أشعر برغبة عارمة في البكاء، البكاء حتى تجف الدموع من مآقِ البشر في العالم أجمع.. في مثل هذه الأيام من العام الماضي إرتكب الحوثيون الجريمة الأبشع والفعل الأشنع في تأريخ الوجع الكوني والإنساني الوجودي.. مجزرة هران ويا لفداحتها من مجزرة، قتلوا فيها أكثر من خمسين إنسانا.. وعندما أقول إنسان فهذا لايعني كأي إنسان.. قتلوا فيها الأمين الرجوي والعيزري وقابل والكثير.. جمعوا رجال السلام جميعهم، ثم وضعوهم تحت الخطر دفعة واحدة، ثم قتلوهم ﻋﺸﺮﻭﻥ ﻣﺮﺓ ﻭﻣﺮﺓ، ﻗﺘﻼ ﻓﻲ ﺍﻻﺧﺘﻄﺎﻑ ، ثم ﺍﻟﺘﺠﻮﻳﻊ ﻭﺣﺮﻣﺎﻧﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ، ﺛﻢ ﺭﻋﺐ ﺍﻟﻤﻮﺕ ، ﺛﻢ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ ﺍﻟﻘﺬﺭ ، ﺛﻢ ﻧﺪﺍﺀﺍﺕ ﺍﻻﺳﺘﻐﺎﺛﺔ ، ﺛﻢ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﻌﻨﺎﻕ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺣﻴﻦ يحتضن كل صديق صديقه ليودعوا بعضهم ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ، ﺛﻢ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ، ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﻤﻮﺕ التي امتدت لأيام وربما لأسابيع ! جاؤوا الينا بالخرافة والزيف والكهنوت من الكهوف والأدغال.. لم يجدوا في الأمين الرجوي سوى العقل والصدق والحب والسلام.. إذن هذا أمر يهدد الخرافة الكهفية.. ويهدد الجنون.. الكراهية.. ويهدد الحرب والدمار.. ذلك أن الكهف لاينتج سوى الخرافة والمزيد من المقابر.. إذن لابد من القضاء على الرجوي، لأنه لايمكن للحب والسلام والثقافة والعقل والإنسانية والمدنية.. لايمكن لكل ذلك أن يسمح بإنتعاش الموت والكهنوت والأفكار الخرافية والمزاعم السخيفة والحجج الواهية.. استدعوه.. فوثق بهم وأجاب دعوتهم، وذهب اليهم بعرجته التي لم نكن ندرك انها عرجة الإجهاد والتعب من حمل هم وطن يتهاوى بين كتفيه.. أتاهم مبتسماً مؤمناً بأن إبتسامته ستهزمهم وتبدد ذرائعهم.. حبلوا بالهزيمة والتيه عندما رأوا عنفوان إبتسامته وهي تهوي ببراثن الخراب الى أعماق الخلاص وتوصد أبواب المقابر والضياع وتردم ثلمة الخصام وتجرف كل ماتصادف من حطام.. قرروا وضع صورة أبدية لشرورهم وجرمهم فغدروه ثم وضعوه تحت الخطر.. تحت قصف الطيران !! أي قلوب يمتلك هؤلاء ؟ من منكم فكر أن يضع هرة تحت عجلة سيارة.. هذه هرة.. مابالكم بوضع الأمين الرجوي تحت الصاروخ تماماً.. أي جرم هذا وأي بشاعة هذه ؟ ارتقى الأمين شهيداً فتوقفت عرجته.. وبدأ الوطن يعرج اكثر منذ تلك اللحظة.. ونحن في طريقنا الى الحياة صادفنا أقبح جماعة كونية، وأسوأ باعث للقيء من فضلات التأريخ القذر.. صادفنا جماعة جاءت من خارج التأريخ.. من خارج الحسابات والتوقعات.. من خارج المنظومة الإخلاقية الكونية.. ومعنيون نحن بحفر أكبر مقبرة تأريخية ودفن هذه الظاهرة للأبد حتى لايطال ندوب أذاها أبناؤنا وحتى لا نضطر لحمل عار أفعالها الى الجيل السابع.. تقبلك الله يافخامة الشهيد الأمين.. ياروح مدينة إب المغدورة !! السلام السلام !! ولانامت عيون الغول ولا استراحت في صدرهِ نبضاته !!