واجه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات امس الاحد معارضة داخلية غير مسبوقة، لم يتمكن من تخفيف حدتها بالاعلان عن "دمج" الاجهزة الامنية. وادى تعيين قريبه موسى عرفات على رأس ابرز الاجهزة الامنية الى موجة من الاعتراضات ، فيما هدد رئيس الوزراء احمد قريع بالاستقالة. ولم يدل قريع بتصريح صحفي في نهاية أربع ساعات من المحادثات حول هذا الموضوع في مقر قيادة عرفات في رام الله ، الذي رفض امس قبول استقالته. واكد وزير شؤون المفاوضات في السلطة الفلسطينية امس ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات جدد رفضه المطلق استقالة رئيس الوزراء احمد قريع. وقال عريقات في ختام اجتماع لمجلس الامن القومي برئاسة عرفات في مدينة رام الله "ان نقاشا معمقا دار خلال الاجتماع لتدارك الامور والحد من الاضرار ، واتخاذ كل ما هو مناسب لاعادة سيادة القانون الى المجتمع الفلسطيني". واضاف ان "الرئيس عرفات جدد رفضه المطلق اليوم استقالة رئيس الوزراء احمد قريع" موضحا انه "اذا رفض رئيس السلطة استقالة رئيس الوزراء فان الاستقالة تعتبر غير قائمة اصلا ، وفقا للقانون".واكد ان رئيس الوزراء "ما زال على رأس عمله". وانتقدت كتائب شهداء الاقصى المجموعة المسلحة المرتبطة بفتح بزعامة عرفات ومسؤولون امنيون تعيين موسى عرفات متهمين اياه بأنه "رمز الفساد" الذي ينخر السلطة الفلسطينية. بدوره ، قدم قائد الشرطة البحرية اللواء جمعة غالي استقالته امس احتجاجا على "الوضع الفوضوي الذي يسود قطاع غزة". واكد مسؤول امني آخر هو العقيد يوسف عيسى المساعد السابق لمحمد دحلان المسؤول السابق عن الامن الداخلي ، انهم استبدلوا "فاسدا بفاسد آخر" ، وهذه اشارة واضحة الى تعيين موسى عرفات. واتهم امام الصحفيين حكومة قريع بأنها "حكومة الشلل الوطني" ، معتبرا ان الوضع بات "لا يطاق لشعب يعاني من الاحتلال الاسرائيلي والفوضى الداخلية وفساد السلطة". وليل السبت الاحد ، هاجمت كتائب شهداء الاقصى واحرقت مقر أجهزة الاستخبارات الفلسطينية في خان يونس في جنوب قطاع غزة وحررت المعتقلين فيه واستولت على الاسلحة التي كانت مكدسة فيه. وقالت الكتائب في بيان "هذه رسالة واضحة موجهة الى موسى عرفات الفاسد الذي لا نقبل بتعيينه وعليه ان يستقيل". وتظاهر حوالى ثلاثة آلاف فلسطيني مساء السبت في غزة احتجاجا على هذا التعيين و300 آخرون منهم حوالى عشرين مسلحا امس في طولكرم في شمال الضفة الغربية ، كما افاد شهود. واعلن القائد الجديد لجهاز الامن العام الفلسطيني في المقابل انه لا ينوي الاستقالة. وقال موسى عرفات "لن اقدم استقالتي. والوحيد القادر على اقالتي هو من عينني". واضاف اللواء عرفات "حصلت يوم الجمعة الماضي بعض التجاوزات من بعض الناس غير المسؤولين ، وهذه الجهات التي تقف وراء هذه التجاوزات غير مسؤولة ولا تفهم في الواجب الوطني وبالتالي علينا معالجة هذا الموضوع بطرقنا المتعددة". واوضح "لن تحدث مصادمات ولا توجد مخاصمات نحن نحترم راي الاخرين ونحترم كل انسان في رايه اذ يستطيع ان يقول ما يشاء. علينا واجب ،والخطأ يجب ان نصححه والمسيرة لا بد ان تسير وهذه ليست اول ازمة تمر بها القضية الفلسطينية. فالقضية مرت في ازمات طويلة وتجاوزناها وهذه الازمة ليست اخطر بكثير من الازمات الماضية". وقال اللواء عرفات ايضا "ان تسعين في المئة من الازمات التي نمر بها سببها الاحتلال الاسرائيلي". وتابع يقول "سنعمل على اعادة هيكلة بعض الوحدات العسكرية التي تاثرت من عمليات القصف والتدمير التي قامت بها قوات الاحتلال الاسرائيلي". وقد اجرى عرفات الذي تعرض للضغوط عبر موجة الخطف التي نفذتها يوم الجمعة في قطاع غزة عصابات مسلحة قالت انها تنتمي الى فتح ، على خلفية الاحتجاج على الفساد ، دمجا امس الاول للاجهزة الامنية الفلسطينية التي قلصها من ثمانية الى ثلاثة. وتطالب المجموعة الدولية بهذا الاصلاح منذ فترة طويلة. واكد وزير الدفاع الاسرائيلي شاوول موفاز من جهته للاذاعة الرسمية ان دمج الاجهزة الامنية الفلسطينية ليس سوى "اصلاح ظاهري" لأن عرفات "ما زال يسيطر على هذه الاجهزة". واعرب عن امله في ان "تضعف" حركة الاحتجاج هذه الزعيم الفلسطيني الذي تحرمه اسرائيل منذ ديسمبر 2001 من حرية الحركة وتهدد دائما بابعاده وبما هو اسوأ.