يتميز النائب عبدالكريم شيبان عن غيره من النواب بالجرأة في الطرح والمواجهة.. فهو كل يوم يواجه مشكلة قطع الميك عنه. ليس صحيحاً ما ذكرته بعض وسائل الإعلام من أن الملاسنة التي نشبت بين الراعي وشيبان كانت بسبب تقرير أراضي الحديدة.. المعلومة الصحيحة أن المشادة الكلامية بينهما حصلت قبل أن يُقدم تقرير لجنة الحديدة للقراءة. كانت القاعة لا تزال تناقش تقرير اللجنة الدستورية حول مشروع "إنشاء صندوق استثماري لإقراض الأسر الصغيرة" المقدم من النائب الحزمي، وعندما حاول شيبان -باعتباره عضواً مهماً في اللجنة الدستورية- أن يطرح تحفظه على التقرير ابتدره الراعي بقطع الكلام عنه. لكن شيبان كان مصراً على ذلك، وكان يصيح مطالباً -ومحدثاً ضوضاء- بإعادة الميك إليه، فلم يستجب له يحيى الراعي. كان شيبان يصيح ويصيح وكان الراعي "متعامساً"، وفي تلك اللحظة كان الشيخ حمير الأحمر فارداً كتاب اللائحة الداخلية ويعرضها أمام رئيس المجلس ويطلب منه أن يتماسك وأن يقوم بتطبيق اللائحة في حق عبدالكريم شيبان.. لكن رئيس المجلس لم يستجب، وشيبان لم يسكت، وفي تلك اللحظة، خاطب الراعي شيبان بلغة حادة: "احترم نفسك" فرد عليه الأخير "احترم نفسك أنت".. وفيما كان النائب علي العنسي يقوم بمهمة تهدئة شيبان، آخذاً إياه إلى البوفية ليشرب قليلاً من الليم ويأخذ قليلاً من الراحة، نادى عليه الراعي بأن يتركه ل"..." فرد عليه شيبان بالمثل وزاد، وحينها خرجت من قاموس لغة الراعي غير الموفقة: "أين الأمن يجووا يسحبوه على نخره". لكن شيبان لم يسمعها تماماً وعلي العنسي يدهف عليه إلى البوفية: "اسكت لك منه وبس". وعندما اتصل "المصدرأونلاين" بشيبان مساء أمس، قال ضاحكاً بأنه ليس من حق الراعي "أن يسحبني على نخري"، وأضاف لكن ومع ذلك: "أنا أعذره لأنه كان معبأً ضدي من قبل الجلسة وهي أيضاً لغة ليست جديدة عليه". بلغة البرلمانات كان الأولى برئيس مجلس النواب اليمني، عند هذه الحالة، أن يستخدم الأسلوب الأمثل واللائحي الذي كان يهمس به إليه نائبه الشيح حمير الجالس إلى جواره. كان الشيخ حمير الأحمر في تلك اللحظة فارداً أمامه اللائحة وتحديداً على المادة 96 التي تقول بالنص كالتالي: "للمجلس أن يوقع على العضو الذي يخل بالنظام أو لا يمتثل لقرار رئيس المجلس إحدى الجزاءات الآتية: أ. منع العضو من النقاش بقية الجلسة. ب. الإخراج من قاعة الجلسات مع الحرمان من الاشتراك في بقية أعمال الجلسة". لكن هذه المادة المنظمة، لمثل هذه الحوادث العارضة لا تطبق في برلمان اليمن.. كانت هذه الأساليب تطبق في عهد الراحلين الكبيرين عبدالكريم العرشي وعبدالله بن حسين الأحمر (راجع النواب القدامى). يلجأ الراعي، وهذه مشكلته، في مثل هذه المواقف إلى أسلوبه المعتاد في التصرف، وتتحول الجلسة أحياناً إلى ما يشبه السوق.. هذه طبيعة الراعي مذ كان نائباً للرئيس، لكن نوابه الحاليون لا يفعلون الشيء نفسه، وكذلك كان نواب الشيخ عبدالله لأنهم كانوا دكاترة. على طول السنتين المنصرمتين له في هيئة الرئاسة حرص الشيخ حمير الأحمر أن يلتزم حرفياً باللائحة لدرجة التصادم مع بعض النواب الذين اعتادوا على الصياح. ففي الأسبوع قبل الفائت، ارتفع الضغط عند النائب صخر الوجيه لدرجة كبيرة وكان يطلق باتجاه حمير، الذي كان يدير الجلسة ألفاظاً مشينة، لكن الأخير كان يتصرف بالشكل اللائق به كنائب لرئيس برلمان.. وكان يرد على صخر بلغة مؤدبة وحازمة: "مش هكذا يا أخ صخر.. لو سمحت أستاذ صخر، يا شيخ صخر، هدئ أعصابك لو سمحت يا صخر، أنت أستاذ كبير وفاهم ومثقف لو سمحت"، وأمضى منتظراً حتى هدأ علي العنسي الرجل وأخذه إلى البوفية لتستريح أعصابه.. ذلك المظهر الحضاري والأسلوب المسؤول يفصح عن فارق مهول بين رجلين.