هناك حكاية يمنية شهيرة فحواها ان عائلة تعمل في الزراعة أرسلت أحد أفرادها للبحث عن بذور لنبات القمح من إحدي المناطق المجاورة، تحرك الرجل وخرج من قريته للبحث عن البذور لكنه تأخر طويلاً ولم يعد الى قريته الا وقد تدبرت العائلة الأمر وبحثت عن بذور وزرعت الارض وسقتها واعتنت بها وحصدتها ولم يعد "رسول الذَرِي (البذور)" الا بعد ان "صربوا " ولم يعد لهذه البذور حاجة. هذه الطرفه تذكرنا بلجنة صياغة الدستور التي حالها يشبه حال رسول "الذري"، فمنذ تشكيل لجنة صياغة الدستور منذ أكثر من عشرة أشهر والى الآن لم يتم إنجاز مسودة الدستور. وهذا التأخير الكبير قد يؤثر بشكل سلبي على قبوله، فالكل يدرك أن مرحلة ما قبل ستة أشهر تختلف عن مرحلة ما بعدها. فهذا الدستور الذي اتفق عليه الفرقاء بإجماعهم على مقررات مخرجات الحوار، وكان بالإمكان الإسراع في صياغة الدستور خلال الثلاثة الأشهر الأولى من اختتام هذا الحوار، فلربما ساعد في إجراء استفتاء شفاف ونزيه عليه.. لكن بعد أن انقلبت غالبية المكونات على مخرجات الحوار ستكون مسألة الاستفتاء على الدستور مهمة صعبة وشبه مستحيلة!.. لأن غالبية المكونات لم تعد مجمعة على شكل الدولة، فالحراك انقلب علي وثيقة الضمانات والحل للقضية الجنوبية وسارع الى النزول الى الشارع للمطالبة بتقرير المصير، وبالتالي قد يقاطع الاستفتاء والحوثيون وضعوا شرطاً وبنداً أساسياً في تغيير شكل الدولة، واذ لم يستجب لمطلبهم قد يقاطعون ان لم يمنعوا الاستفتاء؛ والمؤتمر هو أكبر المكونات المعارضة لحل القضية الجنوبية بالطريقة تلك ولشكل الدولة؛ قد يحرّض أنصاره على الاستفتاء على التصويت بعدم الموافقة على مشروع الدستور هذا إن لم يقاطع.
الحزب الاشتراكي هو الأخير مصر على فيدرالية من إقليمين فلربما يقاطع الاستفتاء كما إن الغالبية العظمي من الشعب لم تعد تثق بفكرة الأقاليم بسبب انقلاب غالبيه المكونات عليها من ناحية، وبسبب أن التحول الى حكم الأقاليم يتطلب بالدرجة الأولى وجود دولة مركزية قوية وجيش وطني قوي ولاؤه لله والوطن.. هذان الشرطان هما الضامنان لحكم الأقاليم او اي شكل من أشكال الحكم، وبالتالي يصبح الحديت عن إمكانية إجراء استفتاء ناجح على الدستور في المرحلة الراهنة او حتى ما بعد سنتين ضرباً من الخيال والإقدام على هذا بمثابة انتحار.
في الختام ندعو العقلاء من أبناء الوطن ان يعوا هذا، وان لا نتسرع في تحديد شكل الدولة في الدستور الجديد لأنه كما أسلفت ستكون النتيجة الرفض المطلق للدستور وكلٌ له مبرراته، الأمر الذي يترتب عليه العمل بالدستور الحالي دستور الوحدة فهو الضامن والمخرج الحقيقي لما تشهده البلاد وبعد مرحلة الاستقرار وبناء الدوله نفكر في شكل الدولة.