مجموعة من المثقفين الصعاليك ..أو قل المشردين الهائمين على وجوههم في الشوارع كما هوحال بقية أبناء الشعب الذين فقدوا في وطنهم حتى الأحلام ناهيك عن الأعمال وفرص الحد الأدنى من الحياة الكريمة وانخرطوا في سيمفونية حزينة من نشيج ونحيب صامت يقطع نياط الصخر. هؤلاء المثقفون ..وقد تجاوز الجنون كل حد ومنهم بالطبع من وصل إلى هذه المرحلة ..وهي ربما منحة من الله في ظل هذا النكال الكبير ' فكروا. بتنظيم البكاء وهو المتاح الوحيد في هداالخواء المديد.. ووصلوا الى فكرة عبقرية تنظم وتحشد طاقات الدمع وتوحد مواجيده تتمثل في بناء حائط واحد بجناحين..شمالي وجنوبي بسمى حائط مبكى باسندوة ..اعترافا له بهذا السبق الجليل ..سبق الإحساس المبكر بهدا المآل الذي انحدر إليه الوطن بسب هذا الكثيب المهيل من الضلال. تبدأ طقوس النحيب اليومي بالسلام الجمهوري الذي تعزفه الحناجر والمهج الباكبة ..ثم تتوالى فعاليات المهرجان ...باستعراض سيرة الشهداء الخالدين للثورة والوحدة اليمنية في كل مراحل النضال الوطني . لبوزة وعلي عبد المغني وابراهيم الحمدي ومدرم والزببري ومحمد الديلمي والموشكي وعبد الفتاح اسماعيل وسالم ربيع وقحطان الشعبي ..وكل الشهداء الذين سقطوا من أجل الجمهورية والوحدة والعدل والحكم الرشيد الذي لا قبيلة فيه ولا طائفية ولا مناطقية..بل مدينة فاضلة وجيش ولاؤه لله ولللوطن وللدولة المدنية الرشيدة القوية... وتتوالى الفقرات لتصدح الحناجر بأناشيد الثورة السبتمبربة والأكتوبرية الخالدة وبأناشيد الإستقلال العظيم ووحدة الوطن..وتقرؤ قصائد الزبيري والبردوني وسحلول والخالدي والمحضار وعبدالله عبد الوهاب نعمان ..والشعراء الذين حلقوا بالوطن في مدارات الدهشة ....لتختتم الفعاليات البومية بالنشبد الوطني العظيم... شخصيا استهوتني الفكرة ..لسبب وحيد..ربما نبني في أعماقنا ذات يوم حوائط مبكى تجعلنا نحس بفداحة ما قد تقدم عليه أنانياتنا ونوازعنا الهوجاء في لحظة من الإنغماس في ضلالنا السحيق ومرجعياتنا الوبال.