- (نبض وياسمين)* .. كان هذا عنواناً لقصة من قصصي، عندما سمعت هذا العنوان يُعلن من إذاعة ألمانيا D.W، من القسم العربي، لتتوج حينها هذه القصة بالمركز الثاني على مستوى العالم، كأجمل قصة تتحدث عن المرأة الريفية ومعاناتها، ولتبحث عني السفارة الألمانية لتوصل لي هديتي وشهادة تقدير، حينها ظننت أني بدأت رحلة الإبداع والنجاح وشعرت أن اسم بلدي رفعته بكفاءة وانتصار، وأن وطني، حينها، سيكون لي سنداً وذخراً، وسأصل بوطني لأكثر مما وصلت إليه في العالم. ولأول مرة يكون ظني في غير محله، عندما اكتشفت تلك الحقيقة، الحقيقة الأمر من المرة، والأصعب من الصعبة، فبذلك الفوز حكمت على نفسي في بلادي بالموت، لأنني صنفت فيها كمبدع، والمبدع في بلادنا يعني مذنب مبتدع في حق وطنه ونفسه، ففي بلادنا يكرم المبدع، بسحقه وتحويله لمجرد لعبة تشبه الرسوم المتحركة، التي كنا نشاهدها صغاراً، ولا ندري بأننا سنجسدها عندما نكبر، ونحن في قمة الحزن والأسى. المبدع الحقيقي في بلادنا، امرأة كان أم رجلاً، يعد مجرماً، ويعاقب بما هو أكبر من الإبداع جريمته، لأنه بنظرهم يجر عليهم الكثير والكثير من المشاكل، فإبداعه سيفرض عليهم حقوقاً له، وهذه الحقوق يأكلونها ويعيشون ويسافرون منها، ويشترون لنسائهم الذهب ولأولادهم الوظائف والمنح، فمن أين سيطبعون للمبدعين كتبهم، ويعطونهم مستحقاتهم ووظائفهم، ويساعدونهم في علاجهم وفقرهم وعوزهم وحاجتهم، لذلك يجب إقصاء وتدمير هذا المبدع، والزج به على أرصفة الحياة، يبحث عن وطن، وطن حقيقي يستحقه. والمؤسف المؤسف أنه يجد هذا الوطن لكن ليس في وطنه، ما أصعب وأقسى هذا الوجع، وكم تمنيت في حياتي أن لا أعيشه، ويعيشه من يفكر بالإبداع خاصة من النساء، والنساء المقتدرات فعلاً، اللواتي لو أنصف إبداعهن، لأنصفت الأمة بأسرها.. فالمبدع اليمني يعاني من قهر وظلم وإهانة وإقصاء، يصل به لحد احتقار إبداعه والهروب منه ووأده حياً، طيلة حياته في بلاده، وإن قرار أن يعيش به ومعه، فهذا يعني أنه قرر أن يلبس خوذة المحارب، ويعيش محارباً طيلة حياته، وليخسر في الأخير، ويخسر كل شيء ابتداءً بنفسه، وانتهاءً بإبداعه وأولاده، فلم أجد مبدعاً ولا مبدعة حقيقية أخذوا ذرة من حقوقهم في اليمن، وغيرهم من الفاشلين الأغبياء من الشعراء والشواعر، الذين يكتبون شعراً لا يرقى إلى مستوى الشعير الذي يعطيه جارنا لحماره الهزيل، يكرمون وينصفون وتصدر لهم الكتب، ويقلدون الأوسمة، ويفوزون بالجوائز، النقدية منها على وجه الخصوص، وتنشر لهم الصحف والمجلات، ويشاد بغبائهم، ويسفروا للخارج، خاصة من المبدعات، صاحبات العطر النفاذ والكحل الأزرق، ونبقى في نفس الدائرة، وتموت أمانينا بعد سنين من الاحتضار.. فهل من أمل..؟! * صحيفة المنتصف