اعتقد جازماً أن الصدق هو المسلك الوحيد الذي إذا مرَّ الناسُ عبره ، فأنهم يبلغون مقاصدهم ويرتقون إلى غاياتهم مُتخطين أيَّ أخطار أو أشواك قد تُحيط به ، فهو الرديف الآخر للحكمة ، ومن يتحلى بهاتين الصفتين يتسامى عن الوقوع في الصغائر أو التنقيب وراءها.. وبما أن الصدقَ شعارُ العظماء وبأسهم القوي ، فإننا ونحن نقتربُ من موعد الحوار بين الأخوة ممثلي الطيف السياسي اليمني في أروقة مجلس الشورى ، ندعوهم جميعاً وهم أهل لذلك أن يكونوا شركاء حقيقيين في النأي بالوطن عن الأزمات التي تتهدده ، ووضع النقاط على الحروف لجميع القضايا محل النقاش ، وتهيئة الأجواء أمام مستقبل خال من الشوائب ، واضح المعالم .. وبما أن المرحلة الراهنة تحتاج إلى وقفة جادة ومسؤولة من قبل المعنيين ، وقطع الطريق أمام من لا يريدون لهذا الحوار أن ينجح ، فإنني أدعو إخواني وآبائي المتحاورين ، أن تكون المصداقية والشفافية شعاراً لهم وملازمتين لجولاتهم ، وأن يُثبتوا للعالم أن الحكمة لا تزالُ يمانيةً وستظل إن شاء الله.. فمن الصدق ، أن يعترفَ الإنسانُ بخطئه ، ومن الحكمة أن يقبل بالرؤى السليمة أياً كان مصدرها ، ومن الصدق أيضاً أن نقولَ الحقَّ ولو على أنفسنا ، وأن نرتب بيتنا بأيدينا ، كما أن من الحكمة أن نتنازل لبعضنا ،، ومن الصدق أيضاً أن نقول للمخطئ أخطأت وللمُسيء أسأت بهدف إصلاح الشأن بدلاً من استغلال الثغرات ، والمكابرة على حساب قضايا تمس الجميع وتضعف الوطن . فعندما يصدق المُتحاورون مع الله والوطن ونفوسهم ، تُعززُ الثقة فيما بينهم ، وعندها فإن التوصل إلى حلول للملفات المطروحة أمام طاولتهم سيكون سهلاً . وعندما يكون الحفاظُ على الوطن هو الغاية التي يتحاورون من أجلها ، فإن كل شيء يهون أمامه ، وعندما يؤمن المتحاورون بأن رأيهم صوابٌ يحتملُ الخطأ ورأيَ غيرهم خطأٌ يحتملُ الصواب فإنهم بذلك سيقطعون الطريق على الأنانية من الهيمنة على أفكارهم وسيصلون إلى نقطة التقاء واحدة اسمها ( اليمن ) التي هي أغلى من النفس والمال والولد . أتمنى عليكم أيها المتحاورون أن تنحوا خلافاتكم الشخصية والحزبية جانباً ، وأن تربئوا بأنفسكم عن سفاسف الأمور وأن لا تجعلوها عقباتٍ أمام القضايا الوطنية التي سيعود نفعها على الشعب بأكمله . ونشكرُ الله أن الخلافات والملفات المطروحة أمام المتحاورين لم تصل إلى تلك المرحلة من التعقيد أو أنها تحملُ أبعاداً أيديولوجية أو أثنية كتلك التي نراها في بعض الأقطار ، لذلك فإن الآمالَ كبيرةٌ بأن يصل المتحاورون إلى حلول ناجعة لكل خلافاتهم بموضوعية ومصداقية ،، وأن يقطعوا دابرَ الفتنةِ على كل مُتربّص ، ما لم فإنَّ الحُجّة ستقامُ على من ينكصُ عن الحوار وسيُعرفُ من يقفُ إلى صفِّ الوطن ومن يقفُ ضدَّه . [email protected]