على الرغم من مضي أكثر من أربعة أشهر على إعلان وقف حرب صعدة الأخيرة، إلا أن الأهالي لازالوا يكابدون الأمرين نظرا لتدهور الخدمات في شتى المرافق وعلى رأسها المياه، فلا تزال إحدى المنظمات تحاول تمديد خدماتها لتزويد الحارات والأحياء بالمياه تقوم بتوزيعها على نقاط وخزانات مياه كانت أنشأتها أثناء المواجهات، وبعضها أنشئ بعد توقفها خصوصا في الأحياء القديمة لمدينة صعدة. والى جانب تعثر محاولة بيع ناقلتين من أنابيب مياه صعدة الأسبوع الماضي وإحالتها الى نيابة الأموال العامة بالأمانة حال توجهها الى السوق السوداء لإنجاز عملية البيع، وقضايا اخرى يتهم فيها موظفون بفرع مؤسسة مياه صعدة المسؤوولين بهدر مستحقاتهم وتبديد أموال عامة تصل الى سبعه وعشرين مليون ريال، على مناقصات وهمية، ومهام تجانب الواقع، وصل فيها وفي أول سابقة على مر التاريخ ثمن مفتاح واحد من مفاتيح أنابيب المياه (ما يسمى عادة بمفتاح " جلمبو" الى تسعين ألف ريال) مع ان أسعاره في السوق لاتتعدى الف وخمسمائة ريال! ومابين هذا وذاك تتفاقم معاناة الأهالي جراء غياب هذه الخدمات التي تضيف اثرا كبيرا الى بقية الآثار التي خلفتها الحرب على نفسياتهم، مع بعض أطماع تكاد تتلاشى في إسقاط رسوم الخدمات الغائبة اصلاً عنهم، الا ما رحم ربك خلال الفترة الماضية وإعفائهم عنها قياسا على العفو الذي تجاوز عن سجناء في قضايا وصلت حد تهم القتل. وبمجرد جولة سريعة وسط الأحياء القديمة بصعدة يتسنى الاطلاع والوقوف على الوضع ومدى الإنجاز في مستوى إعادة الخدمات لوضعها السابق على الأقل إذا لم يكن بشكل أفضل . مجرد وعود تحدث إلينا عاقل حارة شيبان عبد الباري عبد الله الطويري الذي كان يقف بالقرب من منزله وسط حارته: تصل المياه إلى الحارة في بعض الأحيان فقط، لأن المواسير لاتزال مكسرة حتى الآن منذ الحرب. وكانت لجنة فنية بإشراف مدير المياه وصلت إلى الحارة وقامت بتلحيم المواسير وإصلاح الأنبوب الرئيس، ووعدونا بإصلاح بقية المواسير المكسرة والفرعية، لكنهم لم يفعلوا. وأكد الطويري ان الناس يعتمدون منذ الحرب على خزانات الهلال الأحمر لجلب حاجتهم من المياه، "لأن القلة القليلة من الناس هم من يقومون بمتابعة مشاكلهم أما الغالبية فلا، وهذا ناتج عن ضعف الوعي لديهم".. وفي نظر عبد الباري فإن صعدة مهضومة في جميع الخدمات لعدم وعي المواطنين ولامبالاتهم، وهي المحافظة الوحيدة بين محافظات الجمهورية التي تختلف فيها تعرفة الخدمات من كهرباء ومياه وغيرها، وتصل تعرفة وحدة المياة من الخمس وحدات الأولى الى مائة ريال، وترتفع إثرها بمعدل 20 ريالا او اكثر لكل خمس وحدات تليها، ومع هذا فقد كان لدى المختصين نوايا برفعها الى اكثر من هذا الحد. وأردف عاقل حارة شيبان: نحن نهاية كل شهر أمام فاتورة مياه تصل إلى 3000 ريال، وينتظر الناس في الوقت الراهن فواتير لا تقل عن عشرة آلاف ريال كحد أدنى للخدمات والنظافة والرسوم المحلية خلال فترة الحرب، مع أن كل شيء كان متوقفا. وطالب المسؤولين بالنظر الى اوضاع الناس جراء الحرب والاهتمام بسرعة إعادة تاهيل الخدمات الضرورية. • إيرادات.. ولا ماء! وفي حارة باب نجران بالمدينة القديمة صادفنا نبيل صالح الحمامي ويعمل مدرسا بمدرسة اساسية، وهو احد أهالي حارة الحجار، وقد أكد أن المياه منقطعة منذ الحرب، ولم تصل الى الحارة مطلقا، وقد حاول مكتب المؤسسة اصلاح المشروع الرئيس في بعض الحارات لكنهم لم يلتفتوا إلى حارات أخرى ومنها حارة الحجار وباب نجران، ولا ندري ما السبب، على الرغم ان الفنيين وعدوا الأهالي قبل ثلاثة اسابيع بالعودة لاصلاح البقية، ولكنهم لم يرجعوا! وجميع الاهالي متذمرون ومستاؤون من هذا الوضع السيئ. وأضاف صالح: مع اننا نتمنى عودة المياه الى وضعها السابق، مع كثرة أعطالها وانقطاعاتها لأيام عدة أحياناً، الا انه افضل من الوضع الراهن، بسبب عدم توفر الديزل او لأعطال تحدث بالمضخات. ومن سنوات ونحن نسمع بمشروع متكامل لكنه لم يخرج الى النور، نظرا لعدم الجدية في تحسين الخدمات الأساسية اللازمة لحياة المواطنين في صعدة، وفي وضع كهذا ترتفع تكاليف المياه الى حد يفوق ما عليه الحال في بقية محافظات الجمهورية، وكأنهم ينقلون المياه على صهاريج من محافظات أخرى الى صعدة حتى تصل تعرفة وحدة المياه الى 120 ريالاً، وهكذا تتصاعد من الخمس وحدات الأولى مثل الربا مخالفة جميع القواعد، فكلما ارتفع عدد الوحدات المستهلكة ارتفعت أسعارها، فما بعد عشر وحدات بسعر، وما بعد عشرين بسعر مغاير. وفي نظر الحمامي فإن المؤسسة تتحمل ما نسبته70% من المشكلة، نظرا لتقصيرها الكبير في القيام بمهامها على الوجه المطلوب، والنسبة المتبقية على كاهل المواطنين كونهم لا يقومون بمتابعة غياب وتدني مثل هذه الخدمات. متوقعاً ان تصل معدلات الفواتير إلى خمسين الف ريال في اليوم التالي لوصول المياه، وقال ان المسؤولين حريصون على جمع الإيرادات ويتقاعسون عن القيام بواجبهم في توفير خدمات مستمرة للمواطنين. • موظفو مؤسسة المياه: أين المكافآت؟ في فرع مؤسسة المياه بصعدة كان لي حديث مطول مع عدد من المشتركين التقيتهم هناك، وكذا عدد آخر من موظفي المؤسسة، الذين تمكنوا من قلب الصورة لدي رأساً على عقب! وخلاصة الأمر ان 67 موظفاً يعتقد غالبيتهم انه تم هضم مستحقاتهم من الاستراتيجية ومكافأة الحرب بمعدل راتب ونصف لكل منهم، وغيرها من المستحقات بما فيها مكافأة رمضان، بالتوقيع على أسمائهم لإتمام إخلاءات عهدة ماليه تصل الى 22 مليون ريال لم يتسلموها اساساً، إضافة إلى ثلاثة موظفين آخرين أطلعوا الصحيفة على كشف بأسمائهم تم التوقيع عليه لصرف إضافي خاص بهم لمدة ستة أشهر مع انه لم يسلم لأي منهم ريال واحد!. كانت هذه خلاصة لحزمة من الهموم أضعها بين يدي مدير عام مؤسسة المياه بمحافظة صعدة هادي قريعة ، لكن الحظ لم يكن حليفنا فقد تواصلنا معه هاتفيا كونه كان في مهمة بصنعاء. ونفى مدير عام مياه صعدة ما نشرته صحيفة "الثورة" بملحقها الثقافي وعلى موقعها الالكتروني الأسبوع الماضي بخصوص ضبط ناقلتين أمام إحدى المحلات التجارية بصنعاء لبيع حمولتيهما من أنابيب مشروع مياه مؤسسة صعدة، وإحالة القضية إلى نيابة الأمانة. • إيراداتنا متوقفه ولا صحة لما نشرته "الثورة" قال هادي ل"المصدر أونلاين": لم أعلم بالخبر الا مؤخرا، وقد ارسلنا مذكرة لصحيفة الثورة طالبنا القائمين عليها بالاعتذار لعدم تاكدهم من الخبر ومدى دقته، ويمكن لأي متأمل للسياق معرفة تضاربه. واضاف: من جهتنا ليس لدينا أي أنابيب بالمرة وربما يمكن أنها نهبت من مياه الريف، وأنا غير متأكد من صحة الواقعة أصلا، وما لدينا من مشاريع تنفذ في صعدة تقتصر على مشروع اعادة تأهيل شبكة مياه الضباط وقد انجز، اضافة الى مناقصة مشروع غراز، وهذه المشاريع تنفذ عبر مناقصات تستلمها المؤسسة من المقاولين في نهاية المطاف فقط. وفي رده على صرف مبلغ خمسة ملايين لتركيب ولد كهربائي واحد بمنطقة تلمص عبر صفقة أبرمت مع المقاول، مع ان المناقصة تلزمة بالتركيب دون مبالغ اضافية، اكد قريعة تجني المعلومة وقال: هذه المناقصة منذ العام 2007 اي قبل تسلمي العمل في صعدة واستلام المولدات من المقاول العام 2008. وتضمن رد مدير عام مؤسسة مياه صعدة عن علاقة وقف نيابة الامانة للمسؤول المالي مدة اربعه ايام، وعلاقة ذلك باحد السببين، قوله لم التقِ به الى الآن، لكنه اذا كان صحيحا فليس له علاقة بالأمر، وانما قد يكون على ذمة قضية سابقة لازالت منظورة امام القضاء ولم يتم البت فيها حتى الآن، مستبعدا شراء مفتاح جلمبو بمبلغ 90 الف ريال من قبل مؤسسة المياه، لكنه استدرك: الا اذا كان عن طريق مناقصة من المناقصات. هذا وتنظر نيابة المحكمة في الامانة قضية مخالفات مالية في مناقصات سابقة قدم فيها التاجر المنفذ شيكا بقيمة خمسة ملايين ريال كدليل اثبات تورط مسؤولين في اختلاسات مالية. وعن شكاوى وتذمر الموظفين جراء مستحقاتهم قال هادي قريعة ان مستحقات موظفي مكتبه يتم صرفها اولا باول كمرتبات، واما بخصوص المكافآت ومنها مكافأة رمضان، فإنه لم يتم صرفها نظرا للعجز الذي لحق بالمكتب حال الحرب، وارتفاع قيمة برميل الديزل الى30 الف ريال، وتساءل حيال مدى رسمية الكشوفات التي تم التوقيع فيها على أسماء بعض من الموظفين، وقال لماذا لم يتقدم اي موظف منهم بشكوى حتى يتسنى اتخاذ الاجراءات واحالة الموضوع للتحقيق. وحيال نوايا المؤسسة رفع تعرفة المياه وجه مدير عام المياه بصعدة طلبا لجميع المشتركين بسرعة توريد المستحقات المالية التي عليهم للمؤسسة حتى تتمكن من مواصلة عملها وانجاز مشاريعها، وأشار الى انه لا توجد اي نوايا من هذا القبيل، اذ ان ذلك لا يتوافق مع توجيهات محافظ المحافظة الصريحة بإعفاء المشتركين في الحارات المتضررة من الحرب، من الرسوم وعدم مطالبتهم بها خلال تلك الفترة. واكد وبشكل عام على ضرورة التسديد من المشتركين جميعا الذين يصل عددهم الى 2700 مشترك، بمن فيهم أصحاب المبالغ المتراكمة من ذوي الوجاهات والجهات الرسمية، منوها إلى ان اجمالي المبالغ المستحقة على المشتركين في الحارات الاربع التي كانت ساحة للمواجهات داخل صعدة القديمة تصل الى 9 ملايين ريال، وبهذا فان ايرادات الفرع تكاد تكون موقوفة تماما.