العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    غارات على صنعاء    صنعاء .. طوابير سيارات واسطوانات أما محطات الوقود وشركتا النفط والغاز توضحان    «CNN»:الصاروخ على مطار بن غوريون خرق أمني لأكثر المواقع تحصيناً في «إسرائيل»    قال حزب الله إن العملية البطولية اليمنية في قلب الكيان الصهيوني تؤكد فشل العدوان الأمريكي ..حركات المقاومة الفلسطينية تبارك الضربة النوعية لمطار بن غوريون    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى "إسرائيل"    سريع يعلن المطارات الاسرائيلية اهداف عسكرية في سياق حصار جوي شامل    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الدكتور عبدالله محمد المجاهد    الدكتور عبدالله العليمي يعزي العميد عبده فرحان في استشهاد نجله بجبهات تعز    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    عدن: تحت وقع الظلام والظلم    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    بن بريك اعتمد رواتب لكل النازحين اليمنيين في عدن    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    هيئة رئاسة مجلس الشورى تشيد بوقفات قبائل اليمن واستعدادها مواجهة العدوان الأمريكي    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 4 مايو/آيار2025    الخبجي : لا وحدة بالقوة.. ومشروعنا الوطني الجنوبي ماضٍ بثبات ولا تراجع عنه    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الوزير البكري يهنئ سالم بن بريك بمناسبة تعيينه رئيسًا للحكومة    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    بن بريك والملفات العاجلة    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    التركيبة الخاطئة للرئاسي    أين أنت يا أردوغان..؟؟    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    الحقيقة لا غير    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السعودية والمعادلة المختلة
نشر في المشهد اليمني يوم 29 - 10 - 2016

سقطت بغداد وانهار العراق كله، متحولاً إلى ولاية إيرانية، وتبعتها دمشق، فالقاهرة فصنعاء، وكلها عواصم تمثل الثقل العربي الأكبر قديماً وحديثاً، خصوصاً بغداد ودمشق اللتان كان يقول عنهما ابن خلدون بأنهما بمثابة القلب الذي إذا أصيب أصيب كل شيء بعده، فبغداد التي كانت تمثل البوابة الشرقية للعالم العربي اليوم غدت ليس فقط مدينةً ملحقة بإيران، بل هناك من يعتبرها اليوم بمثابة عاصمة للإمبراطورية الفارسية، بحسب تصريح سابق لمستشار الرئيس الإيراني علي يونسي.

ووسط كل هذا الدمار والانهيار، تبقى الرياض آخر عاصمة عربية قوية، لكنها محاصرة بطوقٍ من التحولات الجيوسياسية الخطيرة التي وصلت إليها المنطقة، نتيجة الفراغ الكبير الذي تعيشه المنطقة العربية، منذ سقوط بغداد ومحاولة شعوبٍ عربية ملأه، وقد ثارت وفجّرت ثورة الربيع العربي السلمي، صانعةً لحظة تحوّل فارقة في تاريخ العرب المعاصر، كان يهدف إلى استعادة إرادة هذه الشعوب المستلبة وتحريرها، وملء الفراغ الذي صنعته سياساتٌ عربيةٌ عقيمة وقاصرة، طوال عقود ما بعد التحرير الوطني.

لم تكن الكارثة هنا، بقدر ما تمثلت بما سميت الثورة المضادة التي صبّت وتصب، حتى اللحظة، ليس باستمرار ذلك الفراغ، وإنما نشر فوضى عارمة في فراغ مهول، لن تتمكّن من التعامل معه سوى القوى الصلبة التي تمتلك مشروعاً واضحاً، وبأدواتٍ على الأرض، كما حال المشروع الإيراني الذي دأب عقوداً في اختراق بنية النسيج الاجتماعي والسياسي والمذهبي والثقافي للمنطقة، ووضع لبنات مشروعه "الامبراطوري" المتستر بأردية طائفية، والذي كان متأهباً لمثل هذه اللحظة التي أوجدتها سياسات ممولي الثورات المضادة التي صبت كلها لصالح مشروع ملالي قم، وأدواتهم في المنطقة العربية، باعتباره المشروع الوحيد الذي يمتلك أدوات فاعلة.

أطلق متعهدو المشاريع التفتيتية عدداً من الفزاعات، لتخويف حكام الخليج من ثورات الربيع العربي التي كانت بمثابة طوق نجاة لأنظمتهم وللمنطقة العربية كلها، لو أنها استثمرتها وباركتها ولم تصادمها.

ولكن، للأسف، حصل العكس، حيث استُثمرت مخاوف بعض دول الخليج غير المبرّرة، للدفع باتجاه مواجهة ثورات الربيع العربي، ومعاداة شعوب هذه الثورات، في مقابل دعم وتخليق أنظمة هزيلة بلا أي شرعية أو مشروعية، سوى شرعية الأمر الواقع المدعومة بمليارات الدولارات التي لا تصنع شرعيةً، مهما كانت.


وخلف كل هذا الركام، كان ثمّة من يستثمر لاقتناص هذه الفرصة التي عمل لأجلها عقوداً، في ترسيخ سياساته وتدعيم أدواته الطائفية وغير الطائفية، تمهيداً للانقضاض على المنطقة، بمختلف الأدوات من إعلامية ومليشاوية وغيرها من الأدوات التي رأيناها على مدى هذه السنوات، وأهمها التي اخترقها اللوبي الإيراني في المنطقة العربية، والخليج تحديداً، من مؤسسات ونخب إعلامية وسياسية وثقافية، وكلها تحولت إلى ما يشبه جسر عبور للمشروع الإيراني الذي تسلل تحت عباءة الفوبيات المصطنعة من فوبيا الإخوان المسلمين إلى فوبيا الربيع العربي وفوبيا الديمقرطية، وهلم جرا.

لكن، تبقى أخطر تلك الفوبيات فزاعة "الإخوان فوبيا" التي تمكّنت إيران من خلالها من دفع دول الخليج إلى الاستنفار المالي والسياسي، لمواجهة شعوب الربيع العربي التي كانت على وشك الخطوة الأولى للانتقال السياسي والديمقراطي الذي كان سيعيد إلى هذه المنطقة توازنها المفقود، وإرادتها المستلبة، في محاولة لملء فراغ سياسي طال أمده، وأوشك أن يملأه الآخرون، وهو ما تحقق فعلاً، بتمدّد مشروع طهران، والتهامه عواصم عربية رئيسية، من دون جهد أو عناء، بل تمدّد المشروع الإيراني بأموال النفط العربي الخليجي للأسف، كما هو الحال في مصر اليوم.


فلقد لعب الإعلام المخترق إيرانياً على فزاعة "الإخوان"، وتصويرهم الخطر الكبير الذي سيلتهم المنطقة، ويحولها إلى ربيع ديمقراطي إسلاموي، سيقتلع ممالك الخليج التي يقيم فيها "الإخوان" منذ عقود، مشاركين في النهضة العلمية والثقافية والصناعية والاستقرار في هذه البلدان، ومنها المملكة العربية السعودية التي كانت بمثابة ملجأ "الإخوان" من قمع أنظمة دكتاتورية طاردتهم في ستينات القرن الماضي وسبعيناته، وشكلوا ركيزةً أساسية من ركائز الاستقرار والأمن في المملكة، والخليج عموماً، ولم يسجل التاريخ أي محاولةٍ منهم، تمسّ أمن هذه الأنظمة واستقرارها، بقدر ما مثلوا قوة إسناد لها في وجه تمدّد أذرع المشروع الإيراني في الخليج مبكراً.

ففي لحظةٍ غير محسوبة النتائج، صعدت المملكة بدوافع غير مفهومة وغير منطقية ضد "الإخوان المسلمين"، واعتبرتهم جماعة إرهابية، جرياً وراء قرار انفعالي، صدر في عاصمة خليجية متورّطة في لعبة دولية وإقليمية كبرى لمواجهة إرادة شعوب المنطقة وتطلعاتها نحو الحرية والكرامة، ما كان لهذا القرار من انعكاساتٍ جيوسياسيةٍ خطيرةٍ، تمثلت بضرب أول محاولة انتقال سياسي ديمقراطي في مصر التي تمثل قلب العالم العربي، ما يعني ضرب أول محاولة استقرار سياسي شعبي في المنطقة العربية، وإعادة ليس مصر فقط، وإنما المنطقة كلها مرة أخرى إلى أتون معادلةٍ سياسيةٍ مختلة وخطرة، على المنطقة كلها، وهو ما تم حتى اللحظة، وهو الدفع بمصر نحو الفوضى والانهيار الذي حاول الشعب المصري عدم انزلاق مصر إليه من خلال ثورة 25 يناير 2011 السلمية.

ومثلما جرى في مصر، جرى في ليبيا واليمن، وهي فزّاعة الإخوانفوبيا التي دفعت دول الخليج إلى السماح لمليشياتٍ طائفيةٍ في اليمن، مدعومة ومصنعة إيرانياً من إسقاط اليمن منذ البداية، مدفوعين بوهم فزّاعة الإخوان نفسها، ومثلها في ليبيا وسورية، وقبلها في العراق الذي تم تسليمه لميلشياتٍ طائفيةٍ تابعة لولاية الفقيه في طهران، وكان لهذه الفزاعة حضور في كل ما جرى في تلك المناطق التي تدفع اليوم دول الخليج الثمن غالياً، محاولة لتصحيح تلك السياسات الكارثية التي كشفت المنطقة أمام مشاريع طائفية، مندفعة بقوة إلى التهام المنطقة كلها، وفي القلب منها الخليج.

سقطت بغداد وانهار العراق كله، متحولاً إلى ولاية إيرانية، وتبعتها دمشق، فالقاهرة فصنعاء، وكلها عواصم تمثل الثقل العربي الأكبر قديماً وحديثاً، خصوصاً بغداد ودمشق اللتان كان يقول عنهما ابن خلدون بأنهما بمثابة القلب الذي إذا أصيب أصيب كل شيء بعده، فبغداد التي كانت تمثل البوابة الشرقية للعالم العربي اليوم غدت ليس فقط مدينةً ملحقة بإيران، بل هناك من يعتبرها اليوم بمثابة عاصمة للإمبراطورية الفارسية، بحسب تصريح سابق لمستشار الرئيس الإيراني علي يونسي.

ووسط كل هذا الدمار والانهيار، تبقى الرياض آخر عاصمة عربية قوية، لكنها محاصرة بطوقٍ من التحولات الجيوسياسية الخطيرة التي وصلت إليها المنطقة، نتيجة الفراغ الكبير الذي تعيشه المنطقة العربية، منذ سقوط بغداد ومحاولة شعوبٍ عربية ملأه، وقد ثارت وفجّرت ثورة الربيع العربي السلمي، صانعةً لحظة تحوّل فارقة في تاريخ العرب المعاصر، كان يهدف إلى استعادة إرادة هذه الشعوب المستلبة وتحريرها، وملء الفراغ الذي صنعته سياساتٌ عربيةٌ عقيمة وقاصرة، طوال عقود ما بعد التحرير الوطني.

لم تكن الكارثة هنا، بقدر ما تمثلت بما سميت الثورة المضادة التي صبّت وتصب، حتى اللحظة، ليس باستمرار ذلك الفراغ، وإنما نشر فوضى عارمة في فراغ مهول، لن تتمكّن من التعامل معه سوى القوى الصلبة التي تمتلك مشروعاً واضحاً، وبأدواتٍ على الأرض، كما حال المشروع الإيراني الذي دأب عقوداً في اختراق بنية النسيج الاجتماعي والسياسي والمذهبي والثقافي للمنطقة، ووضع لبنات مشروعه "الامبراطوري" المتستر بأردية طائفية، والذي كان متأهباً لمثل هذه اللحظة التي أوجدتها سياسات ممولي الثورات المضادة التي صبت كلها لصالح مشروع ملالي قم، وأدواتهم في المنطقة العربية، باعتباره المشروع الوحيد الذي يمتلك أدوات فاعلة.

أطلق متعهدو المشاريع التفتيتية عدداً من الفزاعات، لتخويف حكام الخليج من ثورات الربيع العربي التي كانت بمثابة طوق نجاة لأنظمتهم وللمنطقة العربية كلها، لو أنها استثمرتها وباركتها ولم تصادمها.
ولكن، للأسف، حصل العكس، حيث استُثمرت مخاوف بعض دول الخليج غير المبرّرة، للدفع باتجاه مواجهة ثورات الربيع العربي، ومعاداة شعوب هذه الثورات، في مقابل دعم وتخليق أنظمة هزيلة بلا أي شرعية أو مشروعية، سوى شرعية الأمر الواقع المدعومة بمليارات الدولارات التي لا تصنع شرعيةً، مهما كانت.

وخلف كل هذا الركام، كان ثمّة من يستثمر لاقتناص هذه الفرصة التي عمل لأجلها عقوداً، في ترسيخ سياساته وتدعيم أدواته الطائفية وغير الطائفية، تمهيداً للانقضاض على المنطقة، بمختلف الأدوات من إعلامية ومليشاوية وغيرها من الأدوات التي رأيناها على مدى هذه السنوات، وأهمها التي اخترقها اللوبي الإيراني في المنطقة العربية، والخليج تحديداً، من مؤسسات ونخب إعلامية وسياسية وثقافية، وكلها تحولت إلى ما يشبه جسر عبور للمشروع الإيراني الذي تسلل تحت عباءة الفوبيات المصطنعة من فوبيا الإخوان المسلمين إلى فوبيا الربيع العربي وفوبيا الديمقرطية، وهلم جرا.

لكن، تبقى أخطر تلك الفوبيات فزاعة "الإخوان فوبيا" التي تمكّنت إيران من خلالها من دفع دول الخليج إلى الاستنفار المالي والسياسي، لمواجهة شعوب الربيع العربي التي كانت على وشك الخطوة الأولى للانتقال السياسي والديمقراطي الذي كان سيعيد إلى هذه المنطقة توازنها المفقود، وإرادتها المستلبة، في محاولة لملء فراغ سياسي طال أمده، وأوشك أن يملأه الآخرون، وهو ما تحقق فعلاً، بتمدّد مشروع طهران، والتهامه عواصم عربية رئيسية، من دون جهد أو عناء، بل تمدّد المشروع الإيراني بأموال النفط العربي الخليجي للأسف، كما هو الحال في مصر اليوم.

فلقد لعب الإعلام المخترق إيرانياً على فزاعة "الإخوان"، وتصويرهم الخطر الكبير الذي سيلتهم المنطقة، ويحولها إلى ربيع ديمقراطي إسلاموي، سيقتلع ممالك الخليج التي يقيم فيها "الإخوان" منذ عقود، مشاركين في النهضة العلمية والثقافية والصناعية والاستقرار في هذه البلدان، ومنها المملكة العربية السعودية التي كانت بمثابة ملجأ "الإخوان" من قمع أنظمة دكتاتورية طاردتهم في ستينات القرن الماضي وسبعيناته، وشكلوا ركيزةً أساسية من ركائز الاستقرار والأمن في المملكة، والخليج عموماً، ولم يسجل التاريخ أي محاولةٍ منهم، تمسّ أمن هذه الأنظمة واستقرارها، بقدر ما مثلوا قوة إسناد لها في وجه تمدّد أذرع المشروع الإيراني في الخليج مبكراً.

ففي لحظةٍ غير محسوبة النتائج، صعدت المملكة بدوافع غير مفهومة وغير منطقية ضد "الإخوان المسلمين"، واعتبرتهم جماعة إرهابية، جرياً وراء قرار انفعالي، صدر في عاصمة خليجية متورّطة في لعبة دولية وإقليمية كبرى لمواجهة إرادة شعوب المنطقة وتطلعاتها نحو الحرية والكرامة، ما كان لهذا القرار من انعكاساتٍ جيوسياسيةٍ خطيرةٍ، تمثلت بضرب أول محاولة انتقال سياسي ديمقراطي في مصر التي تمثل قلب العالم العربي، ما يعني ضرب أول محاولة استقرار سياسي شعبي في المنطقة العربية، وإعادة ليس مصر فقط، وإنما المنطقة كلها مرة أخرى إلى أتون معادلةٍ سياسيةٍ مختلة وخطرة، على المنطقة كلها، وهو ما تم حتى اللحظة، وهو الدفع بمصر نحو الفوضى والانهيار الذي حاول الشعب المصري عدم انزلاق مصر إليه من خلال ثورة 25 يناير 2011 السلمية.

ومثلما جرى في مصر، جرى في ليبيا واليمن، وهي فزّاعة الإخوانفوبيا التي دفعت دول الخليج إلى السماح لمليشياتٍ طائفيةٍ في اليمن، مدعومة ومصنعة إيرانياً من إسقاط اليمن منذ البداية، مدفوعين بوهم فزّاعة الإخوان نفسها، ومثلها في ليبيا وسورية، وقبلها في العراق الذي تم تسليمه لميلشياتٍ طائفيةٍ تابعة لولاية الفقيه في طهران، وكان لهذه الفزاعة حضور في كل ما جرى في تلك المناطق التي تدفع اليوم دول الخليج الثمن غالياً، محاولة لتصحيح تلك السياسات الكارثية التي كشفت المنطقة أمام مشاريع طائفية، مندفعة بقوة إلى التهام المنطقة كلها، وفي القلب منها الخليج.

استمرار مثل هذا السياسات الكارثية تجاه القوى الوطنية الحية عبثٌ كبير، واشتغالٌ ضد المصالح الاستراتيجية للمملكة والخليج والوطن العربي كله، وأن مثل هذه النظرة القاصرة والعبثية، يجب أن يُعاد النظر فيها، وبأسرع وقت ممكن، فلم يعد هناك متسعٌ من الوقت، للاستمرار في لعبةٍ عبثيةٍ كهذه، تصب في صالح خصوم المنطقة العربية وأعدائها الذين يعدّون العدة ويقرعون طبول حرب استئصال العرب، ووجودهم التاريخي الحضاري الممتد قروناً على هذا الأرض المحطمة اليوم، فهل وعينا الدرس، أم سبق السيف العذل.

فلم يعد اليوم ممكناً مواجهة مشاريع تفتيت المنطقة وإعادة تقاسمها بهذا الاسترخاء واللامبالاة، وإنما بلملمة صفوف الأمة، بمختلف تياراتها الوطنية والإسلامية الحريصة على إيقاف هذا العبث، واستثمار كل الجهود في معركة المواجهة المصيرية هذه، ومن خلال كل الجهود، فلم تعد المعركة عسكريةً فقط، وإنما سياسية وثقافية واجتماعية وإعلامية متكاملة، وهذا كله بحاجة لإعادة ترتيب الصفوف وإعادة النظر بكثير من السياسات الخاطئة التي قادتنا إلى هذا المربع، وذلك حتى نتمكّن من الانطلاق من جديد مع كل قوى الأمة الحية والقادرة على استنهاض روح الأمة لمواجهة كل هذه التحدّيات، وإلا فإن المعادلة المختلة لن تنتج سوى واقعٍ أكثر اختلالاً واعتلالاً مما هو كائن الآن.

استمرار مثل هذا السياسات الكارثية تجاه القوى الوطنية الحية عبثٌ كبير، واشتغالٌ ضد المصالح الاستراتيجية للمملكة والخليج والوطن العربي كله، وأن مثل هذه النظرة القاصرة والعبثية، يجب أن يُعاد النظر فيها، وبأسرع وقت ممكن، فلم يعد هناك متسعٌ من الوقت، للاستمرار في لعبةٍ عبثيةٍ كهذه، تصب في صالح خصوم المنطقة العربية وأعدائها الذين يعدّون العدة ويقرعون طبول حرب استئصال العرب، ووجودهم التاريخي الحضاري الممتد قروناً على هذا الأرض المحطمة اليوم، فهل وعينا الدرس، أم سبق السيف العذل.


فلم يعد اليوم ممكناً مواجهة مشاريع تفتيت المنطقة وإعادة تقاسمها بهذا الاسترخاء واللامبالاة، وإنما بلملمة صفوف الأمة، بمختلف تياراتها الوطنية والإسلامية الحريصة على إيقاف هذا العبث، واستثمار كل الجهود في معركة المواجهة المصيرية هذه، ومن خلال كل الجهود، فلم تعد المعركة عسكريةً فقط، وإنما سياسية وثقافية واجتماعية وإعلامية متكاملة، وهذا كله بحاجة لإعادة ترتيب الصفوف وإعادة النظر بكثير من السياسات الخاطئة التي قادتنا إلى هذا المربع، وذلك حتى نتمكّن من الانطلاق من جديد مع كل قوى الأمة الحية والقادرة على استنهاض روح الأمة لمواجهة كل هذه التحدّيات، وإلا فإن المعادلة المختلة لن تنتج سوى واقعٍ أكثر اختلالاً واعتلالاً مما هو كائن الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.