دعت دراسة غربية الحكومة اليمنية إلى تجنب الاعتماد المفرط "للقوة الخشنة" في حربها ضد عناصر القاعدة في اليمن، وقالت إن 56% من أعضاء التنظيم يمنيون فيما يشكل السعوديون 37%، والأجانب 7%. وقالت دراسة أصدرتها مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي وأعدها الدبلوماسي المتخصص في مكافحة "الإرهاب" أليستير هاريس "في حين يبدو واضحاً أن لكلٍّ من الجيش والجهات المُكَلَّفة تطبيق القانون دوراً يؤدّيه، يجب تجنّب سقوط ضحايا من المدنيين، وعلى العمليات الأمنية التي يقودها اليمنيون أن تكون جزءاً من نهج شامل يعطي الأولوية للقوة الناعمة".
ودعت الدراسة وهي جزء من سلسلة (اليمن: على شفا الهاوية) إلى فهم رسالة القاعدة في شبه جزيرة العرب بشكل أفضل من خلال معرفة كيفية تواصُل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وعن أسباب انجذاب السكان المحليون إلى رسالته، و"يمكن للحكومة أن تستجيب للتظلّمات بفعالية أكبر، وتستغلّ أي تناقضات في أسلوب رواية القاعدة للأحداث".
ونقلت الدراسة عن المحلل السياسي الأمريكي غريغوري جونسن قوله في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكي بأن "القاعدة هي التنظيم الأكثر نموذجية في اليمن، فهو يتجاوز الطبقة والقبيلة والهوية الإقليمية بطريقة لا يقدر عليها أي تنظيم أو حزب سياسي آخر".
وبحسب شخص يدعى مراد بطل الشيشاني، بناءً على تحليل أولي للأعضاء المعروفين في التنظيم، فإن اليمنيين يشّكلون 56% من إجمالي أعضاء القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فيما يشكل السعوديون 37%، والأجانب 7%. ووفقاً للشيشاني فإن الأعضاء اليمنيين موزعون بالتساوي بين القبائل الشمالية والجنوبية.
وترى الدراسة أن الإستراتيجية الفعّالة لمكافحة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يجب أن تحدّد مدى تأثير رسالة التنظيم على اليمنيين، وترسم السبل التي يجب على مؤسسات الدولة إتباعها لمعالجة الشكاوى الضمنية والحقيقية أو المُتصوَّرة التي عبّر عنها التنظيم.
وأكدت أن التنظيم يُمثِّل تحدّياً أمنياً إقليمياً ودولياً مُتنامياً، وانه كان بارعا في تكييف تظلّمات المجتمعات المحلية اليمنية مع أطرها التفسيرية لما هو خطأ، ومَن هو المسؤول عنه، وما يجب القيام به الآن.
وعما إذا أصبح اليمن ملاذا آمناً للمقاتلين الأجانب، أشارت الدارسة إلى أنه رغم محدودية عدد أعضاء تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، إلا أن من الضروري فصل خطر التطرّف في اليمن عن جاذبية البلاد كملاذ آمن لعناصر أخرى من تنظيم القاعدة، ما يؤدّي إلى زيادة التهديد الذي يشكله غير اليمنيين الذين ينجذبون إلى اليمن، ومن ثم يعودون إلى بلدانهم الأصلية لتنفيذ هجمات.
وأوصت بدعم الاستجابات التي تقودها أطراف محلية بغية مواجهة تواجه خطر الإرهاب في اليمن، كما أن "على الحكومة تحسين فعالية المشاركة المحلية، والاستجابة، والصدقية، وتقديم الخدمات".
ويكتب هاريس: "بما أنها مكمّلة للأنشطة الاستخباراتية محدّدة الأهداف، وأنشطة تطبيق القانون التي يقودها اليمنيون، فإن الإستراتيجية الفعالة لمكافحة القاعدة في شبه جزيرة العرب يجب أن تسعى إلى فهم مدى تأثير رسالة التنظيم على المجتمعات المحلية اليمنية وسبب هذا التأثير، وكيف يمكن لمؤسسات الدولة معالجة التظلّمات الحقيقية أو المُتصوَّرة التي عبّر عنها التنظيم".
وقالت الدراسة إن تنظيم القاعدة "نجح في تكييف رسالته في اليمن لاستغلال التظلّمات المحلية. ومع ذلك، فإن الجهاد العنيف الذي يدعو إليه ليس مقبولاً على نطاق واسع من قبل اليمنيين في هذه المرحلة، وثمة فرصة محدودة لاتخاذ خطوات لتقويض نفوذ تنظيم القاعدة".
وأكدت على ضرورة أن تلتزم قوات الأمن اليمنية بمعايير حقوق الإنسان، مشيرة إلى التعامل العنيف الذي تقوم به الأجهزة الأمنية تجاه المشتبه بانتمائهم بتنظيم القاعدة، عدا عن تنفيذ غارات جوية ضدهم ما يتسبب في مقتل عشرات المدنيين، وهو ما حدث في عملية المعجلة بمحافظة أبين، والتي راح ضحيتها أكثر من 40 مدنياً معظمهم من النساء والأطفال. مؤكداً أن التصرفات العنيفة لقوات الأمن قد تغذي التطرف في صفوف المواطنين.