هؤلاء الناس الذين يعشق البعض تسميتهم بالرعاع يصطفون في طوابير المدهوشين برجال الدين وأصحاب الخطب المفوَّهين من ظنوا أنهم يمتلكون مفاتيح الرضا والغفران وتذاكر المرور للحوريات. ,,, يحزن الإنسان السوي حين يسمع بسجن شخص بسبب رأيه، أو حظر كتاب بسبب مضمونه، أو منع سفر ناشط خوفا من طنينه. والحزن سببه أن أي تعدّ على الحريات لا يجد من الناس التشجيع ولا الترحيب. قلت الناس. نعم، الناس الذين يعيشون حياة طبيعية ممن تربوا على قيم العدالة والكرامة والحرية. لكن بالطبع، في الجانب الآخر هناك من تربى على قيم العبودية، والارتهان لمنهج ظلامي، يقتات على أكوام من المغرر بهم باسم الدين، والوصول إلى الحياة الأخرى، حيث أنهار من خمر وتمتع بالحوريات الجميلات. هؤلاء الناس الذين يعشق البعض تسميتهم بالرعاع يصطفون في طوابير المدهوشين برجال الدين وأصحاب الخطب المفوَّهين من ظنوا أنهم يمتلكون مفاتيح الرضا والغفران وتذاكر المرور للحوريات. لقد وصل الأمر بتجار الدين حد إرسال الشباب إلى محارق النازية الحديثة، وهولوكست المعارك الطائفية، إلى أفران غاز تحرق كل المعاني السامية باسم الجهاد. لكن ما هو غير مرئي، ومهم، في معركة استقرار المجتمعات بعد تخلصها من دعاة الكراهية والحقد والتخلف، هو أن المعركة ليست ضد الرعاع ممن يفخخون مؤخراتهم، بل مع العقول التي تسوغ تفخيخ المؤخرات. ولكي ينجو المجتمع من هؤلاء يجب وقف انتشار هذا الفكر، وتخليص الناس الأبرياء والأغلبية الصامتة من الوقوع ضحية لفكر دموي. وحتى تبدأ عجلة التخلص من هؤلاء لابد من ضبط المحرض والمروج للفكر العفن. ومصادرة الكتاب الذي ينفث أفكارا مسمومة تعبث بالسلم الأهلي وتمهد للفتنة والفوضى وجز الرؤوس وسلخ الجلود. ولابد من منع الناشطين الشباب المغرر بهم من السفر في وجهات لا يعودون منها حتى جثثا، ولكي لا يذهبوا ضحايا في معارك لا شأن لهم بها، ولها أهلها المخلصون لها. ومع دوران عجلة المنع في تطبيق الموانع سنرى التماسيح تذرف الدموع وقد رأت تجارتها تبور وتأثيرها يتقلص. إذ ذاك لن يجد المتاجر بالدين أمامه إلا توجيه الدعوة إلى "رحلات سياحية بريئة" فالمهم عنده أن لا يفقد سيطرته على الجموع. والضحية في كل هذا ليس الشباب الذي أريد له أن يكون وقودا، وحسب، بل أيضا المثقف الذي لا يعرف نقطة ارتكازه، أيقف ضد العجلة المانعة، وبالتالي يؤدي خدمة لسدنة الظلام، أم يقف مع العجلة فيصنفه تجار الدين ومن ورائهم رعاعهم بالعمالة والخيانة. الذي زج بالمثقف والمجتمع في هذا المنقلب السيئ هو من فبرك هذه المعركة، وبدلا من أن يقف مع معركة المجتمعات لأجل الحرية بالطرق المتحضرة والإنسانية والنبيلة، نراه يمنح للحريات مواصفات جديدة عبر حرية تفخيخ المؤخرات باسم حرية لقاء الحوريات. السؤال هو هل للحوريات حق رفض استقبال هؤلاء؟. أنا متأكد أنهن لن يرين أمثالهم، والله غفور رحيم. * العرب