*كثيرا ما توقفت مهموما مغموما أمام قوله تعالى في محكم التنزيل (إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) وكنت أتسأل هل يكره الله لعباده الفرح والسعادة ، وهل من المحرمات أن يفرح الشخص إذا نجح ولده وتفوق في دراسته، وهل من الممنوعات أن يفرح إنسان جاءه مولود بعد طول انتظار، لكن جاء الفرج وكشف الله الهم والغم، فبعد متابعة التفاسير المختلفة لكتاب الله أدركت أن الفرح الممنوع هو الفرح الذي يصاحبه البطر والكبرياء والغرور واستحقار الآخرين، وأن الفرح الممنوع المذكور في كتاب الله جاء على لسان قوم قارون حين كان متغطرسا ومتعاليا ومتكبرا عليهم فقالوا له لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين، وأعادت سورة يونس البهجة والسرور إلى نفسي، ففي تلك السورة فإن أرحم الراحمين سبحانه وتعالى لا يمنع عباده من الابتهاج والفرح الناجم عن الأفضال والنعم التي يسوقها لهم، وهي نعم لا تعد ولا تحصى عباده (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ). *وقبل الخوض في الحديث عن الساحرة التي أبكت السعوديين وأضحكتهم، هناك بيت من الشعر أعتبره من أعظم ما قيل في الشعر، وهو البيت الذي يشير إلى تغيير الأحوال وتبدلها (ما بين غمضة عين وانتباهتها : يغير الله من حال إلى حال) هذا البيت كنت أردده حين كانت إدارة فريق النصر تنشر الفرح وتتحدث عن موعد التتويج وبأنه سيكون في اللقاء الذي يجمعهم بالهلال، لكن خاب ظنهم ، وبدأ الفرح يخبوا وتحول الفرح إلى قلق بعد الهزيمة التي تلقاها النصر من غريمه التقليدي الهلال برباعية ، وتزايد الخوف ليحل محل الفرح لدى كل مشجع نصراوي خاصة وان اللقاء القادم كان سيكون مع الشباب، وكاد الشباب أن يفعلها، وكادت قلوب المشجعين النصراويين تتوقف عن الخفقان حين أعلن حكم الساحة الأجنبي عن ركلة جزاء في الدقائق الأخيرة من عمر المباراة، لكن الحكم المساعد نبه حكم الساحة بأن الخطأ وقع خارج منطقة الجزاء، وبالتالي تحولت ركلة الجزاء إلى ركلة حرة ، بعدها أطلق الحكم صافرته وتنهد مشجعي النصر ولا عبيه وإدارته الصعداء وتم إعلان الشمس بطلا للدوري عن جدارة واستحقاق، وما حدث يجعل الجميع سواء في نادي النصر أو في غيره من الأندية السعودية أن يعتبروا ذلك درسا لا ينسى. *بقي الحديث عن الساحرة التي أبكت السعوديين وأضحكتهم، فحين انتهى اللقاء بين الشعلة والرائد كانت النتيجة متعادلة، وكان لا عبوا فريق الشعلة قد افترشوا أرض الميدان يذرفون الدموع، وكان ذلك يعني إدراكهم انهم عادوا إلى دوري ركاء، لأن نتيجة الاتفاق مع الأهلي- التعادل – تجعل الشعلة يرافق النهضة في الهبوط ، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، فما هي إلا ثوان معدودة حتى كان لاعبي فريق الشعلة يتنططون ويتقافزون وكأنهم أصيبوا بالمس ، فما الذي حدث في تلك الثواني المعدودة وجعلتهم يتعانقون ويذرفون دموع الفرح، ويحيطون برئيس فريقهم غير مصدقين ما حدث؟؟ *سبحان مغير الأحوال، ثانية واحدة جعلت الباكين يضحكون والضاحكون يذرفون دموع الحزن والألم، فقد قدم مدافع الاتفاق هدية أغلى من الذهب والألماس، فهي هدية لا تقدر بثمن، لأنها كانت بطاقة البقاء للشعلة، فمن ضربة ركنية أخطأ مدافع الاتفاق ليسكن الساحرة المستديرة بضربة قوية من رأسه في مرماه، ليكون هو من كتب على فريقه الهبوط وأهدى الشعلة بطاقة البقاء، أما ما أبكاني أنا شخصيا، وجعلني كالمجنون بين الضحك والبكاء فهو الكلام العفوي لرئيس نادي الشعلة الذي أمسك بأحد لاعبيه وقال على الهواء مباشرة "هذا اللاعب أعطاني سلفة مالية وسوف أردها له، وأقسم لكم بالله انه سلفني" لعل بساطة هذا الرجل وقلبه النقي وتعامله مع لا عبيه كما يتعامل الأب الحنون مع أبنائه هو الذي أبقى الشعلة في دوري الأضواء والشهرة وحال دون هبوطه إلى دوري ركاء.... ودمتم بخير . ______________ صحفي يمني مقيم في الرياض [email protected]