أقر المهندس هشام شرف، نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي، بخطورة الوضع الذي تتجه إليه المالية العامة لليمن، واصفاً إياه أنه "في غاية الخطورة". وإذ كشف عن وجود تفاوض بين الحكومة وصندوق النقد الدولي لتنفيذ حزمة إصلاحات جديدة، فقد اعتبر أن البرنامج المزمع تنفيذه مع الصندوق سيسهم في عملية الإنقاذ والمعالجة، على المدى المتوسط والطويل، بينما دعا المجتمع الدولي للعمل إلى جنب اليمن عبر المنح، لمعالجة المشكلة على المدى القصير والآني. وكان شرف -الذي رأس وفد بلادنا في إطار اجتماعات مجموعة "أصدقاء اليمن" الخاص بالاقتصاد والحكم الرشيد والذي بدأ أعماله يوم أمس الاثنين– ألقى كلمة بلادنا أمام ممثلين من 20 دولة، وتطرق فيها إلى خطورة الوضع الذي تتجه إليه المالية اليمنية، حيث اعترف بذلك بقوله إن "الوضع الذي تتجه إليه المالية العامة غاية في الخطورة"، ملقياً بآمال الحكومة اليمنية في إنقاذ البلاد على البرنامج الذي تزمع تنفيذه مع صندوق النقد الدولي، وقال إن "البرنامج المزمع تنفيذه مع الصندوق سيساهم باتخاذ تدابير جادة للمعالجة والمضي بوتيرة قوية ومنتظمة في الإصلاحات الاقتصادية والمؤسسية والإدراية التي يتوقع أن تأتي ثمارها في المدى المتوسط والطويل. أما على المدى القصير والآني، قال إنه "لا مناص من جهود تعاون دولي تعمل جنباً إلى جنب مع اليمن لحشد الموارد الخارجية الكافية على شكل منح لسد الفجوة المالية القائمة وتحسين ظروف استدامة المالية للموازنة العامة للدولة." وانتقد المحلل السياسي اليمني عبد الغني الإرياني، تلك العبارات السابقة، التي جاءت في كلمة"شرف" أمام المانحين، وقال في تصريحات خاصة ل"المصدر أونلاين" ان الواجب على الحكومة أن تدرك بأن المعالجات على المدى القصير والآني هي في متناول يدها، وذلك بضرورة إيقاف النزيف الذي لا يحتمل استمراره في دعم المشتقات النفطية". وبخصوص دعوة "شرف" المجتمع الدولي لتقديم الدعم السريع واعتباره علاجاً على المدى القصير والآني، قال الإرياني أنه "لا يصح أن ينظر إلى الدعم الخارجي إلا لمعالجة التشوهات البنيوية في الاقتصاد في مرحلة الحلول الطويلة الأمد". حيث أكد -في هذا السياق– أن المطلوب من الحكومة اليمنية أولاً أن تثبت قدرتها وإرادتها على إحداث الإصلاحات اللازمة على الأرض، وأولها تلك التشوهات القائمة على الاستمرار في دعم المشتقات النفطية، لافتاً إلى أن المجتمع الدولي "لا يمكنه أن يساهم في الحلول الآنية دون أن تثبت الحكومة أن لديها القدرة والإرادة السياسية لتنفيذ الإصلاحات اللازمة، وهو ما فشلت الحكومة في إثباته على مدى الأعوام ال 15 الماضية". وهو الأمر ذاته الذي أكده مساعد وزير الخارجية الإماراتي للشؤون الاقتصادية خالد غانم الغيث، الذي رأس الاجتماع عن الجانب الإماراتي. والذي ألمح -في سياق كلمته– إلى فشل الحكومة اليمنية في إدارة برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، الذي بدأته منذ عام 1995، حيث أكد أنه لو تم تطبيق ذلك البرنامج الطموح بشكل متكامل "لأمكن لليمن الانتقال إلى مستوى اقتصادي واجتماعي وسياسي متقدم وشرع المجتمع الدولي في العمل والتعاون مع الحكومة اليمنية لعدة سنوات لمعالجة التحديات والمشاكل التي تواجهها". ونوه –في هذا الصدد- إلى أن المجتمع الدولي كان قد "شرع ومنذ وقت مبكر في التعاون والعمل مع الحكومة اليمنية لعدة سنوات لمعالجة التحديات والمشاكل التي تواجهها.". وإذ أشار إلى الحاجة أولاً لتحسين الوضع الأمني لتحقيق النمو الاقتصادي ، لفت إلى أن "الدول المانحة والمنظمات الدولية، لاسيما البنك الدولي، توصلت إلى أن العقبة الرئيسية أمام تحقيق نمو اقتصادي سريع ومستدام تكمن في الحاجة إلى تحسين الوضع الأمني في البلاد.." . وكان الاجتماع الرئيسي لأصدقاء اليمن، أمس، عقد قبله اجتماع مغلق ومصغر، ضم ممثلي كل من بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية ودولة الإمارات العربية المتحدة بالإضافة إلى اليمن، وذلك قبل أن تبدأ فعاليات الاجتماع الرئيسي بمشاركة جميع ممثلي الدول العشرين . وقد انبثق لقاء أبو ظبي (الذي خصص لمناقشة الاقتصاد والحكم الرشيد في اليمن) عن مؤتمر لندن حول اليمن الذي ناقش التحديات والمشاكل التي تواجه اليمن والذي عقد في لندن في 27 يناير الماضي بمشاركة 25 دولة ومنظمة دولية. وإذ اعتبر نائب وزير التخطيط اليمني هذا اللقاء أنه "يمثل تدشيناً عملياً لإطلاق مبادرة أصدقاء اليمن"، فقد أكد أنه يعول عليه بأن "يكون أحد الآليات الفاعلة للشراكة والحوار مع الاصدقاء حول التحديات التي يواجهها اليمن والمعالجات وأوجه الدعم والمساعدة المطلوبة لها". وفي السياق ذاته، أكد مساعد وزير الخارجية الإماراتي "أن الجهود لن تقتصر فقط على مناقشة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية"، معتبراً أن هذا اللقاء هو الأول بهدف "التشاور والتنسيق حول آلية مجموعة العمل"، حيث سيتم من خلاله "التركيز على وضع التوصيات وتحديد مجالات العمل ذات الأولوية بالنسبة للحكومة اليمنية ودعم تنفيذها من خلال أصدقاء اليمن"، موضحا "أن الفريق سيقدم تقريراً إلى الاجتماع الوزاري المقرر عقده في الرياض خلال شهر مايو المقبل". وفيما تطرق إلى مجموعة من المشاكل والعقبات التي تواجه الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي، أردف قائلاً أنه "من الواضح أن أي رد على هذه المشاكل يجب أن تكون شاملة، وخطة العمل يجب أن تكون واضحة ويكون هناك توجيه مستمر للفريق للتغلب على التحديات التي يواجهها اليمن على نطاق أوسع "معرباً عن يقينه أن "اليمن سيكون جاهزاً لهذه المهمة" التي قال إنها ستتلقى الدعم الكامل من قبلهم. لكن "شرف" أشار إلى أن بعض البرامج التنموية والسياسية التي تبنتها ونفذتها الحكومة اليمنية خلال العقود الماضية، ساعدت في تحقيق تقدم ملموس في تحسين مستوى التنمية، إلا أنه اعتبر أن الطريق مايزال طويلاً "ويحتاج إلى تضافر كل الجهود لتجاوز الصعوبات والتحديات التي تعيق مسيرة التنمية". وحيث لفت إلى أن "اليمن ما زالت تصنف ضمن الدول الواقعة خارج المسار بالنسبة لتحقيق أهداف التنمية الألفية بحلول العام 2015" اعتبر أن ذلك "يعني أن هناك حاجة متزايدة لحشد الموارد للوصول إلى تلك الأهداف او تحقيق الحد الأدنى الممكن منها"، منوهاً إلى أن العائق الذي واجهته الحكومة تمثل في "ندرة الموارد وضعف قدرة الاقتصاد الوطني في جانب جذب الاستثمارات وتوليد فرص العمل، إضافة إلى عدد من التحديات في الجانب الأمني والمؤسسي" والتي قال إن جميعها عملت على الحد "من إمكانية تحقيق التقدم المطلوب للوصول الى تلك الأهداف ." . من جهته تحدث رئيس دائرة الشرق الاوسط بوزارة الخارجية الألمانية، رئيس الوفد الألماني المشارك في الاجتماع رالف تراف، عن أهمية الاجتماع. وحيث لفت إلى أن تلك الأهمية تكمن "في استكشاف الفرص والمجالات التي يمكن للحكومة اليمنية أن تحقق من خلالها نجاحات في مواجهة التحديات الاقتصادية، وتحديد المجالات التي يمكن للمجتمع الدولي أن يقدم الدعم والمساندة الضرورية لليمن"، إلا أنه أكد "أن النجاح في تحقيق أهداف هذه المجموعة سيعتمد على الدعم الذي ستقدمه الدول الأعضاء في مجموعة أصدقاء اليمن". وكان لقاء "أصدقاء اليمن" الذي افتتح أعماله يوم أمس في أبوظبي، انتهى بإلقاء الكلمات، والحديث عن الأهمية التي يمثلها في مساعدة اليمن، ودعمه للخروج من أزماته السياسية، ومشاكلة الاقتصادية. وستعقد جلسته الثانية والأخيرة اليوم. وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أنها علمت أن هذا اللقاء سيتبعه اجتماع لاحق في الأردن، وآخر في برلين، على أن يكون هناك اجتماع موسع في العاصمة السعودية الرياض مقرر عقده في مايو المقبل.