عاد فرحاً من زيارته. فقد حقق ما لم يسبقه إليه أحد. وفي اليوم التالي لعودته، أرسلت الصناديق إلى المتحف وهناك ألقيت الكلمات . قال وزير خارجية العراق إن أربعة أيام قضاها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في الولاياتالمتحدة عملت الكثير. ثم ألقى كلمته جوار الصناديق التى عاد بها مصطفى، وهو يشير نحوها "هذا تاريخكم" . بين تلك الصناديق 17 ألف قطعة من تاريخ العراق، كانت موزعة بين أمريكا واليابان وهولندا وبريطانيا قبل أن تلمها أمريكا وتعيدها إلى بلدها الاصلي، لكن الملايين خارج القاعة يتمنون ترك بلدهم الأصلي والذهاب نحو البلدان الاربعة أعلى. تعود القطع ويغادر الناس قبل حتى رؤية ما بداخل الصناديق. الناس يعرفون أن بلدهم عريق وأن ملوك وشعوب وأنهر شقت لهم حضارة وأقامت لهم عواصم، لكن الماضي لن يصبح مشفى ومدرسة ومحطة وأجور تكفي للبقاء وللكرامة. خارج القاعة وفي مبنى آخر يقول مصدر في الطيران العراقي، "لا رحلات إلى بيلاروس، الاتحاد الأوروبي يشتكي من العراقيين الذين يريدون الوصول إليه". يحمل العراقي حقيبته تاركاً خلفه دون أن يلتفت أرض بابل وحدائقها، قبله بعقود تم سحب بوابة بابل عبر النهر ثم البحار إلى أن وصلت ألمانيا، وفي الطريق سأل رجل من بلاد الرافدين حملتها (ما هذا الذي تحملون) فقيل له انه فحم، فعاد يهوي بالفأس على أرض صلبة وهو يردد "فحم فحم". حفيد ذلك الرجل يجمع بنطاله وقميصه ويضعهما في حقيبة ويغادر نحو ألمانيا عبر "مينسك" ومنها إلى ليتوانيا، وحين يصل برلين يصرخ أمام البوابة هذه بوابتنا، هذه بابل منها دخل ملوكنا وعليها آلهة كانت تحرس حضاراتنا. في موطنك كانت فحم ولم يقل أحد غير ذلك، بل كانت "فحم فحم". يظهر أحد العراقيين معلقاً بالنسبة لإيقاف الرحلات إلى مينسك فقط عشرة أيام، فيجري إلى قناته في "يوتيوب"، خمسة آلاف عراقي في ساعة يريدون الاطمئنان أن بإمكانهم اللحاق بالبوابة. كيف تغادرون قبل أن يصل السبعة آلاف ميجا وات التي طلبها الكاظمي، وقال مستثمر أمريكي انه سيوصلها، انتظروا حتى تروا وجوهكم في الظلام. وتسمعون ماذا جلب لكم مصطفى آخر في صناديقه انتظروا حتى يمتلئ سد الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني، والمخصص لري محصوله من الفستق الحلبي ويعود الماء يجري إلى جنوبالعراق وتفتح بوابات النهر لتسقي حدائق بابل القاحلة. لما كل هذه العجلة انتظروا كما ينتظر كل عربي لحظة حمل الحقيبة.