رغم حالة التصدع والاستقطاب المستمر منذ أكثر من 3 أعوام بين مكونات المجتمع اليمني، إلا أن منتخبه الوطني لكرة القدم، والذي يشارك في بطولة كأس الخليج لكرة القدم (خليجي 22)، المقامة في العاصمة السعودية الرياض، استطاع أن يوحد اليمنيين خلفه مساء الخميس. المنتخب اليمني الذي تعادل مع نظيره البحريني سلبياً في أول مباراة له بالبطولة، حصد نقطته الأولى بعد خمس سنوات خسر خلالها مبارياته التسع في ثلاث بطولات متتالية لكأس الخليج، أعوام 2009 و2010 و2013. ونال المنتخب اليمني عبارات الثناء من جمهوره، بعد أداء وصفه محللون رياضيون ب"الجريء وغير المسبوق". الناقد الرياضي في صحيفة ماتش اليمنية، عبد الله مهيم، قال في حديث للأناضول: "المنتخب فاجأنا بالأداء الرائع، فمنذ عام 1990 عندما بدأت أتابع باهتمام كرة القدم، لم أشاهد منتخباً يمثل بلادي أفضل مما شاهدته في مباراة اليوم، إذ توفرت الثقة والجرأة والانضباط، والمهارات والإصرار والحماس واللعب الجماعي". وحظي المنتخب اليمني بتشجيع كبير من قبل اليمنيين المقيمين بالرياض في مدرجات الملعب الذي أقيمت عليه المباراة، واستمر هتافهم الحماسي أغلب وقتها، كما رفعوا أعلاماً طويلة لبلدهم. الصحفي الرياضياليمني بجريدة الزمن العمانية، وليد جحزر، اعتبر "حضور المنتخب اليمني في البطولة، يساند تعزيز الهوية الوطنية، حيث حرص كل المغتربين في الدول الخليجية، على مساندة المنتخب والهتاف باسمه، بعيداً عن اختلافاتهم الأيدلوجية والمناطقية أو الصراعات الطائفية". ورأى جحزر في حديثه للأناضول، أنه كذلك "قفز بالشعور الوطني للأمام، وحاد من دور السياسيين السلبي، حين قام بدور يتجاوز القدرة السياسية، وذلك بتوحيد المشاعر ورفع علم الجمهورية اليمنية الموحد، كما مثل تشجيعه عاملاً مهماً لكل مواطن يمني، سواء في الجنوب أو الشمال". وتابع الصحفي اليمني: "حضور المنتخب اليمني عزز الدور المعنوي الكبير في نفسيات اليمنيين، وسط موجة الإحباط من الأداء السيئ للنخبة السياسية في إدارة مستقبل البلد". وفي السياق، كتب وزير الثقافة اليمني السابق، خالد الرويشان، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، "يهتفون في غربة المدرجات بالروح بالدم نفديك يا يمن.. هذا هو الشعب في الخارج والداخل.. قلنا مراراً شعبنا عظيم .. لكن للأسف جوهره في يد فحّام". وفي بلد لا تشكل الرياضة أولوية اهتمام لدى ساسته ومواطنيه، حظي المنتخب اليمني المشارك في بطولة (خليجي 22) للمرة الأولى بدعم رسمي غير مسبوق من قيادات الدولة كافة. إذ أجرى الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، مساء يوم الخميس، اتصالاً هاتفياً بوزير الشباب والرياضة، رئيس الوفد اليمني رأفت الأكحلي، وأعضاء بعثة منتخب كرة القدم، وحثهم على "تذليل الصعوبات والعقبات أمام المنتخب وتشجيع اللاعبين للظهور بصورة مشرفة في البطولة، ورفع معنوياتهم" حسب ما نقلته وكالة سبأ اليمنية الرسمية. وكان رئيس الوزراء اليمني، خالد بحّاح، قد بادر إلى دعم المنتخب من خلال نشر صورة له على حسابه الخاص بموقع فيسبوك، وهو يرتدي زي المنتخب وفي يده كرة قدم. وسيلعب المنتخب اليمني مباراته الثانية في البطولة الأحد القادم، ضد المنتخب القطري الذي تعادل في المباراة الافتتاحية مع نظيره السعودي بهدف لكل منهما. ويتصدر المنتخبان السعودي والقطري ترتيب المجموعة برصيد نقطة واحدة بفارق الأهداف عن المنتخبين البحريني واليمني. وتقام منافسات كأس الخليج بالسعودية بين يومي 13 و26 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. ويشهد اليمن تردياً في الأوضاع الأمنية، زادت حدته بعد سيطرة جماعة "أنصار الله" المحسوبة على المذهب الشيعي، بقوة السلاح على المؤسسات الرئيسية في صنعاء، منذ 21 سبتمبر/ أيلول الماضي.