'سعد الحريري لن يدخل عند أوباما إلا رئيس حكومة مستقيلة' هذا ما أعلنته مصادر المعارضة قبل اللقاء بين رئيس الحكومة اللبنانية والرئيس الامريكي باراك أوباما، وما أقدمت عليه فعلاً عند الساعة الخامسة عصر امس أي قبل دقائق من موعد الحريري أوباما وهو موعد، كما قال نائب حزب البعث ل'القدس العربي' قاسم هاشم 'تحدّد مكافأة للحريري على المواقف التي اتخذها'. ومع استقالة وزراء المعارضة تستفحل الازمة السياسية حول هوية رئيس الحكومة الجديد مع تمسك '14 آذار' بالرئيس سعد الحريري وتوجّه الكتل النيابية المعارضة في الاستشارات النيابية الملزمة الى تسمية الرئيس عمر كرامي خلفاً للحريري، أما من يرجّح مجيء كرامي فهي كتلة رئيس 'اللقاء الديمقراطي' النائب وليد جنبلاط الذي يتجه لارضاء دمشق في ما تطلبه. وجاءت استقالة وزراء المعارضة عقب تبلّغها رسمياً من رئيس الجمهورية ميشال سليمان'جواب رئيس الحكومة الحريري بعدم موافقته على عقد جلسة لمجلس الوزراء عصر امس انطلاقاً من رفضه ان يحدّد له أحد متى ينعقد مجلس الوزراء وماذا يتضمن جدول الاعمال. وبحسب المعلومات فإن الحريري رفض عقد جلسة للاسباب التالية: رفضه تحديد موعد مفاجئ للجلسة من قبل المعارضة او اي طرف لا يجيز له الدستور الدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء، رفضه الشروط التي وضعتها المعارضة وهي بمثابة جدول اعمال لمجلس الوزراء وتتضمن بت ملف شهود الزور وسحب القضاة اللبنانيين من المحكمة الدولية ووقف تمويل المحكمة ووقف القرار الظني. وإزاء رفض رئيس الحكومة، اتخذ وزراء المعارضة وعددهم عشرة قرارا مفصليا في الاجتماع الذي انعقد في مقر رئيس 'تكتل التغيير والاصلاح' العماد ميشال عون في الرابية وقدموا استقالة جماعية بعدما رأوا أن تبرير الحريري لرفض عقد الجلسة إنما هو تضييع للوقت، وتلا البيان باسم الوزراء وزير الطاقة جبران باسيل بحضور وزراء حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر والطاشناق والمردة. وجاء في البيان 'إن وزراء المعارضة اللبنانية يتوجهون بالشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين وسيادة الدكتور بشار الاسد على الجهود التي بذلاها لمساعدة لبنان على تخطي الازمة الناتجة عن عمل المحكمة الدولية، وتجنيب لبنان اي مس باستقراره وحمايته من الفتنة التي تحضر له. وفي ظل النتائج التي وصلت إليها الأمور لمعالجة الأزمة والضغوط الخارجية الأمريكية، ورغم التجاوب الذي أبديناه والذي جوبه بالامتناع من الفريق نفسه المعطل للحكومة، ومنع الحكومة من ممارسة دورها الفعلي، وعرقلة شؤون الناس، وبعد قيامنا بمحاولة أخيرة بالطلب لعقد جلسة للحكومة، وجوبهنا برفض الفريق الآخر، فقررنا فسح المجال أمام قيام حكومة تستطيع القيام بواجباتها وتأميناً للعدالة الحقيقية، يتقدم الوزراء الحاضرون باستقالتهم من هذه الحكومة'. وأوضح باسيل 'ان المعارضة مُنعت من ممارسة حقها الدستوري بالتصويت، ونحن عندما عجزنا عن ممارسة حقنا وقيامنا بعملنا نفتح الان المجال لغيرنا'. وبعد وقت قصير على استقالة الوزراء العشرة انضم الوزير الشيعي المحسوب شكلاً على رئيس الجمهورية عدنان السيّد حسين باستقالته ليصبح عدد المستقيلين 11 وزيراً ما يعني فعلياً تطيير حكومة الحريري. في المقابل، أكد وزراء 14 آذار 'أن لا مجال للمساومة على موضوع المحكمة، وحرصاً منا على البلد نعلن اننا منفتحون على حوارات من دون ان تكون على حساب العدالة'، وقال الوزير بطرس حرب 'نحن بانتظار عودة الرئيس الحريري لعقد اجتماع موسع لقوى 14 آذار لاعلان موقفنا بشكل رسمي، مع حرصنا على البلد والاستقرار وان تبقى الحياة الديمقراطية في سلام'. وتعهد الرئيس الامريكي ورئيس الوزراء اللبناني الاربعاء بالعمل من اجل 'استقرار' لبنان بعد انهيار الحكومة اعتبرت واشنطن ان سببها 'خوف' حزب الله. وقال مكتب الحريري الأربعاء إنه غادر واشنطن متوجها إلى باريس لإجراء محادثات مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وقال مسؤول في مكتب الحريري في بيروت إنه سيجتمع بساركوزي اليوم الخميس. بموازاة ذلك، حذّر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل من أنَّه 'إذا تحوّلت التهديدات باستقالة وزراء المعارضة في الحكومة اللبنانية إلى واقع، فحينها سيقع الانقسام، الأمر الذي قد يقود إلى نزاع سيشكّل خطراً كبيراً قد يؤدي إلى أن يواجه لبنان مشاكل مماثلة لتلك التي شهدها سابقاً وهذا سيؤثر بالتالي على باقي بلدان المنطقة'. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي أحمد داوود أوغلو في أنقرة، تمنى الفيصل 'ألا تحصل هذه الاستقالات'. من جهته، أعرب داوود أوغلو عن استعداده 'لمساعدة الحكومة اللبنانية على الاستمرار'، مضيفاً: 'إنَّ الجهود الأساسية في هذه اللحظة تنصب على منع تصاعد حدة التوتر وتوفير ظروف النجاح للمبادرة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية وسورية'. وعلى الخط الفرنسي، أكّد الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أنَّ 'فرنسا تذكّر بتمسكها باستقرار لبنان ودعمها للمؤسسات اللبنانية وحكومة الوحدة الوطنية التي شكلها سعد الحريري بعد الانتخابات التشريعية في حزيران 2009'. واشار فاليرو الى أنَّ 'فرنسا تحث اللبنانيين على البحث معاً عن حل للأزمة التي تجتازها بلادهم ضمن احترام المؤسسات، وتدعوهم إلى تفضيل روحية الحوار والمسؤولية'. كما شدّد مجدداً على تمسّك بلاده ب'عمل واستقلالية المحكمة الخاصة بلبنان'. وداخلياً، شدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء الأربعاء النيابي على أهمية 'الدور الذي قام به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس الدكتور بشار الأسد'، مشيرا الى تأكده من إرادتهما الصادقة للوصول الى تسوية للأزمة القائمة. لكن يبدو ان لعبة الدول الكبرى كانت أكبر'. وقد نقل نائب القوات اللبنانية انطوان'زهرا عن الرئيس بري قوله 'أهم شيء أن تأخذ اللعبة السياسية مداها أما الاستقرار فهو خط أحمر'. وفي سياق المواقف، قام رئيس 'اللقاء الديمقراطي' النائب وليد جنبلاط بزيارة مفاجئة الى بكركي والتقى البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير بحضور الوزير وائل ابو فاعور وقال 'بالأمس يبدو دخلت القوى الظلامية على الخط وعطلت المبادرة، لكن من خلال المبادرة كان هناك اختراق كبير في ما يتعلق بتعطيل المفاعيل السلبية للقرار الاتهامي'. وتابع: 'هناك اشكال في سوء الاتصال اذا صح التعبير'، ولفت إلى أن 'كان مطلوباً من المعارضة بعض المطالب ومن الرئيس الحريري بعض المطالب، وكان هناك خلل تقني وليس سياسياً، هو من يقدّم قبل الآخر، ولو كنت آنذاك مطلعاً، لاقترحت أن يتم ذلك في سلة واحدة، برعاية سعودية سورية في الرياض، واليوم نستطيع أن'نقيم هذه السلة برعاية لبنانية'. الى ذلك، اعتبر رئيس الهيئة التنفيذية في 'القوات اللبنانية' سمير جعجع أنه 'مع الرئيس الحريري لا جلسة تحت الضغط ستحصل ولا اي شيء'. ورداً على سؤال عن استقالة الوزراء قال: 'لن نأسف على استقالتهم من الحكومة، لأنه رأينا في آخر 4 أو 5 أشهر كيف أصبح الوضع في الحكومة، ورأينا أحد الوزراء يريد أن يشارك بتحرك ضد الحكومة'. ولفت الى 'أن المطلوب من رئيس الحكومة اليوم هو أن يبقى رئيس حكومة، ولا أحد يحاول أن يلعب بموضوع رئيس الحكومة لا للمناورة ولا للتكتيك ولا للمزايدة ولا أي أمر آخر'. وقال 'البعض يحاول أن يقوم بلعبة عددية اليوم وكلها من خارج الطائفة السنية، ليحاولوا أن يحصلوا على 64 صوتاً ونصف ليطرحوا رئيس حكومة غير الحريري، ومجرد قيامهم بالتفكير بالموضوع يسبب سوءاً كبيراً، ومن يقوم بهذا يكون يتسبب بفتنة في البلد'.