هل مشكلة الجيش، والذي يعتبر أهم مؤسسات الدولة، تنتهي بوصول أحمد علي إلى الإمارات وعلي محسن إلى القصر الجمهوري؟! هذا هو الرد الأولي الذي أقدمه لكل الذين سألوني رأيي حول قرارات الرئيس العسكرية. ما يلفت النظر هو أن السائلين ينقسمون إلى فريقين: فريق مفعم بالفرح والتفاؤل بالقرارات، وفريق مفعم بالألم والتشاؤم.. ولكل من الفريقين سبب سطحي لاعلاقة له بما يمكن أن يحققه القرار من حل لمشاكل اليمن الأساسية، أو بما يمكن لهذه القرارات أن تساهم في تعميق مشاكل اليمن أو في تعقيدها.. سعادة الفريق الأول تأتي من إزاحة القرارات لأشخاص معينين، وألم الفريق الثاني يأتي من دعم القرارات لأشخاص معينين، وهكذا يربط الطرفان مشكلة اليمن ومصلحته بالموقف من الأشخاص الذين يحبون أو الأشخاص الذين يكرهون.. وعليه، فالدولة، في نظر هؤلاء، ليست دستوراً ولا قانوناً ولا مؤسسات ولا ديمقراطية ولا عدالة ولا إدارة ولا نظاماً.. وهذا هو المنهج الذي سارت عليه ثورات التغيير من عام 1948 إلى عام 2011، استبدال أشخاص بأشخاص وخبره بخبره ومن مشنقة إلى مشنقة فرج.. لقد آن الأوان لتغيير هذا النهج المتخلّف والذي أوصل اليمن إلى ما وصلت إليه من تخلف وشقاء وصراعات ودماء وفقر وجهل ومرض.. هل مشكلة الجيش، والذي يعتبر أهم مؤسسات الدولة، تنتهي بوصول أحمد علي إلى الإمارات وعلي محسن إلى القصر الجمهوري؟ أم أن الخطوة الجادة تتطلب الاتفاق المسبق على الأسس الحضارية لبناء جيش الدولة مع تحديد مناطق تموضعه ومعايير اختيار قياداته والتأكد من حياديتها وتوعية أفراده علي أسس تعامله مع المواطنين وتأكيد أهمية بعده عن هيمنة القوى السياسية المؤدلجة وتمثيله لليمن كلها دونما تمييز وترسيخ مبدأ أن هيبة الدولة تعتمد على العدالة وقوة القانون وليس على "المعفاطة" وقانون القوة.. ولا يجب أن ينفصل أعداد القوات المسلحة عن استكمال الإعداد للدولة المدنية الديمقراطية العادلة والتي شعارها (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، ويجب الإسراع في إقامة القضاء المستقل العادل البعيد عن كل الانتماءات الحزبية أو المناطقية أو الطائفية أو العنصرية، ويؤكد على مهمته في حماية الدستور والقانون.. ورأيي للسائلين أنه لايمكن الحكم على قرار الهيكلة قبل معرفة الأسس التي بني عليها والمعايير التي التزم بها ومنهج الحاكمين المعد لاستكمال بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة.. وغداً لناظره قريب وخداع الشعوب أصبح في حقيقته خداع الحكام لأنفسهم والذكي من يستفيد من تجارب غيره والرئيس عبد ربه قد شهد لي مرة أنني قد كتبت شارحا ماذا سيحدث ولكن الحكام لم يصدقوا إن شاء الله هذه المرة يصدقوا.. * صفحة, الدكتور المتوكل, على فيسبوك