منذ انطلاق عاصفة الحزم في اليمن قبل ستة أشهر تقريباً، وكل الأنظار تتجه إلى نهايتها، فمنذ البداية من الواضح جداً أن المعركة في اليمن وعلى اليمن، هي بين فريقين، فريق يريد إعادة الشرعية والأمن والاستقرار لليمن، وعودته إلى المنظومة العربية، وهذا هو فريق التحالف العربي الذي تقوده السعودية، وفريق آخر يريد الفوضى والخراب لليمن، ويرفض نداءات العقل والمنطق، ويريد ربط اليمن بقوى خارجية (إيران)، لا يهمها إلا مصلحتها الذاتية وتفكيك اليمن وجعله ملحقاً بها وتنفذ من خلاله إلى الجسد العربي، وحتى القاعدة الشعبية لا يملكها هذا الفريق، وهذا هو فريق جماعة الحوثي ومليشيا علي عبدالله صالح، لذلك نرى أن السعودية أسست قيادة التحالف على قواعد متينة سياسية وعسكرية وحتى إنسانية، وهو ما جعل الوضع في اليمن يسير في المسار الذي رسمته له قيادة التحالف العربي وبالتنسيق مع القيادة الشرعية اليمنية والمعترف بها دولياً وعربياً، وأصبح الحسم في اليمن مسألة وقت لا أكثر. إن القواعد الاستراتيجية التي رسمتها قيادة التحالف العربي في اليمن ترتكز على ثلاثة مرتكزات رئيسة ومهمة، الأول هو المرتكز السياسي، والذي يعتمد على النشاط الديبلوماسي المكثف للحكومة الشرعية في اليمن برئاسة عبدربه منصور هادي، وبمساندة قوية ومستمرة من السعودية والدول العربية، حيث احتضنت السعودية الشرعية اليمنية بكل مكوناتها السياسية والعسكرية والشعبية، بعد استيلاء جماعة الحوثي ومليشيا علي صالح على مقارها في اليمن، فخصصت مقراً للحكومة اليمنية في الرياض، موفرة لها جميع التسهيلات؛ للقيام بأعمالها على أكمل وجه، سواء في الداخل أم الخارج، فالجميع شاهد نشاطها محلياً ودولياً انطلاقاً من الرياض، فاستقبلت الوفود الدولية الرسمية في مقرها بالرياض، وقامت بنشاطات وزيارات دولية وإقليمية انطلاقاً من الرياض، شارحة موقفها وكاسبة المزيد من التأييد لموقفها الشرعي، وكذلك قامت السعودية بتصحيح أوضاع جميع المقيمين اليمنيين بطريقة غير شرعية، وتوفير خدمات التعليم والصحة أسوة بأشقائهم السعوديين، فكانت خطوة مهمة تجاه مواجهة الأزمة التي يواجها الشعب اليمني. أما المكسب المهم الذي حققته السعودية سياسياً في إدارة الأزمة هو كسب التأييد الإقليمي والدولي للحكومة الشرعية اليمنية، إذ أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً يحمل رقم 2116 تحت البند السابع يعترف بشرعية الحكومة اليمنية برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي، إضافة إلى كسب تأييد الدول الكبرى في مجلس الأمن، ولذلك نرى أن المرتكز السياسي قد أعد له جيداً حتى انتقلت الحكومة اليمنية وبرئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي إلى مدينة عدن المحررة والآمنة، وبدأت تدير أعمالها من هناك وقريبة من الحدث. المرتكز الثاني من استراتيجية التحالف هو الحصار الجوي والبحري والبري الذي فرضته قيادة التحالف العربي، فيما عدا المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية التي تمر عبر تفتيش من قوات التحالف البحرية، وكذلك الأذن للطائرات من القيادة المركزية في الرياض، وهذا الحصار حرم جماعة الحوثي ومليشيا علي صالح من الدعم الخارجي، وجعلها لا تستطيع تعويض ما تفقده خلال عمليات قوات التحالف العربي والجيش اليمني والمقاومة الشعبية، في المقابل تتلقى قوات الشرعية اليمنية كل أنواع الدعم العسكري والاستخباري من قيادة التحالف العربي، وفي الوقت نفسه أرسلت السعودي، مساعدات إنسانية إلى اليمن، منذ بداية الأزمة، لكن تكثف هذا الدعم بعد تحرير عدن وتأهيل مينائها ومطارها، فسيرت السعودية جسراً جوياً للمساعدات العاجلة، وأنشأت كذلك خلال الأزمة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، خصص جزء كبير من أعماله لإغاثة الشعب اليمني، إضافة إلى إغاثة الشعوب الأخرى المحتاجة. أما المرتكز الثالث فهو إنشاء قيادة عسكرية للتحالف العربي وبقيادة السعودية ويكون مقرها الرياض، ومن دول عربية عدة، شكلت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي عمودها الفقري وتعتمد في البداية على الحملة الجوية المستمرة والقوية والضربات الدقيقة، لاستهداف معسكرات وأسلحة جماعة الحوثي ومليشيا علي صالح وطرق الإمداد، لتمهد هذه الحملة الجوية الأرضية لقوات برية مكونة من الجيش اليمني والمقاومة الشعبية ومدعومة ومدربة ومسلحة من قوات التحالف العربي، تحرر الأراضي اليمنية من المليشيات الحوثية وفلول علي صالح، وبدأت هذه القوات الدخول لليمن بمدينة عدن التي حررتها، ومن ثم الانتقال إلى المناطق الأخرى، وأهمها مدينة تعز وصنعاء، فتحرير تعز بالكامل أصبح وشيكاً، وصنعاء تقترب منها قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية مدعومتان بقوات التحالف العربي، لذلك المرتكز العسكري يسير بخطى ثابتة وقوية، فالحسم هو الهدف، وتحرير اليمن من المليشيات والنفوذ الإيراني هو غاية الأهداف كلها، وقد تابع المشاهدين اللقاءات العسكرية مع قيادات التحالف في محافظة مأرب ومن أرض الميدان، وهو ما يعزز الاعتقاد أن الحسم أصبح وشيكاً، بل هو مؤكد. إن من ينظر للمشهد اليمني اليوم، يرى أن هناك طرفين، الطرف الأول تمثله الشرعية اليمنية برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي وقيادة التحالف العربي، كسب الرهان من خلال كسبه للوقت والناس والمجتمع الدولي، وسوف ينتصر، بإذن الله، والبوادر واضحة وجلية، فها هو يدير أعماله من اليمن، ويتواصل مع الناس ويحرر الأراضي، ويقدم الخدمات، ويتعاون مع أشقائه العرب، في بناء الدولة والجيش، والطرف الثاني يخسر وفي طريقه إلى خسارة كل شيء، فخسر الناس والمعدات، فلا اعتراف دولي به، ولا حاضنة شعبية له، ولا غطاء عربي يؤيده، لذلك هو في طريقه إلى خسارة الأرض والشعب والمبادئ التي هي كل شيء. الطرف الأول أدار الأزمة بطريقة صحيحة، فاستجار بشقيقه، فأجاره، وسهل له كل شيء، وضحَّى من أجله بالغالي والنفيس، وقدم الشهداء وهم أغلى شيء، بينما الطرف الثاني باع نفسه للشيطان أولاً وللغريب الطامع ثانياً، فلم يستطع حتى تشكيل حكومة تسير الأعمال لعدم وجود تأييد له داخلي أو خارجي، وكل ما يقوله إعلامياً كذبته الوقائع على الأرض. نقلا عن "الحياة"