تعاني اليمن منذ وقت ليس بالقليل من مشاكل جمة، لدرجة ان باتت عملية تعديد وسرد هذه المشاكل والصعاب عملية صعبة لغزارتها وكثافة حضورها، وهو ما آل إليه الوضع والتبس، حتى أصبحت مؤسسات الدولة في وضعها الحالي الذي يعزوه الوهن والسقوط، مما فتح المجال أمام الجماعات المسلحة وميليشياتها التي تجوب المحافظات وأصبحت تتمركز وتتسيد فيها. فهذه الجماعات والميليشيات وجدت لها مداخل ومبررات تستغل بها حالة الوهن للدولة ومؤسساتها والمجتمع. أحد هذه المداخل؛ مشكلات المواطنين وعدم البت فيها من قبل المؤسسات والسلطات المعنية. فالجماعات المسلحة التي تتنقل اليوم بين المدن تستخدم هذا المدخل وباتت تساهم في حل القضايا بين المواطنين لاسيما تلك العالقة من سنوات وعقود بدون أن تجد حلاً، أو يظهر إي ملامح لحلها والتعامل معها وإرجاع لكل ذي حق حقه، وهو أمراً طبيعياً تلجأ إليه الجماعات المسلحة التي تسعى للنفوذ والإستمرار في السيطرة والحفاظ على تواجدها، وبناء القاعدة الشعبية اللازمة كنتاج لهذا الإسلوب وتطبيقه، لذا نجدها تحضر وبشكل كبير عبر استغلال المشاكل والمعاناة المتراكمة التي خلفتلها سلطة لم يكن لها نفوذ على الواقع، فاستخدمته وبنت عليه. فكما استخدم أنصار الشريعة في محافظة أبين هذا الأسلوب حين استمالت الناس وعملت على حل قضاياهم ووجدت حاضنة اجتماعية وقاعدة شعبية؛ يعمل الحوثيون ومسلحيهم الآن في المناطق التي وصلوا إليها، والمواطن بشكل عام يبحث عن مصلحته ومن يحافظ عليها ويستردها أو يمنع الإعتداء عليها، فبقدر اهتمام جماعة أو فئة معينة بحقوق المواطن وتوفير الأمن له، ستحقق رضى وقبول ومكاسب, بالإضافة إلى السند والداعي للبقاء في مثل هكذا أوضاع .
إن الجماعات التي تسعى للحلول بديلاً عن الدولة تستخدم مثل هذه الأساليب التي لا تخلو من استعطاف واستقطاب، يدعم هذا الأمر حالة الغياب والفراغ التام للمؤسسات المعنية ودورها وحالات التراخي والمحسوبية التي أفرزت انطباعاً جعل المواطن يستبعد فكرة الذهاب إليها وعرض مشاكله عليها، وهو ما جعل هذه الجماعات تنتهز فرصتها وتقدم نفسها كبديل يرنو للتحول إلى دولة فتعرض خدماتها وممارسة هذا النوع من الإستقطاب لتستولي على مزيداً من الأرض والنفوذ لاسيما مع إمكانياتها وقوتها المتزايدة الذي تحققه يوماً بعد يوم وما بات يعتمل في واقعنا السياسي من استمرار لهذا الغياب وتوسع هذا الفراغ وبروز الجماعات المسلحة بهذا الشكل, في الوقت الذي يسعى الجميع ويبحث عن فرصة يمكن عبرها استعادة النظام والقانون وتعزيز وجود الدولة وحضورها والتي يناط بها القيام بمثل هذه المهام والذود عن الجميع وتحقيق تطلعاتهم بدلا من تركها كمبررات لأي جماعة مسلحة تحاول القيام بهذا الدور ووضع نفسها مقام الدولة.
وهذه الجماعات بالمناسبة لا تخشى إثارة مشاعر المواطنين جراء إي تصرف قد تقوم به في الوقت الحالي، بإعتبارها تراهن على الوضع والحالة السيئة الذي تمخض عنه خلال الفترة السابقة وما صاحب ذلك من بروزللفوضى وغياب الأمن والسلطة المخولة في تحقيق هذا الأمر، ومن خلال القيام بدور هذه المؤسسات والحلول بديلاً عنها سيتأتى الرضى الشعبي وستبنى قاعدة شعبية تجعل من تصرفاتها شرعية وتكتسب غطاء سيتم تبريره والقبول به.