انتهت الجولة الاولى من "مشاورات" جنيفاليمنية بالفشل مثل نظيرتيها السوريتين، مع فارق اساسي وهو ان السيد الاخضر الابراهيمي المبعوث الدولي الى سورية نجح في جمع وفدي المعارضة والنظام تحت سقف واحد، وهو ما لم ينجح فيه نظيره اسماعيل ولد الشيخ احمد في الحالة اليمنية، حيث رفض الجانبان الالتقاء بشكل مباشر، كل لاسبابه. وفد الرياض، وفد "الحكومة الشرعية" عاد الى المملكة العربية السعودية، او معظمه، ولكن وفد التحالف "الحوثي الصالحي" يتلكأ في العودة انتظارا لايجاد طائرة تقله الى صنعاء، وحتى لو جرى توفير هذه الطائرة، فان الطيران ليس سهلا بسبب العقبات التي واجهت رحلة الذهاب، وادت الى تأخيرها لمدة 24 ساعة بسبب اغلاق كل من السودان ومصر لاجوائهما في وجهها بتعليمات سعودية، وفق اتهامات التحالف المذكور، وهو الاغلاق الذي لم يرفع الا بعد تدخل امريكي. الحوثيون، ومعهم وفد حليفهم علي عبد الله صالح، يريدون الالتقاء بأمين عام الاممالمتحدة بان كي مون في اي مكان من العالم، ويعتبرون اللقاء حقا مشروعا له، لانهم حرموا منه بسبب تأخر وصول طائرتهم، على اعتبار ان بان كي مون التقى خصومهم اثناء افتتاح المشاورات في جنيف، ولكن هذا اللقاء يبدو اكثر صعوبة، خاصة بعد انتهاء هذه المشاورات او الحوار بنتائج مخيبة للآمال، وان كان من حقهم طرح وجهة نظرهم على الامين العام للامم المتحدة بشكل مباشر، حتى لو كان هذا الطلب يعني السعي للحصول على اعتراف سياسي، مثلما يرى بعض خصومهم. الوضع اليمني عاد الى "تأزمه" السابق مع تبدد كل الآمال في التوصل الى هدنة الاسبوعين التي اقترحها مبعوث الاممالمتحدة اسماعيل ابن الشيخ احمد لايصال المساعدات الانسانية وحقن دماء اليمنيين بمناسبة شهر رمضان المبارك، ولكن دخول تنظيم "الدولة الاسلامية" الى الملف اليمني من بوابة تفجيرات السيارات المفخخة ربما يزيد من تعقيد الازمة، واغراق البلاد في حرب اهلية طائفية. اليوم اصدرت "الدولة" بيانا تبنت فيه تفجير سيارة مفخخة بالقرب من حسينية "قبة المهدي" في مدينة صنعاء، مما ادى الى مقتل اثنين واصابة ستة آخرين، وهذه السيارة المفخخة الرابعة التي تستهدف مساجد للحوثيين في العاصمة اليمنية في الايام الخمسة الماضية، اوقعت 31 قتيلا يوم الاربعاء الماضي. ومن المفارقة ان هذا التفجير تزامن مع غارات لطائرات التحالف السعودي على اهداف لقوات التحالف "الحوثي الصالحي" في مدينة عدن ادت الى مقتل اربعة اشخاص. الشعب اليمني الفقير المعدم يعيش ظروفا كارثية، على حد وصف منظمات الاغاثة العالمية مثل الصليب الاحمر الدولي، فلا ماء ولا كهرباء، ولا طعام، او محروقات، بسبب الحصار المفروض على موانئه ومطاراته من قبل التحالف العربي الذي تتزعمه السعودية، والمستشفيات تمتليء بالمرضى المصابين بحمى الضنك التي انتشرت في مدينة عدن ومدن اخرى، وغير معروف اسبابها حتى الآن، ولا توجد الامكانيات الطبية والدوائية لمعالجتها، الامر الذي ادى الى تصاعد اعداد القتلى جراء ذلك. مع تبدد آمال الهدنة المؤقتة وانهيار "مشاورات" جنيف، تبدو الصورة في اليمن اشد قتامة من اي وقت مضى، والشعب اليمني هو الضحية الاكبر في هذا الصراع الدموي.