العدوان الأمريكي يستهدف الحزم بالجوف ب15غارة منذ الصباح    مجلس القيادة يؤكد دعم الحكومة لإنهاء التشوهات النقدية ويشدد على انتظام عملها من الداخل    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    عطوان ..لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني التّاريخ من أوسعِ أبوابه    مؤسستي الكهرباء والمياه بذمار تحييان الذكرى السنوية للصرخة    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    إلى رئيس الوزراء الجديد    كيف أصبح السيئ بطلاً؟    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    القسام توقع قوة صهيونية بين قتيل وجريح بكمين مركب في خانيونس    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    ورطة إسرائيل.. "أرو" و"ثاد" فشلا في اعتراض صاروخ الحوثيين    تدمير المؤسسة العسكرية الجنوبية مفتاح عودة صنعاء لحكم الجنوب    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    صنعاء .. طوابير سيارات واسطوانات أما محطات الوقود وشركتا النفط والغاز توضحان    العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد الانفصال.. نظرة عن قرب (7)
نشر في المنتصف يوم 10 - 01 - 2014

تدمير ما تبقى من الدولة اليمنية
الفترة الثالثة.. كابوس دموي وبوابة اللاعبور ونهاية درامية للدولة اليمنية
ظهور حركات تمرد مسلحة في مناطق مختلفة في الشمال وموجة اغتيالات واسعة تجتاح الجنوب نتاج طبيعي للفترة الانتقالية الثالثة
دخول قوات دولية لحفظ السلام إلى اليمن قد يكون السبيل الوحيد لمنع الحرب الأهلية
تنافس الشريكين (الشمال والجنوب) تدمير ما تبقى من كرامة وإنسانية اليمنيين
تمهيد:
هذه الحلقات مجرد محاولة استشرافية لمسار الأحداث المتوقع في بلادنا في المستقبل المنظور انطلاقاً من مجموعة من المؤشرات والدلائل والشواهد التاريخية، ورغم تعدد الاحتمالات والفرضيات في هذا المسار، إلا أنني تعمدت سلوك مسار الأحداث الذي يلبي رغبة قوى الحراك حتى إن كان فيه قفز على الواقع في أحيان كثيرة، وذلك لمحاولة معرفة إلى أين سيصل بنا ذلك في نهاية المطاف هل إلى الاستقرار أم إلى الحرب الأهلية؟ أم إلى أين؟ هذا ما سنحاول معرفته.
- توقفنا في الحلقة السابقة عند الحديث عن الفترة الانتقالية الثالثة باعتبارها الثمرة اليتيمة لسنوات طويلة من المفاوضات الثنائية بين الشمال والجنوب خارج اليمن، وفي الغالب ستكون العناوين الرئيسة لأي اتفاق يتوصل إليه الطرفان بشأن الفترة الانتقالية التالي:
1- اليمن دولة اتحادية تتكون من إقليمين شمالي وجنوبي لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات يجرى في نهايتها استفتاء تقرير مصير للإقليم الجنوبي مع تأجيل بحث مطالب الشمال بشأن عدن والصبيحة وشبوة إلى نهاية الفترة الانتقالية.
2- تشكيل مجلس رئاسة من خمسة أعضاء اثنان من الجنوب يتولى احدهما رئاسة المجلس وثلاثة من إقليم الشمال يكون أحدهم نائب رئيس المجلس، وذلك لإدارة البلاد خلال السنة الأولى من عمر الفترة الانتقالية يتم فيها التحضير لإجراء انتخابات مطلع العام الثاني لاختيار رئيس ونائب للبلاد، وكذا التحضير لإجراء انتخابات تشريعية لاختيار ممثلي الشعب في البرلمان المركزي بغرفتيه، وممثلي برلمان الجنوب منتصف العام الثاني للفترة الانتقالية.
3 لتشكل حكومة مركزية يمثل فيها الشمال والجنوب بنسبة 50% لكل منهما، وفي الوقت ذاته يكون لإقليم الجنوب رئيس وحكومة مصغرة لإدارة شئونه خلال الفترة الانتقالية، وتخصص للإقليم ما نسبته 50% من إجمالي إيرادات الدولة.
4- يستكمل شريكا السلطة (الشمال والجنوب) مفاوضات السلام بينهما خلال الفترة الانتقالية بهدف التوصل لحلول لجميع القضايا العالقة بينهما.
كما ذكرنا سابقاً على الأرجح ستكون الفترة الانتقالية الثالثة أسوأ بكثير من الفترتين الانتقاليتين الأولى (مايو 90- ابريل 1993م) والثانية (في الوقت الراهن) وأكثرها كارثية على اليمنيين لأسباب عدة أهمها اختلاف هدف شريكي الحكم منها، فالشمال سيتعامل معها كمحطة لتثبيت وحدة البلاد، في حين أن الشريك الجنوبي (الذي سيكون في الواقع واجهة غير مباشرة للحراك ومشروعه الانفصالي) سيتعامل مع الفترة الانتقالية كنقطة عبور للانفصال، لذا سيعمل جاهداً على إضعاف وتفكيك الدولة اليمنية (دولة الشمال في نظر الحراك) وفي الوقت ذاته إعادة بناء مؤسسات الدولة الجنوبية في شقها الأمني والعسكري والاستخباراتي.
- سيكرس ذلك حالة من انعدام تام للثقة بين الشريكين وأجواء مشحونة بالتوتر واضطرابات وأزمات متعاقبة طوال الفترة الانتقالية، ويغذي ذلك التناقض الصارخ في سياسات ومواقف شريكي الحكم من مجمل القضايا الداخلية والخارجية، وسينعكس ذلك بشكل مخيف على مختلف الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية وسيكون الوضع قابلاً للانفجار في كثير من الأحيان، ولن يحول دون ذلك سوى سرعة تدخل القوى الإقليمية والدولية الراعية للتسوية السياسية وممارستها لشتى أنواع الضغوط على الطرفين لمنع انفجار الوضع الداخلي .
تدمير ما تبقى من الدولة:
هناك أسباب عدة ستدفع بالوضع الداخلي نحو التأزم بين شريكي الحكم خلال الفترة الانتقالية الثالثة، ومن ثم التحول من العمل على ترسيخ بنية الدولة الاتحادية إلى تدمير ما تبقى من الدولة اليمنية وفي مقدمة ذلك التالي:
أولاً: تعارض سياسة وأهداف الحراك خلال الفترة الانتقالية مع بنود وروح الاتفاق الذي وقعه مع الشمال بشأن إدارة البلاد، ما يجعله في تعارض دائم مع السياسة العامة للحكومة المركزية ومن ذلك:
- استغلال تحكمه في ميزانية إقليم الجنوب وتسخيرها لمصلحته عبر إنفاق جزء منها لخدمة مرشحيه في الانتخابات التشريعية لبرلمان الجنوب للظفر بأغلبية مقاعد البرلمان وتأكيد شرعيته كممثل شرعي للجنوب.
- تركيز حكومة الجنوب المصغرة في إدارتها للإقليم على إعادة بناء المؤسسات الرئيسة لدولة الجنوب ذات الطابع الأمني والعسكري والاستخباراتي، والحرص على توفير أجهزة الاتصالات والأسلحة الحديثة لتلك الأجهزة عبر استغلال وجود عدد من قيادات الحراك في مناصب أمنية وعسكرية رفيعة لإبرام صفقات أسلحة سرية باسم الدولة الاتحادية.
-السعي للتحكم في عمليات إنتاج وتصدير النفط من حقول شبوة وحضرموت، والتوجه للتفاوض مع شركات نفط عالمية ومنحها عقودا استثمارية جديدة بعيداً عن أعين الحكومة المركزية.
- تهيئة الوضع الداخلي لتحقيق الانفصال عبر استفتاء تقرير المصير المقرر إجراؤه نهاية الفترة الانتقالية، ولضمان النجاح في ذلك سينتهج الحراك سياسة غير معلنة تركز على:
‌أ) السيطرة على جميع المؤسسات والهيئات الحكومية في الجنوب واستخدامها لخدمة المشروع الانفصالي، وذلك عبر اختيار العناصر الأكثر تشدداً وحماساً للانفصال لتولي إدارة تلك الهيئات، كما سيركز جل جهده من أجل إحكام قبضته الأمنية والعسكرية على الجنوب.
ب) الحيلولة دون تحسن الوضع المعيشي للمواطنين في الجنوب عبر تركيز حكومة الجنوب المصغرة إنفاق الأموال على النشاط الأمني والحزبي والإعلامي للحراك، وفي الوقت ذاته وضع العراقيل المختلفة أمام جهود الحكومة المركزية الرامية لتحريك عجلة الاقتصاد، بحيث يتسبب ذلك في تدهور مخيف في مستوى الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب، ارتفاع الأسعار و... مع حرص إعلام الحراك على تحميل الحكومة المركزية مسؤولية ذلك.
‌ج) العمل على ضرب الاقتصاد الوطني عبر ممارسة فساد منظم من قبل ممثلي الجنوب في الحكومة المركزية (طبعاً ستكون هناك منافسة شديدة مع ممثلي الشمال في نهب المال العام) ما يؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاك الميزانية واستنزاف الاحتياطي والتلاعب المتكرر في سعر العملة والتسبب في انهيار قياسي في سعر صرف الريال مقابل الدولار والعملات الأجنبية الأخرى وما سيرتب عليه من ارتفاع خيالي في أسعار السلع المختلفة، ما يتسبب في تفجر العديد من الاحتجاجات الشعبية العنيفة.
‌د) إشغال الحكومة المركزية والقوى الشمالية بمشاكل أمنية في مناطق مختلفة من الشمال لضمان عدم عرقلة الجهود الرامية لإحكام الحراك قبضته الأمنية والعسكرية على محافظات الجنوب، وذلك من خلال التنسيق مع القوى المعارضة للنظام في صنعاء (قوى يسارية وحوثيين، حراك تهامي، حراك ماربي...) ودعمها للتمرد على صنعاء وسيطرتها المستمرة على مناطقهم، لدرجة قد يصل الأمر إلى دفع تلك الجماعات لتشكيل أجنحة مسلحة تابعة لها.
‌ه) التركيز على تغيير موقف القوى الإقليمية والدولية الفاعلة من الوحدة، وذلك من خلال إقناعها بان دولة الجنوب هي من سيضمن مصالحها، ولتحقيق ذلك ستركز قيادات الجنوب البارزة في الحكومة المركزية وفي حكومة إقليم الجنوب على تكثيف الزيارات المبهمة والاتصالات السرية مع سفراء تلك القوى بصنعاء والقيام بزيارات سرية وغير رسمية لتلك الدول لتقديم عروض مغرية لها في حال تأييدها لقيام دولة الجنوب، ومن العروض المحتملة:
- إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في سقطرى وتسهيلات أمنية وعسكرية في عموم المناطق وتنسيق استخباراتي مفتوح تحت يافطة مكافحة الإرهاب .
- منح الأسطول الروسي تسهيلات عسكرية تسمح باستخدامهم لقاعدة العند بلحج.
- منح بريطانيا تسهيلات عسكرية ومزايا اقتصادية في عدن.
- العرض على الصين مزايا استثمارية مغربة في مجال النفط.
- إبداء الموافقة لإقامة السعودية ميناء على ساحل حضرموت لتصدير نفطها عبر بحر العرب والقبول بمشاركة سعودية في الإجراءات الأمنية المتعلقة بتوفير الحماية للميناء وأنابيب تصدير النفط داخل أراضي حضرموت .
- قد يسخر البعض من هكذا طرح والقول باستحالة قبول تلك القوى وجود القوى المنافسة لها في دولة الجنوب، ربما يكون ذلك صحيحاً، لكنه غير مستبعد مع حقيقة احتضان جيبوتي منذ عدة سنوات إلى جانب القاعدة العسكرية الفرنسية قاعدتين عسكريتين لكل من الولايات المتحدة واليابان، اللتين أقامتا قاعدتيهما بذريعة تسهيل التحرك الدولي لمحاربة أعمال القرصنة البحرية في خليج عدن والمحيط الهندي .
- في المقابل سيركز الطرف الشمالي في بداية المرحلة الانتقالية على دعم التيار الوحدوي في الجنوب للفوز بأكبر نسبة ممكنة من المقاعد في برلمان الجنوب ومن ثم مشاركته بفعالية في حكومة الجنوب المصغرة، وهذا الدعم سيؤثر سلباً على العلاقات بين شريكي السلطة، أما في نهاية المرحلة الانتقالية فسيركز الشمال سياسته على تقديم الدعم اللوجستي للمكونات الانفصالية في عدن وحضرموت، بحيث تكون أكثر تنظيماً ونشاطاً وفعالية في الميدان وقد يسخر لها جزءاً من إعلامه ضمن ذلك الدعم.
ثانياً: الاغتيالات
كانت الاغتيالات إحدى السمات البارزة في المشهد اليمني خلال الفترتين الأولى والثانية، ولأن التاريخ بعيد نفسه بصورة عجيبة، فإن المرجح أن تشهد الفترة الانتقالية الثالثة موجة جديدة من الاغتيالات، وحسب القيادات التي تم تصفيتها خلال الفترتين الأولى والثانية يبدو جلياً تورط أحد القوى الرئيسة أو أكثر في تلك الاغتيالات لتحقيق أهدافها.
- في الفترة الانتقالية الأولى كانت قيادات الحزب الاشتراكي هي الهدف الرئيس لموجة الاغتيالات التي شهدتها اليمن في السنوات الأولى من عمر الوحدة. صحيح أن جزءاً من تلك الاغتيالات كان ضمن تصفية حسابات وانتقام من قيادات الاشتراكي جراء قتل وسحل العلماء ورجال الدين في الجنوب قبل الوحدة، وامتداداً لأحداث 86م المروعة، لكن مخاوف التيار الإسلامي من احتمال سيطرة الاشتراكي على النظام في اليمن الموحد كان السبب الرئيس وراء تلك الاغتيالات.
- أما في الفترة الانتقالية الثانية (الراهنة)، فالملاحظ أن الاغتيالات تستهدف بدرجة رئيسة القيادات الأمنية والعسكرية وبالذات التي لعملها علاقة مباشرة بملف الإرهاب، كما توسعت شريحة المستهدفين من خلال تصفية عدد من الدبلوماسيين العاملين في بلادنا وعدد من قيادات المؤتمر الشعبي وبرلماني حوثي، كما تعرضت قيادات سياسية حزبية لمحاولات اغتيال فاشلة.
- رغم الإرباك الذي يتسبب به اتساع شريحة القيادات المستهدفة (عسكرية ومدنية ودبلوماسية وإعلامية) ما يصعب من القدرة على معرفة الجهة المتورطة في عملية الاغتيال، الا أن الأهداف الرئيسة منها تبدو واضحة إلى حد ما وهي:
الحيلولة دون قيام أجهزة الأمن والجيش بمهامها الرئيسة ومن ثم ضمان قدرتها في استخدام ورقة الإرهاب والانفلات الأمني لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، وكذا إبقاء أجهزة الأمن والجيش عاجزة عن مواجهة المليشيات المسلحة التابعة لبعض القوى.
تصفية القيادات الأمنية والعسكرية الوطنية كخطوة أولى لإحلال قيادات بديلة لها تمكنها من استمرار نفوذها وهيمنتها على أجهزة الأمن والجيش وضمان ولائه وتبعيته لها في الفترة القادمة.
محاولة إفشال العملية السياسية وإرباكها إما من أجل التخلص من استحقاقات التسوية السياسية ومخرجات الحوار الوطني أو لممارسة الضغوط على القوى الأخرى للقبول بالحفاظ على جزء من مصالحها.
تصفية حسابات بين مراكز القوى الرئيسة واستمرار صراع النفوذ فيما بينها .
- هذا التنوع في الأهداف يدل على تورط غالبية القوى الرئيسة في المشهد في موجة الاغتيالات الحالية لكن مع تركيز غالبيتها على إضعاف الجيش والأمن والسعي للسيطرة عليه، الأمر الذي يدل على أن مراكز نفوذ بعينها هي من يقف خلف معظم الاغتيالات الراهنة.
يبدو جلياً أن ظاهرة الاغتيالات تضاعفت بشدة في الفترة الانتقالية الثانية مقارنة بالفترة الأولى، ما يؤشر إلى أن الفترة الانتقالية الثالثة قد تشهد موجة اغتيالات أعلى أو مستوى لايقل عن المستوى الحالي، لكن مع الاختلاف في نوعية القيادات المستهدفة، حيث ستتركز بدرجة رئيسة على الأرجح في تصفية القيادات الوحدوية في الجنوب.
فالتيار المتشدد في الحراك سيعمل على إزاحة وتصفية الشخصيات السياسية والاجتماعية البارزة في الجنوب التي سينظر إليها كعائق أمام جهوده لفصل الجنوب عن اليمن، وهنا في الغالب سيتم توجيه أصابع الاتهام إلى القاعدة بالوقوف وراء تلك الاغتيالات، ولا يستبعد أن تشمل عملية التصفية بعض القيادات الحراكية التي تمثل منافساً قوياً لقيادة دولة الجنوب بعد الانفصال، كون ذلك سيضمن إضفاء مصداقية بتورط صنعاء ووقوفها وراء جميع عمليات الاغتيالات بحق القيادات الجنوبية، إضافة إلى ضمان تصفية قيادات منافسة لقيادة وحكم الجنوب دون أن يتسبب ذلك في نشوب حرب أهلية، كما أن اتهام صنعاء بالوقوف وراء تلك الاغتيال سيكون بمثابة المسمار الأخير في نعش الوحدة، حيث سيتم استغلال تلك العمليات لإثارة أكبر عملية تحريض مناطقي في الجنوب ضد الشمال والوحدة عموماً.
ثالثاً: مواصلة التفاوض خلال الفترة الانتقالية
ثالث الأسباب التي ستساهم في تأزم الوضع الداخلي وتوتير العلاقة بين شريكي الحكم خلال الفترة الانتقالية الثالثة هو اضطرارهما لمواصلة التفاوض حول الملفات المختلفة وبالذات القضايا الخلافية المرحلة من جولات سابقة، ونظراًً لكثرة الخلافات بشأن غالبية القضايا المطروحة على طاولة المفاوضات خاصة الخلافات المتوقعة بشان تفاصيل الترتيبات التي يفترض الاتفاق عليها بعد الاستفتاء في حال الانفصال أو الخلاف حول الملفات الرئيسة المرحلة التي يستحيل الاتفاق بشأنها، كل ذلك سيساهم في شحن الأجواء وتوتير العلاقة بين الطرفين أثناء وبعد عقد كل جولة من جولات التفاوض خلال الفترة الانتقالية.
- سينعكس ذلك سلباً على شراكتهما وفي أداء الحكومة المركزية، وقد نسمع من جديد أخباراً عن حالات اعتكاف متكررة للقيادات الجنوبية الرئيسة بصورة مشابهة لاعتكاف البيض وآخرين خلال الفترة الأولى.

...وفي الغالب ستكون أبرز عناوين أو سمات المرحلة الانتقالية الثالثة كما يلي:
- دعم خيار الوحدة من قبل قيادات الحراك لن يخرج عن كونه مجرد تصريحات إعلامية شكلية من حين لآخر خاصة خلال النصف الأول من عمر الفترة الانتقالية، لكنها ستختفي تماماً في العامين الأخيرين من الفترة الانتقالية وسنسمع بدلاً عنها مواقف صريحة ومباشرة صادرة عن تلك القيادات تطالب بالانفصال.
- التنافس الشديد على المناصب الوظيفية ونهب مروع للخزينة العامة مع تراجع كبير في قدرة النظام في السيطرة على الوضع الداخلي في البلاد.
- أزمات سياسية متتالية وتدهور اقتصادي حاد وانفلات أمني وفوضى وظهور حركات تمرد مسلحة في مأرب وتهامة والمناطق الوسطى ومواجهات عسكرية متفرقة ومحدودة من حين لآخر بين القوات الحكومية والميليشيات شبه النظامية التابعة للحراك في الجنوب، لكن الطرفين سرعان ما يتدخلان لاحتواء المواجهات والحيلولة دون انفجار كامل للوضع الأمني.. حكومة الجنوب ستحاول استغلال ذلك للمطالبة بنشر قوات دولية في البلاد وبالذات في المناطق التي تتكرر فيها المواجهات المسلحة وبالذات عند خط الحدود السابق بين الشطرين. ...يتبع
[email protected]
* المصدر: صحيفة "المنتصف"
* عبدالعزيز ظافر معياد, كاتب وباحث سياسي يمني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.