ما الذي يمكن ان ينقذ البلد من هذا المصير ، الوضع يشهد تطورا سيئا ، بينما يظل بالنسبة لقادة الاحزاب وغيرهم وصف وقور و منمق ، لم تعد ثمة رغبة في الثورة و لو ان الرغبة الجامحة في التغيير اصلا لم تترك شيئا يثار عليه. كأنه لم يعد ثمة تخلف ؛ لأن الجميع أصبحوا أكثر انفتاحا و مرونة مع ما هو واقع الآن ومصير انتهى امره ،و تحقق التغيير و سقط الفاسدون و المتآمرون و توارى قادة المليشيات و زعماء المشيخات. فالثورة بالنسبة للبسطاء من المجتمع المشتت أصبحت حلية و زينة يسهل على الجمهور الضجر منها ومن هذا الواقع المندثر كما لم يعد يسهل استيعابها.بعد ان وصلت الامور الي ما وصلت اليه.وقيمة الصدمة و العدوان على الثورة نفسها ومن ثم على الأعراف لا القوانين و مؤسسات( الدولة ) أصبحا خدمة قدمتها الاحزاب التي اغارة على التغيير و ضربته في القلب، و قدمت رئيس ركيك عاثر الحظ.سيستمر بالتسويغ حتى و ان ابقت له الجماعة جناح واحد من الطير الجمهوري و سرير في ممر في القصر.
ونواصل نحن شهاداتنا ومشاهدتنا هجوم الجماعات و المليشيات على الدولة نفسها-كما هو جاري- منذ ثلاثة سنوات ، لقد صار كل ذلك بالنسبة للقوى التي كانت ثورية مجرد حلم و اصبحوا كأنهم في الطريق الي الارشيف خانعين راضخين. فأكثر ما يدهش المراقب ان تلك النخب و اتباعهم في الاحزاب و فرق الحقوقيون ينعمون بالنظر إليها مجرد النظر فقط غير قادرين ان ينبسوا بكلمة واحدة. لمصلحة من تصفية الحياة السياسية و كل هذا النزوع لتخفي و الصمت و الخرس ؟! سؤال كئيب و ملح ليس الا.
و على الرغم من كل هذا الا اننا نجد من الذين يفكرون بالتمرد مشجعين بعضهم البعض خفية ضد هذه الشهية الاستحواذية الانتهازية ، لكن ايضا لا يفهمون الموقف المتناقض الذي تنطوي عليه دعوتهم في ظل غياب المشروع الواحد و التنسيق الجاد بين مختلف القوى التغييرية خصوصا في ظل التلويح بقوة السلاح من قبل جماعة كالحوثيون و مسابقتهم الزمن على استئصال الدولة او ما تبقى منها و افراغها من رموز و قيادات لصالح طرف واحد. فلا مؤسسات مدنية و لا حركات عمالية و لا نقابات و لا حركات طلابية و لا منظمات حقوقية ولا وسائل اعلام مستقلة كاشفة فاضحة.
ببساطة حياة مغلقة على حركة صاعدة عاصفة اجتثاثية تريد اقتلاع كل شيء بأسم ثورة. و الجميع كأنهم يستوجبون اتباع خطى الآباء و الأجداد في العلاقات و التنسيق بين الاطراف و الاطياف القبلية و الاسر و العوائل الاقرب فالاقرب الي هذه الحركة ، متملقين و مستسلمين ، و في الاول و الاخير لا احدا تراه ينادي بالعودة الي العمل المدني ، و ليست بين هذه المؤسسات المدنية و ما قدمت من تراكم و لو كان يسير بسيط و لم يشعر احد على مايبدو بأننا بحاجه ماسة للدولة الحقيقية وان كالنت هشة و المؤسسات المدنية مثلا كما كان ، بل بات اكثر الحاحا و ضروري.
وهنا أقول : حينما تصبح الثورة كليشيه يصبح الفعل الثوري هو اللافعل الثوري اصلا ، و اوضحها اليوم في هذه النزوات الاندفاعية بقوة السلاح ، شرهة للسلطة والتقاسم خاصة و ان هناك (مُشٌرع ) كما هو حال الرئيس منزوع الصلاحيات عبد ربه منصور هادي من مخفره الرئاسي.