مليشيا الحوثي تعمم صورة المطلوب (رقم 1) في صنعاء بعد اصطياد قيادي بارز    عاجل..وفد الحوثيين يفشل مفاوضات اطلاق الاسرى في الأردن ويختلق ذرائع واشتراطات    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    الدوري الاوروبي .. ليفركوزن يواصل تحقيق الفوز    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    تضامن حضرموت يحلق بجاره الشعب إلى نهائي البطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت بفوزه على سيئون    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    الخميني والتصوف    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنظيم القاعدة في مأرب.. العدو الوهمي
نشر في المصدر يوم 10 - 06 - 2010

لا يتردد المأربي في إغاثة الملهوف ونصرة الضعيف وحماية المستغيث. إذن فتلك هي السمة السائدة لدى سكان تلك الرمال المتحركة، الذين بادر أحدهم ذات يوم إلى فتح باب داره لثلاثة من الشباب المنتمين لتنظيم القاعدة.

بعد فترة وجيزة من مغادرتهم عاد أحدهم وبرفقته شخص آخر، وحينها مكث القادم من بلاد الرافدين الأشهر الأولى من العام 2006م في ضيافة ذلك الشاب المأربي.

للتو ولج ثلاثة آخرون إلى ذلك المنزل الذي لم يسبق لهم زيارته، كان أحدهم يحمل جنسية عربية، وعلى إثر ذلك تضاعفت الضغوطات الأمنية التي واجهها صاحب الدار بتشبثه بالعادات والتقاليد التي تمنعه من الغدر بضيوفه –حسبما قاله ل"المصدر أونلاين" أحد المقربين منه.

حينها شنت القوات الأمنية حملة شرسة لاعتقالهم، لكنها أتت متأخرة جداً، فقبل يومين من تلك الحملة كان أعضاء القاعدة قد تمكنوا من الهروب.
ورغم ذلك استمرت الأجهزة الأمنية في مضايقة الرجل، بل امتد أثرها نحو أصدقائه المقربين، الذين باتوا في نظر القيادة الأمنية أعضاء في تنظيم القاعدة!

ومع استمرار تلك الضغوطات اقتنع هؤلاء الشباب بذلك التوصيف الأمني الناتج عن رغبة محضة لتلك الأجهزة الأمنية في جني المال عبر استخدام تلك الأسماء التي تم تدوينها كمطلوبين أمنياً بتهمة الانضمام للقاعدة.
ولم تنس تلك الأجهزة الأمنية من تقسيم الأدوار والمهام بين الأعضاء الوهميين لتنظيم القاعدة في ولاية مأرب.
بالطبع تلقت الأجهزة الأمنية الكبرى تلك البرقية المرسلة من الأجهزة الأمنية بمحافظة مأرب بحفاوة بالغة، ولم تتوان في التعزيز بالمبالغ المالية للقبض على هذه العناصر الخطرة.

أمام ذلك لم يكن بمقدور هؤلاء الشباب السكوت عن تلك الملاحقات الأمنية، ولافتقارهم إلى السياسة والتنظيم في التعامل مع مثل هذه الحالات قاموا بارتكاب جرائم جنائية.
من المعروف بأن تنظيم القاعدة تنحصر عدائيته مع "الشيطان الأكبر" أمريكا، فيما تبقى نظرة منتسبيه إلى النظام الحاكم في اليمن مثلاً، على أنهم ليسو سوى مطاردين من أجهزته الأمنية، ولهذا فإن عمليات التنظيم تستهدف المنشآت الأمريكية والبريطانية فقط، وضرباته توجه ضد رعايا تلك الدول دون غيرها كما جرت العادة.

ولأن التنظيم الوهمي بمأرب يفتقر لتلك السياسة تماماً كما يفتقر لأيديولوجيا القاعدة، قام باستهداف خصومه من الجهاز الأمني بالمحافظة، فقام باغتيال مساعد مدير أمن المحافظة مدير البحث الجنائي علي قصيلة في أواخر مارس 2007.
كما قام باغتيال محمد بن ربيش، مدير أمن مديرية مجزر. وبصورة بشعة ومهووسة قام بإعدام بسام طربوش الشرجبي رئيس قسم التحريات بالبحث الجنائي بمحافظة مأرب.

ونقل "المصدر أونلاين" عن مصادر محلية السبت الفائت قيام تلك العناصر باغتيال أركان حرب اللواء 315 العقيد محمد صالح الشايف واثنين من مرافقيه.
ذلك العدو الوهمي الذي صنعته بإتقان الأجهزة الأمنية بالمحافظة، والتي تنفذ فيها بين حين وآخر الضربات الجوية على مناطق يشتبه بتواجد تلك العناصر التي لا يتجاوز عددها أصابع اليدين فيها.

إليكم تلك القائمة لتنظيم القاعدة في مأرب، والتي يحلو للسلطات إيرادها بهذا التوصيف: "علي سعيد بن جميل، عايض الشبواني، ناصر بن دوحة، مالك ورائد وطارق بن معيلي، علي مبارك فراس، حسن عبدالله صالح العقيلي، غالب الزايدي". والأخير قام السبت 5 يونيو الجاري بتسليم نفسه لمحافظ مأرب ناجي الزايدي.

من هو غالب الزايدي وما الذي دار بينه وبين رئيس الجمهورية وما حقيقة ذلك الإنجاز الخرافي الذي تحتفي به الأجهزة الأمنية؟

في العام 2002م انطلق غالب الزايدي إلى قصر الرئاسة، والتقى برئيس الجمهورية الذي وجه له تهمة إيواء محمد حمدي الأهدل، وطلب منه إقناع الرجل الثاني في تنظيم القاعدة –حينها- أبو عاصم الأهدل بتسليم نفسه للسلطة.
بعد خروج الرجل من دار الرئاسة لم يتسنَ له الالتقاء بأبي عاصم الذي قرر اللجوء إلى مكان آخر.

أربعة أشهر فقط وتستدعيه الرئاسة مرة أخرى، وتلح على الزايدي بأن يتعاون معها وتغريه بخمسة ملايين ريال وسيارة ووظيفة، لكن الرجل كان يجهل تماماً مكان ذلك الغريب الذي قصده ذات مرة، حينها خاطبه الرئيس بقوله: "أنت موقف". وبعد خمسة عشر شهراً من احتجازه بسجن الأمن السياسي قدم الزايدي للمحاكمة بتهمة التستر على الأهدل الذي تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على الأخير في ديسمبر 2003م.

وفي مطلع يناير 2006م عقدت الجلسة الأولى لمحاكمتها، وفي 18 نوفمبر من العام نفسه أيدت الشعبة الاستئنافية الجزائية المتخصصة حكم المحكمة الابتدائية بسجن "أبو عاصم" ثلاث سنوات وشهر من تاريخ القبض عليه، والاكتفاء بالمدة التي قضاها الزايدي.

على إثر ذلك تم الإفراج عن "أبو عاصم الأهدل" الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، الذي كان يتزعمه قائد سنان الحارثي والمعروف ب "أبو علي الحارثي" وهو من أبناء محافظة شبوة، كما تم الإفراج عن غالب الزايدي.
بعد ذلك خلت قائمة المطلوبين أمنياً بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة من محمد حمدي الأهدل (أبو عاصم)، والذي اتهمته النيابة بتلقي مبالغ مالية من أسامة بن لادن وتنفيذ أعمال إجرامية وإرهابية، وعلاوة على ذلك تولى منصب نائب زعيم تنظيم القاعدة في اليمن.

الأهدل والذي ينتمي للحديدة والمولود بمدينة الطائف السعودية والذي سبق له المشاركة في حرب البوسنة والهرسك وفي أفغانستان، لم يعد يشكل أي خطر في نظر السلطات لأسباب سأتجنب إيرادها!!

في حين ظل غالب عبدالله الزايدي قيادي بارز في نظر الجهاز الأمني الذي حرص على تدوين اسمه في كل قوائم المطلوبين أمنياً، فكلما تم الاتفاق على شطب أحدهم، أعلنت وزارة الداخلية عن تحديث قائمة المطلوبين، وفي حلتها الجديدة تشير الوزارة بزهو مفرط إلى أنها قامت للتو بإيراد أسماء خطرة والتي تربع على عرشها ثلة من الانتحاريين الجدد!
ليست تلك التهمة وحدها من ألصقت ب غالب الزايدي، فهنالك العديد من الشباب أضحى عضو في التنظيم ورغماً عن أنفه، ولم يكن من مأرب الزايدي فحسب من تم اعتقاله بسبب إيواء عناصر القاعدة فهناك محمد سعيد جميل، عبد العزيز جردان، علي دوحة، نواف بحيبح"، وغيرهم من أبناء محافظة مأرب.

هؤلاء الأربعة كحال الزايدي تعرضوا لأشد أنواع التنكيل والظلم حسبما يتناقله السكان المحليون بمأرب، وهو ما أثار سخط البعض منهم وبالذات "بن جميل وجردان ودوحة"، والذين تم الإفراج عنهم دون تقديمهم للمحاكمة، ولعل السر في ذلك يمكن ربما في صك البراءة الذي ناله الزايدي أو الضغوطات التي يعتقد أن السلطات واجهتها من قبائل مأرب.

عبد العزيز جردان والمتهم باغتيال العميد على قصيلة مساعد مدير أمن محافظة مأرب في مارس 2007، والذي لاقى مصرعه في أواخر ذلك العام كاستجابة حتمية للضغط الذي مارسه أبناء محافظة المحويت على السلطة التي أرسلت وحدة خاصة من قوات مكافحة الإرهاب لقتل جردان، والذي يبدو كاستثناء وحيد للجهاز الأمني الذي أعلن مراراً عن مصرع بن جميل والدوحة وغيرهم من ضحايا التوصيف الأمني.

السبت الماضي قام غالب الزايدي بتسليم نفسه للسلطة التي أرادت البحث عن إنجاز حتى وإن كان وهمياً، فقامت بدعوة الزايدي للمثول أمامها، ولأن الرجل يثق في برئته تماماً كما يثق في قبيلته، لم يتردد في منح الأجهزة الأمنية هذا الإنجاز الخرافي الذي تلاه في اليوم الأحد الفائت تسليم حمزة الضياني لنفسه والمتهم بالتخطيط للهجوم الفاشل الذي أدى إلى مقتل طالبة بمدرسة 17 يوليو للبنات، في حين كان الهدف من العملية هو قصف مبنى السفارة الأمريكية، إلا أن الضياني نفى في حوار صحفي مع الزميل علي الغليسي انتمائه للقاعدة والاشتراك في عملية الهجوم، وللضغوط التي تعرض لها الضياني من قبل الأجهزة الأمنية قام بالفرار إلى قبيلة عبيدة ومنها إلى قبيلة جهم التي ينتمي إليها محافظ مأرب ناجي الزايدي الذي أعلن عن تسليم الضياني لنفسه.

هل بمقدور العليمي الكشف عن فداحة ما تعرض له أبناء معيلي؟!

في أبريل 2008 قامت أجهزة المخابرات اليمنية باعتقال ابن ال23 ربيعاً، مالك بن سعود بن معيلي، بتهمة تهريب 23 معتقلاً من عناصر تنظيم القاعدة من مبنى جهاز الأمن السياسي!
تبدو القصة مثيرة، لكنها محزنة للغاية، فالشاب قام بالانتقال من مأرب إلى العاصمة صنعاء بهدف العلاج، وعلى إثر ذلك تم اقتياده إلى زنزانة مظلمة في الأمن السياسي، وبعد ثلاثة أسابيع نقل إلى الإدارة العامة للبحث الجنائي.

جرت العادة أن المتهمين بالانتماء للقاعدة يتولى الأمن السياسي مهمة احتجازهم طيلة فترة التحقيق والعقوبة على حد سواء، وما دام الأمر كذلك فمن الأحرى أن يظل بن معيلي بين جدران ذلك الجهاز الأمني خصوصاً وأن الشاب متهم بالضلوع في تلك الحادثة المريبة والتي لم تكشف حقيقتها حتى اللحظة والتي حدثت في فبراير 2006م.

لم يكن لدى رائد وطارق الشقيقان الأصغران ل مالك، متسعاً من الصبر، ولحماسهما المفرط وثقتهما ببراءة شقيقيهما الأكبر قررا في مطلع مايو 2008 اختطاف سائحتين يابانيتين، لكن والدهم سعود بن حسن بن معيلي أخلى في ذات اليوم سبيل المختطفتين.

ردة الفعل تلك، أدت إلى تعرض مالك إلى أشد أنواع التنكيل والتعذيب التي خلصت إلى إصابته بعجز عن الحركة بحسب مقربين منهم.
وبعد مضي 300 يوماً على اعتقاله يبرؤه القضاء من التهم المنسوبة إليه ويقرر الإفراج عنه.

تلك السذاجة التي اعترت رائد وطارق اللذان قاما بعملية الاختطاف، كانت سبباً لإدراجهما في تلك القائمة التي يحلو للجهاز الأمني التلويح باتساعها أمام الدول المانحة! حينها أضحى رائد 27 عاماً، وشقيقه طارق 24 عاماً، منتميان لتنظيم القاعدة، اللذان لا يعرفان عنه شيئاً سوى الاسم الحركي!

في مطلع يناير 2010 قام سعود بن معيلي بالانتقال إلى العاصمة صنعاء وكان برفقته أصغر أبنائه (طارق) وذلك إثر مكالمة تلفونية أجراها الشيخ علي القبلي نمران مع رئيس الجمهورية خلصت إلى الاتفاق على عقد لقاء بين الرئيس وبن معيلي، وعند بوابة القصر الجمهوري وجه صانع القرار الأول بأن عليهم الذهاب إلى نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن الدكتور رشاد العليمي.

نحو العليمي كانت وجهتهم التي خلصت إلى الاتفاق على أن يتم رفع تقرير مفصل عن القضية لرئيس الجمهورية.
يعود الأب وابنه نحو مقر إقامتهما بقبيلة عبيدة مديرية الوادي، وفي اليوم التالي يشن الطيران ضربة جوية على مزرعة بن معيلي وكان ذلك في 20 يناير 2010م.

كان الهدف من عملية القصف هو استهداف مزرعة عايض الشبواني، لكن خطأ في التدقيق –ربما- عند تنفيذ الضربة الجوية أدى إلى امتدادها نحو قصف مزرعة مالك ورائد وطارق بن معيلي.

تبدو تلك الضربة الجوية نتيجة ردة فعل من قبل الجهاز الأمني، ففي اليوم السابق الثلاثاء 19 يناير الماضي احتفى الشبواني ورفاقه بنجاتهم من تلك الضربة الجوية التي وقعت بمنطقة الأجاشر بين محافظتي الجوف وصعدة يوم الجمعة 15 يناير 2010 والتي قالت الأجهزة الأمنية حينها بأن العملية أسفرت عن مقتل قاسم الريمي، عمار الوايلي، صالح التيس، عايض الشبواني، إبراهيم محمد صالح البنا.

لعل المثير في ذلك أن كلا العمليتين تمتا عند الظهيرة، لكنهما لم يحققا الهدف المرجو منهما، في حين أن الضربات الليلية للطيران حققتا نجاحاً مضطرداً!

في مكان ما وعلى بعد عشرة كيلو مترات من مدينة مأرب، التقيت بشباب تعتريهم حماسة الانضمام لتنظيم القاعدة!!

حينها كان الليل قد عم أرجاء المكان، لكن القمر لم يكن وحده من بدد ذلك الظلام القاتم، فهناك ثمة شيء آخر!
وضعت حقيبتي على تلك الرمال، وأسندت ظهري على ذلك الجدار تماماً كما فعل أبو ناصر، وكانت عيناي تحدقان نحو تلك النيران المشتعلة: - "ذلك الأنبوب الذي تم تفجيره".. - نعم لقد قمت بتصويره قبل غروب الشمس، قبل أن أصل إليكم.
حقيقة لقد كان الخوف يتملكني، لكنه سرعان ما توارى بعد أن شعرت بطمأنينة وأنس من ذلك الشاب ذي ال25 عاماً.

ربما أن صغر سن أقرانه وتصرفاتهم الحمقاء هي من دفعت ذلك الهلع إلى كياني، خصوصاً بعد أن قام أحدهم بتحسس حقيبتي للتأكد من خلوها من شيء ما، وآخر قام بفحص تلفوني، والأسوأ من ذلك كان الثالث والذي زعم أنه يريد التلفون للاستعانة من الضوء المنبعث منه للبحث عن "نعله" لكنه ذهب لعدة دقائق ثم عاد معتذراً بأنه كان يؤدي صلاة العشاء، معيداً تلفوني الذي أجرى منه مكالمة هاتفية مع أحد الأشخاص المدون اسمه حديثاً والذي لم يسبق لي حتى التحدث معه مما تسبب في إحراجي.
لعل الشباب بصنيعهم أرادوا أن يبعثوا برسالة لكبيرهم تنبئ عن يقظتهم وحسهم الأمني، رغم أن من يبدو كقائد لهم يتعامل ببساطة وتلقائية لكنهما لا يخلوان من الدهاء.

بين فينة وأخرى كنت أنظر إلى تلك الثروة المهدورة بسبب ما نالها من تخريب: "عن أي ثروات تتحدث، لقد تم استباحتها ونهبها، وكلها تذهب لخدمة الأمريكان".

ذلك الأنبوب النفطي والذي يربط بين مأرب والحديدة، كان ولا يزال عرضة للتفجير من قبل الناقمين على السلطة من قبل أبناء مأرب، والذين قام مجموعة منهم في منتصف ليل الاثنين 24 مايو 2010 بتصويب بنادقهم نحوه إثر مقتل نائب محافظ مأرب أمين عام المجلس المحلي جابر علي الشبواني.

من الملاحظ أن لا صلة بين تفجير الأنابيب النفطية وتنظيم القاعدة في مأرب، وذلك لكونها ناتجة عن مطالب قبلية بحتة الهدف منها الضغط على السلطة لتلبية مطالبهم.

فما السر في ذلك؟
أجاب: "عدائية التنظيم تنحصر على أمريكا وإسرائيل، أما النظام فنحن لسنا سوى مطاردين من قبل أجهزته الأمنية".. ربما في ذلك شيء من الصواب، لكن تنظيم القاعدة في الحقيقة لا يمكنه المجازفة بالقيام بعمليات قد تؤدي إلى خسارة تلك القبائل التي تتولى حماية أعضائه، فليس من المجدي استهداف المنشآت الحكومية في مأرب والتي حتماً ستثير غضب السلطة مما يؤدي إلى تخلي القبائل عن حمايتهم!

ثلاث ساعات وذلك الشاب ذو البشرة البيضاء واللحية الكثة والجسد الغليظ يتحدث عن الشيطان الأكبر أمريكا وحقدها الدفين على المسلمين وما تقوم به من مؤامرات على الإسلام، وعن عملائها في الوطن العربي: "شوف حكام اليمن والسعودية عملاء للأمريكان، وكل ما تريد أن تفعله واشنطن يقومون بتسهيله، وأحياناً تقوم أمريكا بما قررت فعله دونما استئذان من أحد".

لعل حادثة اغتيال "أبو علي الحارثي" لا تزال حاضرة في مخيلة "أبو ناصر"، وليس بمقدوره نسيان ما حدث، خصوصاً وأن تقارير إعلامية أشارت حينها إلى أن عملية الاغتيال تمت عبر طائرة من دون طيار، ولم يتم فيها إخطار السلطات اليمنية –حينها- والتي بدت كالأطرش في الزفة حسب المثل الشعبي الدارج لدى السكان المحليين.

يقول: "ألم تقم واشنطن بخرق السيادة الوطنية، ألم تقم بانتهاك الأجواء اليمنية، أليس في ذلك اعتداء على أراضي بلادنا.. السيادة الوطنية أي سيادة وطنية يتحدث عنها المسئولون والطائرات الأمريكية تحلق من فوق رؤوسنا".
حينها تصاعدت نبضات قلبي، فهنالك ثمة طائرة تحوم في السماء وبت أخشى على نفسي: "شوف كيف كانت نهاية أخلص رجال السلطة في مأرب، شوف كيف قتلوا الشيخ جابر الشبواني.. والله إن القاعدة على صواب في مقاتلتها لأعداء الله أمريكا، وأن من العار على السلطة أن تعيرنا بالقاعدة".

ينتهي لقاؤنا، ويقوم بإيصالي إلى مشارف المدينة: "اعتذر منك أنت باتنزل هانا، وخذلك متر "دراجة نارية" من بعد النقطة وقله يوصلك للفندق الذي تشوفه مناسب لك".
على بعد مترين من النقطة الأمنية للمدخل الجنوبي لمدينة مأرب نزلت من على متن السيارة التي كان يقودها شاب آخر، مضيت وفي نفسي رهبة من ذلك المصير الذي سيؤول إليه حال هؤلاء الشباب.

ازداد ذلك الشعور بعيد اتهام الرئيس صالح لمن وصفهم بالخونة والعملاء المدسوسين بمقتل الشبواني.

وأضاف: "إنها خيانة.. من داخل وادي عبيدة" وهو ذات المكان الذي التقيت به بأولئك الشباب الطامحين للقتال حتى الموت.
ربما حانت الفرصة أمامهم لتحقيق أمانيهم فرئيس الجمهورية قال الخميس الفائت: "لا يمكن أن ننام حتى نأخذ بثأر شبابنا ومناضلينا أين ما كانوا ولن تنام أعيننا مطلقاً حتى ننتقم من هؤلاء الخونة".. ذلك تماماً ما يفكر فيه الشباب وهو الانتقام والثأر للشبواني، وإلا فالقاعدة هي مصيرهم الحتمي!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.