نظم موقع ابن اليمن بالتعاون مع المركز الثقافي اليمني الأربعاء الماضي ندوة سياسية بعنوان "اليمن بعد عقدين من الوحدة: التطورات والتحديات" في قاعة المركز الثقافي اليمني بالقاهرة. هذه الفعالية التي أقيمت تحت رعاية الدكتور عبدالولي الشميري سفير اليمن في القاهرة، والتي شهدت حضورا طلابيا كبيرا للطلبة اليمنيين الدارسين في القاهرة، وشهدت تفاعلا مميزا من الحضور الذي اثروا الندوة بنقاشاتهم ومداخلاتهم.
وتناولت الندوة طبيعة التطورات والتحولات التي شهدتها اليمن خلال العقدين السابقين وطبيعة التحديات الراهنة التي تواجهها والمسارات والرؤى المطروحة لإخراج اليمن من دائرة الأزمات الراهنة.
وقد ابتدأت الندوة التي أدارها رئيس الهيئة الإدارية للموقع عبدالغني العديني بورقة قدمها هاني مغلس عضو هيئة التدريس بقسم العلوم السياسية جامعة صنعاء، الذي تناول طبيعة التحولات السياسية والاجتماعية في الجمهورية اليمنية، مؤكدا وجود فرق بين التحولات الأساسية التي تبرز مشكلات بطيئة وغير استيعابية، والتحولات الاجتماعية التي تتخذ شكلا متسارعا وأكثر جذريه ومنها التحولات في القوى والتي من مؤشراتها وجود الحراك الجنوبي، والحوثيين وبروز بعض العناوين المناطقية والمذهبية كموجهات للصراع.
ولفت المغلس إلى خطورة "قبلية" الصراعات السياسية أو التعامل معها من منظور مذهبي أو مناطقي، ملخصا الأزمات التي تشهدها البلاد بوصفها أزمات مشاركة سياسية، مشيرا في ذات الوقت إلى أن الوحدة ليست هي المشكلة وإنما في "الفراغ التنموي" الذي يتحرك فيه مشروع الوحدة.
وأعتبر أن السلطة باتت عقبه في تمدن القبيلة، مشيرا إلى وجود قوى تعمل على الحيلولة دون التقاء الجناح المدني بالجناح القبلي تحت عنوان مشترك في النضال السلمي من أجل ديمقراطيه حقيقة، كما أشار في ذات الوقت إلى منهجية تقطيع الحوار الوطني وتجزئته بما يؤخر إجراء حوار وطني شامل خاصة وان القضايا الوطنية أصبحت تتجاوز أي حوار مباشر بين السلطة وتكتل اللقاء المشترك.
وحول إمكانية قيادة السلطة للتحولات أشار إلى أن السلطة غدت هدفا للتحولات وليس قائدا لها حيث أن قيادة أي تحولات تاريخية يحتاج إلى مشروع وطني جامع وهو ما لم يتبلور بعد.
وتناول المحور الثاني من الندوة ناصر الطويل الذي يحضر لدرجة الدكتوراه في العلوم السياسية بجامعة أسيوط، وهو محور التحديات القائمة التي تواجهها اليمن والرؤى المطروحة لتجاوزها، حيث أوضح أن اليمن تعيش منذ الستينات وحتى الآن أزمة سياسية فهي أزمة ممتدة ومتجذرة، مرجعاً ذلك إلى "عوامل هيكلية وأخرى تتعلق بأسلوب إدارة الدولة".
وأضاف أن قيام الوحدة المباركة مثل فرصة تاريخية لإمكانية بناء مشروع وطني عام إلى بناء دولة تتجاوز حكم الفرد والحزب الواحد إلى دولة المؤسسات والسياسات والمواطنة والتنمية، غير أن هذه الفرصة تم إهدارها نظرا لقيام دولة الوحدة على التقاسم بين الشريكين الأساسيين وتنافسهما على تبديد الموارد والاستحواذ عليها وتحول العلاقة بينها في ما بعد إلى صراع والرغبة في الإقصاء ودخول البلاد في أزمة عام 1993 م وحرب صيف 1994م.
وهو ما أدى – إلى جانب تداعيات حرب الخليج الثانية وعوامل أخرى – إلى تبديد قوة الدفع لدولة الوحدة.
وأشار إلى انه وبعد حرب عام 1994م دخلت البلاد حالة من الجمود والانسداد العام والتي عجزت الانتخابات المتوالية في تفكيكها بسبب العجز عن تحييد قوة الدولة، وتحويلها لصالح احد أطراف عملية التنافس الانتخابي، وهي انتخابات لم ولن تفضي بوضعها الحالي إلى الهدف منها وهو إحداث عملية تداول سلمي للسلطة، وأن تصاعد حالة الانسداد مسئوله عن بروز قوى سياسية جديدة لا تعترف بآليات العملية السياسية القانونية والدستورية وتسعى لتحقيق أهدافها خارج تلك الآليات كما هو الحال مع حركة الحوثيين في صعده وفصائل الحراك في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية، مشددا على انه لو كانت هناك مصداقية وعدالة في الانتخابات لما أمكن أن تبرز القوى السياسية السابقة.
بعد ذلك فتح باب المداخلات للجمهور الحاضر في القاعة حيث تحدث عدد من الحضور معقبين على ما جاء على لسان المتحدثين في الندوة وكان ابرز المعقبين الأستاذ إبراهيم الجهمي وجمع من الطلبة والباحثين اليمنيين.
حضر الندوة الوزير المفوض بالسفارة اليمنية أنيس شبلي وخالد عمر مدير المركز الثقافي اليمني بالقاهرة وإبراهيم الجهمي رئيس الجالية اليمنية بمصر وعدد من الباحثين اليمنيين والمهتمين الذين اكتظت بهم قاعة المركز الثقافي.