استبق الحوثيون المتمردون في اليمن مؤتمر جنيف الذي يبدأ بعد غدٍ الإثنين بمواصلة هجماتهم في عدة محافظات وتكثيف القصف المدفعي المستهدِف أحياءً سكنية خصوصاً في مدينتي عدن وتعز. يعني ذلك أنهم ليسوا مستعدين على الأرجح لتقديم أي تنازلات جوهرية خلال المؤتمر الذي يستمر 3 أيام برعاية الأممالمتحدة، علماً أن معسكر الشرعية يصرّ – وهو على حق- على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2216 الملزِم بإنهاء التمرد وعودة سلطة الدولة. أقصى ما قدّمه المتمردون قبل الذهاب إلى المفاوضات إبرام صفقات صغيرة لإطلاق سراح أسرى كانوا اختطفوهم خلال الأسابيع الماضية؛ مقابل أن تطلق المقاومة الشعبية سراح جنود شاركوا في أعمال القتال ضدها. وقد تكون هذه الهُدن أو الصفقات التي تُعقَد في نطاقات جغرافية ضيقة مؤشراً على أن الحل لم يعد مستحيلاً، لكنها لا تعكس اقتناع قوى التمرد بالحلول السياسية ولا تعدو كونها خطوة غير كافية لإبداء الجدية وحسن النيات. في ظل هذه المعطيات؛ يبدو نجاح مؤتمر جنيف محل شك كبير خصوصاً بعد تأجيل انطلاقته من الأحد إلى الإثنين نظراً لتأخر وصول بعض المشاركين، ما يمنح شعوراً بارتباك المشهد التفاوضي برمّته. في الأصل؛ تبدي جماعة الحوثي المتحالفة مع الإيرانيين تعنتاً سياسياً لافتاً يسبق مرحلة انقلابها على الشرعية، ولا يُنتظَر أن تتغير مواقفهم فجأة. الدول الخليجية أعلنت عن دعمها كل ما يتفق عليه اليمنيون في سويسرا، ودعت إلى تطبيق القرارات الأممية خصوصاً 2216 والتمسك بالشرعية، وهي لا تمانع في الاتفاق على كل ما يحقق مصلحة الشعب اليمني. الأنظار موجهة إلى جنيف، ولكن بسقف طموحات منخفض، والسبب شعورٌ بأن التمرد سيماطل وسيراهن على إطالة أمد الأزمة.