في الواحد والعشرين من فبراير الفائت تمكن الرئيس عبد ربه منصور هادي من الافلات من قبضة جماعة الحوثيين وغادر صنعاء الى مدينة عدن في عملية غامضة لم يكشف عن تفاصيلها الحقيقية حتى الان . وشكل خروج الرئيس هادي ومغادرة العاصمة صنعاء الى عدن صدمة كبيرة وعنيفة لجماعة الحوثي التي كانت قد اقتحمت القصر الجمهوري ودار الرئاسة ومنزل الرئيس هادي واضعة اياه وكبار المسؤولين الحكوميين تحت الاقامة الجبرية في منازلهم . وكانت ميليشيا جماعة الحوثي المتمردة والمرتبطة بالمشروع الايراني التوسعي في المنطقة ، قد اجتاحت العاصمة صنعاء قبل نحو ثلاثة اشهر وتمكنت من بسط نفوذها على كامل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وسط اتهامات للرئيس هادي بالفشل في ادارة الصراع مع جماعة الحوثي والتواطؤ في تسليم المحافظات لهم لتصفية حسابات سياسية مع مكونات حزبية ومراكز نفوذ في العاصمة صنعاء . وفور اجتياح الميليشيات الحوثية للعاصمة صنعاء شهد خطابها السياسي والاعلامي تغيرا كبير ضد الرئيس هادي وبرز كأهم اهدافها بعد تمكنها من السيطرة على مقر الفرقة المدرعة الأولى وتصفية الجيوب القبلية والسياسية المناوئة لتمددها العسكري بصنعاء , ولم تتورع جماعة الحوثي في سوق الاتهامات للرئيس هادي ونظام حكمه تارة بالعمل لحساب أجندة معادية لليمن وسيادته وأخرى بالارتباط بالفكر "الداعشي" حيث سعت قناة المسيرة المحسوبة على الميليشيات الى تصوير الرئيس هادي على انه يمثل واجهة لما تسميها " الجماعات التكفيرية و"الداعشية " في اليمن . وكشف الرئيس هادي عن تقديم ميليشيا جماعة الحوثي طلبا بإصدار نحو 130 قرارا بتعينات لعناصرها في مختلف اجهزة الدولة المدنية والعسكرية مهددة اياه بإسقاطه في حال رفض اصدار هذه القرارات , ووفقا للرئيس هادي فقد خاطب عبد الكريم الارياني موفدي جماعة الحوثي بالقول ان هذه القرارات بمثابة انقلاب على شرعية الرئيس هادي ورد عليه احد القيادات الحوثية " ان بيان في هذا الاتجاه قد تم تجهيزه " في اشارة الى احتمال رفض هادي طلب الحوثيين . ويواصل هادي : قلت لموفدي الحوثي : من الان الى الساعة التاسعة سيحصل خيرا ، وقمت بتقديم استقالتي قبل التاسعة مساء . وتشير هذه المعلومات الى الاسباب الحقيقية لقيام جماعة الحوثيين بإصدار اعلانا دستوريا لحكم البلاد متجاوزة شرعية الرئيس ومختلف الاتفاقات الموقعة مع المكونات السياسية والتي كان اخرها اتفاق السلم والشراكة الذي تم توقيعه تحت تهديد قوة الحوثيين , واقدمت الميليشيات الحوثية على سلسلة اجراءات بعيد اصدار اعلانها الانقلابي ووضعت الرئيس تحت الاقامة الجبرية مشددة حصارها عليه في منزله . ومثل افلات الرئيس هادي من قبضة الحوثيين ووصوله الى محافظة عدن انتصارا للإرادة الشعبية التي اختارت هادي رئيسا انتقاليا قبل ثلاثة اعوام وحظيت هذه الخطوة بتأييد محلي واقليمي ودولي غير مسبوق , ورغم مرور ثلاثة اسابيع على مغادرة الرئيس العاصمة صنعاء ووصوله الى عدن الا انه لم يتخذ حتى اللحظة اية خطوات عملية لتحصين شرعيته وحماية المحافظات التي لم تصل اليها بعد جحافل الانقلابيين الحوثيين . وشهد الأسبوع المنصرم توالي الوفود من مختلف أقاليم ومحافظات البلاد الى عدن لدعم شرعية الرئيس هادي في مواجهة الانقلاب الحوثي عليه الا أن كثير من هذه الوفود اصيبت بإحباط بعيد لقاءها بهادي . ويقول احد الحاضرين ضمن وفد محافظة مارب للقاء الرئيس هادي : " التقيت بالرئيس قبل نحو عام في صنعاء ضمن وفد محلي وحين زرته الان وجدته يحمل الافكار نفسها ويطرح اللغة نفسها كما لو ان شيئا لم يحدث في البلاد " . مضيفا : لا يبدو على الرئيس اي تغير وهو يتحدث عن الانقلابيين كما كان يتحدث عنهم في صنعاء بل ويبدي استعداده لمد يده اليهم " . ويؤكد احد الحاضرين ضمن وفد محافظة تعز : لا جدوى من الثقة بالرئيس هادي ، وإسناده ..وليس لديه مشروع فيما يبدو لمواجهة الانقلاب واستعادة الدولة والمحافظات المغتصبة من قبل المليشيات المسلحة. مرت ثلاثة اسابيع على خروج الرئيس هادي من صنعاء اذا غير أن لا توجه حقيقي لاستعادة الدولة واعادة بناء ثقة الناس في القانون والنظام ومن يدري : لعل التشكيلات المسلحة للانقلابين تفرد اجنحة مدفعيتها تمهيدا لضم الجنوب ومارب والجند تاركة الرئيس يلوك شرعية زائفة من اقاصي الارض ليمنح اليمنيين فرصة للضحك الممزوج ببكائيات حزينة ومرة .