تلقى المرحلة الانتقالية الراهنة بتبعاتها على أرواح الكثير من اليمنيين ممثلةً في عمليات الاغتيال،التي ساعد على استمرارها التدهور الأمني الحاد، والانقسام في المؤسستين العسكرية والأمنية منذ مارس 2011،الشهر الذي شهدت البلاد فيه ثورة مطالبة بتغيير النظام. و تكتسى عمليات الاغتيال في اليمن طابعا نوعيا، حيث يتم توجيهها نحو مسئولون أمنيون كبار وسياسيون في مواقع عليا وسطية ودنيا ويتشكك مراقبون من توجيه كامل الاتهامات نحو تنظيم القاعدة في اليمن موجهين الشكوك نحو أطراف متعددة لها مصلحة في زعزعة استقرار اليمن في محنته الداخلية. مشيرين صراحة إلى فلول الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي مازال يقاوم إزاحته عن السلطة بشكل نهائي ويقول سعيد الجمحى -الباحث والمحلل السياسي :أصبح البلد يعانى الآن من انفلات وهشاشة أمنية غير مسبوقين،أصبح هناك خلط أوراق واضح،والوضع أصبح معقداً،فتنظيم القاعدة تبدو أهدافها وطرائدها بمواصفات ونكهة خاصة،ولكن هناك أطراف في الساحة ،أطراف عديدة متضررة من التغيير،فقدت مصالحها وتخشى انهيار إمبراطورياتها،فهي تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه ،في ظل خشيتها من ما هو مستقبلي من الاستقرار و الهدوء في البلد وسيطرة أمنية لحكومة قوية. ويضيف الجمحى:أنا أجزم بأنه حتى اليمنيون العاديون الذين لا شأن لهم بالسياسة يصرحون بهذه الأطراف ومنها الرئيس السابق. كما لا يتردد البعض في الإشارة إلى أصابع إيرانية بعد أن تم الكشف عن نشاط استخباري إيراني داخل اليمن على لسان أعلى مستوى سياسي ممثلا في الرئيس عبده منصور هادى،مدللين على ذلك بقيام مسلحين ملثمين كانا يستقلان دراجة نارية قرب مبنى تابع لجهاز المخابرات الخارجية في العاصمة اليمنية صنعاء،في أكتوبر الماضي باغتيال العميد خالد الهاشمي مستشار وزير الدفاع اليمني وعضو لجنة إعادة هيكلة الجيش اليمني في صنعاء العراقي الجنسية الذي تعاقد معه الجيش اليمني للاستفادة من خبرته العسكرية في التدريب ورسم الخطط العسكرية والذي كان واحدا بين عدد من خبراء الجيش العراقي الذين استعانت بهم حكومة صنعاء بعد الإطاحة بصدام حسين عام 2003ضمن بعثة رسمية عسكرية عراقية شاركت في بناء الحرس الجمهوري في اليمن ويبرز ضباط الأمن السياسي الناشطين كأبرز المتعرضين لعمليات الاغتيال حيث جاوز عددهم السبعين ضابطاً كان أبرزهم قاسم عقلان مسئول الأمن في السفارة الأمريكيةبصنعاء و الذي تحمل عملية اغتياله بصمة تنظيم القاعدة"،والعقيد عبد الإله الأشول ، مسئول الأمن السياسي في منطقة السبعين ،الذي اغتيل أثناء خروجه من جامع المقبلي بالصافية " جنوب العاصمة" بإطلاق الرصاص الحي علية من قبل مجهولين كانا يستقلان دراجة نارية،واغتيال ضابطي الأمن في ذمار(اليمني والسعيدي)وكذا قائد المنطقة الوسطى اللواء ناصر مهدي والعقيد حميد الساهر وسبعة جنود آخرين يوم السبت11من الشهر الجاري، وذلك في كمين نصبوه لموكبهم بمحافظة مأرب شمال شرق البلاد أثناء عودتهم من تفقد أعمال إصلاح أنبوب نفطي. وفى حين يشير عدد من الباحثين إلى أن اللافت في أعمال العنف والاغتيال أنها تتخير أهدافا نوعية من ضباط جيش وأمن ومخابرات، وموظفي سفارات دول مثل السعودية بما لها من دور في عملية التسوية السياسية ك(الدبلوماسي بالملحقية العسكرية بالسفارة السعودية في صنعاء خالد شبيكان العنزي)، وتطال الخدمات العمومية والبنية التحتية لموارد الدولية الأساسية مثل النفط". معتبرين أن "هذه العمليات النوعية ترتبط بمخطط إجرامي محكم يخدم مشروعا سياسيا يريد هدم الدولة، ويسعى أصحابه إلى أن يكون بديلا عن المشروع السياسي الذي ارتضاه اليمنيون، والمعبر عنه باتفاق التسوية السياسية الذي اقترحته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وسانده قرارا مجلس الأمن الدولي رقم 2014 و2051 بشأن اليمن". فأن باحثين آخرين يشيرون بشكلً صريح إلى من أسموهم "أعوان ورموز نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح بالوقوف وراء "نشر الفوضى الأمنية". وإلى "وجود غرفة عمليات يديرها صالح بإمكانات جهاز الأمن القومي، وعبر توظيف عناصر مختلفة لتنفيذ أعمال الاغتيالات وقطع الطرقات وتخريب خطوط الكهرباء وتفجير أنابيب النفط والغاز". لهدف "إفشال مرحلة انتقال السلطة والتسوية السياسية، ومحاولة إسقاط البلد في الفوضى العارمة كخيار لعدم تمكنهم من استعادة السلطة". وأن ما ساعد على ذلك "عدم تقرير الرعاة الدوليين للمبادرة الخليجية إنهاء الحالة الضبابية فيما يتصل بالرئيس المخلوع وأولاده والشبكات العاملة معهم". الجهاد الاقتصادي هو من ضمن أدبيات تنظيم القاعدة حسب الجمحى و التي يندرج ضمن إطارها(ضرب أنابيب النفط والغاز)ولكن الآن هناك من يقوم نيابة عن القاعدة بهذه العمليات ورغماً عن إعلان تنظيم القاعدة عن مسئوليته عن كثير من عمليات الاغتيال كقائد المنطقة الجنوبية اللواء الركن "سالم قطن" أعلى رتبة عسكرية اغتالها التنظيم في اليمن. والجنرال محمد ناصر أحمد وزير الدفاع الذي يعد الذراع الأيمن للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي،والذي لعب دورا محوريا في العمليات العسكرية التي جرت في أبين في يونيو الماضي في محافظة أبين وتم فيها تطهير عدد من مدنها من عناصر تنظيم القاعدة ل(7)عمليات اغتيال أشدها محاولة اغتيال بسيارة مفخخة بالقرب من مبنى مجلس الوزراء في العاصمة صنعاء و الذي أودى بحياة 12شخصابينهم سبعة من مرافقي الوزير احمد وخمسة مواطنين من المارة والمتواجدين في موقع الانفجار،وأتت بعد يوم واحد على محاولة اغتيال أخرى استهدفت القيادي في الحراك الجنوبي محمد علي أحمد في حضرموت.وكذا بعد أن كان تعرض لمحاولة اغتيال في عملية انتحارية وأدت إلى مقتل 96 جنديا أثناء بروفة لعرض عسكري للاحتفال بعيد الوحدة في 21 مايو الماضي. إلا أن نظرة سريعة حسب باحثين على الشخصيات المستهدفة بعمليات ومحاولات الاغتيال التي تبنتها القاعدة،تشير إلى أننا أمام عملية استهداف لطرف واحد بعينه وهذا الطرف يتمثل على الأرجح في مركز القوة الجنوبي الآخذ في التشكل في صنعاءوعدن ،المركز الذي يقف على رأسه الرئيس عبد ربه منصور هادي مدللين على ذلك كون "الجنرال محمد ناصر وسالم قطن بمثابة الذراعين العسكريين للرئيس هادي ،وعدا عن كونهما يمثلان رفيقي عمره، فهما عسكريان فذان يأتمنهما ويعتمد عليهما كثيرا". والى أن "محمد علي أحمد لا يقل أهمية عن اللواءين محمد ناصر وقطن لدى هادي، فهو يشكل ذراعا لا يستهان بها في الجنوب ليس على صعيد دوره في الحراك الجنوبي فحسب، بل على صعيد دوره الاجتماعي والقبلي أيضا". كما تأتى محاولات اغتيال اللواء الصبيحي قائد محور العند،وقبل ذلك القائد( فيصل رجب) من محاولتي اغتيال في المنطقة الواقعة بين عدنوأبين ،واغتيال العميد( عمر بارشيد )في محافظة حضرموت قبل أيام فقط من قرار رئاسي يقضي بتعيينه قائدا لقوات الحماية الرئاسية،إضافة لأمين عام الحزب الاشتراكي الدكتور ياسين سعيد نعمان ،ووزير النقل واعد باذيب تأكيدا مهما على الهوية الجنوبية للطرف المستهدف. الإرهاب لم يعد إرهاباً خاصا بالقاعدة وحسب الجمحى"أصبح هناك إرهاباً للقاعدة وإرهاباً بديلا ًتحت مسميات أخرى يصب في مصلحة القاعدة