي وأفكاره العتيقة التي نشأ عليها قبل إعلان التعددية الحزبية. فيما كانت الأحزاب الصغيرة، تبحث لها عن مصلحة هنا أو فرصة هناك لفرض مصالحها على الطرف الذي تقف إلى جانبه من شريكي السلطة.

* انتخابات 93 والانتقال إلى مرحلة جديدة:
بعد انتخابات 1993 النيابية، كان يفترض أن تنتقل البلاد إلى مرحلة جديدة، من الاصطفافات، بعد أن اتضح جزء من الصورة من خلال قوة كل حزب في مجلس النواب. بحيث ينتقل الصراع أكثر تحت قبة البرلمان. غير أن تلك الانتخابات أفضت إلى أن يكون حزب المؤتمر الشعبي العام هو صاحب القوة العددية الأكبر في المجلس (132) مقعداً، يليه حزب الإصلاح (62) مقعداً، ثم الاشتراكي(56) مقعداً، ثم حزب البعث العربي الاشتراكي (7) مقاعد، وحزب الحق(مقعدين)، بينما حصل التنظيم الوحدوي الناصري، وحزبان ناصريان آخران، على مقعد واحد .. الخ.
وعلى ضوء تلك النتيجة تشكلت الحكومة من الأحزاب الثلاثة الأولى، برئاسة حيدر أبوبكر العطاس (اشتراكي) ونال المؤتمر منها على (13) حقيبة، والاشتراكي على (9) حقائب، والإصلاح على (7). بينما أعطيت رئاسة مجلس النواب للشيخ عبد الله بن حسين الأحمر (إصلاح)، وظل مجلس الرئاسة على حالته السابقة (1:2:2) مؤتمر، اشتراكي، إصلاح على التوالي..

عند تلك النقطة، كان من الممكن – بالنسبة للحزب الاشتراكي - ملاحظة أن حزبي المؤتمر والإصلاح، سيكونان في مواجهته، في إطار المجلسين الرئاسي والتشريعي، والحكومة، وذلك فيما يتعلق بالتحالفات وتحقيق المصالح المشتركة لكليهما، والعمل المشترك على مواجهة مصالح الشريك الثالث. وهو ربما الأمر الذي سيؤدى فيما بعد إلى نشوب الخلافات والاعتكافات المتكررة لنائب الرئيس علي سالم البيض، وصولاً إلى توقيع وثيقة العهد والإتفاق، بين كافة الأطراف، ومن ثم اتهام الاشتراكي لكل من المؤتمر والإصلاح بالمماطلة في تنفيذ بنود تلك الاتفاقية، ومن ثم نشوب حرب صيف 94، التي تجسدت فيها الشراكة والاصطفاف بين حزبي المؤتمر والإصلاح، ضد الحزب الاشتراكي.

* مرحلة ما بعد انتخابات 97.. انتهاء التحالف مع السلطة:
بعد تلك الحرب، دخلت البلاد مرحلة جديدة، من المواجهات السياسية والحزبية. فبعد تدهور حالة الحزب الاشتراكي، نتيجة للحرب وإعلان "أمينه العام – البيض" للانفصال. لم يتبق من الأقوياء إلا الاثنان: المؤتمر والإصلاح. شارك الإصلاح في حكومة ائتلاف وطني مع حليفه المؤتمر الشعبي العام، وخلال أعوام تلك الحكومة (1994 – 1997) لم يكن هناك طرف ثالث يمكن الاصطفاف والعمل ضده. وهنا ستبدأ المواجهات لتأخذ طابعاً آخر. لتنتقل من طابعها الإيديولوجي الفكري القديم، إلى طابعها السياسي والإداري في بناء الدولة. تبادلت الاتهامات بين طرفي السلطة، على الأداء الحكومي، فاتهم الإصلاح المؤتمر بالفساد، ومحاولة إفشال وعرقلة أداء ونجاح وزرائه، بينما – ورداً على تلك التهم - وجه المؤتمر تهماً لشريكه بوضع رجل في السلطة وأخرى في المعارضة، ومحاولة توظيف أعضائه في أجهزة الدولة. واشتدت تلك المواجهات مع قرب انتخابات 1997 النيابية الثانية..

في تلك الأثناء تشكلت معارضة أخرى بقيادة ما تبقى من الحزب الاشتراكي، والتنظيم الوحدوي الناصري، والتجمع اليمني الوحدوي، وأحزاب أخرى..تحت ما يسمى بمجلس تنسيق المعارضة.
وحين ازدادت حدة المواجهة بين شريكي الحكم قبل الانتخابات النيابية، وصلت الأمور لدرجة كبيرة من الاحتقان حول اللجنة العليا للانتخابات والمطالبة بإصلاح الآلية الانتخابية، وشعر الإصلاح أن الدور سيكون عليه هذه المرة، من خلال ما يراه من إعدادات مسبقة لإقصائه من مجلس النواب، ومن تعنت وصلف واستقواء على مطالب المعارضة لإحداث إصلاحات حقيقية في الآلية الانتخابية وتوزيع نسب تشكيل اللجان الانتخابية، وغيرها، فقاد الإصلاح تحالفاً جديداً مع المعارضة، وكانت المرة الأولى التي يتفق فيها مع عدوه الأيديلوجي السابق: الحزب الاشتراكي اليمني.

لكن وفي نهاية الأمر، قاطع الحزب الاشتراكي انتخابات 1997، بسبب مماطلة السلطة إعادة ممتلكاته المنهوبة أثناء وبعد الحرب، وخسر الإصلاح بعض مقاعده في مجلس النواب، وحصل على (53) مقعداً، بينما حصد المؤتمر مقاعد إضافية وحصل على (187).
رفض الإصلاح المشاركة في الحكومة وفضل العودة إلى ساحة المعارضة. وبدأ الإصلاح معارضته لكنه كان واقعاً تحت ضغط ورقة "إلغاء المعاهد العلمية" التي كانت تمثل له قاعدة كبيرة، إلى جانب ورقة رئاسة مجلس النواب للشيخ عبد الله الأحمر، حتى أنه وفي أول انتخابات رئاسية أعلن ترشيحه للرئيس علي عبد الله صالح، ورفض التصويت لمصلحة علي صالح عباد (مقبل) – أمين عام الإشتراكي – في مجلس النواب ليعجز عن الحصول على النسبة التي تمكنه من الترشح والمنافسه لمنصب الرئيس.

* مرحلة ما بعد العام 2000: نشوء تحالف جديد ضد السلطة:
بعدها.. منذ عام 2000، بدأت فكرة تشكيل تكتل قوي للمعارضة تتبلور على أساس مواجهة تجبر السلطة، وتحت قاعدة
بعد حرب 94، استمر تحالف حزبي المؤتمر والإصلاح، وشكلا حكومة ائتلاف ثنائية، لكنهما اختلفا في انتخابات 97، وخرج الإصلاح لقيادة المعارضة.. أثناء ذلك تشكل تحالف اللقاء المشترك، على أسس سياسية وطنية، وكانت هذه الشراكة بمثابة الإنتقال من العمل وفق الصراعات الأيديلوجية، إلى العمل وفق القواعد المشتركة
المصالح الوطنية المشتركة، والتي بدأت بالاتفاق حول قانون الانتخابات والتحاور مع السلطة بشكل جماعي تحت إطار تكتل قوي سيمكنه المواجهة والاستمرار فيها. فجاء إعلان تحالف اللقاء المشترك، مبدئياً لخوض الانتخابات المحلية الأولى 2001، بتنسيق مشترك. وفي العام التالي 2002 أصدرت الحكومة قرارها بإلغاء المعاهد العلمية. فتخفف الإصلاح من حمله مع السلطة، وبدأ برمي ثقله في معارضة قوية مع أحزاب – كان الفارق الفكري بينها كبيراً – غير أن العمل على القاعدة الأيديولوجية لم يعد هو المحك الأساسي لإنقاذ البلاد، من التدهور المستمر، حيث كانت تلك الخلافات السابقة تدار لمصلحة النظام الذي كان يستغل ذلك في تعزيز سطوته الاستحواذية على السلطة.

بعد الانتخابات 2003 البرلمانية، التي دخل فيها اللقاء المشترك، بقائمة موحدة، وتنسيق أكبر، كان لنجاح فكرة التحالف أن أدت إلى تبلوره بصورة أكبر، وتواصلت اللقاءات بين أطرافه لتعزيز التجربة أكثر، فانبثق عنها نظام داخلي للقاء المشترك وتكوين هيئاته المختلفة والتي تمثلت بالمجلس الأعلى للقاء المشترك، كأعلى هيئة تليها الهيئة التنفيذية ، كما أسفرت اللقاءات عن تنظيم العمل القيادي وتداول رئاسة المجلس الأعلى والهيئة التنفيذية. وقد مثل ذلك مرحلة جديدة من التطور في العمل السياسي وانتقاله من الأيديولوجية الفكرية إلى العمل السياسي المشترك تحت قاعدة المصالح المشتركة.

لقد أصبح العمل – منذ تلك الفترة - ضرورياً تحت إطار النضال في مواجهة الظلم والاستبداد ومحاربة الفساد، وإنقاذ البلاد من التدهورات السياسية والاقتصادية. وكان ذلك كله في إطار من العمل السلمي الذي سيفضي إلى التغيير، مع قليل من الصبر، حيث كان النظام يعمل على تقويض أركانه بتقويضه أركان الدولة شيئاً فشيئاً..

* مرحلة ما بعد 2005 : مشاريع الإنقاذ الوطني:
و في السادس من نوفمبر 2005م أعلن المشترك مشروع الإصلاح السياسي والوطني، كخطوة عملية لإصلاح الأوضاع المتدهورة في كافة المجالات، وقام بتقديمه للشعب بعد أن رفضته حكومة المؤتمر الشعبي العام، بسبب اعتباره صعب التنفيذ، فيما اعتبر المشترك هذا الرفض تكريساً لتوجه الحكومة نحو رفض مبدأ الشراكة الوطنية، نحو مزيد من الاستفراد بالبلاد ومصالحها العامة.

ومع ذلك يمكن القول أن مثل هذا المشروع المشترك، مثل تجسيداً لمرحلة جديدة من العمل والاندماج السياسي الأكبر ووضوح رؤية المعارضة في العمل على قواعد رئيسية لعل أهمها الانتقال للعمل مع القاعدة الشعبية.
أفضت تلك المرحلة الجديدة لدخول منافسة قوية على منصب رئيس الجمهورية في سبتمبر 2006، وهي الانتخابات التي ارتفع فيها سقف الخطاب ضد القصر الجمهوري، وأمكن ملاحظة ذلك الزخم الشعبي الكبير لهذه الخطوة من خلال المهرجانات الرئاسية في مختلف محافظات الجمهورية. ومن المهم هنا الإشارة إلى خطاب الرئيس في حملاته الانتخابية، والتي تمثلت في توجيه الاتهامات القوية والمباشرة ضد المعارضة بطريقة عكست الخوف الذي سيطر على القصر، جراء خطاب المعارضة المباشر ضده وتحميله مسئولية التدهور والفساد، والفشل في إدارة البلاد، وكذا الفشل في إدارة الأزمات.

* مرحلة ما بعد 2006: حوارات بنوايا مسبقة، وظهور الحراك الجنوبي:
بعد تلك الانتخابات التي ترافقت مع الانتخابات المحلية الثانية، وحصد فيها الحزب الحاكم كرسي الرئاسة ومعظم كراسي المحليات، دخلت فكرة التغيير عبر الانتخابات مرحلة معقدة لدى الشارع لاسيما الشارع الجنوبي الذي كان يشعر بالإقصاء والظلم جراء السياسات المتوالية للسلطة في تلك المناطق. ومع أن المعارضة (اللقاء المشترك) استلهم من خبرته وتجاربه مزيداً من الإصرار والعمل في الإطار السلمي، فقد أولى تركيزه الأكبر على الخلل القائم في النظام الانتخابي ليدخل مرحلة حوار مع السلطة تحت هذا الهدف، في ذات الوقت الذي كان فيه الشارع الجنوبي قد انتفض بسبب اليأس من التغيير، الأمر الذي استطاعت فيه المعارضة إدخال القضية الجنوبية كبند رئيس في الحوار.

ومع انتقال الحوار من مرحلة إلى أخرى، تبادلت فيه الاتهامات، بين الطرفين (السلطة والمعارضة) كان الحراك الجنوبي قد أستمد قوة زخمه من تلك السياسات التي مارستها السلطة تجاهه، من القتل والاعتقالات والتضييق ومواجهته بشتى الطرق والأساليب، عدا طريقة واحدة وأسلوب واحد، هو: العمل على حل الإشكالات القائمة بالحوار والمنطق والنوايا الصادقة لتجنيب
قد كان اللقاء المشترك يحذر السلطة في أول الأمر، من محاولة اللعب بالنار، ودعم تلك المشاريع الصغيرة بهدف زرع الفرقة والانشقاقات بين أبناء الوطن. لكن أذن السلطة كانت تستمع إلى المشككين الذين كانوا يعتقدون أن ما يحدث عبارة عن عمل سياسي ممنهج ليس إلا.
الوطن الحرائق القادمة بأسلوب منهجي مدروس.

لقد كان اللقاء المشترك يحذر السلطة في أول الأمر، من محاولة اللعب بالنار، ودعم تلك المشاريع الصغيرة بهدف زرع الفرقة والانشقاقات بين أبناء الوطن. لكن أذن السلطة كانت تستمع إلى المشككين الذين كانوا يعتقدون أن ما يحدث عبارة عن عمل سياسي ممنهج ليس إلا.
وما كان الحوار ليبدأ، إلا ليتوقف.. وهكذا دواليك. الأمر الذي عكس نوايا السلطة الحقيقية من الحوار ومبدأ الشراكة الوطنية في الحلول. كما عكس تخوف السلطة من الحديث عن القضية الجنوبية كواحدة من النقاط الرئيسية في الحوار، ليعلنها قضية كقضية منفصلة عنه، بعد وعود الرئيس بمناقشتها ولكن كقضية منفصلة.

وحتى العام 2008 استمرت الأوضاع إلى مزيد من التدهور والاشتعال. تارة في الجنوب، وأخرى في صعدة. وثالثة في الاقتصاد، ورابعة في الإدارة وخامسة في السياسات الخارجية، وسابعة في التعامل مع مؤسسات القرض والمنح الخارجية..الخ.
ازدادت الأوضاع سوءاً، وما كان مجرّما الحديث عنه في السابق بخصوص إزالة آثار حرب 94، أصبح أمراً ضروريا وملحا، لكن السبحة كانت قد انفرطت مع تسارع الأحداث، ليصبح الحديث عن إصلاح مسار الوحدة هو الحديث السائد بعد أن كان الخوض فيه تهمة في الوطنية والوحدوية..! جاء ذلك التسارع بعد أن كان الحديث في بداية الأمر عن حقوق الجنوبيين المطرودين من وظائفهم العسكرية والإدارية، أمراً يستهدف زعزعة الأمن ودعوة للمناطقية. ثم، ومع إصرار السلطة على التغاضي والاستمرار في انتهاكاتها هناك، انتقل الحديث إلى إصلاح مسار الوحدة الذي كان هو الآخر أكثر جرماً ودعوة مبطنة وغير مباشرة للانفصال..لكن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية لم تكن جيدة على الإطلاق، وكان الفساد السياسي والإداري يقضم من نسيج التماسك الاجتماعي الكثير، ومارست السلطة جبروتها أكثر فأكثر، وأغلقت أذنيها عن سماع صوت الحق، حتى أطلق اللقاء المشترك مشروعه الجديد "ملتقى التشاور الوطني" في يونيو من العام 2008، هدفت من خلاله إلى إحداث نقلة نوعية والعمل في إطار مرحلة جديدة على خلفية الإحداثيات المتكونة في الساحة.

برزت دعوات الفدرالية، من بعض السياسيين والشخصيات الاجتماعية كحل مناسب للحفاظ على وحدة الوطن، لكنها جرّمت هي الأخرى، في حينها، ومع تسارع الأحداث بات الخوف من عدم إدراك هذه الدعوة أمراً حتمياً كما كان الأمر بالنسبة لإزالة آثار حرب 94، ومن ثم "إصلاح مسار الوحدة"، (المشروعين الذين أصبحا من القديم اليوم، بعد ظهور قيادات تطالب بالانفصال..)

* مرحلة الحاجة إلى حوار وطني شامل:
كانت الحاجة ملحة لمشروع جديد للمعارضة، وهو الأمر الذي أدركته قيادات اللقاء المشترك عبر مشروعها الجديد "ملتقى التشاور الوطني" لكن دراماتيكية الأحداث المتسارعة تكاد اليوم تعقد نجاح مثل هذا المشروع وإن كانت قيادات المعارضة ما زالت تعتقد أنه الأنسب وأن الوقت ما زال مواتيا كفرصة أخيرة..
ومع احتفالات بلادنا بالعيد ال19 للوحدة اليمنية، انتقلت البلاد إلى مرحلة جديدة أكثر تعقيداً، بعد ظهور علي سالم البيض – نائب رئيس الجمهورية السابق – وإعلانه ترك الصمت الطويل والعودة للحياة السياسية بتجديد دعوته التي أعلنها في 21 مايو 94، بانفصال الجنوب عن الشمال..

كان قد سبق ذلك حدة المواجهات الكلامية والميدانية بين قيادات في الحراك الجنوبي وقيادات في السلطة، استثمرها بداية حيدر ابوبكر العطاس – رئيس حكومة الوحدة – عبر إطلاق دعواته بفك الارتباط..
كان ملتقى التشاور قد حدد خططه منذ منتصف العام الماضي بالنزول الميداني إلى الشعب وضم قيادات من كافة الشرائح في إطار إحداث تشاور وطني يشخص المشكلة والأسباب. لكن تغيير إحداثيات العمل ومعطيات المرحلة الجديدة التي تبدو أنها الأكثر حدة في تاريخ اليمن الموحد، جعلته يواكب التسارع ويضغط برنامجه الميداني بشكل أكبر لمواكبة الأحداث، فعقد لقاءاته التشاورية مع فئات وشرائح المجتمع المختلفة في ظرف أيام بدأت بشكل جدي من 13 مايو وانتهت في 17 من الشهر نفسه، ثم تحديد اليومين الختاميين لعقد الملتقى التشاوري لأكثر من 1200 شخصية في 21 -22 مايو لينتهي ببيان صنعاء الحاسم، وتشكيل لجنة للحوار الوطني من 90 شخصية بهدف الوصول إلى حلول حقيقية تعمل على إنهاء حالة الاحتقان والتدهور المتسارع.

* ثلاثة مشاريع بين الغلو والتطرف والاعتدال:
في المطلق، يمكن القول أن تلك الأحداث والحالة الاحتقانية التي مرت بها البلاد منذ قيام الوحدة اليمنية في 1990 وحتى اليوم،
لقد تراكمت الأحداث والصراعات، خلال 19 عاما منذ قيام الوحدة وحتى اليوم، لتفضي إلى تشكل ثلاثة مشاريع:مشروع السلطة الإستحواذي القائم على القوة للبقاء، مع رفض الآخر. ومشروع المعارضة الناتج عن ردة الفعل والمبني على المواجهة لإسترداد الحق وإصلاح الأوضاع. ومشروع المعارضة المعتدلة، القائم على الوسطية والدعوة إلى "صوت العقل"
أفضت إلى تشكل ثلاثة مشاريع واضحة في الساحة، يمكن تلخيصها كالتالي:
- مشروع السلطة: وهو المشروع الذي تراكمت فيه الأخطاء لتفضي إلى مشاكل متلاحقة في البلاد، زاد سوء إدارتها إلى تحول معظمها وأهمها إلى أزمات، ثم ومع استمرار الفشل في إدارتها، أصبحت مخاطر تهدد أركان الدولة وبقائها وفي طريقها للتحول إلى دولة فاشلة، ستصبح عندها المشاريع الصغيرة هي المتسيدة للمشهد السياسي في البلاد.

- مشروع المعارضة العنيفة: وهو المشروع الناتج كردة فعل لعنف السلطة وفشلها في إدارة المشاكل والأزمات والأخطار. ويعمل هذا المشروع تحت ضغط ردة الفعل كأسلوب يعتقد أنه الأنسب لمواجهة صلف وعنت وعنف السلطة.. ومن الطبيعي الإشارة هنا أن ما ساعد على ظهور هذا المشروع هو وصوله على مرحلة اليأس من حدوث التغيير السلمي عبر الآليات الديمقراطية، بسبب استحواذ السلطة على آليات العمل الديمقراطي وعدم جديتها في إصلاحه بحيث يتيح الفرص المتساوية للجميع بنزاهة تبدأ بالتخلي عن السيطرة على تلك الآليات..(ما يحدث في الجنوب، وفي صعدة، هو النموذج الواضح لهذا المشروع )

- مشروع المعارضة السلمية: وهو المشروع الذي تبنته أحزاب اللقاء المشترك، وفضلت السير على نهجه على أساس تبني "صوت العقل" تحت قاعدة رافضة للغلو والتطرف. وذلك على الرغم من صعوبات العمل على هذا المشروع في ظل ظروف معقدة، تسيطر فيه السلطة على كل شيء، لدرجة أنها تهدد بالعودة إلى شمولية الحزب الواحد عندما يرتفع سقف خطابها. ومع ذلك تحاول قيادات هذا المشروع استخدام الآليات المتاحة لديها، وتنتقل من مرحلة إلى أخرى بتبني أساليب جديدة للعمل، لعل مشروعها "ملتقى التشاور الوطني" لن يكون هو الأخير..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.