توافد ملايين البريطانيين على مراكز الاقتراع في المملكة المتحدة للإدلاء بأصواتهم في انتخابات برلمانية جديدة، وسط توقعات بتقارب حظوظ الأحزاب الرئيسية الثلاثة المشاركة، مما يمهد لتشكيل برلمان لا يتمتع فيه حزب واحد بأغلبية مطلقة. وبدأ التصويت لاختيار أعضاء مجلس العموم في إنجلترا وويلز وأسكوتلندا وإيرلندا الشمالية عند الساعة السابعة صباح اليوم الخميس (بتوقيت غرينتش)، على أن يختتم اليوم الانتخابي عند الساعة التاسعة مساء، ومن المنتظر أن تبدأ النتائج الرسمية في الظهور بعد ساعتين من إغلاق مراكز الاقتراع وحتى يوم غد الجمعة.
وبحسب السجلات الانتخابية، يحق ل45 مليون مواطن التصويت موزعين على 40 ألف مركز انتخابي لاختيار 650 نائبا، يشكلون في مجموعهم العدد الإجمالي لمقاعد مجلس العموم في البرلمان البريطاني.
ويتكون البرلمان البريطاني من مجلس العموم الذي يجري انتخابه بشكل مباشر، ومجلس اللوردات، وهو مكون من 704 أعضاء يجري تعيينهم أو وراثتهم للعضوية.
وقد كشفت استطلاعات الرأي التي نشرت عشية بدء الانتخابات عن تقارب حظوظ الأحزاب الرئيسية الثلاثة: العمال بزعامة رئيس الوزراء غوردون براون، والمحافظون بزعامة ديفد كاميرون، وحزب الديمقراطيين الأحرار بزعامة نك كليغ.
وقد وضعت استطلاعات الرأي -التي أجرتها الصحف الرئيسية الست الكبرى- حزب المحافظين في المقدمة بفارق لا يتجاوز تسع نقاط عن حزب العمال، لكن دون الحصول على الأغلبية المطلقة التي تمكنه من السيطرة على البرلمان.
ومما زاد الأمور تعقيدا، بروز حزب الديمقراطيين الأحرار بقيادة الشاب نك كليغ واتساع قاعدة مؤيديه، مما يعطي انطباعا بأن الحزب قادم للإمساك بتوازن القوى في البرلمان الجديد الذي سيكون في هذه الحالة برلمانا معلقا دون أغلبية مطلقة، وذلك لأول مرة منذ انتخابات عام 1974.
ويرجع المراقبون هذا المزاج الانتخابي إلى ردة الفعل الشعبية على فضيحة النفقات المالية لعدد من نواب مجلس العموم الذين افتضح أمر تلقيهم تعويضات مالية عن نفقات شخصية، بما فيها القروض العقارية ذات الأرقام الخيالية والمنازل الفخمة في الريف، الأمر الذي دفع ثقة الناخبين بممثليهم في البرلمان إلى أدنى مستوياتها.
وعلى الرغم من أن الفضيحة طالت نوابا في الأحزاب الرئيسية الثلاثة، فقد كانت ردة الفعل الأقوى ضد الحرس السياسي القديم المحافظين أولا، ثم العمال الذي بدأت شعبيته في التراجع منذ انتخاب توني بلير رئيسا للحكومة في انتخابات 1997.
ويتوقع المراقبون أن يكون للبرلمان الجديد المعلق آثار سلبية أولها التباطؤ في اتخاذ القرارات المناسبة لمعالجة عجز الميزانية وتداعيات ذلك على أسواق المال والعملة المحلية.
بيد أن مراقبين آخرين أشاروا إلى أنه في حال استطاع الديمقراطيون الأحرار تحقيق أجندتهم الخاصة بإصلاح النظام الانتخابي -الذي يعود في تاريخه إلى عدة قرون مضت- فإن هذه التغييرات ستصب في صالح أحزاب يسار الوسط، وتسد طريق السلطة على المحافظين لعدة عقود من الزمن.
بيد أن هذا النظام -الذي يطمح كليغ لإصلاحه، وتحديدا في الفقرة المتعلقة باعتماد عدد المقاطعات التي يتم الفوز بها لا عدد الأصوات الانتخابية، لتحديد الشخص الذي ستكلفه الملكة إليزابيث الثانية بتشكيل الحكومة- قد يشكل بحد ذاته أكثر السيناريوهات غرابة. واستنادا إلى هذه الحسابات، من المحتمل أن يحتفظ حزب العمال بالسلطة رغم حصوله على عدد من المقاعد أقل من المحافظين، لأن التقليد الانتخابي السائد يقضي بأن تمنح الملكة إليزابيث الثانية -في حال وجود برلمان معلق- رئيس الحكومة القائم على رأس عمله فرصة تشكيل الحكومة الجديدة، حتى لو حصل حزبه على عدد أقل من الأصوات.
وفي حال تم ذلك، سيكون حزب الديمقراطيين الأحرار قادرا على فرض مطالبه مقابل منح أصواته التي ستكون حاسمة لتمرير مشاريع القوانين في البرلمان.