مجدداً تدخل المملكة العربية السعودية ومن بعدها دول التحالف العربي المساند للشرعية في اليمن في تحدّ كبير وماثل على المستوى السياسي والعسكري فيما يخص الملف اليمني ومستوى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2216 والقرارات ذات الصلة. يأتي ذلك بعد المواقف الأخيرة والخطوات المعلنة للسياسات الغربية لبعض الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وبمقدمتها أمريكا التي اعتزمت وقف مبيعات الأسلحة للسعودية، رغم تأكيد التزامها بعدم التخلي عنها كحليف في أية مخاطر تواجهها وشعبها. وكذلك توجّه دول الاتحاد الأوروبي المختلف مع موقف وسياسة بريطانيا التي قالت إنها مستمرة في صفقات السلاح للمملكة، والتي دعا برلمانها اليوم دول الاتحاد إلى فرض حظر على مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات، ناهيك عن مطالبة البرلمان الأوروبي في سياق بيانه بإحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية، بسبب ما قال إنها انتهاكات القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان. البرلمان الأوروبي أيضا أصدر قراراً بشأن اليمن تضمن أنه " لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع في اليمن، ولا يمكن حل الأزمة بشكل مستدام إلا من خلال عملية تفاوض شاملة بقيادة يمنية ويملكها اليمنيون". ومع تنديد البرلمان الأوروبي بتوفير الكم الهائل من الأسلحة للحوثيين، وإعلان الإدارة الأمريكية الإبقاء على قيادات الحوثي في قائمة الإرهاب وتوعدها بفرض عقوبات على الحوثيين، إلا أن الاتجاه السياسي للموقف الأوروبي صوب السعودية والإمارات بشكل رئيسي. صحيح أن المعادلات السياسية للدول خاضعة للتبدل والتغيرات بين فينه وأخرى وفي زمن قياسي وجيز غالبا، بمعنى أنه مهما كانت المواقف والسياسات نحو موضوع معين وجهة مؤثراً لكنها ليست قطعية وثابتة إلا فيما ندر. وأيّاً تكن المستجدات وخفايا النوايا والتفاهمات الدولية وارتباطاتها هنا وهناك إلا أن الموضوع من حيث المبدأ مؤشر يستدعي الوقوف أمامه وقراءته جيدا، وبلا شك أن ذلك يضع السعودية في غمار تحدٍّ حقيقي مع العالم ومع الملف اليمني بالذات، ولا يمكن التعاطي المتطلب دون اعتبار ما مدى إنجازات المملكة والتحالف ميدانيا في موضوع قرار مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن الذي منح الشرعية والمشروعية للتدخل العسكري للتحالف بغية تحقيق أهداف واضحة على رأسها إنهاء الانقلاب وعودة الشرعية.. وما الذي بالإمكان اتخاذه حيال معالجة الوضع جديًّا والقفز على كل الحسابات الجانبية واقعة ومحتملة كانت حقيقية أو رسمتها المخاوف والتكهنات. الآن وبعد خمس سنوات من الحرب وما تحقق، باعتقادي أن السعودية والتحالف قد ينتابها الحرج مع مقدار الشماتة التي تبديها إيران وحلفاؤها نحو حرب السعودية التي يقولون بفشلها، مع أن ما تحقق لا يستهان به برأيي وما تبقى نصب عين المملكة بكل تأكيد، وأعتقد أن السعودية لا يمكن أن تقع في مستوى الضعف او الإخفاق مهما كلف الأمر وأن المواقف الأخيرة بهذا الشأن للأصدقاء والحلفاء عامل مستفز للسعودية وناقوس خطر يعيد مراجعة حساباتها وبشكل عاجل، وأتوقع ان الأيام القادمة لها استراتيجية مختلفة وحازمة تأتي بنتائج ناجحة وقوية في الميدان، وتتغلب على ما يدور حولها وبشأنها بشكل عام، وبقدر ما تكون السعودية حققت نجاحا على الأرض بدعم وإسناد فاعل للجيش الوطني والشرعية، تكن قد تجاوزت عملياً كل التحديات وعزّزت قوتها ووضعها ومكانتها ودورها في العالم .
