السعودية توقف تصاريح ميناء عدن والامارات تسيطر على نشطون    لن يغزى الجنوب مرة أخرى بفتوى    إنشاء أكبر بحيرة مائية في أمانة العاصمة    صحيفة هآرتس : اليمن والسودان أكثر دولتين تضرراً من التدخل السعودي الإماراتي    الماجستير بامتياز للباحث عبدالله صبرة من الاكاديمية اليمنية العليا بصنعاء    موسم التملق لحضرموت    تشمل سوريا وفلسطين.. ترامب يوسع قيوده على دخول الأجانب    مصرع 14 مصريا بحادث غرق قارب هجرة قبالة اليونان    تتويج عثمان ديمبلي بجائزة الأفضل لعام 2025    هل يعود الجنوب العربي دولة مستقلة؟ قراءة غربية تضع مستقبل الصراع في اليمن أمام اختبار جديد    التوتر يعود إلى الواجهة في حضرموت.. الحلف يتهم والعسكرية الثانية تنفي    المقالح: الحديث عن أخطاء الماضي يشغل الناس عن قضاياهم الملحة    تشكيلات تابعة للمجلس الانتقالي تداهم منزلًا في سيئون وتختطف أربعة أشخاص    مصدر في ميناء عدن يكشف حقيقة توقف الحركة الملاحية في الميناء    بهدف تعزيز الاكتفاء الذاتي: عطيفي ومقبولي وعطيفة يذللان صعوبات مصانع الحديدة    عمال ميناء عدن يحتجون للمطالبة بأراضيهم التعويضية    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ أحمد عبدالله ناصر دغيش    اوفالي تتوج بجائزة فيفا مارتا 2025 لأجمل هدف في كرة القدم النسائية    دوناروما الأفضل في العالم: جائزة تاريخية لحارس إيطاليا في 2025    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على السواحل تمتد نحو المرتفعات    هامبتون تتوج بجائزة فيفا لافضل حارسة مرمى في العالم 2025    مدير أمن العاصمة عدن يكرّم المدير العام لمؤسسة مطابع الكتاب المدرسي تقديرًا لجهوده في طباعة السجلات الأمنية    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بجامعة عدن ويؤكد دعمه لتطوير العملية التعليمية    استياء شعبي واسع لإعدام مواطن بطريقة بشعة من قبل قبليين في شبوة بعد تسليمه لهم    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمم بإيقاف التعامل مع شركة صرافة    أمن العاصمة عدن يضبط مجموعة مسلحة أغلقت مدرسة الكويت في منطقة إنماء.    مواطنو عدن المحتلة يشترون الزيت بالملليلتر.. مشاهد مروعة تكشف عمق الأزمة المعيشية    عالميا.. انخفاض أسعار الذهب    الخميس.. نهائي كأس العرب بين الأردن والمغرب    بورنموث يُجبر مانشستر يونايتد على تعادل درامي    صباح المسيح الدجال:    مشروع رحلة وعي: الإطار العربي المتكامل لسيكولوجية السفر    خبير طقس: انخفاض متوقع في درجات الحرارة خلال الساعات القادمة واحتمال حدوث صقيع    دراسة: الأطفال النباتيون أقصر قامة وأنحف من أقرانهم متناولي اللحوم    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    أعمال إنشائية تمهيدية لترميم سور أثري في مدينة تعز القديمة    الرئيس الزُبيدي يبحث سُبل تطوير البنية التحتية لقطاع النقل    وزارة الإعلام تكرم إعلاميات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المسلمة    النفط يرتفع وسط مخاوف من تعطل الإمدادات    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات الناجمة عن الأمطار في المغرب الى 21 شخصا    ترامب 2.0 يعيد طرح تقسيم اليمن والاعتراف بالحوثي كمدخل لإعادة هندسة خليج عدن والبحر الأحمر    الأستاذة أشجان حزام ل 26 سبتمبر: 66 لوحة فنية متميزة ضمها متحف الزبير بسلطنة عمان    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    شبوة.. حريق داخل مطار عتق الدولي    مرض الفشل الكلوي (32)    هيئة الآثار والمتاحف تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    الصحفي والمراسل التلفزيوني المتألق أحمد الشلفي …    تعز.. الجوازات تعلن استئناف طباعة دفاتر الجوازات وتحدد الفترة التي تم الوصول إليها في الطباعة    صندوق النقد الدولي يعلّق أنشطته في اليمن ومخاوف من تبعات القرار على استقرار أسعار الصرف    أسياد النصر: الأبطال الذين سبقوا الانتصار وتواروا في الظل    ست فواكه تقلل خطر الإصابة بأمراض الكلى    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    صنعاء.. هيئة الآثار والمتاحف تصدر قائمة بأكثر من 20 قطعة أثرية منهوبة    حضرموت أم الثورة الجنوبية.. بايعشوت وبن داؤود والنشيد الجنوبي الحالي    منتخب الجزائر حامل اللقب يودع كأس العرب أمام الإمارات    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وفاة 500 ألف شخص سنوياً بسبب البعوض جعلت علماء يفكّرون في إبادته
نشر في المصدر يوم 03 - 09 - 2016

دفعت معدلات الوفيات الضخمة الناجمة عن الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق البعوض العلماء إلى تبني فكرة متطرفة للغاية وهي لماذا لا نُبيده عن بكرة أبيه؟

يتسبب البعوض في مقتل عدد هائل من البشر، إذ يقُدر عدد الذين قُتلوا في عام 2015 بسبب الأمراض المنقولة من البعوض بحوالي 500 ألف شخص وأغلبهم توفي بمرض الملاريا.

ولأكثر من قرنٍ من الزمان، استخدم البشر الناموسيات، والصواعق، والمبيدات الحشرية كأسلحة للتخلص منه ولكنه يعود مجدداً، وحالياً يسهم البعوض في انتشار بعض الفيروسات مثل زيكا وحمى الضنك إلى أجزاء جديدة من العالم.

قد تساعد تقنيات التعديل الجيني الحديثة، والفعالة، العلماء في وضع مخطط من أجل تقليص أعداد البعوض تدريجياً والقضاء عليها.
اكتسبت بعض تلك الجهود زخماً كبيراً، وعلى ما يبدو فإن بعض تلك التقنيات قابلة للتطبيق.

استئصال الزاعجة المصرية
يتحدث البروفيسور زاك أدلمان - اختصاصي الفيروسات الأستاذ المساعد في قسم الحشرات بجامعة تكساس آي آند إم الذي يُطور حالياً منهاجاً من شأنه إنماء فصيلة الذكور فقط من "الزاعجة المصرية" أو بعوضة "الحمى الصفراء"، وهو نوع من البعوض من جنس الزاعجة الذي انتقل منذ قرون بعيدة من جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، ويقول: "أعتقد أن واجبنا الأخلاقي يحتم علينا استئصال شأفة هذه البعوضة" بحسب تقرير لصحيفة Wall Street Journal الأميركية.
تسهم تلك البعوضة، التي جاءت إلينا من الغابات وكيّفت نفسها كي تعيش فيما بعد بين البشر، في نشر 4 فيروسات خطيرة، على الأقل، من تلك التي تسبب أمراضاً غاية في الخطورة.

وطبقاً لمخطط أدلمان، لن يجد ذكور الزاعجة المصرية إناثاً ليتزاوجوا معها، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى اندثار ذلك البعوض في الأماكن التي اجتاحها.
ومن المعروف أن فصيلة الإناث من البعوض هي القادرة فقط على عض البشر ونقل الفيروسات إليهم.
ويقول غريغوري كيبنيك، الباحث في مركز هاستينغز وهو معهد بحثي متخصص في الأَخْلاقِيَّاتُ البَيولوجِيَّة ويقع في غاريسون بمدينة نيويورك، إن التخطيط المتعمد لدفع بعض الأنواع إلى الانقراض هو أمر محفوف بالمخاطر.

ويضيف: "ينبغي على العلماء التنبه إلى التأثير المحتمل حدوثه على البيئة والسلسلة الغذائية في أعقاب إزالة نوع معين من تلك السلسلة، سيستغرق الأمر المزيد من السنوات لعمل الأبحاث، والاختبارات، والتدقيق التنظيمي اللازم قبل إطلاق هذا البعوض المعدل جينياً إلى البرية".
ويستطرد: "يمكن لهذه الاستراتيجية ألا تؤتي ثمارها. إنه لمن المؤسف أن يكون هناك حاجة لمحو نوع معين من البعوض من على وجه الأرض".
ويقول كيبنيك: "ينبغي على البشر ألا يدفعوا، عن عمد، فصيلة معينة من البعوض نحو الانقراض تلبيةً لرغباتهم وأهدافهم الخاصة".
ويضيف: "إن أحد المبررات التي سيقدمها الكثيرون لفعل هذا هو أننا نفعل هذا لتفادي التهديدات المحتمل حدوثها على الصحة العامة".

ليست كلها ضارة
ومن بين أكثر من 3600 نوع من البعوض، هناك فقط بضع عشرات قادرة على نقل الفيروسات والطفيليات التي من شأنها إصابة البشر أو قتلهم. وبحسب تصريحات علماء الحشرات، فإنه، وعلى الرغم من كون تلك الحشرات قاتلة، فإنها تقوم بتلقيح النباتات وهي مصدر للغذاء للعديد من الحيوانات الأخرى.
على مدى العديد من العقود، استخدم القائمون على الزراعة تقنية تعقيم الحشرات للقضاء على الآفات التي تشكل خطراً على المحاصيل أو البشر.

ويتم تعقيم الحشرات من خلال تعريضها للإشعاعات ثم إطلاقها في البرية، إذ لن يتكاثر ذلك النوع من الحشرات الذي تتزاوج فيه الحشرات العقيمة، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى انقراضها في غضون بضعة أجيال.
واستُخدمت تقنية التعقيم لتخليص الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى من ذبابة الدودة الحلزونية، وتستخدم تلك التقنية الآن لمكافحة ذبابة الفاكهة.

تدمر نفسها ذاتياً
ينقّح الباحثون من كلية لندن الإمبراطورية نظاماً كان قيد التطوير على مدى السنوات القليلة الماضية من أجل إدخال صفة جينية على بعوضة الإنفيلة الغامبيّة، الناقل الرئيسي لمرض الملاريا في جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، لتدمير نفسها ذاتياً. وقد تقلص هذه الخاصية من تعداد بعوضة الإنفيلة الغامبية بشكل كبير.
ويُقدر عدد الأشخاص الذين يموتون كل عام جراء الإصابة بمرض الملاريا بحوالي 438 ألف شخص.

ومع انتشار فيروس زيكا – وهو الوباء الذي يُصيب مئات الأطفال الرضّع بعيوب خلقية مُدمرة - من البرازيل إلى ميامي، أصبحت الزاعجة المصرية على رأس قائمة البعوض المستهدف القضاء عليه من قبل العلماء، وهي البعوضة نفسها التي تسببت في نشر حمى الضنك من المناطق الاستوائية لجميع أرجاء العالم خلال الربع الأخير من القرن العشرين.

ويُقدر عدد من يصابون بحمى الضنك سنوياً بحوالي 390 مليون شخص، ويموت من بينهم بضع آلاف كل عام.
وتسهم الزاعجة المصرية أيضاً في نشر داء الشيكونغونيا، وهو مرض يتسبب في آلام المفاصل والحمى الصفراء.
وفي إفريقيا، يكافح المسؤولون لاحتواء داء الحمى الصفراء المتفشي بشدة هناك والذي يؤدي لأمراض كبدية مميتة.
ويقول عمر أكبري، عالم الأحياء الجزيئية الأستاذ المساعد بقسم الحشرات بجامعة كاليفورنيا في ريفرسايد، إن الزاعجة المصرية هي حرفياً البعوضة الأخطر في العالم. وقد بنى أكبري استنتاجه على عدد الإصابات المرتبطة بتلك البعوضة.


لم يؤثر كثيراً على البيئة
ويقول العديد من علماء الحشرات إن استئصال شأفة الزاعجة المصرية سيكون له تأثير ضئيل على البيئة، فهذا النوع من البعوض يزدهر بين البشر، ويتكاثر في المياه الراكدة في الإطارات والأنابيب والحاويات البلاستيكية، فالبشر هم مصدر غذائه الوحيد.
ووفقاً لعلماء الحشرات، فإن الحيوانات الأخرى لا تفضل البعوض الحامل لفيروس زيكا كمصدر للغذاء الخاص بها.
ويقول مايكل دويل، عالم الحشرات المدير التنفيذي السابق للقسم الصحي بفلوريدا كيز المسؤول عن مكافحة البعوض، إن هذه البعوضة صغيرة للغاية لدرجة أنه على الخفاش التهام الآلاف منها لمعادلة عثتين فقط.

وتشتمل تقنيات الهندسة الوراثية المُستخدمة من قبل العلماء لمكافحة البعوض على أداة جديدة تُعرف باسم كريسبر/ كاس 9. وكريسبر، التكرارات العنقودية المتناوبة منتظمة التباعد، هي عبارة عن قطع من الحمض النووي موجودة بداخل بدائيات النواة وتحتوي على قطع صغيرة من التكرارات من تسلسلات القواعد.
ومن خلال تلك الأداة سيصبح العلماء قادرين على استخدام بعض الإنزيمات لتشذيب الحمض النووي وإدراج بعض التغييرات عليه، ثم بناء ما يسمى المحفز الجيني القادر على جعل هذه الصفات قابلة لأن تُورث للأجيال القادمة وتعديلها، إذ عادةً لا تتخطى فرصة توريث الجينات للأجيال القادمة نسبة ال50%.
تمكّن كل من البروفيسور أدلمان وتشي جيان توساي، بروفيسور الكيمياء الحيوية بجامعة فرجينيا للتقنية، من إيجاد السبيل لفعل ذلك بالجينات المسؤولة عن تكاثر البعوض.

ففي الورقة البحثية التي نُشرت في مجلة Science العام الماضي، توصل الباحثون إلى الجين المتحكم في ذكورية الزاعجة المصرية.
ويقول الروفيسور تو هي والبروفيسور أدلمان، مؤلفا البحث، إن هذا الأمر كان بمثابة نقطة التحول الرئيسية فيما يتعلق بالتحكم في جنس البعوضة.

بعوض بلا لدغات
يعمل الباحثون الآن على تطوير نظامٍ من شأنه برمجة البعوضة لتنمو وتترعرع لتصبح من جنس الذكور فقط. وبما أن الإناث فقط هي القادرة على اللدغ، فإن هذا التطور قد يساهم في خفض معدلات انتشار الأمراض. ويهدف الباحثون، فيما بعد، إلى استخدام كريسبر/كاس9 لبناء المحفز الجيني الذي من شأنه نقل هذا التغيير عبر الأجيال المتعاقبة.
ويقول البروفيسور تو: "إذا نجحنا في فعل هذا فسينتج عنه نمو البعوضة من جنس الذكر فقط الأمر الذي سيسهم في انقراض البعوضة".

وشدد البروفسور أدلمان على وجوب تصميم هذا النظام كي لا يصيب الزاعجة المصرية (فيرموسيس) التي تعيش في الغابات الإفريقية، والسبب في ذلك أن هذا النوع من البعوض لا يشكل تهديداً على البشرية.
ويستخدم البروفيسور أكبري، من جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد، كريسبر/كاس9 من أجل تصميم نظام مُحرك للجينات من شأنه تعطيل الجين المسؤول عن الخصوبة في إناث الزاعجة المصرية، ومن ثم نقل ذلك الجين المُعطل للأجيال المتعاقبة ما سيسهم في إصابة الأجيال القادمة من الإناث بالعقم.
ويأمل البروفيسور أكبري في أن تتاح له الفرصة لاختبار هذا النظام خلال الأشهر القليلة المقبلة.

نسل غير قادر على الحياة
وعن طريق تقنية مختلفة، طّورت شركة أوكسيتيك (Oxitec) المحدودة ما يُعرف ببعوض الزاعجة المصرية "المُحدد ذاتياً"، وهو نوع من الذكور معدل وراثياً لإنجاب نسل غير قادر على الحياة أو التكاثر.
وفي أغسطس/آب الماضي أعطت إدارة الأغذية والأدوية الأميركية الضوء الأخضر لشركة أوكسيتك، وهي وحدة تابعة لشركة إنتريكسون (Intrexon) كورب المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية والموجودة في جيرمانتاون بولاية ماريلاند، للمضي قُدماً في إجراء تجربة ميدانية في كيهافن بولاية فلوريدا.

وصرحت الشركة بأن التجارب الميدانية التي أجرتها في كل من البرازيل، وبنما، وجزر كايمان – إذ تم إطلاق البعوض المُهندس وراثياً في بعض المناطق الصغيرة - قد ساهمت في خفض تعداد بعوضة الزاعجة المصرية في تلك المناطق بنسبة تزيد على 90%.
وبحسب أوكسيتك، فقد أسفرت إحدى التجارب الميدانية التي أقيمت في حي بيراسيكابا في البرازيل عن انخفاض معدلات الإصابة بحمى الضنك بنسبة 91%، وذلك بالمقارنة مع الفترة الزمنية نفسها من العام الماضي.

ويقول هايدن بيري، الرئيس التنفيذي لأوكسيتك، إن الاحتياج الكبير غير الملبى كان الدافع وراء تركيز تجاربهم على الزاعجة المصرية. ويضيف: "بالنظر للإحصائيات، سنجد أن هناك ارتفاعاً مروعاً في معدلات الإصابة بحمى الضنك منذ سبعينيات القرن المنصرم".
وفي تقريرها الصادر في يونيو/حزيران الماضي، صرحت لجنة من الأكاديميات الوطنية للعلوم، والهندسة، والطب بأن الكائنات الحية المعدلة بواسطة المحفز الجيني ليست جاهزة لأن تُطلق إلى البرية.

وذكر التقرير أيضاً أن الأمر يحتاج إلى إجراء المزيد من الأبحاث للتأكد من الكيفية التي ستعمل الكائنات المعدلة جينياً وفقاً لها وتأثيرها المحتمل على البيئة.
وخلُص التقرير إلى أن الاستخدامات المقترحة قد بُنيت على دراسات ثبُتت صحتها جزئياً فقط.
ويقول جيمس كولينز، بروفيسور التاريخ الطبيعي والبيئة بجامعة ولاية أريزونا أحد قادة تلك اللجنة، إنهم لازالوا بحاجة للمزيد من الوقت للتفكير في ماهية السلوك المسؤول الذي يجب على الشخص اتباعه عند امتلاكه هذا النوع من الأدوات في يديه.

قلق على النظام البيئي
تتطلب التجارب الميدانية وإطلاق البعوض المعدل وراثياً للبرية الحصول على موافقة الجهات التنظيمية، ويمكن لذلك الأمر أن يستغرق سنوات.
وفي فلوريدا كيز، تواجه تقنية "المُحدد الذاتي" المُتبناة من قبل أوكسيتك معارضة شديدة من قبل السكان الذين يخشون من الضرر الناجم على النظام البيئي المحلي جراء إطلاق تلك الحشرات للبرية.

وبحسب تصريحات بيث رانسون، المتحدثة الرسمية باسم وحدة فلوريدا كيز لمكافحة البعوض، فإن قرار إدارة الأغذية والأدوية المتمثل في إعطاء الضوء الأخضر لأوكسيتك لإجراء التجارب الميدانية سيخضع لاستفتاء غير مُلزم من المزمع إقامته في كيهافن في ال8 من نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
وتضيف: "وبعد ذلك، يجب أن توافق وحدة فلوريدا كيز لمكافحة البعوض على إجراء تلك التجارب الميدانية".
ويتحدث كيفن إيسفلت، المهندس التطوري بمعهد ماساتشوستس للتقنية، حول هذا الأمر متسائلاً عن الكيفية التي سيتم من خلالها الحصول على موافقة مسبقة واتفاق دبلوماسي لإجراء مثل هذا النوع من التجارب.

وفي عام 2014، لخص إيسفلت وجهة النظر المتعلقة بالسمات الوراثية التي يمكن أن تنتشر في البرية جراء استخدام البعوض المُحفز جينياً بواسطة تقنية كريسبر/كاس9.

تحجيم البعوض
ويميل بعض العلماء والمؤسسات إلى الرأي القائل بعدم ضرورة الاستئصال التام لهذا النوع من البعوض، وإن الاستراتيجية البديلة هي تحجيم البعوض الحامل للفيروسات لتتقلص أعداده بحيث تصبح قدرته على نقل الأمراض ضئيلة للغاية.
وقد يُصاحب هذا النهج اتباع بعض الاستراتيجيات التقليدية في مكافحة البعوض مثل استخدام المبيدات الحشرية والناموسيات.

ويقول سكوت ميلر، نائب مدير قسم الملاريا بمؤسسة بيل وميليندا غيتس، إن هدفهم ليس القضاء على البعوض ولكن هدفهم الحقيقي هو القضاء على الأمراض التي تصيب الإنسان.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي أعلن الباحثون من كلية لندن الإمبراطورية، من خلال إحدى الورقات البحثية المنشورة في إحدى الدوريات العلمية، عن إجرائهم بعض التعديلات الجينية التي قد تسهم في خفض تعداد بعوضة الأنوفيلة الغامبية (أو بعوضة الملاريا) بشكل كبير.

استخدم الباحثون تقنية كريسبر/كاس9 لتعطيل الجين المسؤول عن إنتاج البيض لدى الإناث، ومن ثم بنوا محركاً جينياً من شأنه تمرير هذه الصفة لما تصل نسبته إلى 99.6% من الجيل التالي.
ووفقاً للباحثين، فإن انتقال هذه الصفات للأجيال المتعاقبة سيسهم في إصابة إناث البعوضة بالعقم، وهو الأمر الذي سينجم عنه انخفاض تعداد هذا النوع من البعوض بشكل تدريجي.

ويقول أوستن بيرت، عالم الوراثة التطوري بكلية لندن الإمبراطورية، إنه يعمل هو وزملاؤه حالياً على تنقيح ما وصلوا إليه من نتائج.

القضاء على الملاريا
تستثمر مؤسسة غيتس ما يقارب على 75 مليون دولار في المشاريع الهادفة للقضاء على وباء الملاريا، فجزء من تلك الاستثمارات يذهب إلى تحضير بعض المختبرات في مالي، وبوركينا فاسو، وأوغندا وتدريب العاملين لإجراء التجارب الميدانية اللازمة.
ويقول الدكتور ميلر: "إننا على بعد 10 سنوات فقط من إطلاق سراح البعوض المعدل وراثياً للبرية".

وطّور الباحثون في أستراليا وسيلة لحقن بيض البعوض بنوع طبيعي وشائع من أنواع البكتيريا، وكل ما يجب فعله هو حقن البيض مرة واحدة فقط، ومن ثم ستنتقل البكتيريا للأجيال المتعاقبة.
وبحسب سكوت أونيل، مدير مركز الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات في جامعة موناش الأسترالية المسؤول عن برنامج حقن البعوض المعروف باسم "القضاء على حمى الضنك"، فإنه المرجح أن تكون هذه الوسيلة جاهزة للاستخدام في وقت أقرب بكثير من الاستراتيجيات المعتمدة على المحفزات الجينية.

ومن المقرر إجراء العديد من التجارب واسعة النطاق حول هذه الوسيلة في كل من البرازيل وكولومبيا.
وعلى الرغم من التقدم الملحوظ في استخدام التعديل الجيني لقهر البعوض الأكثر خطورة في العالم، فمازالت بعض الأحداث التاريخية تقف حائلاً أمام تقبل بعض العلماء لفكرة استخدام مثل هذا النوع من الوسائل.

ففي أربعينيات القرن المنصرم، أعلن المسؤولون عن الصحة العامة الحرب على الزاعجة المصرية، مستخدمين في ذلك أساليب الرش العدوانية والتي اشتملت على استعمال مادة الدي دي تي. وبحلول السبعينات، تم التخلي بشكل كبير عن هذه الحملة بسبب التكاليف الباهظة، والمخاطر الصحية الناجمة عن استخدامها وعدم وجود دعم كافٍ من المسؤولين في الولايات المتحدة، وعودة الحشرة مرة أخرى لبعض المناطق.

ويقول البروفيسور أدلمان، من جامعة تكساس آي آند إم، إن "المحفزات الجينية في الوقت الراهن قد تُشعرنا بأننا نمتلك أقوى الأدوات اللازمة لكسب الحرب، وهو شعور مشابه لذلك الذي شعُر به العامة عندما استُخدم الدي دي تي للمرة الأولى في مكافحة الزاعجة المصرية". ويضيف: "من الجيد أن نكون متفائلين، لكننا أيضاً بحاجة إلى أن نكون واقعيين".

هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Wall Street Journal الأميركية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.