لهذا إذا كان الهدف من المدعوة "عاصفة الحزم" مجرد تحجيم كل من مليشيات الحوثي وعسكر صالح ليتناسبا مع أحجام الكيانات الأخرى مثل مسلحي مأرب والقاعدة ومليشيات هادي، فإن اليمن مؤهل ليترك بعد ذلك رهناً لصراعات بينية. لن يخرج طابعها عن "الحرب بالوكالة" أو "الحرب الأهلية" أو مزيج من الاثنتين وأشياء أخرى، لن تكون إجمالاً استنزافاً للداخل وحسب، بل واستنزاف للأطراف الإقليمية الفاعلة بدرجة أساسية وعلى رأسها الخليج وإيران. التحجيم يقضي على التفاوت ويفقد القوى المتفوقة تفوقها وهذا يعني "أطراف متكافئة" إن تصارعت فسيكون الصراع بينها أطول عمراً وأكثر استنزافاً وإعاقة للاستقرار، وعدم استقرار اليمن لا يمكن أن تسمح به قوى المنطقة كما يبدو من خطابها وموقفها الآن، إلا أن ذلك يظل متوقعاً إذا كانت عملية "التحجيم" تهدف للحد من قدرات القوى المتفوقة بحيث لا يتمكن الصراع المحتمل من التأثير على نطاق واسع كأن يضر بحركة الملاحة ومنابع النفط ومصالح الجوار والمنطقة. او يتعدى الحدود.
ذلك الاحتمال يبقى الأبرز إذ يقويه كون اليمن الآن دخلت فعلياً في مرحلة اللادولة وليس بمقدور عملية عسكرية ك"عاصفة الحزم" أن تكون حلاً في هكذا وضع، إلا إذا كان لدى دول "التحالف العشري" بقيادة السعودية مشروع جاد لليمن يستهدف إنقاذه، لكن هذه المرة ليس على هيئة حوار ولا مبادرة كالتي سلفت، وإنما مشروع متكامل لصياغة الدولة ومؤسساتها وشكلها واقتصادها، كأن يشبه إلى حد ما قامت به مصر في اليمن عقب ثورة 62. وهو أمر قد يغدو ممكناً لكنه مرهون بتفكير الإدارة السعودية بالتحديد التي لا يبدو أن هذا وارد في أجندتها على الأقل في الظاهر وحتى الآن. . أمر آخر يمكن أن يحدث وسيكون أشبه بمعجزة، وهو أن يتراجع صالح والحوثي ويتداركا الموقف ويعودا إلى طاولة الحوار_ومثلهما الأطراف الأخرى_ ولديها جميعا ترسانات لا تنفذ من الإحساس بالمسؤولية، وإلا فإن هذا البلد لن يعود إلى رشده قبل أن تعبره سنوات من القتل والجثث والخراب.