صدر حديثاً عن مركز سباً للدراسات الإستراتيجية العدد الثالث من مجلة "مدارات استراتيجية". ويحتوي العدد على كمٍّ وافرٍ من المقالات والتحليلات المهمة، أُخرِجت بقالب فني بديع. افتتاحية العدد لرئيس التحرير الدكتور أحمد عبدالكريم سيف, تطرقت إلى الأجواء التي يمر بها اليمن بعد مضي عشرين عاماً على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، وأن هناك تحديات صعبة تواجه الوحدة والبلد ككل، وأن على اليمنيين أن يساعدوا أنفسهم للخروج من مأزقهم الراهن قبل الرهان على مساعدة الآخرين لهم.
وتوزّعت مقالات العدد، التي كتبها نخبة من الباحثين والكتاب اليمنيين والعرب والأجانب، في عدة أبواب، أهمها وأغناها باب "اليمن والعالم" الذي احتوى على عدة مقالات وتحليلات ووجهات نظر مختلفة. ومن أهم المقالات التي احتواها هذا الباب مقال للباحثين نيكول ستراكه ومحمد سيف حيدر حول "الحراك الجنوبي في اليمن"، ومقال للباحث المصري أشرف محمد كشك, وضح فيه عواقب عدم استقرار اليمن على الأمن الإقليمي الخليجي، وكذلك مقال للمؤرخ والخبير الأمريكي بشؤون الجزيرة العربية ج. إِ. بيترسون يقارب فيه ما أسماه "تاريخ التوقعات غير المحققة" في علاقات اليمن بالولايات المتحدة، وكتب الباحث عايش عواس تحليلاً مكثفاً تعّقب فيه مصير المعتقلين اليمنيين في سجن غوانتانامو. ومن جهته، كتب عبدالباقي شمسان، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، موضوعاً بعنوان "عند تخوم البطركية: قراءة في القيم الوافدة والمتجذرة, وشروط توطينها في النسق القيمي للمجتمع اليمني".
أما باب "المراقب الاستراتيجي" فقد تضمن أربع مقالات ، أولها: لناظم الجاسور حول المشهد العراقي في مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية، وتطرّق المقال الثاني للباحث الجزائري بوزيدي يحيى إلى الصراع الدائر في إيران بين المحافظين والإصلاحيين، وشرّح مقال الصحفي المصري المتخصص بالشؤون الأفريقية، عطية عيسوي، ديناميات الصراع الصومالي متلمساً فرص حلحلته. أما الباحثة المصرية أميرة عبدالحليم فقد حاولت تقديم مقاربة عامة لتحولات السياسة الخارجية الليبية، مبينةً كيف انتقلت من الأيديولوجيا إلى البراجماتية.
واشتمل "محور" العدد على مقال مطول للباحثة الأمريكية راتشل ولش، حمل عنوان "بذور الإرهاب: أنظمة التعليم والراديكالية الإسلامية في اليمن، تحدثت فيه بإسهاب – من وجهة نظرها - عن العلاقة بين التعليم الديني ونمو ظاهرة التطرف والإرهاب في اليمن. أما باب "جيوبوليتيك" فقد احتوى على ثلاث مقالات، أولاها لرئيس تحرير المجلة أحمد عبدالكريم سيف، ويحمل عنوان "ممرات الشيطان: خطوط التقاء التهريب والنفط والإرهاب في اليمن والجزائر ووسط آسيا". فيما تطرق المحلل الأميركي سكوت ستيوارت إلى موضوع "هاجس الملاذ الآمن: الحركات الجهادية وأهمية المكان", وتناول الكاتب اليمني المعروف أحمد أحمد مطهر التحديات المطروحة على اقتصاد اليمن لحقبة مابعد النفط، وأخيراً حاول الباحث سقاف عمر السقاف في مقاله الإجابة على السؤال الذي حمله عنوانه "جيبوتي الصغيرة: لماذا يحوم حولها الكبار؟".
كما تضمنت بقية الأبواب لأخرى للمجلة مقالات مكثفة لكل من المحلل العسكري اللبناني رياض قهوجي, والباحث القطري المعروف علي خليفة الكواري، بالإضافة إلى مقالات رأي لكل من الكاتب اليمني نبيل البكيري, والباحث الأردني سلام الربضي. واشتمل العدد كذلك على حوار فكري مع الدكتور سعدالدين العثماني، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية في المغرب. أما فقرة "سجال" فقد تناولت موضوع ما يسمى "الخطر الإيراني" على المنطقة من منظارين جدليين مختلفين، وشارك في السجال كل من الباحث الأردني علي حسين باكير وعبدالغني الماوري الصحفي والكاتب اليمني.
وإلى جانب باب "الفهرست" الذي يحتوي على مراجعات للكتب وعروض موجزة، جاء المقال الاختتامي للمجلة الذي يحمل عنوان "أفق"، وفيه خصّ الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي مجلة "مدارات استراتيجية" بمقالٍ بشّر فيه العالم الإسلامي بدخول المنظمة عهداً جديداً من العمل المؤسسي، ينبئ بأن دورها المقبل قد يكون أكثر ديناميكية, ومنسجماً مع تطلعات الأمة الإسلامية.
يشار إلى أن مجلة "مدارات استراتيجية" دورية غير مُحكّمة تصدر كل شهرين، ويرأس تحريرها الدكتور أحمد عبدالكريم سيف المدير التنفيذي لمركز سبأ للدراسات الاستراتيجية، ويدير تحريرها الباحثان محمد سيف حيدر وسقاف عمر السقاف. أما اللمسات الفنية والتصميم العام للمجلة للمخرج المعروف محمد الذبحاني.