ليس بالمقدورِ أن أنسى أصبعَ والدتي رحمها الله التي وضعتها على عنقي قبل وفاتها بدقائق، لتهمسَ في أذنيَّ "أخوك حسام في ذمتك، سأموت يا ولدي فكن له كل شيء"، بذلت قصارى جهدي حتى أكون باراً بها بعد وفاتها، حتى كنت أكثرَ من أمٍ لك، لكنَّها رغبتُكَ العارمةُ أن تتصدى للدفاع عن الوطن، كنت أعرفُ أنَّكَ قد نذرت روحَكَ لحراسةِ وطنِكَ السعيد، كما عرفتُ من أصدقائِك فيما بعد أنَّكَ كنت تتصدى ببسالةٍ ورباطة جأشٍ لكل من يحاول المساس بتراب وطنِكَ الذي علمتني كيف يكون الحبُ في حضرة مقامهِ الرفيعِ المدعو وطن... أخي حسام.. كل أصدقائك يتحدثون عنك بفخرٍ، يتغنون بإنجازاتك وبطولاتِك حداً شعرتُ معه أنَّك قائدُ أسطوري لا يُهزمُ... ولكنَّ هذا الشعور تأكدَ بالنسبة لي الليلة، عندما تصفحت الصور ورأيت إصابة بالغةً في قدمِك حينها فهمتُ معنى أن يكون لك علاقةٌ مباشرة بأسطورة كعبِ أخيل... الليلة فقط يا أخي الحبيب حساااااااااااااااااااااااااااااام هل تسمعني؟ أحسُّ بِك جداً، وأعرف ما معنى أن تستشهدَ وصرخةً تملأ فمَكَ الغاضب، وتسدُّ الآفاق، ربما أكون الوحيد الذي يعرف آخر كلمةٍ طعنتَ به قلب وجودنا المُعتِم، لقد صرخت بها "لااااااااااااااااااااااا" ساخنةً وصادقةً كآخر إدانةٍ أو طلقةٍ تقذفها في وجه العابثين بكرامتنا وكرامة الوطن.. أليس كذلك؟ جلالةَ الشهيد وفخامةَ الأخ... ها أنا أقولها بكلِ فخرٍ أخي الشهيد، وأنا أعي كل حرف من حروف هذه المفردةِ، أقولها رافعاً رأسي صوبَ السماءِ، وأجزمُ أنَّ كل الجهات تشيرُ إلى روحكَ النقيةِ وأخلاقك الفاضلة، الليلةُ فقط أشعرُ أنَّكَ من يضعُ إصبعه على عنقي، لتهمسَ في أذنيَّ "الوطن في ذمتِكَ يا أخي فكن لَهُ كلَّ شيءٍ.. أتمنى ذلك يا رقيبو"..