الاغذية العالمي يستبعد قرابة مليوني يمني من سجلات المساعدات الغذائية    تقرير أممي: انخفاض ملحوظ لواردات الوقود والغذاء عبر موانئ الحديدة    هزة أرضية في محافظة ذمار    قراءة تحليلية لنص" بعد الخطوبة وقبل القران" ل"أحمد سيف حاشد"    سعد لمجرد يمثل أمام القضاء الفرنسي مجددا بتهمة "الاغتصاب المشدد"    ألمانيا تُعلّق على قرارات الاعدام التي أصدرتها سلطات صنعاء بحق 17 مواطنًا    دوري ابطال اوروبا: ارسنال يطيح بالبايرن ويخطف منه الصدارة    الصحفي الكبير والمناضل القدير محمد قاسم نعمان    صنعاء.. مقتل مواطنين بانفجار عبوة ناسفة بمديرية نهم    قائد المنتخب اليمني يعتذر للجماهير بعد خسارة مؤلمة بركلات الترجيح أمام جزر القمر    قراءة في تقدير مركز استخبارات أمريكي لاحتمال تجدد المواجهة بين اليمن والكيان الصهيوني    المنتخب الوطني يُضيّع فرصة التأهل لكأس العرب بعد خسارته بالوقت القاتل أمام جزر القمر    مسام يُتلف 7175 لغماً وذخيرة حوثية في وادي دوفس بأبين    عاشق الحياة وصديق الموت    عدن.. تعيين قيادة لجهاز أمن الدولة بعد قرابة عامين من إنشائه    تقرير اقتصادي: اليمن ثالث دولة تعتمد في اقتصادها على تحويلات المغتربين    الفريق الوطني لتبسيط الإجراءات يبدأ نزولاً ميدانياً لتقديم الدعم الفني لتطوير مركز خدمة المواطن في وحدات الخدمة العامة    صعدة : الإفراج عن 140 سجينا تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة    تقرير خاص : "المؤتمر الوطني الأول للطاقة .. منصة تحول وطني لتعافي القطاع وبناء مستقبل مستدام"    إخوان الأردن ولبنان في مرمى «أمر ترامب».. تأثير «الضربة المزدوجة»    جزر القمر تُقصي منتخبنا من كأس العرب بركلات الترجيح    يستدعي حوثيين من صنعاء لتوزيعهم على السفارات    تقرير رسمي : عدد سكان اليمن 40.6 مليون نسمة    قبائل حبور ظليمه بعمران تتداعى للنفير وإعلان الجاهزية    معرض وبازار للمنتجات التراثية للأسر المنتجة في صنعاء    مخيم طبي خيري مجاني للأطفال في مستشفى الكويت الجامعي بصنعاء    الأحد القادم إجازة رسمية في صنعاء وعدن    14 قتيلا وجريحا في انفجار بإدلب وقوات صهيونية تتوغل في القنيطرة    انتقالي وادي وصحراء حضرموت يطلع على استعدادات انتقالي القطن للمشاركة في فعالية 30 نوفمبر    مليشيا الانتقالي تحشد باتجاه حضرموت وحلف القبائل يتوعد بسحقهم    الصمود الصعيد والشاطئ بير علي يقهران منافسيهما شباب مرخة والنهضة خورة ويخطفان بطاقتي التأهل في أولمبياد شبوة الأول للكرة الطائرة    وفد بريطاني يطلع على جهود مركز الملك سلمان ويشيد بدور المملكة في مساعدة اليمن    قيادة المنطقة العسكرية الرابعة تكرم قيادتي السلطة المحلية في الضالع وإب    مجددا.. الإصابة تنهي موسم نيمار مع سانتوس    مننتخب اليمن يحقق فوزه الثالث ويتصدر تصفيات كأس آسيا للناشئين    تكريم الفائزين في مسابقة البحوث العلمية حول سرطان الثدي بكلية المجتمع بسيئون ..    اشغال مأرب يدشن حملة لإزالة المخالفات من أرصفة شوارع عاصمة المحافظة    الإمارات تتعهد بدعم كهرباء الجنوب بمليار دولار    إحباط تهريب مخدرات.. ومطالب بتوسيع سيطرة النخبة لحماية حضرموت    رحيل مفجع للداعية البارز محمد المقري في مكة المكرمة    صنعاء تستعد لانطلاق مهرجان المقالح الشعري    الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقاً جديدة في أبحاث الدماغ    الرياضة في الأربعينات: سلاحك ضد الزهايمر    تشيلسي يسقط برشلونة بثلاثية    ترحيل 1522 مهاجر أفريقي من صعدة    البرلماني المقطري يعرّي جرائم أخوان اليمن في المقاطرة    قراءة تحليلية لنص "خطوبة" ل"أحمد سيف حاشد"    سوريا اليوم.. بين ترمب ونتنياهو والوسطاء ومحاولة الإذلال    أزمة أخلاق!    تدشين فعاليات إحياء ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء بالامانة    فوز الكويت بمقعد العضوية في اليونيسكو لأربع سنوات    حين يتحوّل فستان إعلامية إلى معركة هوية في وطنٍ تُنهكه المآسي !!    خبراء التغذية: النظام الغذائي مفتاح التركيز الذهني    الصحة تعلن ارتفاع وفيات وإصابات التهاب السحايا في اليمن    الكثيري يُعزّي في وفاة الشاعر والأديب ثابت السعدي ويشيد بإرثه الأدبي والثقافي    تسجيل 26 حالة وفاة وألف و232 إصابة بالحمى الشوكية منذ مطلع العام الجاري    آخر حروب الإخوان    هيئة أسر الشهداء تُنفذ مشاريع تمكين اقتصادي بنصف مليار ريال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاعر صالح سحلول.. القصيدة والبندقية
نشر في المشهد اليمني يوم 09 - 01 - 2025


* الرئيسية
* مقالات
السبت 22 مارس 2025 01:05 م 22 رمضان 1446 ه
لبعض الأشخاص رنينٌ خاص في حضورهم، حتى وإن طال مقامهم، كما لهم فراغ موحشٌ في غيابهم، حتى وإن تطاول غيابهم، يحضرون فيزيد المكان بهاء، ويغيبون فتخفت فضاءاته. إنها كيمياء الذات المتناغمة مع كل من حولها، وإن شئت قل: فنارات القيم التي تضيء ما حولها، فتضفي على المكان قيمة جديدة، وعلى الزمان بهاء مشعا.
نحن اليوم في رحلة ممتعة بصحبة قيل يماني أصيل من أقيال النضال والكفاح والمقاومة، تخلد حميما في ذاكرة الوطن، وستظل ذكراه خالدة أبد الدهر.
الوالد المناضل صالح أحمد سحلول، من مواليد 1919م في قرية بيت العميس، مخلاف العرش، محافظة البيضاء.
نشأ في القرية بداية كأي طفل في أسرة متوسطة الحال، ولها اهتمام بالشعر والأدب خلفاً عن سلف، وكان والده مغتربا في الولايات المتحدة الأمريكية، في عقد العشرينيات وما بعدها.
ألحقه جده وأعمامه بكتاب القرية، فتعلم القرآن الكريم، ثم تعلم الكتابة والحساب، ولم يتركوه لإكمال تعليمه، فهم محتاجون لرعاية الأغنام، وظل يرعى الأغنام حتى بلغ عمره خمسة عشر عاما.
في العام 1937م عاد والده من الاغتراب من أمريكا إلى اليمن، وكان يحلم أو يتصور أنه سيرى البلاد قد تطورت ولو قليلا عما كانت عليه من قبل خلال السنوات السابقة، وإذا به يرى الوضع على ما هو عليه ولم يتغير شيء منذ فارقه، فأخذه معه في رحلته الثانية إلى أمريكا، وكانت المصادفة أنه بعد خروجهم من رداع ووصولهم إلى عدن أُعلنت الحرب العالمية الثانية، وتم منع المسافرين إلى الخارج، الأمر الذي اضطر سحلول ووالده أن يغيروا من وجهتهم إلى ميناء عصب في ارتيريا بواسطة مركب صغير كانت تتلاعب به الرياح على طول الرحلة، ومن ارتيريا توجهوا إلى اثيوبيا؛ حيث يتواجد عم والده هناك، واضطروا للبقاء والعمل في أثيوبيا ست سنوات، حتى انتهت الحرب العالمية الثانية، وحتى احتلت بريطانيا اثيوبيا، وأخرجت الإيطاليين.
مع بداية وصوله لعمر 24 سنة بدأ ينظم الشعر في المهجر في أديس أبابا، نظما للتسلية وتخفيف وطأة العمل وآلام الغربة، ولم يكن يحتفظ بما ينظم من الشعر، فضاعت عشراتُ القصائدِ التي نظمها خلالَ تلك الفترة وما بعدها.
عاد إلى أرض الوطن بعد ذلك، وكانت الأمراض تفتك بالناس، والجوع يستبد بهم، أما الجهل فغارقون في وحله، وآلمَه أكثر حين وجد كثيرًا من أهله قد توفوا، ولم يطق والده البقاء، فذهب للاغتراب في بريطانيا، وبقي هو في القرية، حتى قامت ثورة 48م، وكان أحد مناصريها، وعاد إلى الشعر مرة أخرى، وقد قرأ بعض دواوين الشعراء الكبار، وسمع عن المناضلين الأحرار، وقرأ لهم، ثم ذهب إلى عدن للعمل هناك، والتقى بمن تبقى من المناضلين الكبار فيها، حتى قامت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وكان واحدًا من أعلامها النضالية والشعرية، من الليلة الأولى لها في صنعاء، ببندقيته وقصيدته، متجهًا بعد ذلك إلى رداع مع رفاقه الأحرار، ومنهم الشيخ أحمد ناصر الذهب وآخرون، وفي سبتمبر الثورة نظم أحرّ قصائده وأكثرها وأجملها، ومنها:
يا شعبنا قد قامت الثورة
تنصف لنا من باطل الماضي
بانحكم انفسنا بأنفسنا
لا عاد لا سيّد ولا قاضي
كان هذا هو زامل الثورة في رداع، وكان سحلول نائبًا للعامل الجمهوري الجديد، وهو أحمد ناصر الذهب، وقد أدخلوا عامل الإمام السجن مباشرة عقب عودتهم من صنعاء. ومن هنا صُقلت مواهبه الإبداعية، كما تفجرت مواهبه النضالية بالبندقية والكلمة معا.
قلده الزعيم المناضل الرئيس عبدالله السلال قائد الثورة، أول رئيس للجمهورية وسامَ شاعر الثورة في الأسبوع الأول لقيامها، اعترافًا منه بنضال الشاعر ودفاعه المستميت عن الثورة، وقد واصل الدور النضالي الوطني في كل المحطات النضالية التي تلت أحداث الثورة الأولى، بالكلمة والبندقية، بالقول والفعل معا، فمُنح العديد من الأوسمة والشهادات التقديرية قبل الوحدة من حكومات الشطرين وبعد الوحدة كذلك، كما شارك في العديد من الأسابيع الثقافية والمهرجانات الأدبية داخل الوطن وخارجه، ويعد أحد مؤسسي اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين عام 1971م؛ وشاعرنا سحلول كما غنى لسبتمبر 62م غنى أيضا لأكتوبر 63م، وفي الثانية يقول:
ردفان يا مشعل الحرية الثاني
من بعد مشعل ورمز الحرية غمدان
ثورة ستمتد من ردفاننا ساني
إلى المكلا إلى يافع إلى بيحان
وينتهي كل غاصب بالغصيباني
وكل خائن لشعبه والوطن قد خان
صدرت له سبعة دواوين شعرية، جُمعت في مجلد ضخم يقارب ألف صفحة، قدمه الأستاذ الكبير خالد الرويشان، وفيه من كلماته المتأنقة: عندما تفرغ من قراءة هذا الديوان، ستكونُ قد قرأتَ عناوينَ نصفِ قرن في صراع التثوير والتغيير والتنوير في اليمن. وإذا كنت من جيلي الذي لم يعش معظم هذه العناوين، فإنك ستشعر بالتاريخ يجري في عروقك، وبالألم يندفع في قرارة قلبك.
ثمّة شاعرٌ يعيدُكَ إليك من شرود أيامك، ونسيان بداياتك. وإذا كان للأرض أن تحكي، وللجبال أن تروي قصّةَ شاعرٍ وثورة، شاعرٍ وشعب، شاعرٍ وقضية، فإن صالح سحلول يقف ذروةً ضخمةً متميزة على جبل الشعر الشعبي في اليمن.
ونختتم رحلتنا مع هذا المناضل الصلب والشاعر الكبير بقصيدة ملحمة، هي واحدة من غرر قصائده الشعرية، عن الإمامة الكهنوتية في اليمن، بعنوان: الرجعية خاب رجاها. وفيها:
جل الذي يسمع دعا من دعاه
ونيتي يعلم خفاها
الحمد له والشكر يملأ سماه
والأرض له حمداً ملاها
حمداً لمن عنا أزال الطغاه
والرجعيهْ خَيَّبْ رجاها
الرجعيه ذي كَمَّمَتْ كل فاه
أزالها الله وانتهاها
أذاقت الشعب اليماني عناه
وأحرمت أرضه غناها
ومزَّقت لحمه ومصَّتْ دماه
ظل مُعَذَّبْ في شجاها
كم نهبت أمواله باسم الزكاه
يا غارة الله من جفاها
سبعين عام واحنا حفاةً عُراه
والرجعيه تخدم هواها
كم شعبنا المنكوب قاسى بلاه
وعاش عيشه لا سقاها
الترب فرشه والمكاوي دواه
والجوع في بطنه طواها
الله لا أحسن إليهم جزاه
كم أحرمونا من رخاها
كانوا يقولوا هم سفينة نجاه
للخلق تنجي من أتاها
وأين أعدا الرب من أنبياه
ومن سفينة آل طاها
لو يقربوها هؤلاء الجُناه
با ينذقوهم من جُباها
ويغرقوهم في عميق المياه
أو يحرقوهم في لظاها
هل جنة الفردوس ملك الطغاه
من الذي منهم بناها؟
أظن لو كانوا عليها ولاه
ما ذاق يماني شرب ماها
إن كانت الجنة لهم يا إله
فالشعب هذا ما يباها
ولا يريد جنة وفيها عِداه
بل يطلبك جنه سواها
يا شعبنا أرضك تريد انتباه
الرجعيه قَلَّت حياها
تريد أن تسجد وراها الجباه
ما با نصلي شي وراها
رحم الله شاعر سبتمبر العظيم، القيل اليماني الكبير صالح سحلول الذي غادر دنيانا في 9 نوفمبر 2014م بعد رحلة طويلة مع الشعر والنضال والكرامة.
1. 2. 3. 4. 5.
* صالح سحلول


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.