سعيد: كان الفقيد من أفضل الناس استماعاً ربيع: كان لا يتواني في مساعدتنا ومساعدة المحتاجين من خارج المجلس عمار: كان أكثر تواضعاً وهدوءاً ما يتركه الكبار في ذاكرة الناس العاديين أبقى في الخلود مما تختزنه الذاكرة السياسية لهم أو حتى التاريخ على اعتبار أن صدق ونقاء الحديث لا يمكن أن يكون إلا جزءاً من هذه الشهادة. لا أحد يذكر مجلس الشورى إلا ويتذكر معه الرئيس عبد العزيز عبد الغني. هكذا ارتبطت الصورة في أذهان الغالبية من الناس. يوم الأربعاء الماضيحاولت "المنتصف" استعادة ما كان يخلفه العبور من أمام مبنى مجلس الشورى الواقع على خط التلفزيون من هيبة مزدوجة تتخللها ملامح رجل أحب اليمن وأحبه اليمن واليمنيون. لقد كان بوسع "المنتصف" وهي تستعيد تلك الذكرى رؤية بقايا الأستاذ عبد العزيز عبد الغني المتجسدة في هيبة المبنى والتعرف على ما تركته آثار وملامح رجل ظل رئيساً له طوال عشر سنوات. لكن بشاعة الحرب التي حدثت قبل رحيله لم تدع للعين رؤية ما تبدو عليه من ملامح وبقايا، فقد أحالته إلى أطلال وشوهت هيبته ومنظره الجميل. ليبقى التعرف على بقاياه العظيمة في وجدان من عملوا معه طوال فترة رئاسته للمجلس بعيداً عن شهادة السياسيين ورفقاء الدرب. وليس مهماً أن تحبّ عبد العزيز عبد الغني أو تكرهه.. فكلا الأمرين يؤكّد على أنّه أثّر في حياتك ووجدانك.. يقول منطق غالبية الموظفين في مجلس الشورى "إنّنا مصابون بعبد العزيز عبد الغني ويجب أن نعترف بذلك فالجميع هنا على الأقل ما زالوا يعيشون انكسار الحلم أو الوهم الذي عاشوه مع مسئول تسنّى له أن يكون ما يريد وفي أي صورة في ذاكرتهم ووجدانهم... فاختار أن يكون "أباً" رحيماً وسموحاً بالنسبة للعاملين في المجلس وأن تكون قصته في موقع المسئولية أنّه إنسان متواضع ورجل عند مستوى الأخلاق الرفيعة والحس الإنساني تجاه كل من أتت به الحاجة إليه وليس فقط من موظفي المجلس والعاملين معه. يقول سكرتيره السابق سعيد أحمد سعيد" انه كان والداً بالنسبة لي في قمة الأخلاق والتواضع وكان رحيماً بالجميع لا يرد محتاجاً أبدا مهما كانت الظروف". ويتابع سعيد "لقد كان من أفضل الناس استماعاً لمن يتحدث إليه وأكثر تركيزاً معه غير أنه لم يكن يعجبه الاستماع إلى الشائعات أو ادعاءات البعض" وحين تدفعك الحاجة لطلبه يضيف سعيد" كان لا يبدي رفضه أو حتى المماطلة فيها ولقد عودني على قراءة دعاء عند كل لحظة أحتاج فيها لشيء ما زلت أتذكره حتى اللحظة وهو" اللهم إني استغفرك استغفارا فأنزل السماء علينا مدرارا..آمين يا الله آمين يا رب العالمين". حتى في سلوكه الشخصي يؤكد سعيد" ان الفقيد رحمه الله كان زاهداً جداً وينزل إلى مستوى وعي الفئات التي تتخاطب معه أياً كانت، حيث كان يتعامل مع الناس بحسب مستواهم ولم نكن نعرف منه ما يسبب الحرج له أو يزعجنا نحن الموظفين والعاملين تحت مسئوليته". باختصار يضيف سعيد" لقد كان جميع من في المجلس يحترمونه ويحبونه حتى وان كان هناك من يتسبب في إزعاجه، فقد كان المرحوم متأنياً وحكيماً في رده اذ لم يكن يقابل الآخر بنفس الخطأ أو يزعجه. ومعنا نحن الموظفين يختتم سعيد شهادته بالقول " كان لا يتوانى مطلقاً في مساعدتنا وحل مشاكلنا بالمقابل كان جاداً وحازماً في أوامره وقراراته". ربيع الهمداني هو الآخر كان لا يتوقف عن وصف مناقب رئيسه الذي رحل فجأة وترك في نفسه وزملائه كما يقول حسرة قاسية فمن أعظم انجازاته التي لن ننساها وسنظل نتذكرها نحن العاملين في المجلس يقول ربيع " هو ذلك الانجاز الذي حققه قبل بدء الأزمة بشهر تقريباً والمتمثل بتوظيف 153 شخصاً صرفت لهم مرتباتهم مباشرة". ويتابع ربيع "هذا فضلاً عن مآثره النبيلة التي لا يمكن أن تكون في أي مؤسسة أخرى ولن تتكرر فقد كان الشهيد نموذجاً إنسانياً نادراً في تعامله مع موظفيه ومرافقيه إن لم يكن أيضاً مع معارضيه حتى ومع الناس الآخرين الذين يأتون إليه كذلك وما أذكره أن الأستاذ كان لديه أمين صندوق خاص لمساعدة المحتاجين ممن يأتون إلى المجلس بغرض المساعدة. ويضيف ربيع "لقد كان الأستاذ، رحمه الله، حريصاً على تلبية كل متطلبات وحاجات الموظفين والعاملين معه وكان لا يمر عيد أو حتى مناسبة إلا وتصرف لنا الإكرامية والحوافز والمكافآت بعكس اليوم. حتى إذا مرض أحدنا أو واحد من أبنائنا وأهالينا كان الفقيد لا يتورع عن مساعدتنا وتقديم كل ما نحتاجه .وحتى الآن مازلت أتذكر موقفه مع أحد الموظفين في المجلس حين طلب منه المساعدة بغرض معالجة ابنه فاستجاب له مباشرة لكن المحاسب المالي لم يستجب للأمر وبدا متقاعساً عن صرف المساعدة في لحظة طارئة بالنسبة لوالد المريض الذي عاد إلى رئيس المجلس خائباً يشكوه مماطلة المحاسب على الرغم من حالة ابنه الطارئة فما كان من الأستاذ عبد العزيز عبد الغني إلا الاندفاع والهرع إلى الصندوق بنفسه". ويتفق مع ما سبق الموظف لدى المجلس عمار الشرجبي لكنه يضيف "أن الفقيد عبد العزيز عبد الغني كان أكثر تواضعاً ولا يمكن أن يجرح أحداً مهما بلغ خطأه فضلاً عن أنه لم يكن مستعجلاً أيضا في رده على أي موقف أو مشكلة. ويشير عمار إلى أن الفقيد أيضا " كان اجتماعياً جداً وكان يشارك البائس في بؤسه، والضعيف في ضعفه، وتعود معظم الناس على حضوره العام في مناسبات الأفراح وحتى الأتراح غير أنه لم يكن يخزن أبداً".. الجميع هنا في مجلس الشورى ممن حظيوا بالعمل مع الفقيد عبد العزيز عبد الغني يؤكدون بأن جراحهم نازفة ومفتوحة منذ 22 أغسطس 2011م، التاريخ الذي أراد له القاتل أن يبقى أمثولة راسخة في وجدان كل يمني، ناهيك عن كل موظف في مجلس الشورى حيث وفاته متأثراً بجراحه التي أصيب بها في حادث جامع النهدين من نفس العام. ولأن شهادة الجميع تؤكد على أن الفقيد، رحمه الله، كان يسمع أكثر مما يقول فقد ظل محاوراً جيداً بالنسبة لكثيرين وحينما يكون الحوار ساخناً يقول البعض كان عبد العزيز عبد الغني أكثر رصانة وهدوءاً بالمقابل. لقد كان باتفاق الغالبية من الناس" قاسماً مشتركاً لمختلف التوجهات السياسية حريصاً على التوافق بين الفرقاء وكان حتى وهو يمثل حزبه..يُفَضّلُ من الغير الحوار عما عداه". اليوم وفي عيون اليمنيين تظل ذكرى الأستاذ الشهيد عبد العزيز عبد الغني حاضرة بقوة ويبقى الأخير حاضراً في وجدان الوطن وحياة اليمنيين اليومية. * صحيفة المنتصف