بشكل بديع وإخراج متميز ومحتوى قيم، صدر عن مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية عدد مزدوج (الرابع والخامس) من مجلة مدارات إستراتيجية، واحتوى بين دفتيه مجموعة من المقالات والتحليلات ووجهات النظر لكتاب يمنيين وعرب وأجانب، غطت عدد من القضايا الفكرية والسياسية والأمنية المتعلقة بالشأن المحلي والإقليمي والدولي. وقد ركزت افتتاحية العدد التي كتبها رئيس التحرير الدكتور أحمد عبد الكريم سيف على مفاوضات السلام التي انطلقت مطلع الشهر الماضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث أشار رئيس التحرير إلى أن هذه المفاوضات تمثل خطوط أول تحالف يرسم بين العرب والإسرائيليين وبرعاية أميركية لمواجهة الخطر الإيراني- السوري وملحقاته، ومحذراً في الوقت نفسه من مغبة ترك الشعب الفلسطيني من دون دعم عربي يمكن من خلاله تقليص حجم الخسائر المتوقعة في أي تسوية قادمة بخصوص مفاوضات السلام ومستقبل القضية الفلسطينية. وأشتمل تبويب " اليمن والعالم" كالعادة على مجموعة غنية من المقالات والتحليلات أبرزها للباحث اليمني هاني المغلس الذي نبش في طبيعة العلاقة بين السلطة والمجتمع في اليمن، إذ ذهب المغلس إلى أن المجتمع اليمني اليوم بصدد إعادة تقييم علاقته بالسلطة السياسية وتطوير خيارات اجتماعية خارج منظومة العلاقات التقليدية القائمة منذ زمن بين الطرفين، وفي هذا التبويب أيضا يبحث أستاذ علم الاجتماع المصري أحمد القصير في الخلفية الاجتماعية لضعف وعي الطبقة الوسطى اليمنية بذاتها، أما الباحثة في الشؤون العربية صافيناز محمد فتجادل بأن وضع إستراتيجية خليجية موحدة تجاه اليمن ومشكلاته بات أمراً ضرورياً ولا مناص منه لتفادي ما هو أسوأ لليمن وللمنظومة السياسية والأمنية في الخليج ، كما أحتوى هذا التبويب على مجموعة أخرى من المقالات المهمة والقيمة لكل من الباحثين نيكول شتراكه، وناظم الجاسور، وسامي السياغي وعايش عواس، ونبيل البكيري، ومجيب الحميدي، وطارق الحروي، وتوماس ستيفينسون وعبد الكريم العوج. وفي تبويب "المراقب الإستراتيجي" الذي تضمن خمس مقالات، فقد تطرق الكتاب لجملة من القضايا والتفاعلات الإقليمية ذات البعد الإستراتيجي، مثل مقال الباحث اللبناني غسان العزي حول مستقبل حزب الله اللبناني في ظل المتغيرات الداخلية والخارجية، ومقال الردع المخملي: إيران تدمج مفهوم "لحرب اللينة" في مخططاتها الإستراتيجية للمحل في القضايا الأمنية نعمة أدلخان، ومقال الكاتب الجزائري بوزيدي يحيى حول فرص عقد صفقة إيرانية أميركية، ومقال الباحث الأردني في العلاقات الدولية سلام الربضي الذي يناقش أمر العلاقات التركية الإسرائيلية ومستقبلها. وأخيراً مقال الباحث والكاتب الفلسطيني ماجد كيالي حول أثر صعود الدورين الإيراني والتركي في القضية الفلسطينية. أما محور العدد فقد تضمن مقالة مطولة لجون م. مات، وهو عقيد في الجيش الأميركي، ويحاول هذا المقال الإجابة على السؤال التالي: لماذا ينظم الشباب إلى تنظيم القاعدة؟ وفي تبويب " جيوبولتيك" لهذا العدد فقد أشتمل على مقالتين: الأولى كتبها أستاذ السياسة الدولية في كلية فليشر بجامعة تافتس الأميركية ولي نصر وجاءت تحت عنوان رمضان: الجغرافيا السياسية لأهم العطل العالمية الأخرى. والثانية للباحثة المصرية في العلوم السياسية أميرة محمد عبد الحليم التي بحثت في انعكاسات الفيدرالية الإثنية على التوجهات الإقليمية لإثيوبيا. كما تضمن تبويب " في بؤرة الاهتمام" ثلاث مقالات أولها للباحث الأردني علي حسين باكير الذي سلط الضوء على أثر العامل الاقتصادي في ديناميات التنافس الإقليمي بين السعودية وإيران وتركيا، وبحث الكاتب اليمني محمد الكهالي في المقال الثاني في مستقبل الصحافة الورقية عالمياً. أما علي العبسي فقد حاول توصيف حال مسلمي أوربا والبحث عن أسباب أخرى " غير تقليدية" تجعل الغرب يتخوف من الإسلام والمسلمين. أما تبويب "مدار الأفكار" لهذا العدد فقد أشتمل في فقرة "بلا مواربة" على حوار شيق مع المفكر اللبناني المعروف رضوان السيد الذي تكلم بكل جرأة عن رأيه في الحركات الإسلامية المسيسة في الوطن العربي، وما آلت إليه اليوم. كما بحثت المائدة المستديرة أزمة المعارضات السياسية في الوطن العربي، والسجال في هذا العدد تناول الدور التركي الجديد في المنطقة من منظورين متعاكسين، وشارك في هذا السجال كل من الباحث الفلسطيني عياد البطنيجي، والباحث اليمني سقاف السقاف. وتضمنت فقرة آراء مقالين الأول: للباحث والأكاديمي العراقي محمد الدعمي حول التلاقح الثقافي بين الحضارات. والثاني لرئيس تحرير المجلة أحمد عبد الكريم سيف الذي بحث مسألتا الإمامة والخلافة وجمود العقل العربي. وأخيراً تطرق المقال الختامي للمجلة "أفق" الذي كتبه الباحث والكاتب اللبناني المعروف رغيد الصلح إلى العلاقة المضطربة والهواجس المتبادلة بين العرب والأوربيين، حيث ساهمت هذه الهواجس عند بعض المتعصبين من الطرفين في تقويض مسألة الاندماج والتعايش بالنسبة للعرب في أوروبا، وبالتالي فقدان قوة كبرى يمكن أن تعمل في تبديل نظرة العالم الغربي إلى العرب وإلى قضاياهم العادلة.