الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    وزارة الخدمة المدنية تعلن الأربعاء إجازة رسمية بمناسبة عيد العمال العالمي    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    الفريق علي محسن الأحمر ينعي أحمد مساعد حسين .. ويعزي الرئيس السابق ''هادي''    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السيول تقتل امرأة وتجرف جثتها إلى منطقة بعيدة وسط اليمن.. والأهالي ينقذون أخرى    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد خلاصها من الموت والخراب....عدن تنهض من جديد
نشر في المشهد اليمني يوم 02 - 08 - 2015

* المشهد اليمني عبدالرحمن أحمد عبده وفاروق عبدالسلام
عاشت مدينة عدن، كبرى مدن جنوب اليمن، 120 يوماً من أسوأ وأقسى أيامها، فقد لازمها خلال الأربعة الأشهر الماضية، وضع مأساوي لم تعرفه من قبل، رغم موجات صراع دامية مرت بها المدينة خلال عقود سابقة، بدءاً من سنين الاستقلال في الجنوب العام 1967، وانتهاء بحرب العام 1994، التي شنها الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ضد الجنوب.
اليوم، وبعد أن غادرتها ميليشيات الموت والخراب، المتمثلة بجماعة الحوثي، الموالية لطهران، تعود المدينة للملمة شتاتها لتعاود الحياة مجدداً، كعادتها في كل المنعطفات المؤلمة، التي مرت بها، كمدينة لا تعرف الانكسار ولا تخضع للملمات.
تشهد عدن اليوم عودة تدريجية وبطيئة لحياة طبيعية مفترضة، فالحدث كان كبيراً ومؤلماً ومكلفاً، غير أن أهالي المدينة كعادتهم، يصرون على تجاوز الآلام والخسائر في الأرواح والأنفس.
الانفراج الذي يعيشه اليوم أكثر من مليون مواطن في مدينة عدن، مازال منقوصاً بعد أشهر من الحصار الجائر، فهؤلاء ينتظرون الكثير والكثير ليعودوا إلى حياتهم السابقة كما كانت قبل الحرب، بعد أن تدهورت حياة الناس ومعيشتهم وبعد أن فقدوا كل مقومات الحياة الكريمة، حينها، وفقد البعض أحباءه، إما بآلة القتل أو بالأمراض والأوبئة التي فتكت بالمئات منهم.
ما يفرض الالتفات أولاً إلى تطبيع الحياة في المدينة وتأمين احتياجات ساكنيها وإعادة الخدمات إلى أحيائها وإعادة النازحين إلى منازلهم، بعد أشهر من الحرب العدائية المدمرة التي انتهجتها ميليشيا جماعة الحوثي والرئيس المخلوع صالح.
هناك في المدينة من يرى أن الانتصار العسكري يجب أن يلحقه حراك سياسي واقتصادي واجتماعي حكيم لإدارة شؤون الناس، بعيداً عن إخفاقات وخطايا الماضي القريب والبعيد، والنظر إلى ما تحقق في عدن في إطاره الشامل في معالجة قضية الجنوب، الذي كان مسرحاً للحرب والعبث من أطراف سياسية كثيرة، وضرورة انتهاج خطاب سياسي وإعلامي يراعي ظروف المرحلة الراهنة، والعوامل المختلفة التي أسهمت في الوصول إليها في الداخل والخارج.
مؤخراً، تحولت مدينة عدن إلى قبلة اهتمام العالم المتابع لأزمة اليمن وحربها، التي لم تنته بعد، وينتظرها الكثير في الأيام المقبلة، فهي اليوم عاصمة البلاد المؤقتة، كما أعلنها الرئيس عبدربه منصور هادي في فبراير/شباط الماضي، عقب اختطاف الانقلابيين والمتمردين لعاصمتها صنعاء في الشمال، وهي في ظل الاهتمام غير المسبوق بها من الخارج، مرشحة لتصدر المشهد اليمني المضطرب.
النازحون.. معاناة مستمرة
النازحون، وهم قرابة نصف سكان المدينة، ليس بمقدورهم اليوم العودة إلى مساكنهم في أحياء خورمكسر وكريتر والمعلا والتواهي، نظراً للغياب شبه الكلي للخدمات الضرورية كالكهرباء والماء والاتصالات، فضلاً عن أن عدن مازالت مقطوعة الصلة براً بالمحافظات المجاورة لها، التي تمدها أو عن طريقها بالمنتجات الغذائية الزراعية.
مظاهر الدمار في المدينة شاهدة على قتال وقصف عنيفين، فيما المآل الذي وصل إليه الناس شاهد على كارثة إنسانية لا تطاق، حيث شمل الدمار المناطق كافة التي سيطرت عليها ميليشيا الحوثي وصالح، في المدينة، بينما كانت الأكثر تأثراً أحياء خورمكسر وكريتر وأخرى في مدخل دار سعد، حيث دارت أعنف المواجهات المسلحة، عندما انبرت المقاومة للتصدي لهجمات وزحف الميليشيات منذ بدء الحرب، نهاية مارس/آذار الماضي.
يسرد أهالي عدن حالات من المعاناة الإنسانية، التي فاقت الاحتمال، عندما زحفت آلة الميليشيات الحربية للسيطرة على أحياء المدينة وتحديداً في خورمكسر وكريتر والمعلا والتواهي، التي صمدت فيها المقاومة لفترات متفاوتة، قبل أن تدخلها الميليشيات تحت غطاء القصف العشوائي بمختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، حيث لم يكن بإمكان شباب المقاومة الاستمرار في صدها، بأسلحتهم الفردية الخفيفة، غير أنهم سجلوا صموداً أسطورياً غير مسبوق، وغيروا الصورة النمطية عن شباب عدن، التي كانت تطبعهم بالشباب غير المبالي، كان بعضهم ينتقل من موقع لآخر حافي القدمين، لكنه مرفوع الرأس، يقاتل دفاعاً عن كرامته وبيته وأهله.
حكاية رياض
يحكي رياض حسن، من مدينة المعلا، أن الموت كان يتربص بالجميع وليس فقط بالشباب الذي يقاوم، بسبب القصف وتبادل إطلاق النار في الأحياء، وأيضاً بسبب «القنص»، وهو ما قامت به عناصر الميليشيات، التي تمركزت في المباني، وسقط بفعل ذلك قتلى من المدنيين في المعلا وكريتر والتواهي ودار سعد.
من تلك المناطق التي تحدث عنها رياض في جنوب وشرق المدينة بدأ النزوح التدريجي للأهالي مع اشتداد المواجهات، ليكتمل في شهر مايو/أيار، حيث فر الأهالي إلى المناطق الأقل تأثراً بالقتال والأكثر أمناً، وتلك التي لم تستطع ميليشيا صالح والحوثي اقتحامها مثل البريقة والشيخ عثمان والمنصورة ودار سعد، غير أن قصف تلك الميليشيات لاحق النازحين إلى تلك المناطق، وشهدت المنصورة ودار سعد جرائم مروعة، حيث سقط جراء القصف بالكاتيوشا والهاون المئات من القتلى والجرحى.
بعض من فر من الحرب في تلك المناطق كانت وجهتهم البحر، ليصلوا إلى «البريقة»، غرب عدن، وهي المنطقة التي كانت آمنة، ولم تستطع ميليشيا الحوثي وصالح الاقتراب منها، غير أن عدداً من الأهالي فضل التوجه خارج البلاد، فقادهم البحر إلى وجهتهم المختارة والقريبة في جيبوتي والصومال.
صدمات محمد ورفاقه
من جانبه يقول الشاب وائل محمد: «لا أعلم من أين أبدأ سرد صدمتي، فقد خرجت من منزلنا عند اشتداد المعارك وتحولها إلى حرب شوارع واقتحام الميليشيات على ظهور الدبابات والمدرعات العسكرية للحي الذي أقطنه بمدينة كريتر، وعدت إليها الآن لأشاهد أمامي حافلة الركاب الصغيرة التي اشتريتها قبل أشهر من اندلاع الحرب للعمل بها لمساعدة عائلتي، ولم أكمل حتى الآن سداد قيمتها وصرت مديوناً للجهة التي اشتريت منها الحافلة، التي احترقت وتحولت إلى رماد، نتيجة إصابتها بقذيفة سلاح متوسط تسببت باشتعال النيران فيها».
وبدوره ذكر أحد سكان مدينة المعلا المواطن إبراهيم الصعيدي، أنه عند ذهابه لتفقد منزله والاطمئنان بعدم تضرره، عاد إلى مأواه الذي انتقل إليه خلال الحرب بمدينة الشيخ عثمان، حاملاً هاجس خشية سرقته من بعض ضعاف النفوس، نظراً لتعرّض عدد من المنازل في الأحياء المجاورة لمنزله للسرقة، وأكد أنه لا يمنعه وأفراد أسرته من العودة للسكن في منزلهم سوى انعدام الخدمات الأساسية.
وغير هؤلاء آخرون كُثر ممن تمكنوا في الأيام الأخيرة من زيارة مساكنهم في الأحياء المتضررة، بينما كان هناك آخرون قرروا زيارة المناطق التي أحبوها في هذه المدينة الساحلية، فهذا العم زكي عبدالحميد، من منطقة الشيخ عثمان، قرر أن يقوم بجولة في الحي التجاري والدبلوماسي في خورمكسر، ليعود بعدها ليروي لأفراد أسرته هول المشاهد التي رآها، والدمار والخراب الذي حل بأرقى أحياء عدن وأجملها.
يقول العم زكي: «آلة الحرب دمرت منازل ومدارس ومنشآت حكومية وأجمل فنادق المدينة ومستودعاتها التجارية، بل إن بعض المباني أحالتها إلى ركام، كما في مطار عدن الدولي، حتى المتنزهات لم تسلم من عبث الميليشيات، التي من الواضح أنها تعمدت التخريب والانتقام، عند اقتحامها المدينة والسيطرة عليها وقبل إرغامها على الخروج منها».
انطباعات
تعد معركة تحرير عدن هي الأهم في تطورات الحرب وتمثل فاتحة الطريق لاستعادة الشرعية لسلطتها على بقية المحافظات التي استولى عليها الانقلابيون والمتمردون.
عن النصر الذي تحقق يقول الناشط الشبابي شادي علوان إنه لم يفاجئه انتصار المقاومة والجيش بإسناد من قوات التحالف العربي، وأرجع موقفه إلى متابعته لسير التحركات والدعم المتواصل من جانب التحالف للمقاومة، والإعداد للمعركة بشكل منظم ومن دون تسرع على مدى 60 يوماً، ومراقبة كل تحركات المتمردين وتزامن تنفيذ العمليات العسكرية من قِبل التحالف والمقاومة جواً وبراً.
يقول علوان إن المعركة لم تكن دفاعاً عن عدن فقط، بل كانت معركة للدفاع عن الجزيرة العربية والهوية الإسلامية ككل في المنطقة، وأن المعركة تميزت بأساليب متقدمة وحديثة ودمجت التحركات الجوية مع التحركات على البر التي نفذتها قوافل رجال المقاومة، ونجحت خلال المعركة قوات المقاومة والتحالف في توجيه ضربات دقيقة للميليشيات أدت إلى انهيار قواتها وتهاوي مواقعها الواحد تلو الآخر، وبالتالي نجاح العملية التي يمكن وصفها ب«العملية الجراحية لاستئصال ورم خبيث أصاب عدن».
واعتبر نجاح عملية تحرير عدن، رداً عملياً قوياً على الأرض لتهديدات زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، كما جعل ذلك النجاح عدن مركزاً ونقطة انطلاق حقيقية للعمليات الإغاثية والعسكرية التي ستكون لها كلمتها في قادم الأيام، وعبّر عن ثقته الكبيرة أن هزيمة الميليشيات في عدن بداية لسقوطها في كل اليمن.
ونوه علوان بالدور والصمود البطولي والأسطوري الذي جسده شباب المقاومة في الدفاع عن عدن وقلب موازين المعركة لصالحهم بدعم من قوات التحالف العربي، والتغلب على ميليشيات الحوثي وصالح، التي دخلت الحرب بكل قوتها وعتادها من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة الخفيفة، لإدراكها أن معركة عدن ستكون الفاصلة وربحها معناه ترجيح كفتهم في حربهم بكل اليمن، ولكن خسرت الميليشيات تلك المعركة في مدينة عدن المسالمة التي زرع فيها صالح، خلال مدة حكمه قواته من النخبة مثل قوات الأمن المركزي والحرس الخاص، وأحاطها بقوات الحرس الجمهوري المنضوية في إطار المنطقة العسكرية الرابعة الأكثر تسليحاً، وكان كل ذلك بمثابة تجسيد لخشية صالح من خسارة مصالحه بالجنوب، وتخوفه من تحركات وأنشطة الحراك الجنوبي المتوسعة يوماً بعد آخر نحو المطالبة باستعادة الدولة الجنوبية.
بدوره شدد الناشط في الحراك الجنوبي علي الحريري، على ضرورة الحفاظ على انتصار المقاومة المسنودة من قوات التحالف العربي على ميليشيا الحوثي وصالح، باعتباره الانتصار الذي يعني الكثير للجنوب، في ظل تراجيديا الأحداث المتسارعة، وذلك من خلال احتراف سياسي وفهم أوسع للوضع العام وتجاوز الصعوبات كافة.
ونبّه جميع رواد مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت والمجالس المغلقة ورجال المقاومة والسياسة وأصحاب القرار في الجنوب إلى عدم الانجرار والانسياق بسرعة وراء الشائعات المنطلقة من مختلف الاتجاهات، والتأكد من أن دولة الجنوب مطلب وحق قادم، يحتاج الوصول إليه مرونة سياسية، ولذا على الجميع احترام الالتزام السياسي لدول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، التي لولا وقوفها ومعها دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانب الحق لما ألحقنا الهزيمة بالعدو الذي عاث بنا قتلاً وتنكيلاً طوال السنوات الماضية.
وأكد أنه من الواجب تأييد توجهات وأهداف دول الخليج المتمثلة بالقضاء الكامل على ميليشيات الحوثي وصالح، كونه بعد تطهير الجنوب منها، مازالت هناك محافظات شمالية يهم الخليج تطهيرها واستئصال الخطر الذي تشكله الميليشيات الحوثية، الذراع العسكرية لإيران على المنطقة، ولذا يجب أن نكون عوناً لتلك الدول كما كانت عوناً لنا.
في غرفة الإنعاش
كان محافظ مدينة عدن الجديد نايف البكري أبلغ من عبر عن حال المدينة بعد تحريرها حين أشار إلى «أن المرحلة المقبلة في عدن، مرحلة شديدة الخطورة وتحتاج وبشدة إلى المزيد من التلاحم، والوحدة الوطنية وبذل التضحية والفداء لأجل الهدف المشترك».
واستشعاراً بحساسية المرحلة الراهنة والمقبلة، نوه محافظ عدن إلى أن «جميع القوى السياسية في عدن، دونما استثناء خلال الحرب تمتعت بشعور كبير بالمسؤولية واصطف الجميع صفاً واحداً في معركة الدفاع عن عدن، ووصل الأمر إلى أن الجميع نسي انتماءاته السياسية والجهوية وتحول الكل إلى كيان واحد يعمل بروح واحدة».
ولعل ما دفعه لإصدار بيان سياسي، هي الضرورة الملحة للتنبيه ودعوة «القوى السياسية مجتمعة إلى أن تبتعد عن المماحكات السياسية وتفويت الفرصة على من يريد خلق الأزمات الداخلية، وأن يسعى الجميع لتسجيل حضوره السياسي الإيجابي، وبما فيه مصلحة جميع أهالي عدن»، وتأكيده أنه «بعد اقتراب الحرب من نهايتها نجد أننا أحوج ما نكون إلى أن نجدد ونعيد كرة التلاحم والاصطفاف الوطني بين المكونات السياسية والقوى الفاعلة كافة، بما يمكننا جميعاً من النهوض بمدينة عدن مجدداً».
نايف البكري، رأس مجلس قيادة المقاومة الشعبية في عدن طوال الحرب، وتخلى عن عضويته في حزب التجمع اليمني للإصلاح قبل أن يعينه الرئيس هادي، مؤخراً، محافظاً لمحافظة عدن، خاطب المشتغلين بالسياسة في عدن من خلال بيانه اللافت والمهم للمدينة وأهلها، وبالتالي للجنوب، بالقول «ثقوا أننا سياسياً سنقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية، ولن ننحاز لطرف ضد آخر وأننا مثلما عهدتمونا سنظل إلى جانب القضية الجنوبية ومطالب أبناء الجنوب في إيجاد الحل العادل والحقيقي لقضيتهم التي هي قضيتنا جميعاً».
لم يفوت المحافظ تقديم الشكر الجزيل لقيادة قوات التحالف العربي وعلى رأسها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، وجميع دول التحالف «لما قدموه من جهد عظيم مكننا من تحرير مدينة عدن».
وضمّن بيانه أملاً يشترك به مع جميع أبناء مدينة عدن المنكوبة، حينما قال «إذ أقف اليوم لأشكر دول التحالف، أود تجديد التأكيد على أننا نأمل في السلطة أن يظل حلفاؤنا في الحرب حلفاء أيضاً في مرحلة السلم والبناء وإعادة التعمير»، مضيفاً «وأملنا في قيادة دول التحالف أن تظل إلى جانبنا، وأن تمد يد العون لنا بما يمكننا من إنجاز مرحلة الإعمار وإعادة التأهيل وثقتنا في ذلك كبيرة». المحافظ البكري أوضح حجم الكارثة المهولة في عدن عندما قال «إن الحرب دمرت بنية المدينة التحتية بشكل كامل، وأنهت كل المظاهر الأمنية والاقتصادية»، وإشارته إلى أن «المسؤولية الملحة هي عودة عشرات الآلاف من النازحين إلى ديارهم بمديريات المعلا وخورمكسر والتواهي وكريتر، وتهيئة الظروف المناسبة لهم بإعادة الكهرباء والمياه، وتطبيع الحياة بشكل كامل».
لم ينس المحافظ أن يحث موظفي القطاع الحكومي بالمدينة بالقول «حضوركم وواجبكم هو الأداء التام والناجز لأعمالكم، ومن ذلك التزام منتسبي الأمن والقوات المسلحة بمهامهم والتزام موظفي المياه والكهرباء والاتصالات والطرقات والصحة وجميع القطاعات الأخرى بأداء مضاعف لأعمالهم».
شهامة الإماراتيين
منذ إعلان تحريرها في ال 14 من شهر يوليو/تموز، شهدت عدن جهوداً متواصلة لإعادة الحياة إلى طبيعتها وتنظيم عملية وصول وتوزيع المساعدات الإنسانية والإغاثية المختلفة المقدّمة لليمنيين، تبذلها جهات معنية عديدة، والجهات الحكومية المكلفة من الرئاسة والحكومة الشرعية، بالتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، لكن كان لدولة الإمارات العربية المتحدة مكانة خاصة في قلوب اليمنيين وأهل عدن بالذات.
يقول سامي، الشاب الثلاثيني، إن دور الإمارات تجلى بشكل خاص في الدعم الكبير الذي تم تقديمه للمقاومة الشعبية من سلاح وعتاد، وهو الدعم الذي كان له الأثر الأكبر على النصر الذي تحقق في عدن.
ويشاركه شاب آخر بالقول إن لدولة الإمارات العربية المتحدة بصمات جليّة من حيث تقديمها المساعدات المختلفة، وقبلها تضحيات أبناء الجيش الإماراتي في معركة تحرير عدن من ميليشيا المتمردين.
يروي أحد أفراد المقاومة مشاعره عند وصول المعدات الخاصة بتشغيل مطار عدن الدولي المقدمة من دولة الإمارات بالقول: «شعرت بفرح لا يوصف، وأنا أرى الفريق الفني الإماراتي في مطار عدن يستعد لتجهيز مطار عدن الدولي، كنت أشاهد الحماس في عيونهم والرغبة في تجهيز المطار بشكل عاجل ليتمكن من استقبال الطائرات التي ستصل تباعاً إلى المطار».
يقول عبود: «لم أتمكن من حبس دموعي عندما رأيت أن من أبناء اليمن من يدمر، وغيرنا يأتي ليبني ما تم تدميره على أيدي اليمنيين أنفسهم، كنت أريد أن أذهب إلى أحدهم لأقبله، وأقول له شكراً على كل ما قدمتموه من أجلنا ومن أجل عدن ومن أجل اليمن كله، لكني أسجل اليوم شكري لدولة الإمارات حكومة وشعباً فالإماراتيون من أبناء جلدتنا، وكانوا أفضل عوناً لنا خلال السنوات الماضية وسيكونون كذلك في المستقبل».
يقول عدنان الكاف، الناطق الرسمي لائتلاف عدن للإغاثة الشعبية إن العون الأخوي الإماراتي ماثل للعيان بشكل جلي في الإغاثة وتأهيل الخدمات، فضلاً عن أن امتزاج الدم الإماراتي بالدم اليمني في أرض عدن خلال معركة تحريرها له معانٍ ودلالات كبيرة جداً، فدولة الإمارات قدّمت عبر الهلال الأحمر الإماراتي سفينتين تحملان مساعدات مختلفة، حيث حملت الأولى مساعدات غذائية، وحملت الثانية نحو 2315 طناً من المساعدات الدوائية والصحية، وذلك في إطار المساعدات الواصلة من مختلف الجهات إلى عدن عبر الجو والبحر.
«هي شهامة الإماراتيين، هكذا عرفناهم»، كان وائل يلخص انطباعه عن وصول مولدات الكهرباء في عدن التي وصلت عبر سفينة إماراتية، فعدن تعاني منذ الحرب وما قبلها أزمة كهرباء مستمرة، والحر في مدينة ساحلة وحارة مثل عدن لا يعرفه ولا يقدره إلّا أبناء الإمارات، فمدنهم تتشابه وطقس عدن، ولهذا كان شعورهم أقوى من الآخرين فيما يتعلق بإعادة الكهرباء إلى المدينة».
أبى هاني، وهو ابن السابعة والعشرين إلّا أن يرد التحية إلى الإماراتيين ولشهامتهم التي أحاطوا بها اليمنيين في عدن بالقول: «طوال حصار الحوثيين لمدينة عدن وأحيائها، لم نكن نجد من مساعدات إلّا تلك التي تحمل علم الإمارات، وهي تجول في الأحياء، كانت السلال الغذائية هي أهم الحاضرين، وأبرز الشواهد على عطاء أولاد زايد».
نبض الحياة يتدفق من جديد
بدأت حركة النازحين المحتاجين لشتى مقومات الحياة، وجهود التأهيل والمساعدات المخصصة للمنكوبين، عقب العمليات العسكرية المباغتة التي نفذتها المقاومة والجيش الوطني بإسناد من قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والتي نجحت في التخلص من ميليشيا المتمردين.
فور ذلك شرعت لجان وفرق هندسية فنية متخصصة بإجراء عمليات حصر للأضرار الشاملة والجزئية في المنازل والمباني السكنية والمنشآت العامة والخاصة المتضررة خلال مدة الحرب، بالتزامن مع عودة عدد من الوزراء إلى المدينة وبدء إشرافهم على الإعداد لإعادة الإعمار وتنفيذ المعالجات العاجلة لعودة الخدمات ليتمكن المواطنون وخصوصاً النازحين من العودة إلى مساكنهم.
ومنذ إحكام السيطرة على المدينة وبدء تشغيل ميناء عدن ومطارها، تدفقت الإغاثات الإنسانية العاجلة للأهالي، فكانت طائرات الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في مقدمة الطائرات، والسفن المرسلة منها.
وعن بوابة المدينة وواجهتها يتحدث مدير عام مطار عدن الدولي المهندس طارق عبده علي، قائلاً: يوجد فريق فني إماراتي للاضطلاع على حجم الدمار الذي أصاب مطار عدن جرّاء الحرب، ونحن على تواصل مستمر معهم لتسهيل مهامهم في المساهمة بإعادة تأهيل المطار من خلال جلب المعدات المطلوبة، وفي مقدمتها برج المراقبة والمولدات الكهربائية، وإجراء بعض الإصلاحات لتشغيل المطار.
وأوضح أن المطار تضرر بشكل كامل، بسبب حجم الدمار الكبير الذي طال البنية التحتية والمعدات والآليات ومحطات الطاقة الكهربائية وصالات الوصول والمغادرة الخاصة بالمسافرين بما فيها صالة التشريفات، وبعض الأضرار في المدرج، مشيراً إلى أن المطار بحاجة إلى جهود وإمكانيات كبيرة لعودته إلى العمل بوضعه الطبيعي كما كان سابقاً.
ولفت إلى أن الهم الأول كان هو تأمين استقبال طائرات الإغاثة، فيما الطيران التجاري يحتاج بصورة عاجلة وأولية على الأقل تجهيز صالتين لوصول ومغادرة المسافرين، وأنهم يتابعون كافة الجهود المبذولة في سبيل التجهيز الكلي لمطار عدن.
يقول الناطق الرسمي لائتلاف عدن للإغاثة الشعبية إن إجمالي عدد النازحين من وإلى عدن بلغ أكثر من 700 ألف نازح ونازحة من مدن خورمكسر وكريتر والمعلا والتواهي وبعض مناطق محافظتي لحج والضالع، وأنه تم إيواء ما بين 5 و8 آلاف أسرة نازحة في عدد من المدارس والشقق والفنادق، وأن الائتلاف تسلم حوالي 150 ألف سلة غذائية ضمن المساعدات المقدّمة للنازحين من الجمعيات والمؤسسات الخيرية، كما أنفق الائتلاف نحو 110 ملايين ريال يمني لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية التي تم توزيعها على المستشفيات لعلاج المرضى والمصابين.
وأوضح الكاف أن الائتلاف وزع 15 ألف ناموسية وأسهم بإصلاح خدمات المجاري والصرف الصحي وعمليات رش المبيدات للقضاء على البعوض والحشرات الناقلة للأمراض والأوبئة التي انتشرت خلال الحرب، ولفت إلى أنهم سيّروا قافلة مساعدات من مدينة المنصورة إلى مدن عدن الأربع المتضررة من الحرب تضم 3600 سلة غذائية ومواد دوائية وخدماتية مثل خزانات المياه، وألفين و400 فرش ووسادة، وأنهم تكفلوا بشراء مضخات مياه لتركيبها عند استقرار الأوضاع وسيطرة المقاومة على مواقع تواجد آبار ضخ المياه إلى عدن في محافظة لحج.
ويشير إلى أنه بدأت تتوافر المشتقات النفطية من بترول وديزل بسعرهما الرسمي، وحث كافة الجهات على الاستفادة من جاهزية مطار عدن وميناء الزيت بالبريقة وميناء الحاويات بكالتكس وميناء المعلا، لإرسال المساعدات الإغاثية والإنسانية، لاسيما أن هناك الكثير من الوعود بتقديم المساعدات اللازمة التي من شأنها المساهمة بشكل كبير في إعادة الخدمات المختلفة من كهرباء ومياه واتصالات، والتي من المتوقع عودتها إلى الخدمة في المدن الأربع خلال أسابيع.
شهادة لولا
تقول الناشطة الحقوقية لولا صالح إن «عدن شهدت دماراً كاملاً لم تشهده مدينة يمنية، وبشكل ممنهج طال كل البنى التحتية لها، واستهدف المساكن، وهذا يشكل عائقاً أمام عودة المواطنين إلى مساكنهم، خاصة أن ميليشيات الحوثي وصالح استخدمت سياسة استهداف المواطنين ومنازلهم بشكل مباشر، إضافة إلى استهداف محطات الكهرباء والمياه، وهذا الأمر أيضاً يشكل عائقاً لعودة المواطنين».
توجز لولا مأساة عدن بالقول إن كثيراً من أبناء عدن نزحوا خارجها في هذه الحرب، بينما من قبل لم يحدث أبداً أن خرج أبناء عدن من منازلهم، برغم ما مر على المدينة من صراعات في الماضي.
مأساة بخيتة
عند المدخل الشمالي لمدينة عدن، تحديداً في مدينة دار سعد، المنطقة التي بقيت عصية على الميليشيات، لم نستطع غير التسلل إلّا عبر أطرافها، كانت المسنة بخيتة عبده تقف أمام منزلها الشعبي وتعلق على ما جرى قائلة: «لم يحدث لمدينة عدن من دمار وخراب وقتل وحصار للناس فيها، كما في هذه المرة».
وتضيف قائلة: «عشتُ في عدن طوال حياتي وعايشت كل الأحداث والحروب فيها منذ أيام الاستعمار البريطاني، وبعد الاستقلال وبعد الوحدة والحرب، بعدها في عام 1994، لكن لم أر دماراً وقتلاً كما في هذه المرة».
شهادات عن أيام الحرب
كانت بشائر النصر قد هلت على المدينة قبل أسبوعين، عندما
أعلنت المقاومة عن تحرير منطقة ساحل عمران، غربي المدينة، بعون عربي خليجي، وقفت فيه دولة الإمارات في المقدمة لتستمر حتى تحرير كل المدينة.
بشائر النصر تبعها الخير على المدينة، بتدفق العون الإنساني وتغطية احتياجات أهاليها من الغذاء والدواء، وكانت دولة الإمارات في المقدمة وحاضرة إلى جانب المملكة العربية السعودية.
بعد التحرير تنفس أهالي عدن الصعداء، وصار بإمكانهم التحرك في أرجائها، بعيداً عن الموت الذي ظل يتربص بهم في كل لحظة، لكن رغم ذلك ستحتاج المدينة لفترة طويلة للعودة إلى حياتها الطبيعية، بعد أن حصدت آلة الموت قرابة 1000 مدني، قضوا نحبهم تحت القصف والقنص، بينما سجلت قرابة 9000 مصاب، ستظل جراحاتهم شاهدة على عدوان غير مسبوق.
شهادات بعد التحرير
«أجواء الحرب لاتزال ماثلة في الحي ورائحة البارود لم تغادره»، هكذا كان تعليق العديد ممن عادوا إلى ديارهم بعد التحرير لتفقُدها، منهم الشاب سمير الذي عاد إلى منزل أسرته والحي الذي نشأ به في مدينة التواهي، من مكان نزوحه القسري في مدينة البريقة.
جسد عدد من الشهادات المؤلمة مدى التأثير النفسي على ضحايا حرب ميليشيا الانقلابيين والمتمردين على الشرعية في البلاد، يتحدث الشاب فهمي حسن، عن اضطراره وعدد من شباب مدينة كريتر في أول أيام عيد الفطر المبارك إلى حمل المواطن محمد عبدالله إبراهيم، بعدما أقعدته في الأرض على ركبتيه باكياً، صدمة رؤية عمارته السكنية المكونة من نحو ثلاثة أدوار مدمرة بشكل كبير، ونقله منهاراً بإحدى السيارات إلى سكنه المؤقت بمنطقة إنماء في مدينة الشعب، التي قدم منها إلى كريتر لتفقد منزله.
نقلا عن "الخليج" الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.