نت- كتب/ أحمد النويهي: ساهم تولي الأستاذ شوقي احمد هائل منصب المسئول الأول في محافظة تعز في استعادة الوضع الطبيعي للمدينة إلى ما كان عليه قبل عام ونصف، خصوصاً بعد ان جعلت الأحداث الماضية خلال الفترة الماضية من تعز مسرحاً لتصفية الحسابات السياسية والحزبية والقبلية والمناطقية والمذهبية على حد سواء. فالمدينة التي كان يُعاب على من يحمل السلاح في شوارعها ويُنظر إليه بازدراء كنتاج طبيعي لمدينة وُسمت دوماً بأنها منبع المثقفين وعاصمة ثقافية لليمن على مر العصور ساهمت مختلف الأطراف في تغيير تلك النظرة المدنية بتكريس ثقافة حمل السلاح والتجول به ليلا نهار. وبتنامي هذه الظاهرة الغريبة على أبناء المدينة، انحدر مستوى الانضباط الأمني مما رفع من منسوب أعداد الضحايا في صفوف المواطنين والوافدين إلى المحافظة جراء التقطعات وأعمال السلب والنهب التي مارسها المسلحون مما جعل سماء تعز ملبداً بالغيوم وولّد لدى العوام شعوراً بأن التغيير المنشود كان سلبيا وان هناك أطرافاً تسعى إلى خلع ثوب المدنية عن المحافظة وإحلال بدلا عنه ثوب القبيلة المعتمد على قوة السلاح ومخالفة القانون والنظام في أحايين مختلفة. كل تلك الإفرازات جعلت من كرسي محافظ المحافظة ملتهبا وان من سيقعد عليه يجب ان يكون انتحاريا في مواجهة القوى الصاعدة على سلالم التخلف، فكان اختيار الأستاذ شوقي احمد هائل محافظا لتعز من خارج ترشيحات الأحزاب قرار شجاعا لرئيس الجمهورية لما يمثله شوقي من نموذج راقيٍ في المدنية والتعامل واحترام اللوائح والقوانين كون سليل أسرة تشرّب أبناؤها احترام القانون منذ صغرهم، وهو ما لقي ارتياحاً واسعاً لدى ابناء تعز خصوصا المهضومين حزبيا من الشباب والمستقلين ومختلف شرائح المجتمع التواقة الى تجربة جديدة يمثل شوقي هائل أنموذجها الافضل. ولان المساعي التغييرية القائمة على الإقصاء والإحلال الحزبي البعيد عن معيار الكفاءة والنزاهة لدى أطراف اللقاء المشترك وخصوصا تجمع الإصلاح الذي توجه إليه الكثير من الانتقادات حتى من بين شباب الثورة أنفسهم والتي اصطدمت مطالبه بمشروع التحديث والتغيير لدى شوقي هائل، كون الاخير يسعى إلى إرساء ثقافة التغيير من خلال وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتغيير أي مسئول ثبت فشله. هذا المسار والتوجه البعيد عن المحاصصة الحزبية لقي ترحيب وقبولا لدى أبناء تعز، بل ومن اللقاء المشترك نفسه باستثناء حزب الإصلاح الذي أفصح قادته عن رغبتهم في المحاصصة والتقاسم في إدارات المكاتب والذين لم يجدوا تجاوبا معهم خاصة بعد أن أعلن شوقي في آخر مؤتمر صحفي عقده بأنه سيقوم بإجراء تغييرات في مكاتب التربية والصحة في المديريات على أساس التنافس والمفاضلة وإتاحة الفرصة للجميع للتقدم لشغل تلك المناصب القيادية في هذين القطاعين الأكبر استحواذاً على القوى البشرية من العاملين في السلك الوظيفي المدني. وقد أفصح المحافظ، حينها، ان إعادة قطع الشوارع من قبل بعض الجنود هي إحدى وسائل الضغط لإثنائه عن سياسته في التغيير. تلكم السياسة التي ان نجحت فإنها ستقدم أنموذجاً يفتخر به أبناء تعز في إرساء قواعد للتغيير الأمثل القائم على أسس علمية وقانونية لا لبس فيها . ولا يمكن هنا إغفال دور المشائخ تجاه مشروع شوقي هائل والذي استطاع احتواءهم من خلال ميثاق الشرف الذي تم التوقيع عليه أواخر رمضان المبارك وهناك من التزم وبعضهم تقاعس عن احترام ذلك الميثاق الذي ينص أحد بنوده على إنشاء مجلس حكماء للمحافظة يتولى النظر في القضايا الاجتماعية التي تحتاج إلى العرف مثل الثارات والخلافات التي يلعب المشائخ فيها دورا كبيرا في حلها أو تأجيجها. ويمكن النظر إلى دور مواقف المشائخ من خلال زاوية واحدة هي مدى تأثيرهم وتأثرهم بما يقوم به شوقي من إجراءات قانونية تحد من نفوذهم خصوصا المشائخ الذين اعتادوا الاستحواذ على مقدرات وإيرادات المناطق التي تقع تحت نفوذهم القبلي وهو احد الأسباب التي جعلت شوقي يطيل من فترة بقائه في لندن بعد ان نسب إلى مصدر مقرب منه صرح لصحيفة "الشارع" بأنه معتكف في لندن حتى اختيار بديل عنه، وهو ما لم يتم تأكيده أو نفيه رسميا حتى الآن. وبالعودة إلى المؤتمر الصحفي فقد كشف محافظ تعز عن عدم تعاون وزارة الداخلية معه من خلال إعطاء المحافظة عدداً من الأطقم العسكرية والعتاد التي تفتقر إليها الأجهزة المعنية بضبط الأمن، إضافة إلى أن المحافظ وجد تقاعساً من المعنيين بالأمن في القيام بواجباتهم لاستعادة الأمن والاستقرار ما حدا به إلى توجيه خطاب شديد اللهجة لمدير الأمن ونائبيه ومدير الأمن المركزي للاضطلاع بأدوارهم وملاحقة المسلحين ومن يطلقون الأعيرة النارية في الأعراس وأعطاهم مهلة لمدة أسبوع انتهت الجمعة لتنفيذ ذلك أو تغييرهم وقد نفذت خلال الأيام الماضية حملات أمنية أدت إلى القبض على العديد من المسلحين المطلوبين امنيا.. هذا التفاعل الإجباري من قبل أجهزة الأمن أكد، بما لا يدع مجالا للشك، ان هناك تقاعساً منهم يهدف إلى جعل المواطنين يفقدون الثقة بالمحافظ والذي يعقدون عليه آمالاً كبيرة لاستعادة مدنية تعز وقد ترافق التقاعس الأمني مع حملة إعلامية قادها ناشطون حزبيون في وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك احدى الصحف اليومية هدفت كلها للتقليل من جهود المحافظ ومطالبته بالاستقالة بمجرد حصول أي حدث ولو صغيرا. وفيما يخص المليشيات المسلحة فقد وجد المحافظ تجاوبا من رئيس الجمهورية حينما ألزام وزارة الدفاع بحل مشاكل الجنود المنقطعين وتسليمهم رواتبهم واستيعابهم في معسكرات أخرى بعد ان رفض المحافظ الموافقة على إنشاء لواء خاص بهم في تعز وكان هؤلاء الجنود الذين يشكلون ورقة ضغط على المحافظ لتنفيذ مطالب حقوقية لبعضهم وابتزازية لجنود آخرين منقطعين منذ سنوات. وفي ظل هذه التباينات والفعل ورد الفعل يقف المحافظ حائرا حيال من يقول انه معه في تنفيذ برنامجه ولكنه لا يجد أي دور ملموس منهم لمواجهة حملات التشويه التي تقاد ضده حتى حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمني إليه المحافظ بحكم انه يمثله في عضوية المجلس المحلي عن مديرية القاهرة لم يقدم المؤتمر ما يتناسب مع تلك الحملات واكتفى ببيانات خجولة وواقع الحال ينطبق على الفئات الأخرى المؤيدة للمحافظ والتي لم تكلف نفسها حتى القيام بمسيرة تأييد له، لكن يبدو أنهم استشعروا مؤخرا النتائج السلبية لخمولهم وتقاعسهم في التعبير عن تضامنهم، حيث من المقرر ان تنظم يوم الثلاثاء مسيرة تأييد حدد لها نقطتا التقاء في جولة سوفتيل ووادي القاضي والالتقاء عند المحافظة وإذا ما نجح المنظمون في حشد المتضامنين فإنها ستكون ثاني رسالة قوية يتلقاها خصوم شوقي بعد المؤتمر الصحفي الذي كان صادما لمن يضعون عراقيل أمامه في تنفيذ مهامه. وإجمالا يمكن القول ان إفشال شوقي في عمله سيمثل نكسة كبيرة لأبناء تعز والذين يرى أغلبيتهم بان المحافظ يشكل صمام أمان وعاملاً مهماً لاستعادة تعز وضعها الطبيعي كمحافظة مدنية حاضنة للثقافة وطاردة لثقافة الغاب وأهلها وانه يتوجب على الجميع من أبنائها الشرفاء والمخلصين ان يقفوا صفا واحدا خلف شوقي من اجل تحقيق كل ما يصبون إليه وفق برنامج طموح يسير بهدوء وسلاسة.