يترقب أكثر من تسعة ملايين عامل وافد في السعودية الامتيازات التي سيحصلون عليها بعد إقرار مجلس الشورى تعديلات نظام العمل التي يقوم بدراستها حاليا, في وقت أعلنت فيه إدارة جوازات المملكة إن أكثر من 180 ألف عامل وافد على الأقل معظمهم يمنيين قد تم ترحيلهم من المملكة منذ بداية ما تسميها بفترة تصحيح الأوضاع . وتشمل تلك الامتيازات، بحسب صحيفة الرياض، خفض عدد ساعات العمل وزيادة أيام الإجازة الأسبوعية إلى يومين، وكذلك السماح بالغياب بدون سبب مشروع لمدة لا تزيد على أربعين يوما في السنة التعاقدية، وذلك حسبما ذكرت جريدة الأهرام المصرية. وكان العديد من رجال الأعمال قد حذروا من أن العمالة الوافدة تشكل ما يقارب 90% من حجم القوى العاملة في القطاع الخاص، وبالتالي فهي تعتبر المستفيد الأكبر من أي امتيازات إضافية تصدر مع إقرار تعديلات نظام العمل، مشيرين إلى أن تخفيض ساعات العمل وزيادة أيام الإجازة سيؤثر بشكل مباشر على إنتاجية القطاع الخاص. وقال المراقب الاقتصادي وليد السبيعي: إن إقرار تعديلات نظام العمل سيؤدي إلى خسائر كبيرة على عدد من القطاعات الاقتصادية بخاصة المقاولات والتشغيل والصيانة وغيرها، والتي ارتبطت بعقود مع الجهات الحكومية بناء على ساعات العمل في النظام الحالي وهي 48 ساعة، وتم التعاقد مع العمالة الوافدة والاتفاق عليها بالرواتب وفقاً لساعات العمل المحددة في النظام الحالي، وهي 48 ساعة أسبوعيا وستة أيام عمل. وأوضح بأن التعديل المقترح سيؤدي إلى زيادة رواتب العمالة الوافدة بنسبة 30% نتيجة تكليف العمالة الوافدة بالعمل يوما إضافيا لتغطية نقص أيام العمل التي ستصبح خمسة أيام فقط، وبالتالي زيادة الرواتب والذي سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج في القطاع الخاص، مما سيرفع تكاليف المعيشة على المواطنين خصوصا أنه يأتي بعد قرار فرض المقابل المالي لرخصة العمل البالغ 2400 ريال. وقال: إن القطاعات التي تعاقدت مع الجهات الحكومية مرتبطة بمدة محددة وجداول زمنية لتسليم المشاريع، كما أن عدد ساعات العمل في الدول المصدرة للعمالة هي 48 ساعة أسبوعيا وستة أيام في الأسبوع، وهذا هو المعمول به في كل دول الخليج والدول العربية. وعن مساواة العامل السعودي بالأجنبي أكد المهندس منصور الشثري عضو مجلس إدارة غرفة الرياض ورئيس لجنة الموارد البشرية أن اتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادقت عليها المملكة لا تتضمن مساواة العامل السعودي بالوافد. وأشار الشثري إلى أن تخفيض ساعات العمل وزيادة أيام الإجازة الأسبوعية يأتي من ضمن مجموعة من المبادرات التي تهدف إلى تقليل الفرق في الامتيازات بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص بعد عزوف الشباب السعودي عن العمل في القطاع الخاص لتفوق القطاع الحكومي في امتيازاته. وعن شمول العمالة الوافدة بالامتيازات قال الشثري انه يفضل حصر الامتيازات على السعوديين فقط حتى لا تحدث انعكاسات سلبية على تكاليف المعيشة تؤثر على المواطنين, مستشهدا بقرار وزارة العمل حينما حددت أجر السعودي بثلاثة آلاف ريال لكي يحتسب في نطاقات ولم يشمل القرار العمالة الوافدة، مؤيدا تكرار التجربة بحيث توضع كل الامتيازات للسعوديين في برنامج نطاقات باعتباره برنامجا تحفيزيا لمنشآت القطاع الخاص لتوظيف السعوديين وإعطائهم مزيدا من الامتيازات. وقالت وزارة العمل السعودية إن أكثر من 1.58 مليون عامل أجنبي من المخالفين للقوانين صححوا أوضاعهم منذ بداية ابريل ضمن برنامج يهدف لإصلاح سوق العمل والقضاء على العمالة غير النظامية. وفي مارس/ آذار أقر مجلس الوزراء السعودي تعديلات على نظام العمل استهدفت وضع حد لتنامي ما يعرف بالعمالة السائبة وقضت بمنع العمل لدى غير الكفيل ومنع عمل الوافد لحسابه الخاص. ويسعى المخالفون لنظام العمل لتعديل أوضاعهم بعدما أمر العاهل السعودي الملك عبدالله في ابريل/ نيسان بمنحهم مهلة ثلاثة أشهر لعمل ذلك. وتنتهي تلك المهلة في الثالث من يوليو/ تموز المقبل. وقالت الوزارة في بيان لها "عدد المستفيدين من المهلة التصحيحية التي أمر بها الملك عبدالله بن عبد العزيز...بلغ 1.581 مليون مستفيد منذ بدء المهلة حتى الأسبوع الثامن". ويرى محللون ان السلطات السعودية تحاول ان تحتفظ بحاجتها من العمالة التي لا يندمج فيها السعوديون كالخادمات المنزليات. واوضح البيان انه جرى نقل خدمات نحو 329 ألف عامل أجنبي وتغيير مهنة عدد مماثل وتجديد رخص العمل لأكثر من 926 ألفا. وأشار البيان إلى أن قطاعي التشييد والبناء وتجارة الجملة والتجزئة تصدرا اكثر الأنشطة الاقتصادية التي نقلت إليها خدمات العمالة وذلك بواقع 51 بالمئة و22 بالمئة على الترتيب. وتعتمد السعودية على ملايين الوافدين، بينما تسجل البطالة فيها أكثر من 12 بالمئة، وتصل التحويلات السنوية للوافدين في المملكة إلى أكثر من 100 مليار ريال (26.6 مليار دولار) سنوياً. وتوضح معلومات من وزارة العمل السعودية أن الزيادة في الطلب على العمالة خاصة الوافدة في المملكة تقدر بنحو 5 بالمائة سنوياً. وبموجب قانون العمل السعودي يجب أن يكون لكل عامل وافد كفيل محلي، لكن كثيرين يقومون بتغيير وظائفهم بعد دخول المملكة دون تغيير مهنهم في بطاقة الإقامة. وسمح نظام الكفالة للشركات بالتحايل على القوانين الصارمة لوزارة العمل عن طريق تسجيل الأجانب العاملين بها لدى كفيل آخر. كما أدى النظام الى ظهور سوق سوداء للعمالة إذ يتقاضى الكفلاء أموالا من الوافدين المسجلين لديهم لتجديد إقاماتهم بينما هم في واقع الأمر يعملون في وظائف أخرى. وكان مجلس الوزراء فوض في مارس/ آذار وزارة الداخلية بضبط المخالفين من العاملين لحسابهم الخاص وترحيلهم وإيقاع العقوبات عليهم وعلى كل من يشارك في حدوث تلك المخالفات من المشغلين لهم والمتسترين عليهم. وأسفرت حملات تفتيش آنذاك عن ترحيل آلاف من العمال بينهم يمنيين الامر الذي أثار مخاوف عدد كبير من المخالفين العاملين في المملكة التي تضم تسعة ملايين وافد توفر تحويلاتهم دعما لاقتصاد بلدانهم وعلى رأسها الهند وباكستان والفلبين وبنجلادش واليمن والسودان ومصر. وقالت إدارة الجوازات الأسبوع الماضي إن أكثر من 180 ألف عامل وافد على الأقل غادروا المملكة منذ بداية فترة تصحيح الأوضاع في ابريل/ نيسان. وبلغ عدد الوافدين في المملكة نحو تسعة ملايين أي ما يعادل 32 بالمئة من إجمالي سكان السعودية الذين بلغ عددهم 29.2 مليون نسمة في 2012.