صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة    مسيرة حاشدة بجامعة صعدة إحياء لثورة 21 سبتمبر وتأكيداً على نصرة غزة    الداخلية: فرق "المرور السري" تضبط 97 سيارة في يومها الاول بشوارع العاصمة .. صور    مساء اليوم.. منتخب الناشئين يواجه الإمارات في منافسات كأس الخليج    الحديدة.. وفاة وإصابة 20 شخصا بصواعق رعدية في عدة مديريات    وزير النقل يرأس وفد بلادنا المشارك بأعمال الجمعية العمومية لمنظمة الطيران بكندا    الميناء العدني يشارك في البطولة العربية لكرة السلة بدبي بجهود ذاتية    محافظة مأرب تحتفي بأعياد الثورة بمسيرة شبابية وكشفية بالموسيقى العسكرية    مدير شرطة تعز:الحملة الأمنية مستمرة حتى ضبط كافة المطلوبين    مسيرة لمنتسبي الجامعات بالحديدة دعمًا لغزة    انتقالي زنجبار ينظم ورشة عمل بعنوان "المعالجات والحلول لمكافحة المخدرات والحد من ظاهرة حمل السلاح.    محافظ شبوة يطلق برنامج تشجيع زراعة القمح في 8 مديريات    الدفاع المدني في غزة يفيد بمقتل العشرات في غارات إسرائيلية    الرئيس الزُبيدي يلتقي مديرة مبادرات الشرق الأوسط بالمنتدى الاقتصادي العالمي    جريمة قتل اخرى بتعز ضحيتها امرأة والجاني يلوذ بالفرار    محافظ حضرموت يتفقد سير العمل بمؤسسة الاتصالات في الساحل    حملة لإتلاف المياه المعبأة مجهولة المصدر في المنصورة    العاقل يبحث خطط تطوير المكاتب الإعلامية في العاصمة و3 محافظات    مطالبة بتوفير جهاز غسيل الكلى في مديرية دمت    دراسة تهامية: أبناء المناطق الساحلية هم الأولى بحمايتها عسكريا    السبت إجازة في صنعاء والأحد في عدن    الأرصاد: أمطار رعدية على أجزاء من المحافظات الجبلية والساحلية    الأغذية العالمي يعلّق أنشطته في مناطق سيطرة سلطة صنعاء    عمار المعلم .. صوت الوطن وروح الثقافة    رئيس إعلامية الإصلاح يعزي الكاتب الصحفي حسين الصوفي في وفاة والده    هيئة شؤون القبائل تستنفر لاحباط مخططات اثارة الفتنة    ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بين الحقيقة والمزايدة    منظمة أمريكية: لدى القوات المسلحة اليمنية ترسانة عسكرية تهدد أسرائيل    المعرفة القانونية للمواطن تعزز العدالة وتحمي الحقوق    بعير اليمن الأجرب.. الإخوان المسلمون: من شريك مزعوم إلى عدو واقعي    بلباو وإسبانيول يكتفيان بالتعادل أمام جيرونا وفالنسيا    تشيلسي يتجنب المفاجآت.. وبرايتون يكتسح بسداسية    حضرموت.. تفريق وقفة احتجاجية للتربويين بالقوة واعتقال قيادات نقابية    الليغا: ريال مدريد يواصل انطلاقته الصاروخية بفوز سادس على التوالي    مليشيا الحوثي تشن حملة اختطافات جديدة في إب    جمعية الصرافين بصنعاء تعمم بإيقاف التعامل مع شركة صرافة    350 كشافا يشاركون الخميس ايقاد شعلة ثورة 26 سبتمبر بصنعاء    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يبحث مع مركز اللغة المهرية آفاق التعاون المشترك    علامات تحذير مبكرة.. 10 أعراض يومية لأمراض القلب    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    القسام تدعو لركعتين (ليلة الجمعة) بنية الفرج لمرابطي غزة    اجتماع للجنة تسيير المشاريع الممولة خارجياً في وزارة الكهرباء    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين وممثلي القطاع الخاص خلال اليوم المفتوح    إتلاف 5.5 طن من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في البيضاء    البقوليات وسيلة فعّالة لتحسين صحة الرجال والتحكم في أوزانهم    نائب وزير المياه يبحث ترتيبات إحياء يوم اللغة المهرية    الإمارات تدعو مجددًا مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته لردع إسرائيل    تعرف على هوية الفائز بجائزة الكرة الذهبية 2025    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    صحة بنجلادش : وفاة 12 شخصًا وإصابة 740 آخرين بحمى الضنك    الراحلون دون وداع۔۔۔    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    في محراب النفس المترعة..    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هَكَذا.. كان"عبدالعزيز عبدالغني"!

- "وَما الموتُ إلا سَارِق دَقّ شخصه يَصُول بِلا كفٍ ويسعى بلا رجل"..
- الموت.. هذا الهادم للّلذات الذي يأتي كما صوره"المتنبي" كالسارق يصعب الاحتراس منه! فلا يدري أحدنا متى وكيف يأتي ولا كيف يسرق الأرواح عن الأجساد! إنه يصول دون كفٍ يظهرها.. ويسعى دون رِجلٍ يمشي بها! وما ذلك إلا لشدة بطشه وسرعة سعيه؟!.. لتأتي مفاجأته سريعة وخافته وغير متوقعة أحياناً!!..
- فما أفجع الموت.. وما أشد غفلتنا عن هذا الفناء الذي لا يسْتثني أحداً إلا الله!!..
- فها هو عميد النضال الوطني- فقيد الشعب اليمني- الشهيد عبدالعزيز عبدالغني.. الذي فُرض اسمه على اليمن كل اليمن، وعلى وسائل الإعلام اليمنية- الرسمية- دون قصد منه- لأكثر من أربعين عاماً!!.. هاهو يخطفه الموت فجاءه.. لتنتهي بموته- تلك الشخصية الفذة.. وتلك الابتسامة والأريحية النادرة.. وذلك الحضور اللافت.. والجسد المميز بعرضه وجوهره.. والذي صاحب روح صاحبه.. إلى مقام الملوك والزعماء- عرباً وعجماً!!..
- فجاءه ينتهي ذلك المجد والسؤدد.. اللذين سَعَيا إليه.. ولم يسعى إليهما!!.. ينتهي ذلك كله إلى جسد دون صخب ودون مناصب أو ألقاب.. فيوضع على سُلم خشبي، ملفوفاً بكفن مُوحد لأي ميت.. ثم.. لينتهي ذلك كله إلى حُفرة؟!..
- إنها حقيقة الموت.. التي كان- عبدالعزيز عبدالغني- يؤمن بها بكل جوارحه!! ليذهب- يرحمه الله- من أروقة القلوب.. إلى منازل القبور!!.. ولسان الحال يُردد قول الشاعر:-
- "فالعيش نومٌ والمَنيةُ يقظة والمرءُ بينهما خَيَالٌ سَاري"..
- وحينما ينعي الناعي وفاة أمثال عبدالعزيز عبدالغني- الذي كان يشارك البائس في بؤسه، والضعيف في ضعفه، وتعود معظم اليمنيين على حضوره العام بما في ذلك حضوره مناسبات الأفراح والأتراح.. فإن التردد في التصديق عند سماع الخبر هو الذي يسود!! ولذا.. لا غرابة حينما جاءني خبر موته تليفونياً أن أجنح بآمالي إلى كذب موته لأظل أتعلل بالآمال والرجاء- كما فعل شاعر العرب"أبو الطيب المتنبي" حينما جاءه خبر وفاة شقيقة سيف الدولة فقال:-
"طوى الجزيرة حتى جاءني خبرٌ فزعتُ فيه بآمالي إلى الكذب"
- وحينما تأكدتُ من خبر موته- أيقنتُ كما أنا كذلك دوماً- أن الله وحده هو الحي الدائم الذي لا يموت!! فاستسلمتُ لحزني وتوسدتُ شجني!..
- بل إن مما زاد في حيرة وتساؤل البعض- أن يكون- عبدالعزيز عبدالغني- هو أول المُتوفين- ممن أُصيبوا بحادثة مسجد دار الرئاسة المشئومة!.. مع أن ذلك إنما يعطي دلالة على محبة الله له- يرحمه الله- ولأن الشاعر رُبما عَنَاهُ بقدر ما عنى أمثاله حينما قال:-
"الناس للموت كخيل الطراد فالسابق.. السابق منها الجواد..
والله لا يدعو إلى قُربه إلا من استصلح فيه الرشاد..
والموت نقادٌ على كفه جواهر يختارُ منها الجياد..!"
- ولأن الموت يمر علينا جميعاً في كل ساعة، بل في كل لحظة من ليل أو أنهار وفي كل مكان من هذه الأرض وهذه الحياة التي هي بمثابة شجرة وارفة يستظل أحدنا تحتها من حرارة الشمس لبضع دقائق.. ثم- سرعان ما يتركها!!.. إلا أن هناك فوارق عديدة بين جَنَازة.. كان صاحبها بحياته في عداد الأموات حتى ولو كان يتنفس كغيره.. لينتهي جسداً وروحاً وذكراً فور دخوله قبره.. وجنازة تظل حية من خلال ما خلفت من مآثر وأعمال جليلة من أجل العامة!!..
- ذلك أن الإنسان يبقى حياً خالداً مُتجدداً في ذاكرة التاريخ وعلى صفحات الأيام- بما قدم في حياته من خدمات عامة.. وما خلف من أعمال جليلة ومآثر كبيرة ونجاحات عظيمة لعامة الناس!!.. ثم. ما كان عليه في حياته من صفات حميدة وأخلاق عالية، وسلوك قويم، وتلك الأعمال والصفات هي بمجملها بمثابة عمرٍ ثاني لمن يتحلى بها كما عبر عن ذلك أمير الشعراء"أحمد شوقي" حينما قال:-
"فأرفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمرٌ ثاني"
- وبحسب معايشتي ومعرفتي للفقيد- عبدالعزيز عبدالغني- لأكثر من ثلاثة وعشرين عاماً- ودون أن أُزكي أحداً على الله- أحسب أنه- يرحمه الله- من هذا الصنف الذي ترك مآثر عظيمة وأعمال جليلة.. ونجاحات بارزه من أجل وطنه وأمته!
- لقد كان الفقيد يمثل الفَرَادة والاستثناء في مُجمل حياته- الوظيفية والخاصة والعامة!.. وآية ذلك.. أنه تولى وزارة الصحة خلال فترة حصار السبعين يوماً لصنعاء.. ليكون المسئول الأول عن الآف المصابين والمعاقين وفي ظل ظروف صعبة من كل الوجوه.. وأُدخل على زعيم (ظل ولا يزال في قلوب مواطنيه) وهو مضرجاً بدمائه، كما أُدخل على زعيم آخر وقد تناثرت أشلاءُ جسده!!.. وكان رغم منصبه آخر من يعلم بمصيرهما!!!.. إلا عند دخوله على جسديهما!!!.. وعاشر مجمل التطورات والأحداث المُؤلمة التي مر بها اليمن- خاصة منذ عام 1978م.. إلا أنه رغم ذلك كله.. ظل مسئولاً ومستمراً في العطاء!! إنها الفَرَادة والاستثناء حقاًً!..
- كان- عبدالعزيز عبدالغني- يرحمه الله- مُلماً بظروف اليمن أرضاً وإنساناً منضبطاً بعمله الوظيفي.. حريصاً على تطبيق الأنظمة والقوانين على الجميع! دون مُحاباة لقريب له نسباً أو مكاناً أو مكانه!! إلا ما كان خارجاً عن إرادته وقناعاته!!..
- كان مسئولاً عاماً- باسم اليمن كل اليمن! وعلى اليمنيين كل اليمنيين.. ومن هذا المفهوم كان يتحمل بعض الانتقادات من أبناء محافظته ومن غيرهم لعدم قيامه بأعمال استثنائية لمحافظته، أو لعدم مُساعدة استثنائية لبعض أقاربه وزملائه!!.. لكنه بقناعاته بما كان يقوم به في حياته الوظيفية.. والتي ظل يتحلى بها حتى وفاته بقدر ما أكسبته مع الأيام تقدير وإعجاب مُعظم العارفين بسلوكه وبظروف وطنه.. بقدر ما بات مصدر فخر وتقدير واعتزاز لأبناء تعز- محافظة ومدينة- بمختلف توجهاتهم السياسية وغيرها.. وليس العكس!!..
- كان حريصاً على المال العام- مطبقاً ذلك الحرص على ذاته ثم على أقربائه دون اهتمامه ببعض ردود الأفعال أياً كانت.. إلا ما كانت تأتيه من توجيهات بهذا الشأن وغيره ممن هو أعلى منه منصباً!!.. وحسبه أنه كان يحرص على تطبيق ما كان يقدر على تنفيذه انطلاقاً من أدائه لأمانة المسئولية ومن قناعاته وزهده وإخلاصه..
- كان وهو يشغل تلك المناصب الرفيعة والمتعددة.. هو الرجل المناسب في الوظائف المناسبة.. ولكن.. في الزمان والمكان غير المناسبين!..
- كان مخلصاً لمن ولاه على أمور وطنه وشعبه.. تقديراً لوضع الأمانة الملقاة على عاتقه وليس جزعاً أو خوفاً كما يصر البعض على فهمه!!.. مع أنه- يرحمه الله- لم يُقابل إخلاصه بإخلاص مماثل إلا ما ندر!.. خاصة حينما كانت تُوكل إليه بعض المهام كتلك التي لم تُعد تتناسب مع مكانه ومكانته، والتي قد تهدف إلى إحراجه لدى بعض محبيه وعشيرته ومحافظته.. لكنه كان يضطر على القيام بأدائها دونما قناعة لمعرفته ببعض أهدافها.. وما ذلك إلا حرصاً منه على أداء الأمانة أو الحرص على دفع مضرة قد تكون عامة!..
- كان يمثل الفئة- الصامته- المهادنه- لا لتحقيق مصلحة ذاتية.. وإنما لدفع مضار قد تقع على العامة- دون أن يُعلن عن مواقفه!.. ولذا.. فقد كان أحياناً يتلقى الإساءات والانتقادات ممن لا يُدركون أبعاد بعض مواقفه وتوجهاته.. التي كان يرمي من ورائها مصلحة الوطن كل الوطن! لتظهر الحقائق المجردة لمواقفه تلك.. فيما بعد..
- كان- عبدالعزيز عبدالغني- يمثل جيل الثورة ورموز التنوير في اليمن ورجل الاقتصاد والتنمية- حيث عرفت اليمن بفضل الله ثم بفضله أولى الخطط التنموية.. وتأسست العديد من الوزارات والمؤسسات الاقتصادية والمالية والإدارية بعهده.. والتي قدم لوطنه من خلالها زبده أفكاره وزهرة عطائه، وبقدر ما كان رجل اقتصاد وتنمية- بقدر ما كان أيضاً رجل إدارة وحنكة ودراية.. لينفرد بذلك عما عداه.. وليرتبط اسم اليمن الحديث باسمه لأكثر من أربعة وأربعين عاماً..
- كان في كل مراحل حياته العملية- يُفضل أن يعطي على أن يأخذ، وأن يتعب ويتحمل العناء والمُهادنة في كل ما أُوكِلت إليه من مهام على الدعة والراحة والاستحواذ وحب الذات!.. وصفاته هذه هي عكس صفات بعض أقرانه تماماً!..
- كانت بعض القرارات الإيجابية الفاعلة والتي صدرت باسم اليمن ومن أجل اليمن.. كان هو وأمثاله وراء إصدارها.. حينما كانوا يُستشارون بحق! ولكن .. حينما أُستغني عنهم واستبدلوا ببعض الطارئين وأشباه الأميين.. وببعض الأطفال سناً عقلاً.. ظهرت قرارات وتوجيهات وتوجهات.. كانت هي من أهم أسباب الخراب الذي حل باليمن ولا يزال!.
- كان- يرحمه الله- حكيماً - عاقلاً- متزناً- جريئاً في مكان الجرأة، ليناً في مكان اللين.. مستخدماً الحكمة في مجمل حياته- بما في ذلك عند إصداره للقرارات العامة! حريصاً على تحقيق ما كان يتطلع إلى تنفيذه من أجل العامة بالصبر والثبات وليس بالتلويح بحرمان بعض المميزات أو باستخدام القوة !.
- كان بمثابة قاسم مشترك لمختلف التوجهات السياسية في وطنه- يحرص على التوافق والتعاضد بين فرقاء العمل السياسي والحزبي- فكان وهو- يمثل حزبه..يُفَضّلُ من الغير في الحوار عما عداه- لأنه كان محاوراً جيداً. يسمع أكثر مما يقول.. فحينما يكون الحوار ساخناً- كان يصبح هو رصيناً حيناً، وهادئاً حيناً آخر!.
- كان- يمنياً حقاً- حريصاً على ثوابت اليمن- مجسداً في كل خطواته الخاصة والعامة أخلاق وقيم وأصالة اليمن- فكان تباعاً لذلك يستقبل مصائب ومصاعب اليمن- وما أكثرها- بقلب المؤمن وبثبات الغيور على وطنه وأمته- دون اكتراث أو التسليم لمثل تلك الآفات التي قد يؤدي التسليم بها إلى استفحالها وصعوبة حلها إن لم يستحيل!.
- كان- عبدالعزيز عبدالغني- يتمتع بثقة بذاته وبتسامح نادر عمن ظلمه.. يتحمل بعض الغيرة ويتجرع مرارة الشكوك وسوء الظن من البعض.. يتسامى فوق الصغائر.. مفضلاً عدم الدخول في المهاترات!.
- وان أنسى فلن أنسى موقف بعض الزملاء.. ممن كانوا يكتبون عنه بأسلوب غير لائق.. لأقنع هذا الزميل بزيارته..وليتفاجأ باستقبال لائق من الفقيد غير متوقع!!. رغم إطلاع الفقيد- يرحمه الله- على ما كان يسطره ضده!وما هذا الموقف إلا واحداً من عشرات المواقف المماثلة.
- كان- يرحمه الله- قوياً في إيمانه وارتباطه بخالقه!.. فلقد عايشته في حله وبعض ترحاله.. فكان يؤدي بعض الفروض وهو على الطائرة بل ويحرص على تنبيه مُرافقيه على أداء الصلاة.. وكان مستقيماً في ذاته وفي زهده.. بسيطاً عارياً من الغرور.. نظيفاً في لسانه ويده.. وقوراً.. قنوعاً في مجمل حياته.. متواضعاً بترفع.. مُبتسماً دوماً دون تكلف.. يملك قدرة استثنائية في التأثير على كل ما ومن حوله.. أتاه المجد لكنه فضل الزهد.. عاش الحياة رُغم الجاه والمناصب الرفيعة بتواضع المؤمن وبسلوك الأخيار.. فكانت هذه الجوانب الإنسانية، والصفات الحميدة والتي كانت تدفعه أحياناً للانهزام أمام دمعة يتيم، وتحزنه آهة مُعاق.. هي سر محبة معظم اليمنيين لعبدالعزيز عبدالغني..
- أنبئوني يا من تقرؤون هذه الكلمات العابرة- هل هناك- وفي هذا الزمن الرديء بالذات- رجلاً يحب رجلاً آخر لأخلاقه وصفاته النبيلة وليس لعطائه؟!! إلا حال اليمنيين المحبين لعبدالعزيز عبدالغني- يرحمه الله؟!!.. فما أسهل إصدار قرار لشغل المنصب الذي كان يشغله "عبدالعزيز عبدالغني".. ولكن ما أصعب تعويض إخلاص وصفات وأخلاق ومناقب ونزاهة وخبرة ورصانة "عبدالعزيز عبدالغني"!!..
- كان بصفاته المذكورة آنفاً والتي هي بمثابة جزء من كل، وغيض من فيض- قد ظلت بها صفحته بيضاء حياً وميتاً.. ولذا.. لا غرابة أن تبكيه جُموع المشيعين الذين جاءوا تلبية لمآثره ومناقبه وصفاته- وليس تلبية لدعوة رسمية!!.. وأن يترك اللوعة والحزن والأسى لدى كل من عرفه عن قرب- ومنهم كاتب هذه الأحرف حيث وجدتُ القلم لأول مرة يخذلني- فلم أتمكن من تسطير هذه الكلمات الضئيلة التي لا تفي الفقيد ولو جزءً يسيراً مما يجب إلا بعد جهد جهيد.. بل ويترك نفس اللوعة والحزن والأسى لمن عرفه عبر السماع وعبر أدواره الوطنية في جُل حياته!..
- وكان حجم الحزن عليه قد تعدى شباب الساحات المنشدين للتغيير- بما فيهم شباب ساحة مدينة تعز- ممن كانوا يبكون فرحاً ودلالاً على ذهاب ثالث طُغاة العرب.. لكنهم بوفاة "عبدالعزيز عبدالغني" اختلط دمع فرحهم على ذهاب طاغية ليبيا بدمع حُزنهم عليه- وهذا هو ما حدث فعلاً.. وليس كما قام بتحريفه وترويجه بعض الحاقدين "الصائمين عن المعروف- الفاطرين بالمنكر".. وكأني بشباب تعز وقد اختلط دمع الفرح بدمع الحُزن على الفقيد- يرددون قول "المُتنبي" :-
"أتتهن المُصيبةُ غافلاتٍ فدمع الحزن في دمع الدلال!"..
- كان "عبدالعزيز عبدالغني" عظيماً حياً وميتاً!.. جاءه الموت ليتحرر من متاعب ومنغصات الحياة.. خاصة في وطنه الذي لا يزال يعيش غموضاً يزداد يوماً بعد يوم!.. ليذهب- يرحمه الله- مُجللاً بمجده، وبُحسن خاتمته!..
- وكان بنواياه الصادقة، وتوجهاته السليمة.. قد ظل معظم حياته مسئولاً- ليبقى مسئولاً حتى وفاته.. ثم ينتهي من هذه الحياة الفانية "شهيداً" متأثراً بجراحه التي تعرض لها مع غيره في بيت من بيوت الله وهو يؤدي فريضة صلاة الجمعة.. فظل يُعاني من جراحه مُتقبلاً ذلك بصبر المؤمن الشاكر على كل ما يأتي من عند الله- حتى أختاره الله إلى جواره في العشر الأواخر من رمضان المبارك- شهر الصوم والخير والعطاء والصفاء.. ليُغادر حياتنا الفانية شهيداً وأكرم بها من خاتمة!.. وهو ما قد يدفع البعض إلى حسده حياً وميتاً- وكأني به "يرحمه الله" يردد قول الشاعر:-
"هم يحسدوني على موتي فوا أسفاً حتى على الموت لا أخلو من الحسد!"..
- وفي نفس الوقت- فإن ما قامت به المملكة العربية السعودية من دور كبير واستثنائي في معالجة مصابي حادثة دار الرئاسة.. بما فيهم فقيدنا "عبدالعزيز عبدالغني"- يستوجب من كل اليمنيين دون استثناء تقديم الشكر والتقدير والعرفان بالجميل لهذا الكيان- العربي- الإسلامي.. الكبير بعرضه وجوهره.. ملكاً وحكومة وشعباً- وذلك هو أقل ما يمكن تقديمه- فإن من لا يشكر الناس لا يشكر الله- فجزآهم الله خيراً وجعل مثل هذه الأعمال الإنسانية النبيلة في ميزان حسناتهم..
- ولا بُد من التذكير هنا- برجال حراسة الفقيد الذين ظلوا معه مخلصين له متفانين لأجله- مرافقين له في حله وترحاله.. رغم معرفتهم قبل غيرهم بأنه- يرحمه الله- لو خرج في حياته يسير منفرداً.. سواءٌ في بعض شوارع وأزقة صنعاء أو بغيرها.. لَمَا تعرض لأي أذى- لمحبة الجميع له.. فلهم جميعاً جُل الشكر والتقدير..
- ثم.. وكما أنفرد "عبدالعزيز عبدالغني" بعطائه وتفانيه وإخلاصه لوطنه وأمته.. انفرد أيضاً بأبناءٍ تحلّوا بأخلاقه وصفاته- فلم يُسمع عنهم ما يُسمع عن أبناء بعض أقرانه!.. وهو ما يُضاعف من تحمل مسئوليات الأعزاء "محمد وعُمر وأسامة ووليد وبسام وحنان" في الحفاظ على مآثر والدهم- والدنا جميعاً- واقتفاء أثره وإحياء سُننه.. ثم وهو الأهم- إخراج مذكراته- حينما يأتي الوقت المناسب لإخراجها من أجل اليمن كل اليمن أرضاً وإنساناً!..
- إن تكريم الفقيد- يرحمه الله- على المستويين الخاص والعام.. ومن الجميع إنما يأتي وقد أفضى إلى ما قدم- بالدعاء له والسير على نهجه.. وتكرار عبارات الشكر والتقدير والعرفان له جزاء ما قدم لوطنه وأمته!..
- طبت حياً وميتاً- أبا محمد- ورحمة الله تغشاك..
- هكذا.. كان عبدالعزيز عبدالغني.. و.. هكذا عرفته- يرحمه الله..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.