عبرت أوساط حقوقية في اليمن عن مخاوفها من استفحال ظاهرة المتاجرة بأعضاء اليمنيين في ظل انتشار معدلات الفقر والحرمان. وقالت مصادر يمنية رسمية إن جهات عربية تقف وراء شبكات تدير هذه التجارة. وتوقع رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة أحمد القرشي اتساع رقعة الظاهرة في المجتمع اليمني الذي تتفشى فيه معدلات الأمية بوتائر عالية.
وقال القرشي في حديث للجزيرة نت إن التحقيقات أثبتت وجود سماسرة من جنسيات مختلفة يقومون باصطياد "فرائسهم" من العاطلين والفقراء والقاصرين وإقناعهم ببيع كلاهم مقابل خمسة آلاف دولار للكلية.
وتحدث عن عمليات سطو، مؤكدا أن الجراح يقوم بسرقة أعضاء غير متفق عليها بحيث يتم استئصال جزء من الكبد وأي أجزاء أخرى يمكن استئصالها.
واستشهد بوجود فتحة في منطقة البطن من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لدى الضحايا الذين تم الكشف عليهم، والمعلوم –كما يقول- أن العمليات الجراحية الحديثة تتطلب فقط فتحة صغيرة جدا في أسفل البطن.
وشبه القرشي الظاهرة بالخلية المتكاثرة، لافتا إلى "قدرة تلك العصابات الدولية على تجنيد بعض الضحايا وتحويلهم لسماسرة يجلبون بدورهم ضحايا جددا نظير عمولة، ليصبح الشخص ضحية ومجرما في نفس الوقت".
عصابة دولية من جانبه كشف المحقق في القضية العقيد نبيل فاضل عن تورط أطباء كبار في مستشفى خاص "بالقاهرة" يقومون بإجراء عمليات جراحية لانتزاع الأعضاء البشرية.
وأكد فاضل للجزيرة نت أن المتهمين اعترفوا في محاضر جمع الاستدلالات أن رئيس شبكة استدراج الضحايا "أردني الجنسية" ويعمل في ذلك المستشفى، موضحا أن الأجهزة الأمنية اليمنية تمكنت من ضبطه وهو يستقطب ضحاياه في كل من صنعاء وتعز وعدن ويتولى عملية ترحيلهم إلى مصر بعد إقناعهم بعملية البيع.
ونقلت أسبوعية 26 سبتمبر عن المدير العام لإدارة البحث الجنائي العميد الركن أبو بكر سعيد قوله "إن عدد الضحايا اليمنيين الذين تم انتزاع أعضائهم البشرية بلغ ثلاثمائة شخص".
وذكرت إحصائية صادرة عن الإدارة العامة للبحث الجنائي أن المبلغ الذي جناه المستشفى جراء العمليات يصل إلى ستة مليارات وسبعمائة مليون ريال يمني (نحو 33 مليون دولار) حصل منها الضحايا على مبلغ ثلاثمائة مليون ريال (نحو مليون ونصف المليون دولار).
وبحسب سعيد فإن المتهمين أكدوا في اعترافاتهم بأن المستشفى يتقاضى مبلغ مائة ألف دولار مقابل الكلية الواحدة، يدفع منها مبلغ خمسة آلاف دولار فقط للضحية.
وأكد أن اليمن تعد حاليا ملفات ل12 شخصا من جنسيات مصرية وأردنية وفلسطينية متهمين بالاتجار بالأعضاء البشرية، لتقديمها إلى الشرطة الدولية (إنتربول) للقبض عليهم وتسليمهم لليمن.
سلوك محرم من جهته اعتبر المستشار القانوني لمنظمة سياج المحامي فيصل المجيدي المتاجرة بأعضاء البشر سلوكا تحرمه جميع الشرائع السماوية على اعتبار أن جسم الإنسان ليس ملكا له.
وطالب المجيدي في حديث للجزيرة نت مجلس النواب ووزارة الصحة بالإسراع في تنفيذ مشروع قانون يمنع هذا العمل لأنه يتنافى مع كرامة المهنة التي تحرم على الأطباء القيام بأي عمليات تتعلق بنقل الأعضاء البشرية.
وكان مجلس الوزراء اليمني أقر الثلاثاء مشروع قانون يجرم المتاجرة بالأعضاء البشرية، موجها وزير العدل بمتابعة استكمال الإجراءات الدستورية اللازمة لإصدار المشروع تمهيداً لإحالته للبرلمان من أجل مناقشته وإقراره.
وجاء مشروع القانون عقب التفاصيل المثيرة التي اعترف بها أحد الضحايا لصحيفة الحوادث اليمنية والتي أكد فيها أن العديد من الضحايا تعرضوا للضرب والابتزاز ونهب الأموال التي تلقوها عقب إجراء العمليات.
وذكر الشاب أن الأطباء يقومون بتسجيل فيديو يعترف فيه الضحية بأنه يتبرع بكليته "لوجه الله". وبحسب المصدر ذاته فإن عددا ممن قاموا ببيع كلاهم "يعانون حاليا من أمراض مزمنة وصاروا بحاجة بدورهم إلى زرع كلية".