إعلان الحكومة اليمنية مؤخرا عزمها الاستغناء عن عشرات الألوف من موظفي الجهاز الإداري للدولة خلال العام الجاري والقادم، أثار هلعا في صفوف موظفين بالدوائر الحكومية خشية أن يمسهم القرار. وحذرت أوساط يمنية من اضطرابات اجتماعية وسياسية نتيجة لذلك. وانتقد الخبير الاقتصادي محمد جبران في حديث للجزيرة نت القرار ووصفه بالكارثي، مؤكدا أن الإقدام عليه سيؤدي إلى أبعاد خطيرة.
وأشار إلى أن أكثر من 200 ألف موظف "متعاقد" لم يثبتوا في وظائفهم منذ سبع سنوات، رغم أن القانون ينص على وجوب تثبيتهم في غضون ثلاث سنوات، وبالتالي فإن الاستغناء عنهم قد يؤدي إلى حراك جديد للمطالبة بحقوقهم.
ونبه جبران إلى أن فقدان هذه الأعداد الكبيرة من الموظفين أعمالهم، وهم في الغالب يعيلون أسرا، قد يدفعهم لارتكاب أعمال تخل بالأمن العام خاصة إذا انتابهم شعور بأنهم مظلومون.
مفاوضات أما نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن جمال السنباني فأكد معارضته تسريح أي موظف سواء كان بنظام التعاقد أو محالا للتقاعد المبكر.
وأوضح السنباني للجزيرة نت أن الحكومة عرضت على الاتحاد الاستغناء عن نصف مليون موظف من إجمالي موظفي الجهاز الإداري للدولة البالغ عددهم 1.2 مليون موظف.
وأضاف أن الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن الذي يضم في عضويته 700 ألف شخص رفض الفكرة، وطالب الحكومة بإبقاء الموظفين في أعمالهم مع إمكانية إنهاء عقد من يتقاعس عن وظيفته وعدم قيامه بمهامه على أكمل وجه.
وكانت مصادر مطلعة في وزارة الخدمة المدنية والتأمينات قد كشفت عن عزمها تسريح أكثر من 100 ألف موظف ممن يصنفون ضمن ما يسمى "العمالة الفائضة والمتعاقدين والمحالين للتقاعد".
ونقلت صحيفة الاقتصاد اليوم عن المصادر قولها إن "وزارة الخدمة ستتخلص من 60 ألف موظف ممن يعدون عمالة فائضة عبر دفع مستحقات التقاعد عنهم للسنوات المتبقية من خدمتهم وإحالة 28 ألف موظف ممن بلغوا أحد الأجلين إلى التقاعد مع الاستغناء عن 15 ألف موظف متعاقد مع جهات حكومية مختلفة".
برنامج إصلاح
ووفقا للمصادر فإن هذه الإجراءات من شأنها أن تقلل زيادة التضخم في الجهاز الإداري للدولة وتتصدى للبيروقراطية تمهيدا للوصول إلى قطاع حكومي منافس يأخذ بآليات السوق.
من جهته أكد نائب وزير الخدمة المدنية والتأمينات نبيل شمسان أن قرار الاستغناء يأتي في إطار جهود الدولة لمكافحة الفساد وتنفيذ برنامج الإصلاح الإداري والمالي والمؤسسي عبر تطبيق نظام البصمة والصورة في القطاعين العسكري والمدني.
وأشار شمسان في تصريحات صحفية إلى أن قرار الاستغناء يقتصر على "الموظفين المزدوجين والوهميين والمتقاعدين والعمالة الفائضة والمنسوبة".