تشهد العديد من المحافظات الجنوبية منذ سنوات احتجاجات متواصلة ينفذها ناشطو الحراك الجنوبي و يطالبون فيها بالانفصال احتجاجا على ما يعتبرونه "اقصاءهم من الحكم وتهميشهم من الشمال". في بداية العام 2007م بدأت تنشط جمعيات تضم متقاعدين عسكريين ومدنيين ينتمون للمحافظات الجنوبية تم تسريحهم من قبل نظام علي عبد الله صالح الحاكم وقتها. ونفذت تلك الجمعيات سلسلة أنشطة احتجاجية ظلت تطالب من خلالها بتسوية أوضاع منتسبيها ورفع مرتباتهم وإعادة المسرحين قبل انتهاء فترة الخدمة القانونية. ولحق بهم شباب عاطلون عن العمل انخرطوا في جمعيات شبابية تطالب بتوفير فرص العمل و الاهتمام بالشباب، و بعدها انتظمت الحركة الاحتجاجية التي أخذت تتوسع في كافة مناطق الجنوب، ولم تعد تقتصر على المتقاعدين أو الشباب العاطلين عن العمل، لتشكل مطلع العام 2008م ما بات يعرف باسم "الحراك الجنوبي". أسباب التنامي ويرى الصحفي عبدالرقيب الهدياني- رئيس تحرير صحيفة "خليج عدن" المستقلة إن قادة الحركة الاحتجاجية استغلوا ردة الفعل السلبية من قبل السلطة تجاه المطالب المطروحة من أجل حشد المواطنين للمشاركة في تلك الفعاليات. وفي حديث ل"وكالة الأناضول"، يضيف قائلا: إن "القمع الذي مارسته الأجهزة الأمنية تجاه الاحتجاجات السلمية ضاعف بدوره من حجم الحراك و أدى إلى توسيع قاعدته الجماهيرية، فبدأ يكشف عن مطلب الانفصال بين الجنوب والشمال باعتباره الهدف الرئيس". من جهته يقول علي الصياء القيادي في الحركة الانفصالية و رئيس اتحاد الشباب في الحراك، إن "الحراك السلمي الجنوبي منذ انطلاقته وهو على ثقة ان تحقيق هدفه في استعادة الدولة (الانفصال عن الدولة اليمنية) مسالة وقت فقط، قد تطول المدة أوقد تقصر، حسب العوامل والمؤثرات سوء كانت داخلية او خارجية". امكانية تحقيق الهدف وحول ما إذا كانت الظروف و الأوضاع في الداخل و الخارج تسهم في تحقيق الانفصال، يقول الهدياني إن "المتابع لما آلت إليه أوضاع اليمن بعد الثورة يجد أنه لا يمكن الجزم بسهولة انفصال جنوب اليمن عن شماله، لاعتبارات أمنية وسياسية واستراتيجية". ويؤكد أن "هذا ما يفصح عنه مسئولون في الدول الراعية للمبادرة الخليجية وأعضاء مجلس الأمن الذين اجتمعوا أواخر الشهر الماضي بصنعاء للتأكيد على حرص المجتمع الدولي على أمن اليمن و وحدته و استقراره". ويرى الهدياني إن "الثورة الشعبية التي اندلعت في فبراير/شباط 2011م، في كل أرجاء الوطن بشماله وجنوبه لبت الكثير من تطلعات الشعب وشكلت حاضنة للقوى الثورية انخرطت فيها قوى التغيير ومكونات الثورة بما فيها شريحة واسعة من الحراك الجنوبي". ويذكر يأن الثورة لإسقاط نظام صالح حينها كانت "مطلبا رئيس للحراك الشعبي في المحافظات الجنوبية، و لأن نظام الرئيس السابق بممارساته الخاطئة هو الذي دفع بكثيرين منهم للمطالبة بالانفصال". لكن المحامي أحمد الصياء القيادي في الحراك الجنوبي يقول ل"الأناضول" إن الحراك يستمد الثقة من عدالة قضيته والالتفاف الجماهيري حولها، و غالبية الجنوبيين مع الانفصال". ويرى ان "الاوضاع المتردية اقتصاديا واجتماعيا التي يعيشها الجنوب اليوم (مقارنة بالشمال) هي مرحلة سابقة لتحقيق الانفصال الذي صار قاب قوسين أو أدنى"، حسب قوله. وعن فرص الحراك المتاحة في الوقت الراهن لتحقيق هدفه في ظل ما يبديه المجتمع الدولي من حرص على وحدة اليمن و أمنه و استقراره و دعم الحوار الوطني، يقول الصياء إن "الحركة الجنوبية (الانفصالية) لا تستمد شرعيتها من الخارج، و إنما من جمهورها، والخارج سيضطر للتعامل مع هذا الجمهور". نافذة الحوار الوطني وحول ما إذا يمكن أن يقبل الحراك بالحوار الوطني المزمع تدشينه الشهر القادم يقول الصياء ل"الأناضول" إن الوحدة فشلت و من حق الجنوبيين أن يطالبوا بانفصال دولتهم. ويشير إلى أن الحرب التي شهدتها اليمن في العام 1994م لم تكن في صالح الجنوبيين، في إشارة للحرب التي استمرت حوالي شهرين بين مايو/أيار- يوليو/ تموز 1994م، وانتصر فيها الرئيس السابق صالح و حلفاؤه من الجنوبيين وأبرزهم الرئيس الحالي عبدربه منصور وخسرها نائب الرئيس السابق/علي سالم البيض الذي يقيم حاليا في منفاه الاختياري ببيروت و يقود الحراك المطالب بالانفصال. غير أن الهدياني يرى أن "على الحراك الجنوبي ان يشارك في الحوار بعد ما أضحى مطلبا للجميع و مدعوما من الأشقاء و الأصدقاء في دول الجوار و الإقليم و العالم، ويتيح فرصة أن يطرح قادة الحراك كل ما يودون طرحه". وأشار إلى أن "الجنوبيين سيمثلون في مؤتمر الحوار بما لا يقل عن خمسين بالمائة من قوام المؤتمر، ناهيك عن وجود رعاية إقليمية و دولية، فالحوار هو المخرج الوحيد لما يعانيه اليمن من مشاكل". أما الحراك فيرى الصياء أن "الحوار لا يعنيهم، او لن يكونوا طرفا فيه، على الرغم أنهم ليسوا ضد الحوار كمبدأ، و لكن لديهم شروط أهمها أن يكون الحوار بين طرفين هما الشمال و الجنوب، و أن يكون علي سالم البيض هو الممثل الشرعي للحراك الجنوبي". وتشهد العديد من المحافظات الجنوبية منذ سنوات احتجاجات متواصلة ينفذها ناشطو الحراك الجنوبي و يطالبون فيها بالانفصال احتجاجا على ما يعتبرونه "اقصاءهم من الحكم وتهميشهم من الشمال". وتبع الحراك مكونات عديدة بعضها تنادي بالانفصال و بعضها ينادي بالفيدرالية- و إن كان تأثيرهم في الشارع الجنوبي محدود مقارنة بتيار الانفصال الذي يتزعمه البيض. كما توجد بجانب الحراك فعاليات جنوبية أخرى إما منخرطة في الأحزاب السياسية وأبرزها حزب الإصلاح الإسلامي الذي يمثل الإخوان المسلمين في اليمن، و كذلك الحزب الاشتراكي الحاكم السابق في الجنوب، أو جماعات مستقلة مثل حركة النهضة الإسلامية السلفية، بالإضافة لأنصار الرئيس عبدربه منصور خصوصا في محافظة أبينمسقط رأسه. وفيما تعلن غالبية مكونات الحراك رفضها المشاركة في مؤتمر الحوار القادم تبدي مكونات سياسية و اجتماعية أخرى استعدادها للمشاركة و بينها قوى محسوبة على الحراك نفسه. المصدر : الأناضول