ياسين التميمي: دخلت الحرب التي تخوضها ميليشيات المخلوع صالح والحوثيين لانقلابية ضد اليمنيين مرحلة حاسمة مؤشرها الاهم التراجع الكبير لهذه الميليشيات في محافظة تعز التي تعمد المخلوع صالح طيلة فترة حكمه إبقاء أهلها منزوعي السلاح، وممنوعين من الالتحاق بالكليات العسكرية، بعد أن عمل على إقصاء جيل بكامله من الضباط وصف الضباط والجنود من أبناء المحافظة من المؤسستين العسكرية والامنية للجمهورية العربية اليمنية قبل الوحدة مع الجنوب في 22مايو/أيار1990. يسعى أبو علي الحاكم احد اهم القادة العسكريين في مليشيا الحوثي، والقريب من المخلوع صالح، إلى حشد القبائل المحيطة بصنعاء وفقا للأعراف القبلية. لا يتصرف أبو علي الحاكم منفردا بل بدعم مما تسمى” اللجنة الثورية” للحوثيين ومما يسمى “المجلس السياسي” الذي شكله المخلوع صالح والحوثيون. وهذا يعني أن سلطة الأمر الواقع في صنعاء تتورط بشكل واضح في هذه الدعوات التحريضية المعروفة ب”النكف”، ما يفسح المجال لإطالة أمد الحرب الأهلية الظالمة. و “النكف” يعني تحريض القبائل على القتال واستثارة نخوتها استجابة لدعوة الحرب الحوثية. غير ان المغزى الاخلاقي لهذا التحريض الذي يمارسه الحوثيون والمخلوع صالح، معدوم تماما، لأن “النكف” لا تقابله مظلمة تعرض لها الداعي اليه وليس هناك ما يهدد كرامة القبيلة، بل على العكس تماما هي دعوات لحرب باطلة من الاساس واعتداء على مظلومين قرروا الدفاع عن أنفسهم في وجه الظالم المعتدي. لن ينجح الانقلابيون بالتأكيد في دعوات التحريض لأنهم أولا: كسروا إرادة القبيلة وأذلوها منذ قرروا التوجه صوب صنعاءوتعز وعدن لإقناع أهلها بقوة السلاح. وثانيا: لأن الانقلابيين استنفدوا المدد الذي كان يوفره أسوأ من في القبيلة من القتلة والمجرمين وقطاع الطرق. ولهذا يدين أبناء القبائل المحترمون للمقاومة في تعز والمحافظات الجنوبية أن خلصتهم من هذه المجاميع التي كانت تعوث في الأرض الفساد. المؤشر الأهم في هذا التحول الخطير جدا الذي اخذه مسار التحشيد الحربي لدى الانقلابيين، أنهم قد بلغوا مرحلة من اليأس يريدون معها توريط القبائل كمكون اجتماعي جهوي ومذهبي في معارك تأخذ طابع النزاع الثأري طويل الأمد بحيث يضمن الحوثيون مددا غير منقطع من المقاتلين الذين سيتعين عليهم أن يغرقوا في لعبة قمار دموية لا يستطيعون الخروج منها أبدا. دعوات التحشيد في المناطق القبلية لاقت استهجانا واسعا من أبناء القبائل نفسها ومن نسبتها من سياسيين ومفكرين ومثقفين، الذين قاموا بتعرية دعاوى “النكف” القبلي التي يتم استخدامها في غير محلها وغير غاراتها الأخلاقية. الحوثيون والمخلوع صالح يدركون بأن اعادة تحشيد القبائل لغايات الحربية بات أمرا صعبا، ولهذا قرروا اعتماد تكتيك الاستعراض الذي يقوم على فكرة انخراط مجموعة من أنصارهم في طوابير استعراضية توحي بأن القبائل استجابت لعاوى الحرب، والحقيقة أن هؤلاء سرعان ما يعودون إلى منازلهم بعد إنجاز مهمة العرض. هم يحرصون على القيام بهذه الاستعراضات، للايقاع بالسذج الذين تنطلي عليهم مشاهد كهذه. لكن الكلفة الميدانية الناجمة عن مواجهة المقاومة والجيش الوطني في تعز وفي غيرها تردع الكثير من هذه العناصر في ضوء الخسائر الهائلة التي يرتكبها الانقلابيون في هذه المواجهات. ان التحشيد القبلي لغايات الانخراط في الحرب بوعي جهوي مهمة يتعين إفشال من أجل حماية الجمهورية التي يتآمر عليها الحوثيون الإماميون ويتحينون الفرصة للانقضاض عليها. وهذا ما لايجب أن يحدث مطلقا، إذ على الرغم من الحرب فإن اليمنيين مؤمنون بلدهم وبنظامهم الجمهوري ولن يفرطوا بهما أبدا.