يحيى صالح، إبن شقيق الزعيم علي عبدالله صالح، انطلق ك صاروخ باليستي؛ لكن ليس إلى جيزان أو عسير أو نجران هذه المرّة، بل إلى اللجنة العامة، أعلى قمّة في هرم المؤتمر الشعبي العام، متجاوزاً كل من أنحنت ظهورهم على عتبة هذ الحزب، لقد ركب الضوء وتجاوز الصوت، مُحققاً أعظم تجلّيات نظريّة إلبرت انشتاين. في لحظات بسيطة، اخترق يحيى صالح، الغلاف الجوّي، تخطّى قانون الجاذبية، ليتمركز ك قمرٍ اصطناعي في سماء المؤتمر، يرصد من موقعه تحرّكات النجوم، “نجوم المؤتمر، وليس نجوم درب التبّانة”. لقد فاجأتنا جماعة الحوثي، بتعيينات الأهل والخلّان، لكننا لم نكن نتوقّع حصر “الزعامة” في المؤتمر الشعبي العام، لآل الصالح. كان هذا الحزب يمثّل بالنسبة لنا، كمواطنين مستقلين، حلم، أو بالأحرى نموذجاً لبقيّة الأحزاب والجماعات السياسية والدينية المتعدّدة في اليمن، لكنه، للأسف، تحوّل بين ليلة وضحاها، إلى حزب عائلي، يكرّس مفهوم التوريث بصورته رباعية الأبعاد. هل سمعتم، مثلاً، بنجل إسحاق نيوتن، أو بإبن أرسطو، أو ولد نعوم تشومسكي، أو بعائلة كسينجر، كلّا؛ كل هذه الأسماء والزعامات، تحمل أسمائها فقط، لكن في عالمنا العربي، وخاصةً اليمني، نجد الزعيم السياسي، والعالِم الديني، والشيخ القَبَلي، يعمل جاهداً على توريث وتسخير منجزاته لأبنائه، وأبزيائه، وأنسابه، بل لعائلته وعشيرته كلها، وكل أفراد مدينته. لذلك لازلنا عاجزين عن تحقيق واحداً في المائة من مشروع الديموقراطية، والتعددية السياسية، رغم تهريجنا بهما. إن ما يمثله حزب المؤتمر الشعبي العام، من جماهيرية وشعبية، يستحق إعادة النظر في كل القرارات المرتجلة، فهو يمتلك، بلا أدنى شك، الكثير من الجماهير، والكثير من القيادات، والأكثر من الحكمة، لذا… لزم دق الأسفين، وقرع أجراس الخطر، قبل أن يتحوّل إلى حزب عائلي أو مناطقي.