الطبيب الخزان يشكو ما تعرض له في مبنى قضائي بصنعاء للنائب العام    الطبيب الخزان يشكو ما تعرض له في مبنى قضائي بصنعاء للنائب العام    الطبيب الخزان يشكو ما تعرض له في مبنى قضائي بصنعاء للنائب العام    الدكتور هادي دلول أستاذ العلاقات الدولية والمستشار في الفيزياء النووية في طهران:نبارك اتفاق إطلاق الأسرى في اليمن وتنفيذه متوقف على مصداقية الطرف الآخر والتزامه    وسط غياب الدفاع المدني وإهمال السائقين.. احتراق شاحنة نقل على طريق مأرب    حين يكون الإيمان هوية يكون اليمن نموذجا    الهوية والوعي في مواجهة الاستكبار    السيد القائد يحذر من أي تواجد إسرائيلي في ارض الصومال    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    قوات النجدة بأمانة العاصمة تستعيد 3 دراجات نارية مسروقة    وكيل وزارة الخارجية يشيد بدورالصليب الأحمر في ملف الأسرى    فلسطين الوطن البشارة    العليمي يشن الحروب على الجنوب لحماية سرقاته لنفط شبوة وحضرموت    هنأ الشعب بمناسبة جمعة رجب.. قائد الثورة: لابد أن نكون في حالة يقظة مستمرة وروحية جهادية عالية    الشؤون الخارجية بالانتقالي تبحث التعاون مع المفوضية السامية وتؤكد احترام المجلس لحقوق الإنسان    العرادة يدشن حزمة مشاريع خدمية وتنموية لتعزيز البنية التحتية في مأرب    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على سقطرى والسواحل والمرتفعات المحاذية    اغتيال جار الله عمر.. اللحظة التي دخل فيها ملف الإرهاب في اليمن دائرة التوظيف السياسي    جوائز غلوب سوكر: باريس والبرتغال ويامال الأفضل    تشييع جثمان الشهيد المقدم توفيق العسيقي في التعزية    تجدد الاشتباكات بين الفصائل التابعة لتحالف العدوان بحضرموت    مركز البحر الأحمر للدراسات يصدر كتابين جديدين حول الهجرة الأفريقية غير الشرعية إلى اليمن والقضية الفلسطينية    منذ أكثر من شهر.. مليشيا الحوثي تمنع دخول عشرات الشاحنات المحملة بمادة الأخشاب    ورشة حول الصحة والسلامة المهنية بصنعاء    ميلان يقسو على فيرونا بثلاثية ويعتلي صدارة "الكالتشيو" مؤقتاً    عاجل: أهم نقاط البيان.. سيئون تجدد العهد لاستعادة دولة الجنوب وتفوض الانتقالي خيارًا نهائيًا بلا تراجع أو مساومة    أمين العاصمة يتفقد أعمال صيانة شارع سبأ بمشاركة مجتمعية    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    تحت شعار الهوية والانتماء.. جامعة صنعاء تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    الصين: تأسيس أكثر من مليون شركة جديدة في 11 شهرا    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    بعد 15 شهرا من الاختطاف.. محكمة حوثية تأمر بالإفراج عن الصحفي المياحي    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    هروب    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    القوات المسلحة الجنوبية تضبط مصفاة غير قانونية لنهب النفط داخل مزرعة متنفذ شمالي في الخشعة    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن.. جردة عام سيئ
نشر في المشهد اليمني يوم 10 - 01 - 2017

يدرك العالقون في زمن الحرب أنهم لا يعيشون كالآخرين، وأن حياتهم توقفت في زمنٍ سابقٍ لم يعودوا حتى يتذكّرونه؛ إذ يواجه العالقون في الحرب أكثر من غيرهم سؤال الزمن، وإن كانوا يهربون من فخاخه أمام ما تفرضه عليهم ذواتهم المسحوقة، فبالنسبة لمعظم اليمنيين الذين يكيفون حياتهم لمواجهة تحديات واقع الحرب، فإن سؤال الزمن وتقلباته رفاهيةٌ لا يمتلكها كثيرون؛ إذ يجرّدهم خضوعهم المأساوي لراهنية الحرب وكلفتها من حالتهم الإنسانية الطبيعية. لذا، يذكّرهم مشهد احتفالات البشرية بالعام الجديد بأزمنةٍ كانوا أيضا يحتفلون بها، أو على الأقل يحصون أمنياتهم مع مطلع عام جديد. لكن، بالنسبة ليمنيين كثيرين، في ظل المآسي والنكبات الشخصية والوطنية التي يكابدونها اليوم، توقفت الروزنامة النفسية الخاصة بهم عن حساب أعمارهم، أو جرد أحلامهم وخيباتهم.
يدخل معظم اليمنيين العام الجديد بمخيلةٍ تستجر نكبات عام آخر مضى في الحرب، وتشتبك أحداث الموت المحيطة بهم لتحدّد معالم زمن الحرب الذي يعيشونه، حيث لم تعد أخبار معارك الكر والفر، الدائرة بين السلطة الشرعية وحلفائها الإقليميين من جهة وملشيات الحوثي وقوات علي عبدالله صالح من جهة أخرى، تشكل الهم اليومي الوحيد الذي يفكّر فيه معظم اليمنيين، وإنما محاولة اختراع طرق آمنة، توقف تداعي ما تبقى من حياتهم، حيث يدرك معظم اليمنيين من حكمة تجارب العام الماضي أنه لا يمكن التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع في اليمن، إذ لا يزال أطراف الحرب اليمنية وحلفاؤهم ماضين في مقامرتهم حتى النهاية، وفي واقع يمني تتعدّد فيه السلطات السياسية والجماعات المسلحة والقتلة، يبقى الباب مفتوحاً لأسوأ التكهنات.
"لا يمكن بأي حال التمييز في فقر اليمنيين بين المناطق الواقعة تحت إدارة السلطة الشرعية أو الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي وصالح"
لا يقوم جرد عام آخر مضى بالنسبة لليمنيين في ظل الحرب الدائرة على قراءة تطورات المعارك وتوازنات القوى السياسية والعسكرية لأطراف الحرب المتصارعة، كما يفعل عديمو الحساسية، وإنما يمكن مقاربة هذا العام بقراءةٍ دقيقةٍ للأوضاع المعيشية الصعبة التي وصل إليها حال غالبية اليمنيين، إذ لا نستطيع، في أي حال، الخروج بمسح شامل لمستويات الفقر الذي وصل إليه معظم اليمنيين، إلا أنه يمكن الاكتفاء بعينات لبؤس اليمنيين.
تتعدد أشكال المعاناة والقهر الذي يعانيه الأهالي في مدينة تعز، وهو ما يجعل منها مدينة البؤس اليمني بامتياز، إذ لا تتوقف سردية حياة أبناء المدينة على ضبط حياتهم على أخبار المعارك بين فصائل المقاومة الشعبية والجيش التابع لعبد ربه منصور هادي من جهة وجماعة الحوثي وقوات صالح من جهة أخرى، وتتعدّى ذلك إلى مواجهة أعباء الحياة اليومية في مدينةٍ لا تحكمها أي سلطة محلية، فيما تندر فيها كل يوم مستلزمات الحياة الآدمية من غذاء ودواء، بسبب الحصار الشامل الذي تفرضه مليشيات الحوثي وصالح على المدينة، فضلاً عن انقطاع الرواتب عن موظفي القطاع الخاص والحكومي. أمام واقعٍ كهذا، يواجه أبناء المدينة شبح المجاعة المحقّقة، وتزايد أعداد القتلى من المدنيين، يعاني المواطنون من عبث الفصائل المسلحة المستقوية بالسلاح، في حين تغيب السلطات المحلية الممثلة للشرعية، وتقوم أحياناً بحماية هذه الفصائل ومساعدتها على الإفلات من العقاب.
لا يختلف البؤس المعيشي للمواطنين في مدينة عدن عن المناطق اليمنية الأخرى، فعلى الرغم من مرور أكثر من عام على وقوع مدينة عدن تحت سلطة الشرعية، بعد طرد مليشيات الحوثي وصالح، وهو ما يقتضي تطبيع الحياة فيها، وجعلها أكثر أماناً قياساً بالمدن التي تعيش وضعية الحرب، إلا أن مدينة عدن لا تزال تعاني من الآثار الكارثية للحرب، من دون قدرة الحكومة الشرعية على معالجة هذه الآثار، إضافة إلى ما تعانيه المدينة من انفلاتٍ أمنيٍّ وتصاعد وتيرة الاغتيالات السياسية، والعمليات الانتحارية المتكرّرة لتنظيم داعش ضد المتطوعين من الجيش التي قتل فيها ما يزيد عن مائة قتيل يمني في العام الماضي، كما أن استمرار غياب الخدمات، كالكهرباء والماء والصرف الصحي، يجعل الحياة في هذه المدينة صعبةً للمواطنين، كما شكل فشل الحكومة الشرعية في صرف رواتب موظفي الدولة عاملاً رئيسياً في تصاعد حدّة الفقر والتطرف في المدينة.
لا يمكن بأي حال التمييز في فقر اليمنيين بين المناطق الواقعة تحت إدارة السلطة الشرعية أو الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي وصالح، إذ يبدو أنه، مهما اختلفت آليات السلطتين في تكريس وجودهما، فإنهما تتفقان فقط على مراكمة بؤس اليمنيين؛ ففي حين تعد مديريات مدينة الحديدة الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي وصالح الواجهة اليمنية للمجاعة والأوبئة وسوء
"أسفر نهب جماعة الحوثي البنك المركزي وعجزها عن سداد رواتب موظفي الدولة إلى تعميم حالة الفقر بين المواطنين" التغذية، فإن مدينة صنعاء ليست أحسن حالاً منها، فعبر جولةٍ واحدة في شوارع مدينة صنعاء وأزقتها يمكن رصد مستويات الفقر التي وصل إليها حال المواطنين، فمشهد امرأة تفتش في صندوق النفايات بحثاً عما يسد رمق أسرتها أصبح متكرراً ومن يوميات المدينة، كما أن مشاهدة الأستاذ الجامعي الذي تقطعت به السبل بائعاً للقات أو عاملاً في مقهى لم تعد قصةً للتندر، فقد أسفر نهب جماعة الحوثي البنك المركزي وعجزها عن سداد رواتب موظفي الدولة إلى تعميم حالة الفقر بين المواطنين. والأكثر غرائبية في صنعاء أنه على قدر تنامي البؤس والفقر المدقع وانهيار الطبقة الوسطى، ليس فقط في صنعاء وإنما في اليمن بشكل عام، ينمو مجتمع مخملي أكثر من أي مدينة يمنية أخرى، إذ يمكنك مشاهدة الفِلل الجديدة والمولات الفارهة والسوبر ماركات الضخمة التابعة لقيادات جماعة الحوثي واللجان الشعبية.
ليست فقط كلفة استمرار الحرب وخسائرها البشرية على اليمنيين ما يجعل من 2016 عاما سيئاً على مختلف الأصعدة الحياتية، وإنما تدشين هذا العام بانهيار النظام الاقتصادي بشكل كامل، وعجز السلطة الشرعية عن وضع حلول سريعة لوقف تبعات هذا الانهيار على حياة المواطنين، فتنامي حالة الفقر بين اليمنيين لتصل إلى مستوياتٍ غير مسبوقةٍ يجعل منه عاماً أكثر بؤساً وكارثية. وأمام واقع متردٍّ كهذا، يصعب على اليمنيين، حتى أكثرهم تفاؤلاً، التكهن بما تحويه تقلبات عام جديد من زمن الحرب.
نقلا عن *العربي الجديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.