فيما توجه ممثلو الحكومة الشرعية اليمنية إلى جنيف للمشاركة في اللقاء التشاوري الذي من المفترض أن ينطلق اليوم، استمرت عملية المماطلة والتمييع والتسويف والتسريبات عن خلافات بين الانقلابيين، الأمر الذي يعني احتمال تأجيل جديد، ولو تابع الانقلابيون المسار على هذا الشكل فقد تكون النتيجة الحتمية لمشروع اللقاء هو الفشل. حكومة اليمن الشرعية أثبتت دائما جديتها في عملية إنقاذ اليمن، أما الانقلابيون فأثبتوا العكس في كل تصرفاتهم، فإن كانوا ينتظرون توجيهات طهران ليعرفوا كيف يتحركون، فقد أخطؤوا مجددا، فالبوصلة انحرفت عن طهران بعد عملية "عاصفة الحزم"، وبعد القرار الأممي الذي ينص على منع تسليحهم، أي أنه لم يعد هناك أمل في أن تنقذهم إيران مما ورطتهم فيه، وما من مخرج لديهم سوى الالتفات إلى محيطهم المحلي والعربي، والتعاون معه لإنهاء الأزمة والعودة للتعايش مع باقي مكونات اليمن. على الانقلابيين الحوثيين وأنصار المخلوع صالح أن يدركوا أن المعادلة تغيرت، وأن ما كانوا يعتقدونه مكاسب تحولت إلى نقمة عليهم، فالمقاومة الشعبية التي استفاقت وواجهتهم إنما تقف إلى جانب الشرعية وإلى جانب اليمن بشعبه وأهله ممن يريدون مصلحته وليس مصلحة طهران في سياسة توسعية بدأت تنقلب وبالا عليها إثر انكشاف جميع أوراقها، وستستفيق قريبا على صدمة عندما تعرف أنها أضاعت كثيرا من المال والوقت والبشر من أجل طموح غير عقلاني ومخططات فاشلة كان أحدها السيطرة على القرار اليمني عن طريق الحوثيين. سواء تأجل لقاء جنيف أو لم يُعقد، فذلك تعطيل للحل اليمني، وما يقال عن خلافات بين الانقلابيين الحوثيين والمخلوع صالح حول نسب التمثيل في وفدهم المشارك في جنيف، هو إكمال لمسلسل الفوضى الذي بدؤوه، فالانقلابيون لم يختلفوا حين قرروا الانقلاب، ولم يختلفوا عندما احتلوا العاصمة صنعاء وغيرها من المدن قبل مواجهتهم من قوات التحالف العربي ومن ثم المقاومة الشعبية، وفي الوقت الذي يفترض فيه أن يتفقوا لإنقاذ اليمن بدأ الحديث عن خلاف حول نقطة غير جوهرية بالمقارنة مع أهداف لقاء جنيف. ليختلف الانقلابيون كما يريدون، لكن ليعلموا أن هناك ثوابت لا مجال للتملص منها لإنقاذ اليمن، وأهمها أن لقاء جنيف يجب أن يستند على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني ولقاء الرياض وقرار مجلس الأمن رقم 2216، وما عدا ذلك عبث لا جدوى منه.